كتاب... الفصل العنصري في الأراضي الفلسطينية
الثلاثاء, 30-يوليو-2013
تأليف: فيرجينيا تيلي - عرض: عبدالله ميزر -

لايكفّ الكيان “الإسرائيليّ” عن ممارسة كافة أشكال الاستعمار والفصل العنصريّ في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة، ضارباً بعرض الحائط كافة القوانين والمعاهدات الدوليّة، وماضياً في مزيد من القمع والتنكيل والحرب النفسيّة على الفلسطينيّين .

يعاين هذا الكتاب ثلاثة ظروف معقّدة تحضر على نحو منتظم في النقاشات والدراسات المعاصرة حول ممارسات “إسرائيل” بحقّ الفلسطينيين في الأراضي المحتلّة وهي: الاحتلال، الاستعمار، والفصل العنصريّ، وينظر في ما إذا كانت معانيها في القانون الدوليّ تنطبق بشكل صحيح على سياسات “إسرائيل” .

تقدّم الكاتبة أدلّة قاطعة لا تقبل الشكّ على أنّ الإدارة “الإسرائيليّة” في الأراضي الفلسطينيّة تنطبق مع شكل الاستعمار والفصل العنصريّ . ويتبيّن من خلال تحليلها أنّ هذه الممارسات هي سياسات متعمّدة يفرضها الكيان “الإسرائيليّ” على السكان المدنيين الفلسطينيّين بشكل سافر .

وتكشف النتائج، التي توصّلت إليها الكاتبة، لا قانونيّة ولا شرعيّة الاحتلال “الإسرائيلي” للأراضي الفلسطينيّة، كما تبيّن مسؤولية المجتمع الدوليّ بأكمله عن الممارسات التي تعتبر متناقضة مع القيم الأصليّة للنظام القانونيّ الدوليّ، وتحثّ المجتمع الدوليّ على التحرّك والوقوف في وجه هذه الانتهاكات “الإسرائيليّة” .

تشير الكاتبة في البداية إلى أنّ نطاق موضوع هذا الكتاب كان محدوداً على الصعيد الدوليّ من ثلاث نواحٍ:

أولاً: إنّه لايعالج المسؤوليّة الجنائيّة الفرديّة لممارسات الفصل العنصريّ (التي تعتبر الآن جريمة ضدّ الإنسانيّة) .

ثانياً: الدلائل مقتصرة، مع بضعة استثناءات، على الممارسات “الإسرائيليّة” ضمن الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة وعلى الفترة بعد حرب 1967 التي أصبحت أثناءها هذه الأراضي تحت الاحتلال العسكريّ “الإسرائيليّ” .

ثالثاً: الدراسة تقتصر على ما إذا كان الاحتلال غير قانونيّ على أسس استعماريّة أو عنصريّة تمييزيّة، ولا تنظر إلى لا قانونيّة الاحتلال على أسس واعتبارات أخرى .

انتهاك واضح

وتقدمّ في الفصل الأوّل بعنوان “مصادر القانون والمبادئ الأساسيّة” المبادئ القانونيّة الأساسيّة التي تنبنى عليها هذه الدراسة وتحدّد مواضيعها الأساسيّة . إذ ترى أنّ الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة أراضٍ لاتملك “إسرائيل” عليها أيّة سيادة بل حقّ الإدارة المؤقّتة . ومن بديهيّة هذا الحقّ هي الالتزامات القانونيّة التي يفرضها القانون الدوليّ على “إسرائيل” في ما يتعلّق بسلوك الإدارة . وبشكل رئيسيّ، يجب أن تلتزم “إسرائيل” بقانون الصراع المسلّح، خاصّة بالبنود المتعلّقة بلائحة لاهاي واتفاقيّة جنيف الرابعة، في إدارة هذه الأراضي التي تحتلّها . خاصّة أنّ بنود القانون الإنسانيّ الدوليّ المتعلّقة بالاحتلال العدوانيّ مستكملة لقانون حقوق الإنسان الدوليّ، الذي ينطبق أيضاً في الأرض المحتلّة .

