الشركات المقفلة في اليمن وضرورات التحول الى مساهمة عامة
السبت, 18-أكتوبر-2008
الميثاق إنفو - يؤكد خبراء اقتصاديون ان خيار تحول الشركات العائلية ( المقفلة ) إلى شركات مساهمة عامة هو الضامن الوحيد للمحافظة على استمراريتها وأداء دورها في عملية التنمية وصمودها أمام التحديات المحلية والخارجية.
وطالبوا في تصريحات لوكالة الانباء اليمنية سبأ ويطالبون اصحاب الشركات العائلية بالتحرك سريعا لانقاذ شركاتهم من خطر الاندثار وانتهاء دوره حياه الشركة.‏
وتهيمن الشركات العائلية المقفلة على اداء الاقتصاد اليمني، حيث تفوق نسبتها كما يقول الخبير بالشئون الاقتصادية والمالية حسين حسن قعطبي الـ99 بالمائة من إجمالي الشركات المرخصة والعاملة في اليمن.. معتبرا ان ابرز التحديات التي تواجهها اليمن في مساعيها لإحداث تصحيحات وتعديلات هيكلية أساسية وسريعة في بناها الاقتصادية لتتواكب ما يشهده الاقتصاد العالمي من تغيرات وتطورات متلاحقة هي شركات المساهمة ذي الاكتتاب العام والتي بنهاية عام 2007 لم يتجاوز عددها 12 شركة، بعد أن تم تصفية اثنتان منها.
ويؤكد إن طرح شركات المساهمة المقفلة لشركات مساهمة -نسبة من رأسمالها للاكتتاب العام- ظاهرة صحية تستفيد منها الشركات المعنية ويستفيد منها الوطن والمواطن على حد سواء، وسيؤدي إلى خلق مجالات لتوظيف مدخرات الأفراد وتنمية دخولهم، وتوجيه المدخرات نحو مجالات استثمارية حقيقية تساهم في تكوين رأس مال وطني يوظف في المجالات الصناعية والتجارية والخدمية.
وبحسب الإحصاءات العالمية فان الشركات الخاصة التي تديرها وتمتلكها عائلات متوسط عمرها الافتراضي‏24‏ سنه وان الجيل الأول من أصحاب تلك الشركات هو الجيل القوي القادر علي الاستمرار بينما لا يستمر من تلك الشركات حتى الجيل الثاني إلا نحو ثلث تلك الشركات ونحو‏10 بالمائة منها يستمر حتى الجيل الثالث من أفراد العائلة.
وتظهر بيانات وزارة الصناعة والتجارة ان إجمالي الشركات المسجلة في اليمن وصل بنهاية عام 2007م إلى 3575 شركة بأنواعها المختلفة، منها 14 شركة مساهمة اكتتاب عام لا تشكل سوى أقل من نصف الواحد في المائة، من اجمالي الشركات المسجلة.
ويقول قعطبي " من 14 شركة اكتتاب عام في اليمن منها شركتان قد تمت تصفيتهما وشركة واحدة لا زالت تحت التصفية، و ما تبقى منها يكون 11 شركة.
وإذا اجتهدنا وقارنا وضع بيانات شركات الاكتتاب العام في اليمن بحسب هذه المعطية ووضعها قبل فترة عشرة سنوات مضت، سنتبين أن عدد هذه الشركات هو 11 شركة بنهاية 2007م، في حين انها كانت بنهاية 1997م
سجلت 8 شركات اكتتاب عام لدى الإدارة العامة للشركات بوزارة التجارة والصناعة، وهذا يظهر لنا أنه وخلال فترة عشرة سنوات ماضية (1997م - 2007م) لم تسجل سوى 3 شركات اكتتاب عام، وهذا أمر ملفت للغاية ينبغي على الجهة المختصة (وزارة الصناعة والتجارة) إجراء الدراسات للوقوف على أسباب ذلك التعثر الجوهري في قيام شركات المساهمة ذات الاكتتاب العام على الرغم من الجاذبية الاقتصادية والمالية التي تتمتع بها بشكل عام مثل هذه الشركات".
ويبين مدير عام الدين الداخلي وسوق الأوراق المالية بوزارة المالية حلمي عبدالجليل جازم ان الشركات المساهمة قادرة أكثر من غيرها في تنفيذ مشاريع استثمارية كبيرة تعمل على تحسين الاقتصاد ورفع كفاءتة وتوسيع قاعدة السوق الأفقية والرأسية.
