تحالفات أميركا في منطقة آسيا-المحيط الهادي: جاهزون للتهديدات المقبلة
الأربعاء, 17-أكتوبر-2012
المنصف الخروبي -

يلفت التقرير الانتباه في البداية إلى أن هذه الأحلاف والشراكات التي أقامتها الولايات المتحدة في منطقة آسيا-المحيط الهادي كانت ثمرة تاريخ طويل من الالتزام، فالمعاهدات مع اليابان وكوريا الجنوبية تعود إلى الفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية والحرب الكورية. والعلاقات الأميركية القوية مع أستراليا ترجع إلى تحالفهما زمن الحرب وتمتنت في معاهدة أنزوس الثلاثية "مع نيو زيلاندا" سنة 1951.

ومنذ سنة 2009 أعادت أميركا تعريف التحالفات القديمة وعمّقتها "مثلما هو الحال مع أستراليا" في حين استغلت فرصا جديدة مع شركاء أحدث "مثل الفيتنام والفلبين" حيثما تلتقي المصالح.
وتلاحظ الكاتبة أن المعاهدات الثنائية الرسمية تناقصت مؤخرا، مما يعكس تفضيل الكثير من هذه القوى الإقليمية لبنية أوسع متعددة الأطراف. وهذا بالتحديد ما وقع ضمن أعضاء "آسيان" التي يجب أن تفكر في كيفية نظرة الصين لأفعالها. لكن النتيجة كان لها أثر متميز على التوازن الاستراتيجي للمنطقة، فبتظافر هذه المجهودات استكشفت مناطق جديدة وتوسع حضور أميركا وشراكاتها في المنطقة.

وفي حين أن تحالفات أميركا وشراكاتها مع منطقة آسيا-المحيط الهادي قادرة على التعامل مع التهديدات للسلم والأمن، فهي ليست مصممة لمواجهة التحديات الأمنية غير التقليدية المتزايدة التي ستؤثر على المنطقة. وهذه التحديات بعضها جديد "التغيرات المناخية وأمن الشبكة العنكبوتية" بينما أخرى قديمة "الأمن الغذائي والمائي، الأوبئة، الكوارث الطبيعية وأمن الموارد بصفة عامة".

السياق الإقليمي

- ستدعم منطقة آسيا- المحيط الهادي مكانتها باعتبارها المنطقة الأهم استراتيجيا واقتصاديا وسياسيا في العالم.
- في حين يتزايد شعور الصين بأنها المنافس الاستراتيجي، هناك تضخيم لتوقعات نمو الصين الخطي، فالنمو الاقتصادي المتواصل لا يأخذ بعين الاعتبار نقاط الضعف للدولة الصينية المركزية وهشاشتها. إن صعود الصين لمركز القوة العظمى ليس حتميا.
- الانتشار العسكري الأميركي في آسيا تعود جذوره إلى الحرب العالمية الأولى وتعزز فيما بعد بالتحالف زمن الحرب الباردة بالاعتماد على اتفاقيات أمنية ثنائية.

النظرة للتهديدات

- وتتطلب الاستراتيجية الأميركية الأكثر فاعلية تجميع كل الوسائل والحنكة السياسية بشكل يربط بين الواقع السياسي والمسائل الاقتصادية والتحديات الاستراتيجية.
- التهديدات الأمنية غير التقليدية "التغيرات المناخية وأمن الشبكة العنكبوتية والأمن الغذائي والمائي، الأوبئة، الكوارث الطبيعية وأمن الموارد بصفة عامة" يمكن أن تشتد قوتها ويستوجب معالجتها بالتوازي مع التهديدات التقليدية في السنوات والعقود الآتية.
- أهم التهديدات للولايات المتحدة وحلفائها في منطقة آسيا-المحيط الهادي في الحاضر وعلى المدى القريب هي:
. انتشار السلاح النووي من كوريا الشمالية، أو انهيار نظامها، أو الحرب بين شمالها وجنوبها.
. اشتداد التوترات بسبب النزاعات الحدودية وبالتحديد وضع تايوان، وهو شيء يطرح خطر اندلاع صراع مفتوح بين الولايات المتحدة والصين، أو الصراع على الطاقة وغيرها من الموارد جنوب بحر الصين.
. التهديدات للرخاء والتجارة المفتوحة "بما في ذلك التوقف الفجئي للتزويد بالطاقة أو ارتفاع الأسعار".
. التطرف واستعمال العنف وخاصة في جنوب شرق آسيا.
- من شأن الارتفاع الملحوظ للتهديدات أن يجر الولايات المتحدة والصين إلى النزاع. لذلك يمثل إدارة العلاقة الأميركية الصينية أهم تحد وأكبر فرصة للدبلوماسية الأميركية في آسيا.

