إنهم يَسْبحون عكس التيار!!
الأحد, 03-يوليو-2011
أفتتاحية صحيفة الثورة -

لا ندري لماذا يُصُّر البعض على أن تظل الأوضاع في الساحة الوطنية مأزومة ويغلب عليها طابع التوتر والقلق والاختلال والاضطراب، إلى درجة أنه وكلما شارف الوطن اليمني على الخروج من أزمة سارعوا إلى افتعال أزمة جديدة، ليظل هذا الوطن ينتقل من نفق إلى نفق آخر، بعد أن ابتلي ببعض السياسيين والحزبيين الذين لا يروق لهم العيش إلاّ في ظل الأزمات والفتن والأجواء المشحونة بالتوترات وأعمال الفوضى والتخريب، والانتهاكات الصارخة للسكينة العامة والسلم الأهلي وعوامل الأمن والاستقرار.
ولعلنا لا نبالغ إذا ما قلنا بأن هذا الصنف من السياسيين والحزبيين قد جعل من الديمقراطية والتعددية وحرية الرأي والتعبير، والتفاعلات التي تشهدها المنطقة العربية، ومنها اليمن، حصان طروادة الذي ما فتئ هؤلاء يستخدمونه لغاياتهم ومآربهم النفعية والانتهازية، الضيقة والأنانية، ومراميهم السياسية والحزبية، لتتحول الديمقراطية تحت هذا النزوع العبثي إلى مجرد أداة ووسيلة لتبرير أخطائهم بحق هذا المجتمع الذي لاشك وأنه يدفع ثمن تلك الأخطاء عبر ما يكابده من معاناة يومية طالت حياته بمختلف جوانبها.
وما يثير الدهشة والاستغراب في آن معاً، أن يظهر علينا مثل هؤلاء الذين يتلونون كالحرباوات، وهم يذرفون دموع التماسيح، ويتباكون على أحوال المواطنين جراء أزمة المشتقات النفطية وانقطاع الكهرباء، واختلال الأمن في بعض المناطق والمديريات، مع أنهم المتسببون الرئيسيون في تلك المعاناة، فمليشياتهم المسلحة هي التي ظلت تعتدي على خطوط وأبراج الكهرباء، بشكل منظم وممنهج، وبتوجيه مباشر من بعض قيادات أحزاب اللقاء المشترك، وبالذات التجمع اليمني للإصلاح - حزب الإخوان المسلمين- كما أن هذه المليشيات هي وحدها المتورطة في تفجير أنبوب النفط وقطع الطرق بهدف منع وصول قاطرات النفط والغاز إلى العاصمة والمحافظات.
وليس هذا وحسب بل أن العديد من الوثائق تؤكد أن أحزاب المشترك قد أوعزت لعناصرها المسلحة بنشر الفوضى وترويع المواطنين في عدد من المحافظات والاعتداء على رجال الأمن والقوات المسلحة بكمائن غادرة وهم يؤدون واجباتهم، ومثل هذه الحقائق لابد وأن يكتشفها الناس ويقفوا على تفاصيلها عما قريب.
وكما اتضحت حقيقة هذه الأحزاب ودورها في تغذية أعمال التخريب والتمرد في محافظة صعدة وبعض مديريات المحافظات الجنوبية، وأنها شكلت غطاء سياسياً وقانونياً لكل الخارجين على النظام والقانون، من قطاع الطرق واللصوص والقتلة الذين ارتكبوا مئات الجرائم بحق المواطنين من خلال سلب ممتلكاتهم ونهب محالهم التجارية والاعتداء على أعراضهم وسفك دمائهم، لابد وأن يكتشف الناس أن ما يكابدونه اليوم من صعوبات وأعباء جراء أزمة المشتقات النفطية وانقطاع الكهرباء وغير ذلك هي من صنع تلك الأحزاب، التي لم تكتف بكل الأهوال والكوارث التي تسببت فيها ويتجرع الوطن اليوم مراراتها، بل أنها وبمجرد أن شعرت أن ما راهنت عليه من معطيات التلحف بالاحتجاجات الشبابية رهان خاسر سارعت إلى تبني مشروع انقلابي جديد أسمته «المجلس الانتقالي» مع أن سواد الناس الأعظم يدركون أنها تريد به مجلساً انتقامياً من الشعب، وهو المشروع الذي مات قبل أن يولد، لكونه يتصادم مع حقائق الواقع الديمقراطي التعددي الذي يعيشه اليمن، فضلاً عن أن ذلك المشروع الميت يتعارض مع قيم التداول السلمي للسلطة المرتبط أصلاً بالمضمون الديمقراطي الذي تقوم عليه العملية السياسية.
ولاشك بأن أحزاب المشترك بتبنيها هذه الفكرة قد أفصحت عن فكرها الشمولي وثقافتها المناهضة للديمقراطية، وأنها تتحين اللحظة التي تعيد فيها اليمن إلى عهود الديكتاتورية والشمولية والتسلط والهيمنة على الرقاب، دون وعي بأن عجلة الزمن لا تعود إلى الوراء وأن الزمن هو زمن الديمقراطية وأن من يحلمون بإعادة إنتاج ثقافة الماضي إنما يسبحون عكس التيار.