الفرز وبطلان عملية الاستفتاء الأخير في مصر
الثلاثاء, 18-ديسمبر-2012
عبدالله خليل -

اليوم الثلاثاء مليونية في التحرير ودعوة لأخرى في الاتحادية في مصر بعنوان ضد التزوير، كما تقدمت جبهة الإنقاذ الوطني اليوم 18 ديسمبر ببلاغ للنائب العام تطالبه بوقف عملية الاستفتاء، كما طالبت منظمات المجتمع المدني يوم 16 ديسمبر والتحالف المستقل لمراقبة عملية الاستفتاء في بيان لهم بإعادة المرحلة الأولى من الاستفتاء على مسودة الدستور المصري، وهو ما تبنته بعد ذلك القوى السياسية، وفي مقدمتها جبهة الإنقاذ الوطني، وهي الإطار المعارض الذي يضم القوى السياسية البارزة في مصر، وهو كذلك موقف القوى الثورية والشبابية من هذه العملية، وهي انتهاكات تعددت أشكالها ودلائلها، قد يشكك البعض في تأثيرها على النتائج أو عدم تأثيرها، ولكن حسب الكاتب فإن هناك انتهاكات للقانون ولآراء محكمة النقض شملها قرار اللجنة العليا للانتخابات مؤثرة وقرينة قاطعة ببطلان عملية الاستفتاء.
يعرض الكاتب في هذا التحليل لمشاكل عملية الفرز التصويتي في الاستفتاء الأخير في مصر كقرينة على بطلانه كما انتهتت العديد من القوى السياسية و منظمات المجتمع المدني، مؤكدا في نفس السياق على أن قرار اللجنة العليا للانتخابات خاليا من أي ضمانات للتلاعب في عملية الفرز كما تثبت هذه القراءة، التي يرحب معهد العربية للدراسات بنشرها كما يرحب بنشر ما قد يعارضها من رؤي قانونية أخرى، تضئ الجدل الدستوري والسياسي الساخن في بلدان الربيع العربي
نص التحليل:
قد يكون من نافلة القول أن اكثر الناس دراية فى مصر بأساليب تزوير الانتخابات والاستفتاءات هم النشطاء السياسيين والبرلمانيين وقوى تيار الاسلام السياسى، نتيجة تماسهم وتصديهم قضائيا لمارسات النظام السابق وحصولهم على اراء لصالحهم فى الطعون المقامة منهم من دوائر محكمة النقض المختصة بفحص الطعون الانتخابية او من المحكمة الاداريةالعليا بشان وقف تنفيذ اعلان نتائج الانتخابات فى كثير من الدوائر، ويمكننا تلخيص أبرز الممارسات التى كانت تؤدى الى بطلان نتائج الانتخابات في الآتي:

أ‌- عدم احتساب العدد الاجمالي للناخبين الذين مارسوا حقّهم في التصويت فى اللجنة الفرعية، استناداً إلى عدد الاشخاص الموقعين على كشوف الناخبين ، ومطابقته بعدد البطاقات المستعملة.
ب‌- مطابقة العدد الاجمالى للناخبين الموقعين على الكشوف الانتخابية، مع عدد البطاقات التصويتية المستعملة فعليا، مع عدد البطاقات المودعة.
مثال توضيحي
إذا تبين أن الموقعين على كشوف الناخبين =300
فيجب أن يكون عدد البطاقات المستعملة=300
وعدد البطاقات المودعة بالصندوق= 300
فإذا كان عدد الموقعين = 300 وكان عدد البطاقات المستعملة أو عدد البطاقات المودعة فى الصندوق =302
أثر ذلك بطلان عملية التصويت واستبعاد هذا الصندوق ولايتم أضافة هذه الاصوات الى اجمالى النتيجة النهائية إذا تطابقت الارقام.

تبدأ عملية الفرز وتصنيف البطاقات، واحصاؤها، مع وضع تلك التـي تثير الشكوك جانباً؛ وبموجب القواعد القائمة، تقرير قبول أو رفض هذه الأخيرة.