على هذا الأساس، تجد الكاتبة أنّه في هذه الدراسة للنظامين المعرّفين من قبل جون دوغارد في تقريره في كانون الثاني/يناير 2007: الاستعمار والفصل العنصريّ، يظهر هذا النظامان في هذا الفصل كانتهاكات شنيعة لحقوق الإنسان وحق تقرير المصير . وتشير الكاتبة إلى أنّ الاستعمار ينكر حقّ تقرير المصير لأنّه يمنع ويهدف إلى منع، أيّ شعب من ممارسة حقوقه في تقرير مستقبله عبر مؤسساته السياسيّة الخاصّة بحرّيّة . وتجد أنّ الفصل العنصريّ شكل متأزّم من التمييز العنصريّ العرقيّ، يظهر كنظام متمأسس من القمع والهيمنة من جانب مجموعة عرقيّة واحدة تجاه مجموعات عرقيّة أخرى . وتذكر أنّ قواعد القانون الدوليّ المتعلّقة بهذين النظامين هي حاسمة، ويتوجّب على جميع الدول الالتزام بها، خاصّة أنّ كلّ الدول لديها مصلحة في ضمان أنّ تكون هذه القواعد محترمة .

تذكر الكاتبة أنّه بمواجهة الانتهاكات “الإسرائيليّة”، يكون لزاماً وواجباً على الكل تنسيق الجهود وتضافرها لإنهاء انتهاكها للسكان في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة، وكذلك يتوجّب على الكلّ عدم تحويل المساعدة إلى الدولة الجانحة “إسرائيل” التي ربّما تساهم في إبقاء ذلك الوضع غير القانونيّ قائماً .

استلاب الحقوق

أمّا في الفصل الثاني بعنوان “السياق القانونيّ في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة” فقد أسّست الكاتبة إطار عمل القانون “الإسرائيليّ” والدوليّ في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة، التي يجب أن يتمّ النظر إليها في إطار تطبيق الأساليب والأدوات الدوليّة المتعلّقة بالاستعمار والفصل العنصريّ . وتشير إلى أنّ هناك ثلاثة مبادئ تؤطّر الحقائق وهي:

أوّلاً: الشعب الفلسطينيّ لديه الحقّ في تقرير مصيره وتكون مبادئ وأدوات القانون الدوليّ المتعلّقة بتقرير المصير قابلة للتطبيق .

ثانياً: الشعب الفلسطينيّ في الضفّة الغربيّة، بما فيها القدس الشرقيّة، وقطاع غزّة، هم أشخاص محميّون بموجب بنود اتفاقيّة جنيف الرابعة، حيث هذه الأراضي تبقى تحت الاحتلال العدوانيّ .

ثالثاً: اتفاقيّة جنيف الرابعة وقوانين لاهاي تنطبق بشكل عامّ على الالتزامات “الإسرائيليّة” كقوّة محتلّة، وهذه الالتزامات معدّلة بالطبيعة المطوّلة للاحتلال “الإسرائيلي” .

وتجد تيلي أنّه بالنظر إلى هذه العوامل الثلاث، فإنّ قوانين الكيان “الإسرائيلي” في الأراضي المحتلّة تظهر كانتهاكات يحرّمها القانون الدوليّ، حيث يقوم الكيان بفرض وممارسة نظام قانونيّ عنصريّ ثنائيّ الشكل على المقيمين الفلسطينيّين من جانب واليهود في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة من جانب آخر .