وقال : تعمل الشركات المساهمة على حشد المدخرات وتحفيز عملية اندماج الشركات الصغيرة ذات الملكية الفردية لتكوين كيانات كبيرة قادرة على الإنتاج بكميات اقتصادية تدفع بعجلة الاقتصاد والتنمية إلى الأمام. كما
ان قدرتها (الشركات المساهمة) على الاستمرارية يعطي للاقتصاد استقرار أفضل ففي ظل الشركات المساهمة يمكن ان نرى انهيارات للإدارات او مجالس الإدارة وتغييرها او موت مؤسسيها او ذهابهم ولكن تظل الشركة قائمة.
وقدرة الشركات المساهمة على التجدد يبقيها قوية قادرة على العطاء دائماً مما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد الكلي.
وتتلخص مزايا تحول الشركات العائلية الى مساهمة اقتصادياً، بحسب قعطبي بتجنب الانهيار عند غياب الجيل الأول من المؤسسين وانتقال الملكية إلى الورثة وبالحصول على التمويل بشروط ميسرة نسبياً والاستفادة من مزايا الشركات المساهمة ذات الاكتتاب العام وخاصة إمكانية زيادة رأس المال لزيادة الموجودات الثابتة والمتداولة والاستفادة من الدعم الحكومي لاسيما في المجال الضريبي ورفع مستوى الإفصاح والشفافية من خلال زيادة الإفصاح الدوري مما يساعد في تدعيم الوعي الاستثماري لحملة الأسهم. واجتماعياً بتوسيع وتنامي الطبقة
الوسطى في المجتمع وما ينتج عن ذلك من تقدم وازدهار .
ويقول " المؤكد أن تحول شركات المساهمة العائلية ( المقفلة ) إلى شركات مساهمة اكتتاب عام ، قد أصبح ضرورة وليست خياراً رغم صعوبة اتخاذ القرار للمؤسسين، فيما إذا كانت راغبة في الاستمرار ومواجهه التحديات وأهمها الثورة التكنولوجية واتفاقية منظمة التجارة العالمية ( اتفاقية الجات ) وظاهرة الاندماج ومنافسة الشركات متعددة الجنسيات والعولمة ، وما يترتب على ذلك من ضرورة وإحداث تحول ديناميكي وجوهري في تركيبة وأداء الشركات الصناعية والتجارية والخدمية تتناسب مع مبدأ الشفافية وحوكمة الشركات وتوسيع أنشطتها ومبادئ عملها.
ويؤكد استاذ الاقتصاد المساعد بكلية التجارة جامعة عمران الدكتور مطهر لمخلافي ان شركات الاكتتاب العام التساهمية من التنظيمات المالية و الاقتصادية ذات الكفاءة التي يمكن من خلالها، إقامة كيانات إقتصادية كبرى ينجم عنها توسيع الطاقات التمويلية والاستيعابية للاقتصاد الوطني ورفع معدلات تشغيل القوى العاملة وتنويع مصادر الدخل وتوطين التقنية وتأهيل الاقتصاد الوطني للتكامل والاندماج المعظم للمنافع على المستوى الأقليمي والدولي، و التغلب على جوانب القصور في القطاع الخاص وتاهيله للدور الإنمائي المناط به، إضافة الى الاستفادة القصوى من الموارد المتاحة محلياً وخارجياً وتضييق فجوة الموارد .
ويرجع مدير عام سوق الاوراق المالية أسباب عدم تحول الشركات المساهمة المقفلة الى شركات مساهمة مفتوحة الى تحديات داخلية تتعلق بالشركة نفسها واخرى خارجية تتعلق بالقوانين والحالة الاقتصادية للبلد.
ويلخص اهم التحديات الداخلية في ثقافة العائلة، وعدم وجود خطط وسياسات إستراتيجية طويلة المدى للشركات المساهمة المقفلة او عدم فاعلية تلك الخطط في حال وجودها مما يجعلها (شركة المساهمة المقفلة) تتخبط في مسارها، اضافة الى عدم وجود ضوابط داخلية لتلك الشركات تعزز مبدأ الشفافية وتحدد علاقة المدراء والملاك والمساهمين إما عن طريق إدخال برامج لحوكمة لتلك الشركات او تبني مبادئ أخلاقيات العمل فيها مما يجعلها عرضة لسوء الاستغلال من قبل القائمين على إدارتها.
