لن نفرط في الوطن!!
الأربعاء, 03-أغسطس-2011
أفتتاحية صحيفة الثورة -

وصلت الأزمة السياسية التي يمر بها الوطن اليمني منذ عدة أشهر مرحلة شديدة الخطورة والتعقيد، وذلك بفعل إصرار البعض على إغراق البلاد في مستنقع العنف والفوضى والانفلات والصراع الدامي الذي يأكل الأخضر واليابس ويضع اليمن على كف عفريت.
وفي ظل هذا التدهور الحاصل ما يزال الأمل أن تعي القوى الانقلابية التي عمدت في الآونة الأخيرة إلى تأجيج الأوضاع وتأزيمها بشكل استفزازي، أن ما تقوم به من حماقات كالاعتداء على النقاط الأمنية ومعسكرات القوات المسلحة ونشر المليشيات في بعض المدن والمناطق لتعميم الفوضى وإشاعة الخوف والذعر في صفوف المواطنين، ناهيك عن قطع الطرق وتخريب شبكة الكهرباء وغير ذلك من التجاوزات والممارسات الخاطئة وغير المسؤولة، إنما هي تصرفات تندرج في إطار اللعب بالنار، ولن يسلم من حرائقها إذا ما اشتعلت أحد في هذا الوطن بل أن هذه القوى الانقلابية التي انساقت إلى تسخير كل أدواتها وإمكانياتها من أجل إشعال الحرائق في منطقة أرحب ومدينة تعز وبعض المناطق الأخرى ستكون أول الهالكين وأول من يكتوي بهذا الاندفاع المحموم الذي يسعى إلى الزج باليمن في حرب أهلية ستكون وبالاً على الجميع ومن دون أي استثناء لأحد، وما يزال الأمل معقوداً على أن تدرك هذه القوى الانقلابية مثالب المضي في هذا الطريق المليء بالتعرجات والأشواك والمنحدرات، ولما من شأنه مراجعة نفسها وتصحيح مواقفها والعودة إلى جادة الصواب والرشد باعتبار أن العودة إلى الحق فضيلة، إذ لا معنى للمكابرة في هذا الجانب خاصة بعد أن فشلت هذه القوى في فرض مشروعها الانقلابي والذي وجد مقاومة شديدة من أبناء الشعب اليمني، الذين أعلنوا تمسكهم بالشرعية الدستورية ورفضهم لكل المحاولات الانقلابية، التي ظل البعض يراهن عليها لفرض الأمر الواقع وإعلان نفسه بديلاً عن النظام السياسي القائم، الذي جاء إلى الحكم عن طريق الانتخابات وصناديق الاقتراع وليس على ظهر دبابة أو عبر الانقلاب والفرض واغتصاب السلطة.
ولأننا نمر في مرحلة مفصلية سيتقرر عليها مصير مستقبل اليمن وأمنه واستقراره، فإن ذلك يستوجب من كافة أبناء اليمن موقفاً واضحاً وصريحاً في مواجهة طاحونة هذه الأزمة المركبة التي إذا ما استمرت فإنها ستعصف بهذا الوطن بما فيه وتقوده إلى مهاوي الضياع والانهيار والدمار الكارثي.
ومن هذا المنطلق فإننا معنيون جميعا بكبح جماح كل المخططات التي تسعى من خلالها القوى الانقلابية إلى نشر الفوضى وإذكاء الفتن بين أبناء الوطن الواحد، والتصدي لكل محاولاتها الرامية إلى تحويل اليمن إلى أفغانستان أخرى أو صومال آخر، لأنه إذا ما انتشرت الفوضى وعمت الفتن فلن يكون هناك مستفيد سوى تنظيم القاعدة وعناصره الإرهابية التي تتحين اللحظة للانقضاض على اليمن وإعلانه إمارة إسلامية، أما أولئك الانقلابيون فليس لديهم ما يؤهلهم لكي يكونوا البديل لأنه لا رصيد لهم يمكنهم من الوصول إلى السلطة ولو كانت لهم مكانة لدى أبناء الشعب لاستطاعوا أن يحوزوا على ثقتهم في صناديق الاقتراع.
ولن يكون اليمنيون إلاّ في مستوى هذه المسؤولية الوطنية ولن يتركوا أولئك الحمقى يعبثون بوطنهم أو يجعلون من هذا الوطن سلعة يعرضونها للمزاد، لأنه أسمى من أن يتحول إلى سلعة يتاجر بها أصحاب النفوس المريضة والضمائر الميتة والأوهام الزائفة والكاذبة.
وذلك هو ما برهنوا عليه في كل زمان ومكان وكانوا بحق نعم الأوفياء لوطنهم وتاريخهم ومبادئهم وثورتهم ونظامهم الجمهوري ووحدتهم ونهجهم الديمقراطي.