الأمم المتحدة... نحو مجابهة الإرهاب العابر للأوطان
الخميس, 17-يناير-2013
الميثاق إنفو -

الإرهاب باعتباره عملا عنيفا يسعى لفرض رأي أو فكرة او توجه يمثل نقيضا للحوار والفكر المتسامح، والملاحظ – مؤخرا- تزايد نسق انتشار الإرهاب في العالم بتعلات شتى ومنطلقات مختلفة وتعبيرات متنوعة، وهو ما حتم التفكير في آليات وخطط لمكافحة الإرهاب، وتندرج جلسة مجلس الأمن حول "الأخطار التي تهدد السلام والامن الدوليين نتيجة الاعمال الإرهابية" في هذا المشغل.

قال أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون إنه لا يمكن لأي سياسة لمكافحة "الإرهاب" أن تكون فعالة دون معالجة الظروف التي تؤدي إلى انتشار الإرهاب، مضيفا أن هذا هو الركن الأول من الاستراتيجية العالمية لمكافحة "الإرهاب" الدولي.

وأشار بان، في كلمته خلال جلسة مجلس الأمن التي عقدت تحت عنوان "الأخطار التي تهدد السلام والأمن الدوليين نتيجة الأعمال الإرهابية"، إلى ثلاثة أوجه للركن الأول من الاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب الدولي.


وقال إن الوجه الأول هو "الصلات الهامة بين التنمية والأمن، لا شيء على الإطلاق يمكن أن يبرر الإرهاب؛ لا مظالم ولا أهداف ولا أي قضية يمكن أن تبرر الأعمال الإرهابية. وفي الوقت ذاته، يجب أن نزيل الظروف التي تغذي هذه المشكلة. فالإرهاب يتقيح حيث تتوطن الصراعات وحيث لا تتم حماية حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية والحياة البشرية ويسود الإفلات من العقاب".

وأضاف أن الوجهين الآخرين للإستراتيجية العالمية لمكافحة "الإرهاب" هما أهمية الحوار والتفاهم.

وشدد الأمين العام على أهمية أن تطغى الدعوات إلى الرحمة والاعتدال على صوت التعصب والتطرف، مشيرا إلى تزايد استخدام تكنولوجيا المعلومات لنشر الكراهية حيث قال أن "الإرهابيين والمتطرفين يستغلون وسائل الإعلام الاجتماعية لزيادة تطرف المواطنين"، وأكد أهمية أن تحل رسائل السلام والتنمية ورفاهية الإنسان محل الرسائل "الإرهابية".

وشدد على أن تحقيق تقدم في جميع هذه المجالات يتطلب بذل جهود مطردة من كل الدول بشكل فردي وجماعي.

وفي سياق تقديمه للحلول الممكنة لمكافحة الإرهاب حثّ الجهات الفاعلة الإنسانية والأمنية والسياسية على الانخراط في حوار مفتوح لضمان ألّا تعيق الجهود الرامية إلى منع أعمال الإرهاب إيصال المساعدات ذات الطبيعة الإنسانية للمدنيين في الوقت المناسب.

وقال إن "هذا هو الأمر الأكثر أهمية ونحن نتعامل مع حالات الطوارئ الإنسانية المتزايدة في جميع أنحاء العالم هذا العام، نواجه تحديات في مالي ومنطقة الساحل حيث يتغذى الإرهاب من العوز المدقع ويقوض التنمية عن طريق العنف والتعصب وانتهاكات حقوق الإنسان، إنني أرحب بعزم مجلس الأمن على التصدي للتحدي في تلك المنطقة وجها لوجه، وأقدر بشكل خاص نهج المجلس الحساس للعوامل الأساسية التي أدت إلى هذا الوضع الأمني الوخيم".

قضية مالالا يوسفزاي

واعتمد بان مثال الفتاة الباكستانية ملالا يوسفزاي التي تعرضت لإطلاق النار عليها مع زميلاتها، باعتبارها إحدى ضحايا "الإرهاب" خلال العام الماضي، وقال إنه تأثر جداً بجهودها الشجاعة للدفاع عن الحق الأساسي في التعليم، المنصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكذلك في تعاليم الإسلام مضيفاً أنه يفخر بأن يعتبر نفسه بين مؤيديها والمتمنين الشفاء لها .

يذكر أن ملالا يوسفزاي هي ناشطة باكستانية لا يتجاوز عمرها 14 سنة "زمن الاعتداء عليها" اشتهرت بدفاعها المستميت عن تعليم الفتيات في باكستان، وعرفت كذلك بانتقادها اللاذع للمسلحين. وفي تشرين الاول/اكتوبر 2012 تعرضت إلى إطلاق نار في رأسها اثناء عودتها من المدرسة، وأعلنت حركة طالبان باكستان مسؤوليتها عن الحادثة وقالت أن ملالا تمثل "عبرة لكل من يوالي الغرب"، ولاقت الحادثة اهتماما عالميا واسعا وتضامنا كبيرا مع ملالا لتعرضها للاعتداء نتيجة نضالها المشروع من أجل نشر تعليم الفتيات في مجتمع منغلق ومتشدد. واعتبرت كذلك تعبيرا عن تناقض بين مشروع ملالا التنويري ومشروع طالبان المنغلق والمتشدد.

وفي سياق الحديث عن ملالا يوسفزاي قالت وزيرة الخارجية الباكستانية حنا رباني خار، التي ترأست الجلسة، إن التهديد الذي يشكله "الإرهاب" لا ينحصر في هذا اليوم أو في الغد أو في الأسبوع المقبل أو في العام المقبل، إنما يؤثر لمدة طويلة، داعية جميع المشاركين في المناقشة العامة إلى مواصلة الاستعداد للتغلب على هذه الآفة.

وأوضحت الوزيرة الباكستانية ان المبادرة الباكستانية لعقد هذه المناقشة تتجذر في هدف المجلس المشترك للسلام العالمي والأمن، الاستقرار والتنمية.

وقالت "بما أنه يشكل تهديدا للسلام والأمن الدوليين، فإن الإرهاب يؤثر مباشرة على جميع بلداننا ومناطقنا، وكذلك على الأفراد والمجتمعات، وقد بيّن العقد الأخير ان الإرهاب لا يعرف حدودا جغرافية". وشددت على أن"ما نبحث عنه هو نهج شامل ومترابط أكثر فعالية بكثير من جهودنا الحالية والذي لا يحقق نصرا فقط في المعارك وإنما في الحرب".أيضا

وأكدت أن التنمية والأمن مترابطان، "فالتنمية تساعد على تلبية الاحتياجات البشرية الأساسية، وبناء قدرة المجتمعات المحلية ومنع الإرهاب، وخلق فرص العمل للشباب ومشاركتهم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية يخلق بيئة مواتية لنجاح سياسات مكافحة الإرهاب".

يشارُ إلى أن مجموعة دول حركة عدم الانحياز طالبت بتطبيق استراتيجية الأمم المتحدة الدولية لمحاربة "الإرهاب" بشكل شفاف وشامل ومتوازن، مؤكدة أهمية التمييز بين "الإرهاب" والكفاح المشروع للشعوب. وأشارت حركة عدم الانحياز إلى الروابط المتزايدة بين الجريمة المنظمة وتمويل "الإرهاب" الذي يشمل غسيل الأموال، بما يؤكد الحاجة إلى تعزيز التعاون وجهود التنسيق بين الدول.


*. نقلاً عن صحيفة العرب اللندنية.