وإذا اختلفت يتم تحريز الكشوف وبطاقات التصويت غير المستعملة والتالفة ووضع الاختام على الصندوق – ويقرر بطلان الصندوق وعملية التصويت كما اشارنا.
تعليمات اللجنة العليا للانتخابات تفتح عمليا الباب للتزوير وتسويد البطاقات الانتخابية
جاء قرار اللجنة العليا للانتخابات رقم ( 14 ) لسنة 2012 بشأن القواعد المنظمة للتصويت فى الاستفتاء على الدستور المصرى الجديد خاليا من إلزام رئيس وأعضاء اللجنة باجراء المطابقة بين الاشخاص الموقعين على الكشوف والبطاقات المستعملة والبطاقات المودعة بالصندوق قبل بدء عملية الفرز واعلان النتيجة فنصت فى البند ثالثا على أن:

1- فور انتهاء عملية الاقتراع يقوم رئيس وأعضاء اللجنة بما يلي :
( أ ) فتح صناديق الاقتراع وإخراج محتوياتها.
(ب) حصر عدد البطاقات داخل كل صندوق.
(ج ) بدء عملية الفرز بتجنيب الأصوات الباطلة وإثبات عدد الأصوات الصحيحة سواء من صوت (بنعم) أو صوت (بلا) كل على حده.
( د ) ملء بيانات محضر إجراءات فرز اللجنة الفرعية النموذج رقم (4) استفتاء بما أسفرت عنه عملية الفرز .
( و ) حصر عدد البطاقات التي لم تستعمل ومطابقتها على العدد المسلم فى بداية الاقتراع، والتأكد من تساوى عدد البطاقات التي استعملت مع البطاقات الموجودة بالصندوق.
( ز ) وضع البطاقات التي لم تستعمل مع البطاقات المستعملة فى الصندوق أو الصناديق التي سلمت فيها الأوراق، فى بداية اليوم وغلقها بالشريط اللاصق.
(هـ ) تعليق نموذج (7) استفتاء الخاص بإعلان نتيجة اللجنة فى مكان ظاهر على باب اللجنة.
(ى ) الانتقال لمقر اللجنة العامة وتسليم محضر الفرز والصندوق المحتوى للأوراق المستعملة والتي لم تستعلمل لرئيس اللجنة العامة.
أثر ذلك
ويتضح مما سبق خلو تعليمات اللجنة العليا للانتخابات من الزام رؤساء اللجان الفرعية واعضاء اللجان باتباع هذا الاجراء الجوهرى وقيامهم عمليا باحتساب عدد من ادلوا باصواتهم فى اللجان من خلال عدد البطاقات المودعة بالصنوق، دون مطابقتها بعدد الاشخاص الموقعين على الكشوف يبطل عمليا الفرز فى كل لجان المرحلة الاولى، خاصة وأن بطاقات التصويت كانت عمليا فى حوزة امناء اللجان الفرعية وليست فى حوزة رؤساء اللجان .

دراسة حالة ( اعلان نتائج الانتخابات الرئاسية فى مصر )
لن نذهب بعيدا لاستعراض اراء دوائر محكمة النقض العديدة بشأن الطعون الانتخابية بل نقترب قليلا الى الطعون التى فصلت فيها اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، ببطلان صناديق اقتراع تبين لها عدم مطابقة عدد اوراق التصويت المودعة فى الصناديق مع عدد الموقعين فى كشوف الناخبين وهى حالة يمكن الرجوع اليها بسهولة عبر مشاهدة الفيديو الخاص بإعلان نتيجة انتخابات الرئاسية التى أعلنت بفوز الدكتور محمد مرسى الرئيس الحالى والاطلاع على حيثيات هذا القرار، حيث قررت اللجنة بطلان نتائج فرز الاصوات، وحذف الاصوات التى حصل عليها المرشحان من اجمالى عدد الاصوات بسبب أن( عدد البطاقات الموجودة بالصندوق تزيد على عدد الاشخاص الموقعين فى كشوف الناخبين )

والسؤال الان ماذا لوكانت الطعون بالبطلان امتدت الى كافة عمليات الفرز على مستوى الجمهورية لمخالفاتها لهذا الاجراء؟ هل كانت ستتغير نتيجة الانتخابات الرئاسية ؟ قد يكون ذلك صالحا.

ويترتب على ذلك طبقا لما استقرت عليه كافة احكام القضاء بأن مراحل عمليات الفرز هى عوامل مؤثرة فى اعلان النتائج اذايترتب بطلان او عدم شفافية أى اجراء فيها الى بطلان عملية الانتخاب والاستفتاء بمافيها عملية اعلان النتائج .

ويترتب على ذلك بطلان عملية فرز الاصوات فى الاستفتاء على مشروع دستور مصر لإغفالها ضمانة هامة جوهريه ويترتب على ذلك بطلان عملية فرز الاصوات فى الاستفتاء على مشروع دستور مصر لإغفالها ضمانة هامة جوهريه لنزاهة العملية التصويتية في الاستفتاء، وهو ما يعد قرينة قاطعة بأن يد العبث قد امتدت للتلاعب داخل الصندوق.

* أعد الدراسة عبدالله خليل المحامي بالنقض
خبير دولي في التحول الديمقراطي وحقوق الإنسان

*. نقلاً عن معهد العربية للدراسات