العزل السياسي في مصر أو الكيل بمكيالين
الثلاثاء, 01-يناير-2013
الميثاق إنفو -



تتشابه الأوضاع في تونس وفي مصر بسعي الإخوان إلى استحضار كلّ الأدوات لتأبيد البقاء في السلطة، ومن ذلك محاولة الرئيس مرسي  استخدام قانون العزل السياسي.

تباينت الآراء السياسية واختلفت حول المادة رقم 232 من الدستور الجديد، والتي تقر بمنع قيادات الحزب الوطني السابق من ممارسة العمل السياسي، أو الترشح للانتخابات التشريعية لمجلس الشعب والشورى والرئاسة أيضا لمدة لا تقل عن عشر سنوات متواصلة، والتي أدت لحدوث حالة من الانقسام والخلاف حول فيما يمكن أن يقر عليهم هذا القانون بالتحديد، والعوامل التي ستفرزها تلك المادة في حال تطبيقها على الحياة السياسية في مصر، خاصة أن الذين تنطبق عليهم هذه المادة حتى الآن تتعدى أعدادهم ألفا وثماني مئة من أعضاء الأمانة العامة للحزب الوطني، ولجنة السياسات، وأعضاء المكتب السياسي، ومن كان عضوا بمجلسي الشعب أو الشورى في الفصلين التشريعيين 2005 و2010، مما يعني أن عددا كبيرا من رموز ورجال النظام السابق سيتم عزلهم وفق نشاطهم السياسي في النظام الحالي ولمدة عشر سنوات قادمة.

وفي سياق متصل كان مرسي دائم الإشارة في خطاباته إلى أن المسؤولين عن الاضطرابات والتصعيدات الأخيرة بين الشعب هم عناصر النظام السابق وخاصة قيادات الحزب الوطني.

حسين عبد الرازق الأمين العام لحزب التجمع اليساري، أكد أن إقرار الدستور الجديد لمادة العزل السياسي كان من أحد أهم أسباب رفض جبهة الإنقاذ الوطني للدستور الجديد، نظرا للأهداف والدوافع التي تم وضع هذه لأجلها، والتي تأتي في المقام الأول لتصفية الحسابات السياسية من قبل أنصار تيار الإسلام السياسي، الذي اعتاد الفترة الأخيرة اتهام جميع القوى المعارضة بالتحالف مع أنصار الحزب الوطني السابق من أجل تشكيل جبهة الإنقاذ الوطني الحالية في مواجهة النظام الحاكم، موضحا أن المادة الحالية التي في الدستور الذي أقرته القوى الإسلامية، والتعيينات التي تمت لعدد من أنصار الوطني السابق أكدت أن المؤسسة الرئاسية تعاني خللا في وضع واتخاذ القرارات، إضافة إلى أن التعيينات أثبتت أن هذا الدستور باطل ولا يمثل أحدا ولا يشرف مصر بعد الثورة؛ لما يشوبه العديد من "العوار" التي يحاول الإخوان تمريره دون وجود معارضة له.

"لا نعترف بدستور الإخوان"

ومن جانبه سخر عبد الحليم قنديل رئيس تحرير جريدة صوت الأمة، من قرار الرئيس تعيين أعضاء من الفلول في مجلس الشورى غير المعترف بشرعيته، كما "لا نعترف بدستور الإخوان الذي يمنع الفلول من الترشح لانتخابات الشعب والشورى وفق مادة العزل السياسي التي تم وضعها في الدستور الحالي، ثم يأتي الرئيس ليرشح أعضاء الحزب الوطني السابق بالشورى"، مضيفا أن الأمر يرجع إلى الأوامر التي صدرت من مكتب الإرشاد العام للجماعة التي تدير مصر عبر الرئيس المنتخب.

وأكد على خروج القوى المعارضة للميادين في ذكرى الثورة المقبلة التي لم تحقق أهدافها بعد أن سرقت من قبل الفصيل السياسي الإسلامي الذي تربع على عرش الحكم دون نظير له، مشيرًا إلى أن الثورة القادمة ستكون لإسقاط الدستور الإخواني ـ على حد وصفه ـ وكذلك إسقاط النظام الذي لا يمثل الشعب المصري، كما وعده ليصبح مماثلا لنظيره السابق حسني مبارك الذي اختصر الحياة السياسية في الحزب الوطني السابق ليخلفه مكتب الإرشاد العام الآن.

وقالت د. يمنى الحماقي وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى السابق: أن المادة التي تقر بعزل كل من له صلة بالنظام السابق في الدستور الجديد تحمل حالة من القصاص والإقصاء المتعمد من قبل الجماعة بدون تمييز، وهذا يؤكد أن الدستور الحالي غير دقيق وغير ديمقراطي ولا يعطي لأحد حقه في ظل سيطرة الجماعة على وضعه من البداية.

وأوضحت أن هذا النص يحمل العديد من علامات الاستفهام، خاصة بعد أن تم تعيين بعض من هؤلاء الأعضاء المنبوذين – على حد وصفها – وفقا لقانون العزل السياسي الذي خرج من رحم مجلس الشعب السابق الإخواني ثم من الجمعية التأسيسية التي تعبر عن فصيل سياسي واحد.

وأشار المهندس محمد سامي رئيس حزب الكرامة إلى أن قرارات التعيين التي أصدرها الرئيس مرسي بعد إقرار الدستور مباشرة تعبر عن أن الرئيس مرسي يكيل الأمور بمكيالين لا علاقة لهما بالديمقراطية وحكم الرئيس للشعب على حد سواء، خاصة وأن مادة العزل التي تم وضعها من قبل، وما أثارته من جدل وانقسام لعدم تحديد المعالم التي يتم على حدها حرمان وعزل من لا يستحق المشاركة في الحياة السياسية، خاصة وأن هذه المادة جعلت كل من له علاقة بالنظام السابق مسيئا ومرتكب جرم في حق الوطن دون إدانة.

ورفض د. بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان تطبيق هذه المادة التي تتعلق بحرمان الشخصيات التي انتمت إلى الحزب الوطني من المشاركة في الحياة السياسية بهذا الشكل، في ظل عدم تحديد المعايير الموضوعية التي يتم على إثرها تطبيق العزل السياسي، والتي يجب أن تكون أحكاما ذات علاقة بالممارسات التي ارتكبها هذا العضو في التأثير السلبي على الحياة السياسية، واستغلال المنصب في تحقيق أغراض خاصة ومنفعة أيضا وليس لمجرد الانتماء السياسي إلى حزب دون غيره.

وتابع: "إن الحياة السياسية والحزبية في مصر قبل الثورة شهدت العديد من الممارسات التي من شأنها إفساد الوضع السياسي لم تقتصر فقط على رموز الحزب الحاكم".

وعلى الجانب الآخر أشار د. جمال جبريل عضو مجلس الشورى الحالي إلى أن المجلس سيفحص عضوية جميع الأعضاء المعينين، وسيسقط عضوية كل من تنطبق عليهم مادة العزل السياسي بقوة الدستور، خاصة أعضاء بالحزب الوطني وأعضاء مجلسي الشعب والشورى في دورتي 2005 و2010. مؤكدا أن إسقاط المجلس لعضوية من هو مخالف لنصوص الدستور أمر طبيعي ومن ضمن اختصاصات المجلس، خاصة في الوقت الراهن.




*. نقلاً عن صحيفة العرب اللندنية.