الطبقة الوسطى بين الازدهار والانحسار
الخميس, 20-ديسمبر-2007
الطبقة الوسطى
أحمد أحمد مطهر - أحمد أحمد مطهر
الكثير منا يسمع بالطبقة الوسطى Middle Class فيحتار أن يضع نفسه؛ هل هو ضمن هذه الطبقة؟ أم أنه ينتمي إلى الطبقة الفقيرة. فالطبقة الوسطى في كثير من دول العالم بما فيها الدول العربية تتعرض للكثير من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي تهدد بتآكلها وربما زوالها.
عُرِف عن الطبقة الوسطى إنها طبقة ديناميكية، طموحة، وذات إمكانات وقدرات متعددة . كما أن معظم أفرادها على قدر من التعليم والتأهيل المهني. ولهذا فقد أسهم أفراد هذه الطبقة بشكل واضح في عمليات التغيير والتطوير في كثير من مجالات العمل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والتقني في العديد من دول العالم. لاعجب، والحال هذه، إن نظر كثير من الباحثين بإيجابية إلى وجود تلك الطبقة في المجتمع، باعتبارها رصيداً هاماً للتطور، وأنه بالقدر الذي تنمو وتتقدم فيه هذه الطبقة، بالقدر الذي ينمو ويتطور به المجتمع.
وبهذا المعنى، فالطبقة الوسطى، منظور إليها سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، هي صمام الأمان لأي مجتمع وكل مجتمع، وهي التي يعتمد عليها تماسك الهرم الاجتماعي، من حيث أن الطبقة الوسطى هي محور هذا المجتمع، الذي من خلاله تكون هناك حلقة تربط بين قمة الهرم وقاعدته. فكلما اتسعت هذه الطبقة، وكانت أوضاعها مستقرة وغير مهددة بغموض مستقبل لا يُدرى ما يحمله من مفاجآت غير متوقعة، عنى ذلك استقراراً اجتماعياً وسياسياً وديمومة مثل هذا الاستقرار، والعكس صحيح. فالمجتمعات التي لها تاريخ طويل من الاستقرار السياسي والاجتماعي، هي تلك التي تكون طبقتها الوسطى، هي الأكثر عدداً في المجتمع، بحيث لا تشكل القمة والقاعدة إلا أعداداً لا تصل في مستواها إلى عدد الطبقة الوسطى. الخطر كل الخطر يكمن في انكماش الطبقة الوسطى وانحدار أعداد كبيرة منها إلى قاعدة الهرم، الذي يصبح الأكثر عدداً في المجتمع، وتبقى القمة عبارة عن قلة أوليجاركية (نخبة مالية تحديداً) معزولة لا علاقة لها ببقية المجتمع، وهنا يجب أن يُدق ناقوس الخطر، إذا كان مستقبل المجتمع مأخوذاً في الاعتبار. عندما تنحدر الطبقة الوسطى أو تبدأ في التآكل، فإن المجتمع بكامله يواجه خطراً مستقبلياً، قد لا تتبين أثاره إلا بعد حين.


جدل حول الطبقة الوسطى
يشير مصطلح الطبقة - بداهةً - إلى مجموعة كبيرة من الناس التي تتجانس فيما بينها في مرحلة تاريخية من مراحل تطور الإنتاج الاجتماعي من حيث موقعها من عملية الإنتاج وموقعها من ملكية وسائل الإنتاج، وبالتالي من حيث أسلوب تحصيلها للدخل وبكمية هذا الدخل. لكن مصطلح الطبقة الوسطى Middle Class، في الواقع، يضم كتلة واسعة من الفئات الاجتماعية التي تتباين فيما بينها تبايناً شديداً من حيث موقعها من عملية الإنتاج ومن ملكية وسائل الإنتاج، وتتباين، بالتالي، في حجم ما تحصل عليه من دخل. وبما أن الطبقة تتسم بوحدة الوعي الطبقي بين أفرادها وتجانسهم في المواقف الاجتماعية والسياسية إلا أن هذا الانسجام غير موجود في حالة الطبقة الوسطى، حيث غالباً ما يسود بين صفوف هذه الطبقة مختلف ألوان الفكر الاجتماعي والسياسي، ولهذا هناك من يرى، أنه من الأفضل أن نتحدث عن "طبقات وسطى" وليس "طبقة واحدة"، إلا أننا نستخدم مصطلح "الطبقة الوسطى" تجاوزاً. ويمكن تعريف الطبقة الوسطى بأنها مختلف الشرائح الاجتماعية التي تعيش، بشكل أساسي، على المرتبات المكتسبة في الحكومة والقطاع العام وفي قطاع الخدمات والمهن الحرة الخاصة. وأهم ما يميز هذه "الطبقة" هو أن دخل أفرادها الأساسي ناجم عن العمل الذي يغلب عليه الطابع الذهني والتقني. وبما أن الطبقة الوسطى هي خليط واسع، متعدد وغير متجانس من الأفراد والجماعات، لذا فيمكن هنا تقسيم هذه "الطبقة" إلى ثلاث شرائح، تضم كل شريحة فئات متجانسة بقدر الإمكان وهذه الشرائح الثلاث هي: الشريحة العليا، والشريحة المتوسطة، والشريحة الدنيا.
