حركة تمرد المصرية نجاح باهر في إزاحة الصنم الإخواني
الثلاثاء, 16-يوليو-2013
الميثاق إنفو -

تمكنت حركة تمرد المصرية من خلق واقع جديد في الساحة المصرية بعد تمكنها من إسقاط حكم الإخوان الذي بينت الوقائع أنه كان مشروعا فاشلا لن يتمكن من قيادة مصر نحو التطور والنهوض. وكانت كل الدلائل تشير إلى أن مصر سائرة نحو التأزم والفوضى وأن الوضع الاقتصادي سينهار لا محالة، فالرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي لم يكن قادرا على الاستجابة لمطالب المصريين ولطموحاتهم الكبيرة بعد ثورة 25 يناير التي أسالت الكثير من الدماء واستطاع الشعب المصري بفضلها أن يزيح نظام حسني مبارك.

وفي ظل هذا الوضع المصري المتأزم الخانق للمصريين بفعل محاولة الإخوان القبض على كل دواليب الدولة وأنفاس المصريين ومحاولاتهم أخونة كل المؤسسات متناسين أن الشعب المصري يملك من القدرة الكثير لقلب المشهد نظرا لوعيه وثقافته الممتدة عبر التاريخ المصري المليء بالمحطات النضالية والمواقف المشرفة، تصاعدت أصوات الرفض للمحاولات الإخوانية التي تسعى للهيمنة والنفوذ وبسط السيطرة.

وكان الشباب المصري المسرح الكبير الذي تعتمل داخله تلك الأصوات الرافضة للإخوان ولحكمهم ولمشاريعهم التي تتدعي أنها ستحقق النهضة والنماء. وكانت حركة تمرد تعبيرا عن ذاك الرفض الشبابي وتمكنت من جمع أصواته وتنظيمها ونجحت بالفعل في إسقاط الرئيس مرسي ومن ورائه المشروع الإخواني برمته في هبة شعبية هلل الجميع وأبهرتهم بسلميتها وبأسلوبها المدني. واعتبارا للعمل الهام الذي قامت به تمرد وللتغيير الذي أحدثته عدنا لتتبع مراحل نشوئها وكيف تمكنت من القضاء على الكابوس الإخواني وأعادت مصر إلى تنوعها ووسطيتها.

عادة ما تكون صناعة الأحداث الكبيرة انطلاقا من فكرة ربما تكون بسيطة ولا ترقى الى التغيير عند الفاشلين، ولكنها كثيرا ما تغير المشهد كليا عند المؤمنين بالعمل والاصرار على الوصول الى الأهداف. كذا كانت فكرة تمرد في بدايتها من شاب لا يزال يافعا في ميدان السياسة وأسرارها روادته هذه الفكرة بعد أن أعطى صوته لمرسي لكن مع مرور الزمن تبين له أنه أخطأ الاختيار، فمرسي وجماعته لم يكونا على قدر المسؤولية التي أنيطت بعهدتهما، وجروا مصر الى مآزق متعددة شارفت أن تجر البلاد الى الهاوية. فقرر تغيير ممثلي الشعب عن طريق الشعب. فاخترع محمود بدر الناشط المصري حركة “تمرد” لتكون تمردا شاملا على فشل الحكم الإخواني و بتلك التركيبة السحرية التي اجتذبت ملايين المصريين للخروج إلى الشوارع والمطالبة بإسقاط الرئيس مرسي وهو عاقد العزم الآن على ضمان تحقيق كل مطالب تلك الجموع. الذين ملأوا ميدان التحرير.

ولأن الحركة تملك الشوارع الآن ولأنها تقف مع الشعب وإرادته فإنها ستسعى الى تحقيق مطالب ثورة يناير والتمسك بها حتى تلبى.

ومثل الكثير من النشطاء من جيل الفيسبوك فإن بدر اشتد عوده من الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس المخضرم حسني مبارك عام 2011.

وحركة تمرد أو حملة تمرد، هي حركة معارضة مصرية دعت لسحب الثقة من محمد مرسي رئيس مصر السابق، ومطالبته بالإعلان عن انتخابات رئاسية مبكرة.

وأعلنت الحركة عند انطلاقتها أنها جمعت 200 ألف توقيع في الأسبوع الأول. ثم تواصل انتشار حركة تمرد ليعلن مؤسسوها أنهم قد جمعوا 2 مليون و29 ألفا و592 استمارة توقيع لسحب الثقة من مرسي بعد حوالي أسبوعين من تدشين الحملة.