وترى أنّ السياسة “الإسرائيليّة” تمنح المستوطنين اليهود الحماية من القانون المدنيّ “الإسرائيليّ” والقانون الأساسيّ، بموجب السلطة القضائيّة للمحاكم المدنيّة “الإسرائيليّة”، في حين أنّ الفلسطينيّين الذين يعيشون في الأراضي نفسها هم تحت حكم القانون العسكريّ والمحاكم العسكريّة التي تنتهك بإجراءاتها المعايير الدوليّة، وتبتعد عن أيّ أساليب منصفة . وتشير إلى أنّه نتيجة لهذا النظام، يستمتع المقيمون اليهود في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة بحرّيّة الحركة، والحماية المدنيّة، وتوفّر الخدمات، بينما يحرم الفلسطينيّون من الحماية، وتكون الحركة مقيدّة والخدمات شبه معدومة . تذكر أنّه يبدو من الواضح أنّ النظام الثنائيّ الذي يديره ويدعمه الجيش “الإسرائيليّ”، وقد اكتسب تصريح المحكمة “الإسرائيليّة” العليا، يعكس سياسة دولة “إسرائيل” لدعم مجتمعين متوازيين في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة، أحدهما يهوديّ-”إسرائيليّ”، والآخر فلسطينيّ، ولكلّ مجتمع حقوق مختلفة على نقيض الآخر، حيث الأفضل للمستوطن اليهوديّ والأسوأ للفلسطينيّ صاحب الأرض .

وتتساءل الكاتبة عمّا إذا كانت هذه القوانين والممارسات قد فُهمت بشكل جيّد كانتهاكات منفصلة لحقوق الإنسان والقانون الدوليّين، وتمّ تحليلها بشكل صحيح كقضايا فرديّة، أم أنها تعمل على مثل هذا النطاق الشامل بهدف أن تقترح أنظمة شاملة وغير شرعيّة، بشكل بارز: الاستعمار والفصل العنصريّ .

تحريم الاستعمار

في الفصل الثالث بعنوان “مراجعة الممارسات “الإسرائيلية” المرتبطة بتحريم الاستعمار” تشير الكاتبة إلى أنّ “إسرائيل” لا تقوم بالاحتلال فقط، بل، من ناحية القانون الدوليّ، تقوم باستعمار الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة بشكل منظّم ومدروس أيضاً، ولو أنه ينفّذ بالتدريج .

تستعرض الكاتبة في هذا الفصل خمسة أبعاد للممارسات “الإسرائيليّة”، التي توضّح الهيمنة الاستعماريّة “الإسرائيليّة” للأراضي الفلسطينيّة المحتلّة:

أولاً: انتهاك السلامة الإقليميّة للأراضي المحتلّة عبر برنامج منظّم من الاستيطان والتقسيم، وضمّ “إسرائيل” للقدس الشرقية بشكل ظاهر شكل من النية الاستعماريّة . ويمكن أن يقال الشيء نفسه عن الاستملاك الشامل للاستيطان اليهوديّ في الضفة الغربيّة والقدس الشرقيّة، التي ترتبط بشكل استراتيجيّ ببناء الجدار وشبكة طرق يحظر على الفلسطينين استخدامها في الضفة الغربيّة، جزّأت الأرض الفلسطينيّة إلى كانتونات مفكّكة .

ثانياً: حرمان شعب أرض محتلّة من القدرة على الحكم الذاتيّ . إذ إنّ “إسرائيل” من خلال سيطرتها على الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة تمنع السكان من ممارسة سلطتهم السياسيّة على أراضيهم المحتلّة .

ثالثاً: دمج اقتصاد الأرضي المحتلّة مع اقتصاد “إسرائيل”، واختراق الالتزامات بموجب القانون الدوليّ، الذي ينصّ على إبقاء الاقتصاد منفصلاً عن قوّة الاحتلال منعاً من ضمّها .