- الشريحة العليا من "الطبقة" الوسطى، وتمثل أفرادها النسبة الأقل في هذه الطبقة وتضم العلماء والباحثين وأساتذة الجامعات والمعاهد العليا والمديرين وأصحاب المهن المتميزة كالأطباء والمهندسين والقضاة والمحامين والفنانين وكبار ضباط القوات المسلحة والأمن والفنيين العاملين في قطاع المعلومات. وأعضاء هذه الشريحة يحصلون على دخول مرتفعة وذات طابع متغير، ويتميز نمطهم الاستهلاكي بالتنوع والغنى باشتماله على قدر كبير من رموز الاستهلاك الترفي بسبب الفائض الكبير الذي تنطوي عليه دخولهم. كما أن أفراد هذه الشريحة أكثر قرباَ للسلطة ولصناع القرار الاقتصادي والسياسي، ويحتلون مواقع هامة في أجهزة الدولة.
- الشريحة المتوسطة من "الطبقة" الوسطى، وتضم عدد أكبر من الأفراد من حيث الحجم بالمقارنة مع الشريحة العليا. ويعمل أفرادها بمرتبات ثابتة أو شبه ثابتة، ويشغلون الوظائف الإدارية والفنية الإشرافية في الوزارات والأجهزة والمصالح الحكومية وإدارات الحكم المحلي. مثال ذلك: المدرسين والموظفين في شركات القطاع العام والمشتغلين في البنوك وشركات التأمين والمؤسسات التجارية. ويعتبروا في الأغلب من خريجي الجامعات أو المعاهد العليا المتوسطة، ويعيشون في ظروف عادية.
- أما الشريحة الدنيا من "الطبقة" الوسطى، فينضوي بين صفوفها عدد كبير من صغار الموظفين الذين يعملون في الوظائف الكتابية والبيروقراطية، كما تضم عدداً من المشتغلين في مكاتب الصحة والمستشفيات والدوائر الحكومية. وأفراد هذه الشريحة على قسط محدود من التأهيل المهني والتعليمي، وهم يمثلون أغلبية "الطبقة الوسطى" وقاعدتها العريضة ويعتبرون من ذوي الدخول الثابتة والمحدودة، وكثير من أفراد هذه الشريحة أقرب إلى حال الطبقة الدنيا "العاملة".

الرأسمالية والطبقة الوسطى
مع نهاية الحرب الباردة وانهيار الإتحاد السوفيتي وأيديولوجيته الاشتراكية والتي اعتمدت على مبدأ التوزيع العادل للثروة بين الجميع ومجانية التعليم والصحة والإسكان والضمان الاجتماعي؛ هذا المبدأ الذي فشل على الواقع وبه انهارت المنظومة الاشتراكية كان له أثره التنافسي بين الرأسمالية والاشتراكية، ونتيجة ذلك قدمت الدول الرأسمالية في تلك الحقبة (الحرب الباردة) الكثير من الامتيازات والضمانات الاجتماعية وضمنت لشعوبها مجانية التعليم والصحة وكذلك الحرية والديمقراطية. تلك الامتيازات كانت مجرد سباق وتنافس لهزيمة الاشتراكية وبعدها بدأت مرحلة جديدة من تلاشي تلك الامتيازات لتُظهِر الرأسمالية أنيابها الحقيقية إذ لم يعد هناك منافس آخر قد يزيحها أو يضطرها لتقديم تنازلات من أجل شعوبها. وخلال السنوات العشرين الماضية، شهدت الدول الغربية تحولات خطيرة وتهميش للطبقة الوسطى من المجتمع وتحويلها إلى طبقة فائضة تبحث على أبسط متطلبات الحياة، والتدهور الذي حدث في أوضاع الطبقة الوسطى وما أدى إليه ذلك من إفقار شديد لها، ومن تغير ملموس في وضعها النسبي الاجتماعي كان محل دراسات اقتصادية واجتماعية كثيرة.