وانتشرت حركة تمرد أكثر في الأوساط الشعبية المصرية، كما انتبهت لها قوى المعارضة التي أجمعت تقريبا على تأييدها و انضمت إليهم بعض قوى من تيار الإسلام السياسي. ومن التيارات السياسية التي دعمت حركة تمرد حركة كفاية و جبهة الإنقاذ و الجمعية الوطنية للتغيير و حركة 6 أبريل، كما أعلنت نقابة المحامين المصرية فتح مقراتها للمواطنين على مستوى الجمهورية لتلقي الاستمارات الموقعة.

ثم أعلنت الحملة أنها جمعت حتى الآن سبعة ملايين و54 ألف توقيع من مختلف المحافظات المصرية، وأن القاهرة كانت صاحبة المركز الأول في هذا الشأن بنحو 1.89 مليون توقيع مقابل 1.33 مليون من محافظة المنوفية مسقط رأس الرئيس السابق حسني مبارك، في حين كان نصيب محافظة الجيزة نحو 333 ألف توقيع فقط. وتحدثت الحملة كذلك عن جمع أكثر من مليون توقيع من محافظة الدقهلية ونحو 460 ألف توقيع من الإسكندرية، ونحو 492 ألف توقيع من القليوبية، ونحو 235 ألفا من الشرقية ونحو 281 ألفا من الغربية ونحو 129 ألفا من البحيرة ونحو 87 ألفا من بورسعيد ونحو 85 ألفا من الإسماعيلية، ونحو 61 ألفا من كفر الشيخ.

وبفعل هذا الانتشار السريع وسط الشعب المصري تمكنت حركة تمرد من وضع نهاية لحكم الرئيس الإخواني محمد مرسي ولتفتح المشهد المصري على أفاق أكثر أملا وتفاؤلا.

أهم المطالب

بإسقاطها الحكم الإخواني تكون حركة تمرد قد حققت أهم مطالبها والمتمثل في إنهاء حكم الرئيس مرسي الذي عجز على أن يكون رئيسا لكل المصريين.

لكن المطالب كثيرة لهذا الشباب الذي تدفق على ميدان التحرير وغير المشهد السياسي نحو مشاركة سياسية أشمل لا تقصي أحد.

وبدا الفرح طاغيا على المتحدث الرسمي باسم الحملة محمود بدر الذي شكر الشعب المصري العظيم على حفاوته والتفافه حول أعضاء الحملة ومشاركته لهم في الرغبة في إسقاط الرئيس الذي وصفه بـ”الديكتاتور”.

وقد حققت الحملة فعلا هدفها المتمثل في جمع 15 مليون توقيع بحلول الذكرى الأولى لانتخاب مرسي، و هذا العدد يمثل رمزا مهما لأنه يزيد عن عدد الأصوات التي حصل عليها مرسي عندما فاز بأول انتخابات رئاسية مصرية بعد الثورة في جولة الإعادة التي جمعت بينه وبين الفريق أحمد شفيق رئيس آخر الحكومات في عهد مبارك. وكانت مطالب الشباب المصري عديدة بعد الثورة لكنها لم تتحقق وبقيت مجرد أمنيات نظرا لأن الإخوان لم يتجهوا فعلا لتحقيقها بل سعوا الى السيطرة على المؤسسات وإلجام الحريات وكتم الأصوات المنافسة لهم ولمشروعهم التمكيني.

والان وبعد أن أزاحت الهبة الشعبية الإخوان من طريق الثورة فإن مطالب الثورة ستكتمل لأنها هي التي من أجلها سالت دماء المصريين. لذلك تعتزم حركة تمرد مواصلة النضال لاستكمال الثورة حتى يكون هناك رئيس جدير بمصر وشعبها، وحذرت الحملة جماعة الإخوان من استخدام القوة عبر مليشياتها، واعتبرت أن الشعب المصري قوي وعنيد ولا يخضع لقانون القوة.

كما تعتزم تكثيف التواصل مع وسائل الإعلام الغربية في الفترة المقبلة لكشف حقيقة النظام الحاكم وجماعة الإخوان أمام العالم، وكذلك فشل محمد مرسي في إدارة البلاد منذ وصوله للسلطة وما شهده عهده من قتل واعتقال لشباب الثورة.

