الحكم للمدنيين والثكنة للجيش والنهاية للإخوان
الثلاثاء, 01-أكتوبر-2013
محمد خالد -


هناك ملاحظة تقول: لايوجد شيء اسمه إعلان سيئ سوى إعلان نعيك . الحبر لم يجف بعد عن إعلان نعي الإخوان المسلمين . الدفن يأتي لاحقاً .


التاريخ يكرر نفسه بأشكال متفاوتة بين المأساة والمهزلة: (إنها رحلة بائسة حقاً تلك التي قطعها الاتحاد السوفييتي خلال 73 عاماً ( 1917-1990) من ماركس إلى ماركس أند سبنسر) .


وإنها لرحلة بائسة حقاً تلك التي قطعها الإخوان المسلمون خلال 85 عاماً (1928-2013) من حسن البنا إلى محمد مرسي حيث انتقلوا مباشرة من المهد إلى اللحد من دون المرور بمرحلة المجد، ماعدا سنة واحدة فقط هي استلامهم حكم مصر 2012 حيث ألقى بهم الشعب المصري من فوق كرسي الحكم إلى بالوعة النسيان، كل حركة سياسية تستحق مصيرها الذي تصنعه بيديها أو بغبائها .


أحد الخلفاء العباسيين كان فاسداً وظالماً، انتشر الطاعون في بلد مجاور فكان خائفاً أن ينتقل إلى بلده، طمأنه أحد القضاة قائلاً: “إن الله أرحم بعباده من أن يجمعك والطاعون في وقت واحد” .


إن الله أرحم بعباده المصريين من أن يجمع الإخوان المسلمين والطاعون في وقت واحد .


تذكروا كلمة نابليون: “كنت دكتاتوراً رغماً عني لقد كانوا يعرضون عليّ من السلطات أكثر مما أطلب . . وأكثر مما أنا بحاجة إليه” . . هذه بداية صناعة الدكتاتور .


إنها نصيحة ثمينة لقادة مصر المدنيين والعسكر على السواء .


سُئل رئيس وزراء اليابان مرة عن سبب عملقة اليابان وتفوقها وقيامها من تحت الرماد فقال: “لقد أعطينا المعلم راتب وزير، وحصانة الدبلوماسي وإجلال الإمبراطور” . ما أجمل المثل .


في السابق كانت مصر تلد المحكومين وتستورد الحكام . بعد عبدالناصر صححت مصر موقفها فصارت تلد الحكام والمحكومين معاً، مدنيين وعسكريين . . . فلنأخذ من خصومنا السياسيين مواقفهم الصحيحة: في أمريكا يحكم الرئيس أربع سنوات، وتحكم الصحافة إلى الأبد . . ما أروع الحقيقة .


في الدول المتقدمة، الصحافة هي السلطة الرابعة في الدولة، فإذا ما اضطهدت أصبحت السلطة الأولى .


تقول أيقونة الحرية: “لا وجود لوطن حر إلا بالمواطنين الأحرار” إنها المساواة بين الجميع بغض النظر عن الدين أو الجنس أو اللون أو العدد .


أثناء وجوده في لبنان سألت صحافية لبنانية الراحل البابا شنودة: “أنتم الأقباط في مصر أقلية . .” فقاطعها قبل أن تكمل: “نحن أغلبية لأننا مصريون” . كان هذا الجواب الحصيف كافياً وإلى الأبد ألا يعاد طرح هذا السؤال مرة أخرى .


إن أي خلل يلحق بالمساواة التامة المتعلقة بالدين أو الجنس أو اللون أو العدد سوف يكون بمثابة “السرير الهزاز للحرب الأهلية”، لاحقاً في ذلك الوطن .


لذلك ندعو أن تكون مقدمة أي دستور “الدين لله والوطن للجميع”، وهذا شعار صائب رفع في الوطن العربي قبل مئة سنة ولا يزال صالحاً لمئات السنين القادمة .


لكي لا يكون هناك أي التباس، فليلتزم كل مسؤول مكانه الصحيح: الرئيس إلى القصر الجمهوري، السلطة التنفيذية إلى الوزارة، النواب إلى البرلمان، القضاة إلى المحاكم، الجيش إلى الثكنة، الشعب في كل البلاد . نحن ندعو قائد الجيش أن يقاوم كل دعوة إلى استلام الحكم فحكم العسكر 60 سنة أكثر من كافٍ وآن للبلاد أن يحكمها المدنيون . . .


(السياسي يحكم . . العسكري ينفذ)


جلسوا عند معاوية بن أبي سفيان فتكلموا وسكت الأحنف، فسأله معاوية: ما لك لا تتكلم يا أبا بحر؟ فأجاب: أخافك إن صدقت وأخاف الله إن كذبت .


نريد شعباً يخاف الله ولا يخاف من أحدٍ غيره


*. نقلاً عن صحيفة الخليج الاماراتية.