رابعاً: تحريم الشعب في الأراضي المحتلة من السيادة على المصادر الطبيعيّة . إلا أنّ “إسرائيل” في سياستها الاستيطانيّة، وبناء شبكات الطرق والجدار قد جرّدت السكان الفلسطينيّين من التحكّم، وتطوير ما يقارب 40% من أراضي الضفة الغربيّة، كما قامت “إسرائيل” بإجراءت منعت الفلسطينيّين من الوصول إلى مصادر المياه، وتفضّل على أن يستفيد المستوطنون أكثر من أصحاب الأرض في الاستخدام الزراعيّ والشخصيّ . الأمر الذي يشير بوضوح إلى نيّة “إسرائيل” الدائمة في الوصول الحصريّ إلى مصادر المياه في الضفة الغربيّة .

خامساً: تحريم السكان الفلسطينيّين من ممارسة نشاطاتهم الثقافيّة المعتادة وحرية التعبير . إذ تشير الكاتبة إلى أنّ تقرير المصير يشتمل على مكوّن ثقافيّ، حيث للناس الحقّ في التطوير الثقافيّ، لكن “إسرائيل” تمنع الفلسطينيّين من التطوير الثقافيّ والتعليميّ . وهذه القضية تجعل من الإنكار “الإسرائيليّ” لحق تقرير المصير في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة شاملاً .

سياسات الفصل العنصريّ

تسعى الكاتبة في الفصل الخامس بعنوان “مراجعة الممارسات “الإسرائيليّة” المرتبطة بتحريم الفصل العنصريّ” إلى الإجابة عن سؤالين قانونيّين: الأوّل هو إذا ما كانت شروط تعريف الفصل العنصريّ في اتفاقيّة الفصل العنصريّ، المتعلّقة بالتمييز العنصريّ والهيمنة، تنطبق على ممارسات “إسرائيل” المتعلّقة بالفلسطينيّين في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة، وإذا ما كانت الممارسات “الإسرائيليّة” في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة تنسجم مع قائمة “الأفعال غير الإنسانيّة” المدرجة في الاتفاقيّة، وينظر إليها على أنّها تشير إلى خرق تحريم الفصل العنصريّ .

ومن خلال هذا الفصل، وعلى أساس الأدلّة المقدّمة، تخلص الكاتبة إلى أنّ “إسرائيل” قدّمت نظاماً من الفصل العنصريّ في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة في انتهاك واضح للقانون الدوليّ .

وتناقش في القسم الأوّل منه تاريخ الاتفاقيّة الدوليّة لحظر الفصل العنصريّ وعلاقاتها مع قوانين حقوق الإنسان الأخرى مثل الاتفاقيّة الدوليّة للقضاء على كل أشكال التمييز العنصريّ وقانون روما .

وتؤكّد الكاتبة أنّ الاتفاقيّة الدوليّة لحظر الفصل العنصريّ تطبّق على الممارسات “الإسرائيليّة” في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة بطريقتين:

أوّلاً: لأنّ “إسرائيل” صادقت على الاتفاقيّة الدوليّة للقضاء على كلّ أشكال التمييز العنصريّ، وهي ملتزمة بموجب المادّة الثالثة منه على منع وتحريم والقضاء على كافة أشكال الفصل والتفرقة العنصريّة في الأراضي التي تخضع لسلطتها القضائيّة .

ثانياً: لأنّ تحريم الفصل العنصريّ هو نمط مألوف يخلق الالتزامات القانونيّة بالنسبة للجميع، وتكون كلّ الدول ملتزمة بالعمل على إنهاء الفصل العنصريّ مهما برز .

وتجد الكاتبة أنّه على هذا الأساس، إذا ما كان نظام التحكّم “الإسرائيليّ” في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة يشكّل نظام الفصل العنصريّ فإنّه ينظر إليه من جانبين:

الأوّل: النظر في الفقرة الرئيسة من التعريف، الذي يحدّد ظروف الإطار العامّ، حيث يتمّ التمعّن في “الأفعال اللاإنسانيّة” المتنوّعة لتكوين جريمة الفصل العنصريّ . وتركّز الأسئلة على ما إذا كان الصراع يتضمّن “المجموعات العرقيّة” بالمعنى الذي يقصده القانون الدوليّ، في ارتباط مع الاضطهاد والهيمنة التي تضمّ الفصل العنصريّ والتمييز، وقد وجدت الكاتبة أنّ هذا القسم من الدراسة تمّ توجيهه بأربعة اعتراضات ربما تكون ذات أولويّة عالية لتطبيق تعريف اتفاقيّة الفصل العنصريّ على الممارسات “الإسرائيليّة” وهي:

- إنّ اليهود والفلسطينيّين ليسوا مجموعتين عرقيّتين، لذلك لايمكن فهم علاقتهم ضمن نطاق الفصل العنصريّ .

