الحوار هو الحل..!!
الاثنين, 16-مايو-2011
أفتتاحية صحيفة الثورة -
تتركز جهود الأطراف السياسية على الساحة الوطنية حول إنجاح المبادرة الخليجية لمعالجة الأزمة الراهنة التي تواجه اليمن. وذلك انطلاقاً من الاتفاق على الآلية التنفيذية لهذه المبادرة، التي لاشك أنها جسدت حرصاً أخوياً من قبل الأشقاء الذين أدركوا أن أية مبادرة لا تركز في جوهرها على صيانة وحدة اليمن واستقراره وأمنه والحفاظ على سلمه الاجتماعي ونسيجه الوطني، قبل أي شيء آخر، ومن ذلك البحث في سبل ووسائل انتقال السلطة بطريقة سَلِسَةٍ وسلمية ودستورية، ستكون في نظر كل اليمنيين مبادرة ناقصة أو منقوصة، ولا تعبر عن تطلعاتهم وآمالهم.
ومن خلال هذا الحرص الأخوي والمسؤول الذي تحلى به الأشقاء في تعاطيهم مع الأزمة الراهنة في اليمن، تتواصل المساعي والجهود المبذولة من قبل معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني، لما من شأنه نزع فتيل الاحتقان السياسي. ودفع الأطراف السياسية إلى التوافق على الآلية الملائمة والمناسبة لتنفيذ المبادرة الخليجية، وبما يهيئ لها كل فرص النجاح ويجنبها تباين التفسيرات لبنودها وخطواتها، وينأى بها عن الاجتهادات والرؤى الانتقائية التي قد تحولها إلى مأزق أكثر ضراوة من الأزمة التي يتوخى الأشقاء من خلال هذه المبادرة إيجاد مخرج لليمن منها.
وبصرف النظر عن الموقف المتذبذب لأحزاب اللقاء المشترك تجاه هذه المبادرة والذي يراوح بين الارتباط السياسي والقراءة المبتسرة لبنودها، لابد من الإشارة هنا إلى أن المبادرة بحد ذاتها تمثل فرصة كبيرة لرأب الصدع وتحفيز الأطراف السياسية على العودة إلى طاولة الحوار للاتفاق على آلية التنفيذ والانطلاق صوب المستقبل، على أساس من الشراكة الوطنية والثقة المتبادلة وروح الإخاء التي ينتصر فيها الجميع لليمن وأمنه واستقراره ووحدته ومصالحه العليا، ويجعلون اليمن فوق كل اعتبار.
ونعتقد أنه ليس من مصلحة أحزاب اللقاء المشترك التمسك بموقفها المتعنت من هذه المبادرة لأشقاء اليمن، باعتبار أن حساسية الوضع على الساحة الوطنية وما ينطوي عليه من تعقيدات كبيرة يقتضي من هذه الأحزاب استيعاب حقيقة أنها ستتحمل مسؤولية فشل هذه المبادرة والجهود التي يبذلها الأشقاء، وأنها ستتحمل تبعات ما ينجم عن لجوئها إلى التصعيد والتحريض على أعمال العنف والتخريب وزعزعة الأمن والاستقرار والاعتداء على المرافق والمؤسسات العامة والممتلكات الخاصة، وحدوث أية فتنة أو توترات تفضي إلى نشر الفوضى والانفلات الأمني، وتفتيت النسيج الاجتماعي.
ولأن عواقب أية مغامرة أو مقامرة ستكون كارثية على الوطن وأبنائه جميعاً، وفي الصدارة منهم قيادات أحزاب اللقاء المشترك التي ما تزال، مع الأسف الشديد، تبني مواقفها على سيناريوهين، الأول يقوم على منهجية العناد والمكابرة حيال التعامل مع المبادرة الخليجية، والثاني يعتمد على أسلوب تثوير الشارع والزج بالشباب في مواجهات عبثية وتقديمهم وقوداً لهذه المواجهات، وهو ما يبدو واضحاً للعيان اليوم، حيث صارت هذه الأحزاب تتعامل مع أولئك الشباب المغرر بهم في ساحات الاعتصامات بأسلوب التضليل والإغواء، ليتسنى لها دفعهم إلى محارق الموت، والمتاجرة بدمائهم، ودون أن يرفّ لها جفن جراء الانعكاسات الناجمة عن هذه اللعبة الخطيرة التي يدفع الشباب ثمنها من أرواحهم ودمائهم.
وسواء كان موقف أحزاب اللقاء المشترك من المبادرة الخليجية نابعاً من ارتباك سياسي نتيجة فشلها في إقناع الشارع اليمني بطروحها، أو بفعل انتهازية سياسية صرفة، فإن عليها أن تعلم علم اليقين أنه لا حل للازمة الراهنة إلا من خلال الحوار والتوافق حول الآليات المناسبة لتنفيذ المبادرة الخليجية، وتحكيم العقل واستيعاب أن هذا الوطن وطننا جميعاً، وأن علينا أن نصونه بحدقات عيوننا، بعيداً عن الممارسات الطفولية والأطماع الذاتية والأهواء والرغبات الأنانية، والسباحة عكس التيار، وأساليب التضليل والزيف والخداع التي لا تعبر سوى عن استخفاف بعقل ووعي هذا الشعب، الذي صار يميز بين الغث والسمين وبين الصادق والمراوغ