ومن التحديات الخارجية كما يقول جازم : الإخفاقات التي طالت عدد من شركات المساهمة المفتوحة في السابق وما خلق ذلك من انطباع بعدم إمكانية تطبيق نموذج الشركات المفتوحة في الوقت الحاضر، وبعض جوانب القصور في قانون الشركات فيما يخص شركات المساهمة المفتوحة او التحول الى شركة مساهمة مفتوحة، وكذا ضعف أجهزة القضاء وتطويل إجراءات التقاضي وحل المنازعات بالإضافة الى ضعف آليات تعزيز سلطة القانون في إنفاذ الأحكام القضائية، وعدم وجود قانون للأوراق المالية يهتم بتنظيم وتسهيل وتسريع علميات تبادل الأسهم والسندات للشركات من خلال سوق رسمية (بورصة أسهم وسندات) في بيئة من الشفافية والحماية للمستثمر.
ويورد الدكتور المخلافي عدد من العوامل لمعوقات أقامة شركات الاكتتاب العام التساهمية أهمها ضالة الوعي الاستثماري حول أهمية ودور شركات الاكتتاب العام التساهمية، وغياب سوق الأوراق المالية المنظمة،
والصعوبات الناشئة عن الإجراءات المطولة لتأسيس هذا النوع من الشركات.
شركات المساهمة وسوق الأوراق المالية
يتفق الكثيرون بان إنشاء سوق للأوراق المالية في اليمن غدت ضرورة حتمية لتسريع عملية التنمية وتحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي مما سيساعد على نشوء مشاريع اقتصادية كبيرة تستوعب الكثير من الأيدي العاملة ويخلق قناة جديدة للإنفاق الاستثماري ويشجع على نشوء العديد من المشاريع الإنتاجية الجديدة و توسيع المشروعات القائمة من خلال مدها بالأموال اللازمة.. غير ان البعض يرى إن إنشاء سوق للأوراق المالية في الوقت الراهن صعب كون معظم الشركات اليمنية عائلية ولم تتكون من خلال اسهم.
ويقول مدير عام سوق الأوراق المالية إذا كان سوق الأوراق المالية هو مرآه الاقتصاد وبوابته الرئيسية فان الشركات المساهمة هي الأداة الرئيسية التي تمكن السوق من أداء مهامه وتحقيق الغايات المرجوة منه خاصة الشركات المساهمة ذات الاكتتاب العام إذ لا يمكن تخيل سوق أوراق مالية بدونها.
ويضيف فبينما توفر الشركات المساهمة الأسهم والأدوات المالية الأخرى للتداول في السوق فان السوق يوفر لتلك الشركات القدرة على النمو والتوسع من خلال توفير المساهمين الراغبين في الشراء كما يوفر البيئة الملائمة لتداول تلك الأسهم وانتقال ملكيتها بين المساهمين بسهولة ويسر في جو من الأمان والشفافية.
ويشير قعطبي الى ان غياب سوق نظامية لتداول الأوراق المالية في اليمن، ادى الى ان تداول أسهم شركات المساهمة المكتتب بها يتم عبر بيعها إلى مساهمين آخرين في الشركة نفسها أو انتقالها إلى الورثة في حالة الوفاة،
ويتم ذلك دون القيام بتقييم أصول شركة المساهمة المعنية، بغرض تحديد القيمة السوقية للسهم الواحد المترتب عن هذا التقييم.
ويقول " الأمل معقود على قيام سوق لتداول الأوراق المالية في اليمن والمتمثل عرضها أساساً في الأسهم والسندات، والتي ستقوم بتقنين أوضاع هذه الأخيرة بصورة مفصلة وشفافة تحقق العدالة في مجملها".
ويؤكد مدير عام سوق الاوراق المالية ان سوق الأوراق المالية المزمع إنشائه في اليمن يشكل فرصة للشركات المساهمة حيث تعتبر الشركات المساهمة بحكم تكوينها واليه عملها وأهميتها كأداة رئيسية لسوق الأوراق المالية تعتبر الأوفر حظاً للإدراج في السوق.. مشيرا الى انه في ظل وجود عدد محدود للشركات المساهمة (180 شركة) إلا اننا نظل نتفاءل بان العدد مهما كان صغيراً فانه يكون واعداً لإنشاء سوق الأوراق المالية.