- الهيمنة “الإسرائيلية” على الفلسطينيّين ليست على أساس العرق بل بالأحرى على أساس المواطنة .

- الممارسات “الإسرائيليّة” لا “ترتكب بغرض تأسيس الهيمنة وإبقائها” على الفسطينيّين بل تحسب فقط للدفاع عن “إسرائيل” من أيّ تهديد أمني .

- أعدّت اتفاقيّة الفصل العنصريّ لمعالجة الممارسات التي كانت حكومة جنوب إفريقيا تقوم بها ولا تطبّق على خارج جنوب إفريقيا .

تقوم الكاتبة بتسليط الضوء على الممارسات العنصريّة في جنوب إفريقيا وتقارنها بما يحدث في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة على يد “إسرائيل” في ما يتعلّق بممارسات معيّنة .

والجزء الثاني ينظر في ما إذا كانت الممارسات “الإسرائيليّة” تلبّي الفئات الست من الأفعال اللاإنسانيّة المدرجة كجرائم الفصل العنصريّ في الاتفاقيّة . ومراجعة كلّ عنصر تتضمّن مراجعة قصيرة للقانون الدوليّ المرتبط به، أو مختصراً مفيداً للممارسات في الفصل العنصريّ في جنوب إفريقيا بغية التوضيح، ثمّ مراجعة تجريبيّة للممارسات الحكوميّة “الإسرائيليّة” المرتبطة بها .

المسؤولية العامّة

تجد الكاتبة أنّ إخلال “إسرائيل” بالمحظورات القانونيّة الدوليّة في ما يتعلّق بالفصل العنصريّ والاستعمار في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة يجعل الاحتلال نفسه غير قانونيّ على هذه الأسس . حيث الأراضي الفلسطينيّة تبقى محتلّة، وواجب “إسرائيل” في الإذعان إلى القانون الدوليّ يبقى ثابتاً، لكن من دون تطبيق، وتركّز على أنّ الدول الأطراف في اتفاقيّة جنيف الرابعة ملتزمة بضمان تلبية “إسرائيل” واجب الإذعان إلى القانون الدوليّ .

وترى أنّ نتيجة الاستعمار والفصل العنصريّ تفرض واجبات ومسؤوليّات جديدة على المجتمع الدوليّ بأكمله، ومهما يكن من أمر، فإنّ ضمان توقّف دولة عن ممارسة السياسات الاستعماريّة والفصل العنصريّ هو التزام عامّ يقع على عاتق الجميع .

وتشير إلى أنّه أثناء مواجهة الاحتلال غير الشرعيّ لناميبيا من قبل جنوب إفريقيا، وجدت الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة أنّ جنوب إفريقيا كانت وضّحت الالتزام بسحب إدارتها من ناميبيا على الفور، وبالتالي تضع نهاية لاحتلالها . وتجد الكاتبة أنّه بالنظر إلى الإخلال “الإسرائيليّ” بالتحريم القانونيّ الدوليّ للاستعمار والفصل العنصريّ تقترح نتائج قانونيّة مشابهة ربّما تنتج عنها .

وترى الكاتبة أنّه على كلّ الدول أن تكثّف جهودها لإنهاء الممارسات الاستعماريّة والعنصريّة، ويتوجّب عليهم عدم تقديم الدعم والمساعدة ل”إسرائيل” في الإبقاء على هذه الممارسات غير القانونيّة، وإذا فشلت أيّة دولة من العمل على إنهاء الممارسات والكفّ عن تقديم المساعدة فإنّها بشكل بديهيّ تقوم بتصرّف خاطئ، وتصبح متواطئة في الممارسات الاستعماريّة وسياسات الفصل العنصريّ .

