لكي تنجح المبادرة !!
الأحد, 15-مايو-2011
أفتتاحية صحيفة الثورة -

منذ اللحظة الأولى لإعلان الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي عن مبادرتهم لحل الأزمة الراهنة في اليمن رحبت القيادة السياسية ممثلة بفخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية بجهود ومساعي الأشقاء لرأب الصدع بين الأطراف السياسية، وبما يحافظ على أمن واستقرار ووحدة اليمن، باعتبار أن ما يهم اليمن يهم أشقاءه في دول الجزيرة العربية والخليج بحكم الجوار الجغرافي وتشابك المصالح والترابط الأسري والاجتماعي القائم بين أبناء الشعب اليمني وإخوانهم شعوب المنطقة الذين يجمعهم المصير الواحد.
وبقدر اعتزازنا بمساعي الأشقاء وحرصهم على سلامة اليمن وخروجه من الأزمة الراهنة بأقل التكاليف والخسائر، فإننا وبالقدر نفسه يهمنا أن تتوفر لهذه المبادرة الأخوية سبل النجاح وأن تتهيأ لها كل الفرص الممكنة لتجاوز مصاعب التنفيذ التي قد تعترض طريقها، وهو ما يستدعي إيجاد آلية لهذه المبادرة تحدد إجراءات التنفيذ وأزمنة تنفيذ بنودها بحسب أولوياتها، إذ أنه وبدون تنفيذ مبادرة الأشقاء كمنظومة متكاملة وبعيداً عن أي انتقائية فلن ينعدم من يسعى إلى إخضاع هذه المبادرة لأمزجته وأهوائه واختيار ما يحلو له منها وترك ما يندرج في إطار الالتزامات عليه.
ولأن المبادرة هي في جوهرها منظومة متكاملة فإنها تفقد مدلولها ومضمونها الأساسي إذا ما خضعت للتحوير أو جرى تنفيذها حسب الأهواء والرغبات، كأن يتم الانتقال من بند على حساب البند الأول أو القفز من فقرة إلى فقرة أخرى دون مراعاة أن هذه المبادرة يجب أن تنفذ كاملة ودون اجتزاء أو انتقاء أو تلاعب.
وتصبح هذه المسألة أكثر حتمية لإنجاح المبادرة إذا ما علمنا أن هناك من يختزل المبادرة بأكملها في نقطة محددة وبند واحد هو تسليم رئيس الجمهورية للسلطة فيما يهمل بقية النقاط والبنود التي من شأنها إخراج اليمن من حالة الاحتقان السياسي القائم وتجنيبه ويلات الحروب والفتن والتمزق الذي سيعصف بحاضره ومستقبله ويؤدي به إلى مهاوي الضياع والصراعات الدامية التي تأكل الأخضر واليابس، وتحول هذا البلد إلى ساحة تستبيحها الفوضى والانفلات وشريعة الغاب، ولذلك فقد حرص الأشقاء على أن تأتي مبادرتهم لإنهاء الانقسام السياسي وصيانة أمن واستقرار اليمن والحفاظ على وحدته ومكاسبه.
وفي إطار هذه الغاية جاءت تأكيدات رئيس الجمهورية على أنه من أجل مصلحة اليمن لن يتردد في تقديم أي تنازلات تخصه من أجل بلاده وشعبه، ومن ذلك الانتقال السلس والسلمي للسلطة.
وما يجب التنويه إليه في هذا الجانب أن هناك بالتأكيد من يسعى جاهداً إلى إفشال مساعي الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي، ووضع العراقيل أمام جهود القيادات الخيّرة التي يهمها بصدق خروج اليمن من أزمتها الراهنة، حيث وأن من يقومون منذ عدة أشهر، إن لم يكن من العام 2006م تحديداً، بالتحريض على أعمال العنف والتخريب وتعطيل مصالح الناس من خلال تسيير التظاهرات وإقامة الاعتصامات وتشجيع بعض عناصرهم على قطع الطرق وضرب أبراج الكهرباء ومنع ناقلات النفط والغاز من الوصول إلى المدن والمحافظات، لتغطية احتياجات الناس من هاتين المادتين، كما أن من يحرضون على الاعتداء ومهاجمة المصالح والمرافق العامة والممتلكات الخاصة وتكسير ونهب محتوياتها يستحيل أن يكونوا مع أي مبادرة لتحقيق الأمن والاستقرار وإنهاء الانقسام السياسي لأن ما يراهنون عليه هو أن يكون الشارع ملتهباً وأن تعم الفوضى وتتعطل مصالح الناس ويسود القلق والخوف وأن ينتشر البؤس والشقاء لاعتقادهم بأن ذلك هو السبيل الوحيد لتحقيق مآربهم في القفز إلى كراسي الحكم والوصول إلى السلطة بعد أن عجزوا عن بلوغ ذلك عبر صناديق الاقتراع.
ولقطع الطريق على من يريدون وأد مبادرة الأشقاء ويسعون بكل دأب إلى تحويل هذه المبادرة من مبادرة ترمي إلى الانفراج وإحلال السلام والاستقرار إلى أزمة تفضي إلى توسيع الاحتقان وزيادة حدة التأزم.
فإن وجود آلية لتنفيذ المبادرة هو الضمان الحقيقي لإفشال أي انقلاب أو محاولة للالتفاف على هذه المبادرة الأخوية أو التلاعب بها، حيث أنه وبوجود مثل هذه الآلية سيكون الحق بيّنا والباطل بيّنا وسيزول ما بينهما من الشبهات.
«فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض» صدق الله العظيم.