وقد أوضحت العديد من الدراسات المدى الذي وصل إليه تدهور أوضاع هذه الطبقة والعوامل المسئولة عن هذا التدهور، وفي هذا الخصوص نشير إلى نتائج الدراسة التي نشرها البروفيسور فريدريك ستروبل - أستاذ الاقتصاد بجامعة شمال فلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية- عن تدهور الأوضاع الاقتصادية للطبقة الوسطى في الولايات المتحدة عام 1993، وتبعها دراسة مقارنة عن تدهور أوضاع هذه الطبقة في بريطانيا عام 1995. ويشير ستروبل، بشكل عام، إلى أن هناك ثلاث عوامل جوهرية يمكن رصدها خلال الفترة من 73-1994 أدت إلى تدهور الوضع الاقتصادي للطبقة الوسطى في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وهي:
1. الإنخفاض الذي حدث في الأجور الحقيقية.
2. فقدان فرص العمل وزيادة معدل البطالة.
3. زيادة الأعباء المالية التي تتحملها هذه الطبقة.
ونشير هنا إلى أن أكثر الفئات تضرراً من تدهور الطبقة الوسطى هم الشريحة المتوسطة والدنيا من "الطبقة الوسطى" وذلك حسب التقسيم السابق، أما الشريحة العليا من الطبقة الوسطى فأغلب الظن أنها لم تتأثر من هذا التدهور، إن لم يكن وضعها قد تحسن. وهنا يجب أن نشير إلى أن التدهور الذي حدث في الأوضاع الاقتصادية للطبقة الوسطى قد رافقه تحسن في أوضاع النخب الرأسمالية المالكة لرؤوس الأموال، مما يعني أن هناك عملية إعادة توزيع للدخل القومي قد حدثت لصالح هؤلاء النخب، وضد مصالح الطبقات والفئات الاجتماعية الأخرى، وهو الأمر الذي أدى إلى أتساع درجة اللامساواة في توزيع الدخل، وبذلك اتسعت الهوة بين الأغنياء والفقراء.

العولمة وطحن الطبقة الوسطى العربية
المنطق الاقتصادي يقوم على حرية رأس المال وعولمة التكنولوجيا المتطورة والحديثة ما يؤدي إلى تحويل المزيد من الثروات وتوجيهها إلى الأغنياء وربما إلى قلة أو شريحة صغيرة من أولئك الأشد فقراً في العالم، في حين يعني ذلك المزيد من الضغوط والتضييق على الطبقة الوسطى. ولعل المفارقة التي تشهدها المنطقة العربية اليوم تتجسد في أن التطورات الحاصلة في الاقتصاديات الوطنية والنمو الذي حققته الكثير منها في السنوات الخيرة لاسيما في إطار رسملة المجتمع العربي (أي تحول مؤسساته الاقتصادية نحو الرأسمالية) والإصلاحات الاقتصادية التي تضطلع بها، لم تفض إلا لمزيد من التهميش والانحسار للطبقة الوسطى وانحدار جزء مرموق منها إلى طبقة دنيا تدور في حلقة مفرغة من انخفاض مستوى المعيشة والذي يتمثل بسوء الوضع السكني والصحي وانخفاض الخدمات الاجتماعية، وبالتالي تدهور الرفاه الاجتماعي على نحو مخيب للآمال، الأمر الذي قاد إلى وضع غريب وهو تحول المجتمعات العربية إلى اقتصاديات ثنائية الطبقة، الأولى هي الغنية التي تتصدر مسرح الحياة الاقتصادية والاجتماعية بوصفها تمتلك النصيب الأوفر من الثروة القومية وتتحكم بوسائل الإنتاج وقريبة من السلطة، والثانية هي الطبقة الفقيرة التي تعتمد - بغير حدود- على الفرص التي توفرها لها الطبقة الغنية في علاقات عمل غالباً ما تبتعد عن الممارسات والتشريعات التي حددها المجتمع الدولي ممثلا بالأمم المتحدة، وهو الوضع الذي قاد إلى طحن الطبقة الوسطى في منطقتنا.

