إنهم يحرثون في البحر!!
الجمعة, 19-أغسطس-2011
أفتتاحية صحيفة الثورة -

لم نتجنّ على الحقيقة حينما قلنا أن المجلس الذي أعلن عنه المشترك يوم أمس الأول قد ولد ميتاً، حيث لم تمض سوى ساعات على إعلان تشكيله، حتى توالت البيانات من قبل العديد من الشخصيات، منددة ومستنكرة إقحام أسمائها في قوام هذا المجلس المزعوم، نافية أي علم لها بهذا التشكيل، مؤكدة أنها فوجئت بورود أسمائها ضمن قوام ذلك المجلس رغم عدم اقتناعها به وعدم مشاركتها في ما تسمى بالجمعية الوطنية التي قيل أن المجلس إياه قد انتخب منها.
واستغربت هذه الشخصيات كما هو حال بعض الأحزاب مثل حزب رابطة أبناء اليمن - رأي- والجبهة الوطنية الديمقراطية، مثل هذه الجرأة التي تجلت في سيناريو الإعلان عن التشكيل من قبل أحزاب اللقاء المشترك، وعلى النحو الذي بدت فيه هذه الأحزاب وكأنها صارت وصية على الشعب اليمني ومكوناته السياسية والحزبية، بعد أن فرضت وصايتها على الشباب، وقامت بسرقة مشروعهم التحديثي وحولت الساحات التي يعتصمون فيها إلى ساحات لإذكاء الفتن والأحقاد والضغائن ونزعة الانتقام والخصومات السياسية.
بل أن ردود الفعل على هذه الفرقعة الإعلامية، كما أرادها أصحابها، كشفت المستور وأظهرت أن أحزاب المشترك تلهث وراء السلطة وبأية وسيلة كانت وبأي ثمن يدفعه الوطن، فما يهمها هو القفز إلى كراسي الحكم بصرف النظر عن العواقب المدمرة التي ستنجم عن تصرفاتها الانقلابية وخططها التآمرية، وما سيحيق بالبلاد من الكوارث والويلات والمآسي.
وإذا كانت أحزاب المشترك تتعامل بهذه العقلية التآمرية مع شركاء لها في العمل السياسي والحزبي ومع شخصيات سياسية وحزبية واجتماعية تندرج ضمن قوام النخبة في المجتمع اليمني، فكيف سيكون تعاملها مع الشعب إذا ما وصلت إلى سدة الحكم، وهو أمر مفزع خاصة وأن هذه الأحزاب تضع نفسها بديلاً للنظام القائم وتتحين اللحظة لبلوغ هذا الهدف بأية وسيلة كانت.
والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف ستحكم هذه الأحزاب وهي التي لا تلتزم بأخلاقيات السياسة ولا تحترم الرأي الآخر ولا تضع اعتباراً لتوجهات غيرها، ولا تتردد في انتهاك الدستور والقوانين وممارسة أعمال الوصاية دون أن يفوضها أحد؟
ومتى ندرك قيادات هذه الأحزاب المهووسة بالسلطة أن بناء اليمن لا يمكن أن يتم بالتضليل والشعارات الزائفة، ولا بالتحريض على أعمال العنف وإشاعة الفوضى والتخريب وضرب أبراج وخطوط الكهرباء ، ولا بنشر الفتن بين أبناء الوطن الواحد، ولا بإطلاق الفتاوى التي تفتئت على الدين لأهداف سياسية وحزبية؟
ومتى تعي هذه القيادات الحزبية التي تعمل في إطار قاعدة «الغاية تبرر الوسيلة» أن بناء اليمن لا يمكن أن يتم من نافذة الأوهام التي عشعشت في عقولها أو عبر نشر فرق الاغتيالات وحفر الفنادق وإقامة المتاريس في الشوارع والأحياء، وسفك دماء الخصوم السياسيين، ومحاربة الشعب في عيشه واحتياجاته وفرض العقاب الجماعي عليه؟
ومتى تستوعب قيادات أحزاب اللقاء المشترك أن الوصول إلى السلطة لا يمكن أن يتأتى من خلال النعيق في الفضائيات والعبارات البذيئة والإساءات المردودة على أصحابها وأن الوصول إلى السلطة يقتضي من هذه القيادات التصالح مع الشعب واحترام إرادته وتمثل خياراته الوطنية وعدم التعالي عليه، وكسب ثقته وأصواته في صناديق الاقتراع، وأنه وبدون السير في هذا الطريق ستظل تلك القيادات الحزبية، كمن يرى السراب ماءً، أو كمن يحرث في البحر.