تعديل الدستور بداية الطريق.. لمحو الإخوان وتصحيح مسار ثورة مصر
الثلاثاء, 14-يناير-2014
الميثاق إنفو -


يبدأ المصريون مرحلة جديدة تسطر ملامح مختلفة للمشهد السياسي في البلاد ومغايرة لتلك المرحلة السابقة التي عاشوها في عهد نظام جماعة الإخوان المسلمين، والتي انتهت بسقوطهم وعزل محمد مرسي الرئيس السابق وإقرار خارطة طريق لخروج البلاد من أزمتها.

وأهم خطوة في هذه الخارطة الاستفتاء على تعديل الدستور الذي سيحل محل الدستور الذي تم إقراره في عهد مرسي منذ أكثر من عام، وكان يحفل بصياغات أملاها التيار الإسلامي.

وسط مظاهر احتفالية، وانتشار أمني مكثف، أقبل المصريون بكثافة، على التصويت على الاستفتاء حول الدستور المصري الجديد، في مراكز الاقتراع في مختلف أنحاء البلاد.
وأبرز ما استرعى الانتباه في أغلب المحافظات المصرية هو الحضور النسائي الكبير، فقد بدا لافتا اصطفاف الفتيات والسيدات بمختلف أعمارهن في طوابير للإدلاء بأصواتهن، ورفعت بعض السيدات لافتات مكتوبا عليها “نعم للدستور”، وصورا لوزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، كما لوحت أخريات بعلامة النصر، فيما قامت بعض السيدات بإطلاق الزغاريد، وتوزيع الحلوى على الناخبات والناخبين وسط ظهور لسيدات منقبات ينتمين في معظمهن إلى حزب النور السلفي الداعم للدستور والذي طالب أنصاره بالتصويت بـ”نعم”.
تواضروس الثاني بابا الأقباط المصريين يدلي بصوته في الاستفتاء



بدت الحركية والمظاهر الاحتفالية بحدث الاستفتاء غالبة في الشوارع وعلى وجوه المصريين وإن اختلفت أسبابهم في القيام بالاستفتاء، فمنهم من يريد الخلاص من الإخوان ومرحلة الإرهاب، بينما يرغب آخرون في تحقيق الاستقرار بعد ثلاث سنوات من الاضطرابات السياسية التي أدت بدورها إلى أزمة اقتصادية، ومنهم من عبر عن حبه لمصر عبر التصويت بنعم على الدستور.

وقال الناخب جمال زينهم (54 عاما) وهو يقف في طابور عند مركز تصويت في القاهرة “نحن هنا لسببين: محو الإخوان المسلمين ونيل حقوقنا في الدستور”.

فيما أكد الكثيرون أن وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، هو من يريدونه رئيسا لمصر وهو ما شجعهم بدرجة كبيرة على الخروج والقيام بالاستفتاء. وقد شكل ظهور السيسي وزير الدفاع المصري في إطار تفقده لعملية الاستفتاء، دعما معنويا للمصريين الذين قدموا للاستفتاء.

كما شوهد الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور، وهو يدلي بصوته في الاستفتاء داعيا جميع المصريين إلى التصويت.

ورغم محاولات التعكير على سير العملية الديمقراطية، فإن عملية الاستفتاء تواصلت في كل المحافظات، دون التأثر بالاضطرابات التي حصلت.

وقد شهد عدد من المحافظات حوادث أمنية ومظاهرات من معارضي الدستور، من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، وتطورت إلى اشتباكات عنيفة، مما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى.
حشود مصرية عارمة خرجت للتصويت



ودعت جماعة الإخوان إلى مقاطعة التصويت احتجاجا على مسودة الدستور التي حذفت صياغات إسلامية أضيفت إلى الدستور الذي أقر قبل عام تحت حكم مرسي الذي يخضع للمحاكمة حاليا.

و تكتسب عملية الاستفتاء على دستور الإخوان أهميتها من كون التعديلات الدستورية تعمل على تقوية مؤسسات الدولة التي وقفت في وجه مرسي، والمتمثلة في الجيش والشرطة والقضاء. لذلك سعى المصريون إلى تسجيل حضورهم بكثافة واضحة، خلال اليوم الأول للتصويت. ومن المتوقع أن يقبلوا بنفس الحضور الكبير على التصويت اليوم الأربعاء، وهو اليوم الثاني والأخير للتصويت.

ويتوقّع خبراء سياسيون، من توجهات سياسية مختلفة، أن تتجاوز نسبة المشاركة في التصويت على الاستفتاء على دستور مصر 40 بالمئة في المتوسط.

في هذا السياق، يتوقع طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية، “أن تكون نسبة المشاركة مرتفعة للغاية، لدعوة الدولة والقوى السياسية للمصريين إلى المشاركة لأنها تثبت “مشروعية” العملية الانتخابية والسياسية، وبالتالي لن تقل نسبة المشاركة عن 40 بالمئة نظرا إلى وجود كتل تصويتية تحسم العملية الانتخابية، فهناك كتلة الأقباط جاهزة وهناك كتل محافظات الصعيد”

يشاطره الرأي جمال عبد الحواد، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

حيث يتوقع أن تتجاوز نسبة المشاركة 40 بالمئة على أقل تقدير، فمن المؤكد أنها ستكون أعلى من التصويت في الاستفتاء على دستور 2012، خاصة مع وجود عملية تعبئة للمصريين، واستجابتهم وتفاعلهم مع الوضع السياسي الجديد، فهناك جزء كبير من الناخبين سيصوت بنعم كإقرار على خارطة الطريق وقرارات 3 يوليو، وهناك جزء آخر سيصوت بنعم لأنه من ضمن معارضي جماعة الإخوان المسلمين.

التصويت بـ”نعم” أو “لا” سيحدد مآل المرحلة القادمة وخارطة الطريق في المشهد السياسي المصري رغم أن أغلب استطلاعات الرأي تشير إلى أن التصويت بـ”نعم” على الدستور سيكون بنسبة كبيرة، بما يشير إلى جنوح الشعب المصري إلى الانتقال بسرعة نحو مرحلة جديدة مهدتها ثورة يونيو في صيف 2013.


*. نقلاً عن صحيفة العرب اللندنية.