البلاد النامية والطبقة الوسطى
والحقيقة أن غالبية البلاد النامية لا يختلف حالها كثيراً عن حال المنطقة العربية، ففي ظل الزيادة السكانية التي تعاني منها غالبية البلاد النامية، أدى استمرار حالة الركود أو بطئ النمو، وتفاقم الضغوط الخارجية الناجمة من أزمة المديونية الخارجية، أدى إلى حدوث تناقص شديد في فرص التوظف، ومن ثم زيادة معدل البطالة. كما أن استمرار حالة العجز في مالية الدولة، قد أدى في النهاية إلى عدم تمكن الحكومات من الاستمرار في تمويل الخدمات ذات الطابع الاجتماعي(التعليم، الصحة، الإسكان، الضمان الاجتماعي..) وكل ذلك دفع إلى تدهور بالغ في مستويات المعيشة للأغلبية الساحقة من السكان، وبخاصة في ضوء موجة الغلاء التي تعصف بنا وتتفاقم عاماً بعد آخر. كما أن احتكار السلطة وشيوع نظام الحزب الواحد، وغياب الديمقراطية، وعدم المشاركة الشعبية؛ كلها كانت عوامل مسئولة عن حالات التفاوت الطبقي الذي حدث نتيجة توزيع الدخل والثروة وبشكل غير عادل أدى إلى تهميش قطاعات واسعة من الجماهير. كما كانت هذه العوامل وراء تفشي حالات الفساد والإثراء غير المشروع، ونهب الأموال العامة وتهريبها للخارج.
وكان من الطبيعي، والحالة هذه، أن تتراجع الطبقة الوسطى في هذه البلدان وتتجه أوضاعها نحو التدهور والانهيار؛ وقد نجم عن تدهور الطبقة الوسطى آثار خطيرة وفي مقدمة هذه الآثار تدهور مستويات الدخول الحقيقية، والانخفاض السريع الذي حدث في مستويات معيشة هذه الطبقة الأمر الذي دفع أعداداً كبيرة من الناس للهجرة خارج الوطن بحثاَ عن عمل ذي أجر ومرتب أعلى، والتعرض لمشكلات الغربة والابتعاد عن الأسرة لفترة طويلة، وما نجم عن ذلك من مشكلات وأزمات عائلية وتربوية. أما الذين لم تتح لهم فرصة الهجرة، فقد اضطروا للبحث عن عمل إضافي بجانب عملهم الأصلي لكي يحققوا دخولاً إضافية، تعوض بعضاً من التدهور الحادث في مستويات معيشتهم. أما في حالة العاطلين من أعضاء الطبقة الذين سُرحوا من أعمالهم أو أنهم يدخلون سوق العمل لأول مرة، فقد اضطروا لقبول مزاولة مهن هامشية وأعمال يدوية الأمر الذي أدى إلى دخول أعداد كبيرة من هذه الطبقة إلى دائرة "الطبقة العاملة". ففي حالات كثيرة أخرجت كثير من الأسر الفقيرة أطفالها من المدارس ودفعت بهم إلى العمل المبكر في الورش والمحلات والشوارع للحصول على مصدر رزق إضافي، فزادت الأمية في المجتمع وتدهورت الخدمات الصحية نتيجة صعوبات العلاج وزيادة رسوم الخدمات الصحية والارتفاع الفاحش الذي حدث في أسعار الأدوية وخفض الإنفاق العام الموجه للصحة. كما أن تحرير التجارة وحرية تنقل رؤوس الأموال وخصخصة المشروعات والشركات الحكومية أدى إلى تقلص الدخل وإيجاد طابور جديد من البطالة والفقراء والمحتاجين الذي كانوا بالأمس القريب من الطبقة الوسطى ومن ذوي الخبرات والمؤهلات العلمية الكبيرة. فمن كان يتوقع وخلال فترة قصيرة أن يسيطر رأس المال على قدرات وخيرات الشعوب حتى أصبحت الدول رهينة تدخل البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية التي أرهقت الحكومات والشعوب بتدخلاتها ونصائحها وتهديداتها وخصخصة وبيع كل شيء يتعلق بحياة وحاجات الفقراء والمحتاجين.