وعبرت الحركة مؤخرا عن رفضها للإعلان الدستوري الجديد، فقد صرح أحمد المصري عضو الحملة المركزية لحركة “تمرد”، بأن الحركة لها العديد من الانتقادات على الإعلان الدستوري الجديد، الذي أصدره الرئيس المؤقت عدلي منصور، وقال إنه لم يتم عرض الإعلان الدستوري الذي صدر على ممثلي الحملة أو على الدكتور محمد البرادعي وأنهم فوجئوا به مثل الجميع. وترى الحركة أن الرئيس المؤقت ليس له الحق في إصدار الإعلانات الدستورية منفردا وأنه يجب أن تكون هناك لجنة عشارية من فقهاء القانون تتولى صياغة هذه الإعلانات وتعرضها على القوى السياسية بما لا يخل بأهداف الثورة.

وقال أحمد بأن الحركة والدكتور البرادعي سيلتقيان الرئيس المؤقت اليوم وغدا لمناقشة إدخال تعديلات على الإعلان الدستوري ليتوافق مع خارطة الطريق التي أعلنها ووضعها الجيش، بالتوافق مع المعارضة والأزهر والكنيسة، منذ أيام وعزل على أساسها الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية السابق.

ويعتبر وليد المصري، عضو آخر مؤسس في الحركة، بأن الإعلان الدستوري الذي خرج به الرئيس عدلي منصور كان مخيبا للآمال لأنه يركز السلطات كلها في يده وهو ما كنا نعيبه على الرئيس السابق. ومن أهم الانتقادات التي توجهها الحركة للإعلان النقاط التالية:

- عدم تحديد جدول زمني واضح للفترة الانتقالية يظهر مدتها وتاريخ انتهائها

- بناء الإعلان الدستوري على دستور 2012 الذي أصدره الإخوان المسلمون والمرفوض شكلا وموضوعا.

- تركيز سلطة التشريع بيد الرئيس بما يخل بدوره المؤقت وكان عليه إعطاء هذه السلطة للجنة التشريع والفتوى بمجلس الدولة.

وتتجه المطالب الى رسم خريطة سياسية لمصر من أجل الخروج من المأزق الذي وضعه فيها الإخوان بخياراتهم وأدائهم المخيب للآمال.

وبفضل الاصرار على المطالب استطاعت مجموعة من الشبان صغيري السن تغيير المسار في أكثر الدول العربية تعدادا للسكان من خلال الدعوة لاحتجاجات حاشدة ضد جماعة الاخوان المسلمين الحاكمة، ثم تهدد بالتحول ضد أي شخص يقاوم مطالبهم.

دحض لوهم تفوق الإخوان

أكد نجاح حركة تمرد في إسقاط الحكم الإخواني في تكذيب العديد من المقولا ت التي من بينها ان الاخوان هم من يملكون الشارع ويتحكمون في مساره.

لكن حركة تمرد أسقطت ذاك الوهم وجعلت العديدين من الواهمين يفيقون على الواقع المصري الجديد المعبر عن الارادة الشعبية.

وبذلك تسقط كل المقولا ت التي كانت دائما تطبل للإخوان ولتفوقفهم ولسيطرتهم على الشعب المصري. إلا أن الشعب المصري أثبت العكس وأبان عن وعي مغاير وحقيقة أخرى مفادها أنه مايزال حيا ولم تقتله قبضة الإخوان الكابسة على الأنفاس.

وتمكن من إعادة الحياة من جديد للعملية السياسية التي مارس عليها الإخوان عملية القتل التدريجي وحاولوا الإجهاض على أي نفس يخالفهم الرؤيا أو الاهداف . وكان لحركة تمرد الدور الكبير في إخراج المصريين من قبضة الإخوان ومن حكمهم الذي كان يسعى الى إرجاع مصر الى الوراء والى التخلف والجمود الفكري.

بما أنجزته الحركة من تغيير جذري في الواقع المصري تكون قد ابانت عن تهافت مكانة الإخوان في المجتمع المصري وعرت حقيقتهم وأبانت عن قصر نظرهم لأنهم لم يسعوا الى الاستماع الى مطالب الشعب وبخاصة القوة الشبابية بل كانت تصريحات شيوخهم وقادتهم تصب في مقولات السيطرة وكيفية الحفاظ على الحكم ،حتى جاءتهم تلك الهبة الشعبية لتعيدهم الى الواقع ولتجعلهم يفيقون على حجمهم الحقيقي وعلى نبض الشارع المصري الذي انزاح إلى التغيير وإلى الثورة على حكم الإخوان. فهل تنجح حركة تمرد في إخراج مصر من أزمتها السياسية وتقضي على حلم الإخوان بالسيطرة والتمكين والى الأبد؟


*. نقلاً عن صحيف العرب اللندنية.