القدرات والاستراتيجيات العسكرية

- بالرغم من كون القدرات العسكرية الأميركية في منطقة آسيا-المحيط الهادي تعالج أهم التهديدات أمام الولايات المتحدة، فقد تم تضخيمها.
- التهديدات الإقليمية الناشئة حديثا ستستدعي الابتعاد عن القدرات الحربية التقليدية في اتجاه القدرة على بسط السيطرة في مجالات جديدة للتنافس الاستراتيجي مثل الفضاء وشبكة الانترنات فيما يخص قضايا الدبلوماسية الشاملة والنزاعات القانونية والمشاغل الاقتصادية.
- على الولايات المتحدة أن تواصل مراجعة توازن القدرات العسكرية في المنطقة بعيدا عن الجيوش البرية وفي اتجاه القوات البحرية والجوية التي بوسعها أن تردع ما يهدد السلم والأمن.
- يحتاج دور الجيش الأميركي في توفير الأمن في المنطقة إلى مزيد التركيز على توفير 'الطمأنينة' للحلفاء و'ثنيهم' عن اتخاذ مواقف استفزازية و'ردع' الصين أو شمال كوريا من فعل مثل ذلك.

التوصيات

* تنويع الاتفاقيات الثنائية:
- تحتاج الولايات المتحدة إلى استمرار التنويع في الاتفاقيات الثنائية مع الفاعلين الإقليميين وذلك بتوسيع شراكاتها لتتجاوز تلك المعقودة مع الأصدقاء التقليديين. وليست هناك حاجة لإعطاء هذه الاتفاقيات صبغة رسمية عبر المعاهدات، فالأحسن أن تكتسب العلاقة مرونة مؤسساتية "وفي الوقت نفسه المحافظة على الاتساق السياسي".
- تحتاج الولايات المتحدة إلى تغيير مناقشاتها، خاصة مع اليابان وكوريا الجنوبية، للتركيز على القدرات الدفاعية وليس على عدد الجنود.
- هناك حاجة لتعديل الموازنة بين أهم عناصر التحالفات الدفاعية فمثلا مع عدد من الشركاء مثل اليابان والهند يمكّن المزيد من تبادل المعلومات الاستخباراتية والبحوث المشتركة من جلب منافع جمة للعلاقة بين الجهتين.
- على الولايات المتحدة أن تواصل العمل مع الصين لإرساء إجراءات التوقي من الأزمات لتجنب سوء التفاهم وسوء التقديرات المشابهة لما وقع مع الاتحاد السوفياتي أثناء الحرب الباردة.
- على الولايات المتحدة أن تخفف الوطأ في منطقة آسيا-المحيط الهادي فتتجنب المبالغة في الحديث عن الشراكات مع بلدان المنطقة لأن ذلك من شأنه أن يجعل هذه البلدان حذرة ويجلب عداوة الصين فتسرع من عملية تحديث جيشها.
* بنية التحالفات:
- من الضروري تقوية هياكل التجمعات الإقليمية وزيادة الدعم والاهتمام السياسي من الولايات المتحدة لأن هذه التجمعات توفر استقرارا في العلاقات الإقليمية ومنافع الدبلوماسية.
- المؤسسات الإقليمية التي تعالج القضايا التجارية والسياسية لا تقل حيوية عن المجموعات المرتبطة بالأمن.
- إدماج الصين في المحاورات الإقليمية له فوائد مميزة تتعدى تخفيف مخاوفها من الاحتواء مثل تحسين تبادل المعلومات وربطها أكثر بالمقاييس المضمنة في هذه المؤسسات.
- المجموعات الإقليمية والدولية يجب أن توجه اهتماما ومجهودا أكبر للقضايا المرتبطة بمجالات الأمن غير التقليدي، مثل أمن الشبكة العنكبوتية والأمن الغذائي والمائي، الأوبئة، الكوارث الطبيعية وأمن الموارد بصفة عامة، لأنها توفر فرصا للعمل التعاوني وتسبب حساسية أقل.



*نقلا عن صحيفة العرب اللندنية.