ما يعول على وجهاء اليمن
الثلاثاء, 16-أغسطس-2011
أفتتاحية صحيفة الثورة -

في ظل الاحتقان القائم والتداعيات الخطيرة التي أفرزتها الأزمة السياسية التي يمر بها الوطن اليمني، منذ أكثر من سبعة أشهر، لم يكن مفاجئاً أن تتداعى القبائل اليمنية من مختلف المحافظات والمديريات على طول وعرض الساحة الوطنية إلى مؤتمرٍ حاشدٍ يعقد اليوم بصنعاء بمشاركة أكثر من أربعة آلاف شخصية بهدف الوقوف على الأوضاع الراهنة وسبل الخروج من الأزمة القائمة، وتجنيب الوطن الانزلاق في أتون الصراعات الدامية التي سيكون ثمنها باهظاً وكارثياً على كل اليمنيين وأجيالهم القادمة.
وبكل تأكيد فإن تداعي هذا العدد الكبير من مشايخ ووجهاء وأعيان اليمن، فرضته ضرورات وطنية ومُلحة، كما جاء في طرح اللجنة التحضيرية للمؤتمر قبائل اليمن مساء أمس في مؤتمرها الصحفي، مشيرة في هذا الصدد إلى أن الأزمة السياسية بين الفرقاء في السلطة والمعارضة وصلت حدّاً لم يعد السكوت معه مجدياً في انتظار الحلول التي لن تأتي إلاَّ من اليمنيين أنفسهم، وأنه لهذه الغاية التأم هذا الجمع الذي لم يحركه حزبٌ أو سلطة أو فريق أو جماعة، بل دافعه الأول والأخير كما هو واضح هو الحفاظ على اليمن وحمايته من أي مخططات تسعى إلى تمزيق أوصاله وتفتيت تماسكه والعبث بوحدته الوطنية والسير به نحو الصوملة أو الأفغنة، وتحويله إلى ساحة تتقاذفها الأهواء السياسية والمطامع الشخصية والمصالح الذاتية والأنانية.
ومثل هذه الأهداف لاشك وأنها أعطت لهذا المؤتمر أهمية بالغة واستثنائية لدى جميع اليمنيين، مما جعلهم يعلقون آمالاً كبيرة على النتائج التي سيتمخض عنها هذا المؤتمر، خاصة وأن بوسع هذا الجمع من مشايخ ووجهاء وأعيان اليمن القيام بدور فاعل ومؤثر في حلحلة الأزمة ووقف تداعياتها ودفع أطرافها إلى التوقف عن تصفية الحسابات السياسية في ما بينها على حساب أمن واستقرار الوطن وسلامته وسكينته العامة، باعتبار أن اليمن ملك لجميع أبنائه الذين يصل تعدادهم إلى 22 مليون إنسان وليس ملكاً لهذه الأطراف. كما أن اليمن أكبر وأسمى من أن يفصله هذا الطرف أو ذاك على مقاسه، أو يدعي الوصاية عليه أو على شعبه الحرِّ الأبي.
ويزداد هذا المؤتمر أهمية على أهميته لكونه يستند إلى مصفوفة من العناوين العصرية التي تتفق على حتمية الديمقراطية ومبدأ التداول السلمي للسلطة وقيم الحرية المترجمة لإرادة الجماهير، وحقها في اختيار حكامها عن طريق الانتخابات الحرة والنزيهة، وفي ذلك تجسيد حي لحقيقة أن اليمنيين جميعاً صاروا يجمعون على أن الديمقراطية هي الخيار الأسلم للنأي بالوطن عن الصراعات والانقلابات ودورات العنف الدامية، وأن الديمقراطية أيضاً هي الوسيلة المثلى لتعزيز الأمن والاستقرار وتحقيق النهوض التنموي والاقتصادي وإنجاز أهداف التحول الشامل.
وما يدعو إلى التفاؤل بأن مؤتمر القبائل اليمنية سيشكل نقطة مفصلية وقوفه أمام إحدى الوثائق الهامة التي تبرز مواقف كافة القبائل الرافضة لكل الممارسات والأفعال التي ينبذها الدين والأخلاق والتقاليد اليمنية الأصيلة، ومن هذه الممارسات والأفعال: الاعتداء على أبراج وخطوط الكهرباء، والتقطع في الطرق، والاعتداء على المرافق والمنشآت العامة والخاصة، والخروج على النظام والقانون، وإذكاء الفتن بين أبناء المجتمع الواحد، واستخدام العمل الحزبي للإضرار بالسلم الاجتماعي، وإلحاق الأذى بالمصالح العامة والنيل من مكتسبات الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية التي هي حق من حقوق الشعب.
وبقدر هذا الأمل والتفاؤل يتعمق الإحساس بأن مؤتمراً كهذا بمقدوره تأمين الضمانات التي تتكفل بتهيئة المناخات الصحية والظروف الملائمة لإعادة الأطراف السياسية في السلطة والمعارضة إلى طاولة الحوار، والخروج بالحلول العملية التي تغلب مصالح الوطن العليا على المصالح الحزبية والشخصية والذاتية، باعتبار أن الحزبية وسيلة وليست غاية. وذلك ما ينتظره الجميع من وجهاء اليمن.