كل هذه الأمور التي تشير إلى آثار التدهور الذي حدث في أوضاع الطبقة الوسطى بالبلاد النامية وارتفاع درجة حرمانها ومعاناتها في مجال إشباع حاجاتها الأساسية تشير إلى المخاطر الجسيمة التي ستواجهها هذه البلاد في مجال التنمية البشرية التي باتت الآن أحد أهم مقومات النمو والتقدم.

طبقة وسطى عالمية!
لكن، في المقابل، يأتي تقرير البنك الدولي (آفاق الاقتصاد العالمي، 2007) ليُضيف إلى ما علمناه أمراً جديداً يحمل مفارقةً واضحة: إن الطبقة الوسطى، رغم كل المخاطر التي أشرنا إليها، تنتقل من المحلية إلى العالمية. فأفراد وشرائح هذه الطبقة ينتقلون من بلد إلى آخر، بالطائرات الأسرع من الصوت، أو يشتغلون وهم قابعون في أماكنهم، وحيث هم، يبعثون بناتج عملهم عبر الفضاء الفسيح، عن طريق الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) ومن خلال العمل عن بعد. إنهم الآن يعملون في مهنٍ جديدة، لم يعرفها آبائهم وربما لم تخطر على ذهن بشر: خدمات الحاسبات الآلية والاتصالات والطب والعلاج البيولوجي والهندسة الوراثية ومصادر الطاقة الجديدة والمتجددة. ورأس المال الذي يملكه هؤلاء الأفراد وتلكم الشرائح الاجتماعية ليس كأي رأس مال نعرفه وليس مالاً أو نقوداً، وليس بأرضٍ أو أرث وما هو بعقار أو بسهم طائر، عبر أسواق المال في شركة من شركات المساهمة؛ وأنما رأس المال الجديد هو العلم العصري القابل للتطبيق والمعرفة المتجددة والقدرة على الابتكار. إنه عصر المهارة، وهنا يشير البنك الدولي – في تقريره المذكور آنفاً – إلى أنه بحلول عام 2030 فإن مليار ومائتي مليون إنسان في البلاد النامية وهو ما يعادل 15% من أجمالي سكان العالم، سوف ينخرطون في سلك "الطبقة الوسطى العالمية" بينما لايزيد عددهم في الوقت الحالي عن 400 مليون. وتعرف الطبقة الوسطى العالمية، من الناحية الاقتصادية، حسب البنك الدولي، بأنها تضم الأسر المكونة من أربعة أفراد والتي تكسب مابين 16000 و 68000 دولار سنوياً، وفق طريقة الحساب المسماة بتعادل القوة الشرائية. على أن نشوء طبقة وسطى عالمية، ولو مجازاً، وتبلور سوق عالمية للعمل أساسها المهارة لا يعني حصول عولمة مفتوحة الفرص للجميع على قدم المساواة.


المصادر وإحالات للمزيد من القراءة
- محمد عبدالحميد، هموم مصر وأزمة العقول الشابة، تحرير أحمد عبدالله، مركز الجيل للدراسات الشبابية والاجتماعية، القاهرة، 1994.
- رمزي زكي، "وداعاً للطبقة الوسطى"، عالم الفكر، العدد 25، أكتوبر- ديسمبر 1996.
- أسامة العبسي، "مقبلون على كارثة حقيقية"، مجلة العرب الدولية، 18 أغسطس 2007.
- ياسر إبراهيم، "مجتمع في منحدر"، مجلة سطور، أغسطس1998.
- محمود عبدالفضيل، حوار مع المستقبل، كتاب الهلال، مارس 1995.
- أحمد أبو زيد، "انهيار الطبقة الوسطى"، مجلة العربي، العدد 585، يوليو 2007.
- مجلة الأهرام الاقتصادي، العدد 2015، 27 أغسطس 2007.
- تركي الحمد، "كي لا تتآكل الطبقة الوسطى"، في الرابط:
http://www.aawsat.com/leader.asp?section=3&issue=10400&article=419928