ويعرب عن تطلعه ان تكون هناك 10-15 شركة مساهمة مقفلة جاهزة للتحول الى اكتتاب عام في سوق الأوراق المالية عند إطلاقه بالإضافة الى وجود 10 شركات مساهمة مفتوحة.. مؤكدا ان النظرة لإنشاء السوق لا ترتكز فقط على أساس العرض والطلب وإنما ترتكز أيضا على الرؤية المستقبلية للتأثير الايجابي الذي سوف يحدثه السوق على الاقتصاد الوطني وعلى المواطن للمدى القصير والمتوسط والبعيد.
وقال" لهذا فان التركيز في الوقت الحاضر ينصب على شركات المساهمة المقفلة وشركات الاكتتاب العام لتجهيزها للإدراج في سوق الأوراق المالية الذي سيمكنها من الحصول على التمويل المناسب لتنمو وتتوسع أفقيا ورأسياً".
ويقترح قعطبي أن على وزارة الصناعة معرفة اسباب العزوف عن تحول الشركات المقفلة إلى شركات مساهمة ذات اكتتاب عام أو إنشاء شركات مساهمة من نفس النوع، وتلمس أوجه المعوقات أو الصعوبات التي تواجه ذلك ، وذلك عبر إجراء الدراسات الموضوعية والرصينة لتنفيذ ذلك الأمر، وكذا مواصلة جهود إقامة سوق لتداول الأوراق المالية في اقرب وقت ممكن ، لما يترتب عن ذلك رفع درجة الإفصاح وشفافية تشجع على تحول الشركات المقفلة إلى شركات مساهمة باكتتاب عام وكذلك قيام شركات مساهمة باكتتاب عام جديدة.
ويشير الدكتور المخلافي الى ان تشجيع جهات الاختصاص الحكومية على انتشار وسيادة الشركات المساهمة (اكتتاب عام) في القطاعات الاقتصادية المختلفة المساهمة الكبيرة في تحقيق التسريع في إقامة قاعدة اقتصادية ، وتوليد فرص عمل مستديمة ومتجددة ، وتنويع مصادر الدخل القومي ، وتصحيح الاختلالات الهيكلية في بنيان الاقتصاد الوطني ، وتوفير البنية الملائمة لاستثمارات المغتربين اليمنيين ، والتقليل من الآثار الاقتصادية السلبية للعولمة.
وبالنسبة للقطاع الخاص فيؤدي تبنية لشركات الاكتتاب العام إلى تمكينة من مواجهة جوانب القصور التي يعاني منها، وتوظيف الأرصدة الفائضة لدى القطاع المصرفي، وإقامة المشروعات الاقتصادية كثيفة راس المال في
القطاعات الإنتاجية والواعدة ، والحصول على التقنيات ذات التكاليف المرتفعة .
ويؤكد المستشار المالي محمد زهدي مجني أن تحويل تحول الشركات الى مساهمة عامة يرتب على كاهل المسئولين في وزارة الصناعة والتجارة ومجالس الإدارات لغرف التجارة والصناعة ومسؤولي الخطط الإقتصادية والتمويلية في وزارة التخطيط وهيئة الإستثمار ووزارة المالية المسؤوليات المباشرة عن توفير برامج العمل المناسبة لدعم إجراءات التحول .. وتوفير كافة أسباب النجاح بعد إزالة المعوقات .. وصولاً إلى الأهداف المرسومة والمخططة من زيادة أعداد وحجم الأموال المستثمرة في الشركات المساهمة ـ إكتتاب عام .
ويذكر ضمن سرده للمسؤوليات المشتركة مراجعة كافة القوانين الإقتصادية النافذة وتعديلها بإزالة كافة النصوص التي تتعارض أو تمنع تحول الشركات وإضافة كافة النصوص وأحكام المواد التي تشجع التحول للشركات، وتحديث التشريعات والقوانين الإقتصادية النافذة بالمراجعة الهادفة لأحكامها لتأكيد الإستراتيجية والسياسة الإقتصادية للدولة، اضافة الى متابعة برنامج الخصخصة لشركات القطاع العام على إختلاف أنواعها والتأكيد على أهمية القطاع الخاص لقيادة العمل الإقتصادي الوطني واستراتيجياته ، وانسجام ذلك مع خطط وبرامج الدولة في التنمية الإقتصادية والإجتماعية وسواءً تم ذلك التحول إلى شركات مساهمة مختلطة ( عام + خاص ) أو إلى شركات مساهمة عامة قطاع خاص بالكامل .



سبأ