وتجد في ذات الوقت أنّه يقع على عاتق المنظّمات الدوليّة مسؤولية ترويج القوانين الدوليّة وحثّ الأفراد والدول على الالتزام بها، وترى أنّ عدم نجاح أيّ منظمة في التصرّف على نحو سليم وبشكل يلتزم بالقوانين، فإنّه لايبرّئ كلّ دولة من الدول الأعضاء من مسؤوليتها في القيام بواجبها، ولايمكنها أن تتهرّب من مسؤولياتها الدوليّة بالاختباء وراء الشخصيّة المستقلّة لمنظّمة دوليّة هم أعضاء فيها .

شخصيّة قانونيّة جديدة

بموجب القانون الدوليّ، تتحمّل “إسرائيل” المسؤوليّة الأساسيّة لإنهاء الانتهاكات الخطيرة لأشكال الفصل العنصريّ والاستعمار . وترى الكاتبة أنّه من خلال تقييم واقعيّ لسياسات وعلاقات القوّة التي تحيط بالصراع، من ضمنها السياسات المحليّة “الإسرائيليّة”، فإنّ “إسرائيل” لن تضطّلع بهذه المسؤوليّة من دون عمل دوليّ يغيّر السياق الدوليّ، حيث الحكومة “الإسرائيليّة” لا تسجيب إلا لمصالحها . لذلك لابدّ من تحميل المجتمع الدوليّ مسؤوّليته للوفاء بالتزاماته للتنسيق ومنع حدوث ذلك .

وتشير الكاتبة إلى أنّ كلّ الدول تملك التزامات قانونيّة في ارتباطها مع الأفعال الخاطئة على الصعيدين الدوليّ التي ترتكبها “إسرائيل” في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة، بالتالي تتّجه بشكل قانونيّ للسعي إلى السياسات التالية:

- عدم الاعتراف بأيّ شكل قانونيّ للوضع غير الشرعيّ الذي خلقته الممارسات “الإسرائيليّة” في الفصل العنصريّ والاستعمار في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة .

- عدم تقديم المساعدة وجعلها في خدمة إبقاء ذلك الوضع القانونيّ .

- التنسيق مع جهة لها رأي في الأمر لإنهاء الوضع غير القانونيّ .

- عدم التواطؤ في الأفعال “الإسرائيليّة” الخاطئة على المستوى الدوليّ من خلال الفشل في الإيفاء بالالتزامات المذكورة في الأعلى .

وتجد الكاتبة في النهاية أنّه عند مواجهة إمكانيّة اتّخاذ إجراءات جدّيّة، فإنّ الدول المعنيّة ربّما ترغب في الدعوة إلى اجتماع عامّ للأمم المتّحدة لتلتمس من محكمة العدل الدوليّة أن تقدّم رأياً استشاريّاً بشأن الأسئلة التالية:

هل سياسات “إسرائيل” وممارساتها ضمن الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة تنتهك معايير منع الفصل العنصريّ والاستعمار؟ إذا ما كانت كذلك، ما هي النتائج القانونيّة التي تنشأ من سياسات “إسرائيل” وممارساتها؟

وتشير الكاتبة إلى أنّه إذا ما اتّفقت محكمة العدل الدوليّة مع النتائج هنا، بالتالي فإنّ الصراع “الإسرائيلي”-الفلسطينيّ سيفهم على نحو رسميّ، وذلك بحصوله على شخصيّة قانونيّة جديدة، وسيواجه المجتمع الدوليّ الواجبات القانونيّة التي لا يمكن تجنّبها أو تركها جانباً إلى حين آخر .


*. نقلاً عن صحيفة الخليج الاماراتية.