دلالات جمعة التسامح..!!
الجمعة, 25-مارس-2011
أفتتاحية صحيفة الثورة -

تدفق أبناء اليمن من مختلف مديريات ومحافظات الجمهورية على العاصمة صنعاء، للمشاركة في جمعة التسامح والتعبير عن مواقفهم حيال الأوضاع الراهنة، التي يمر بها الوطن، لاشك وأنه يحمل أكثر من دلالة وأكثر من مغزى وأكثر من معنى وطني.
فهو في الوقت الذي يجسد التزام اليمنيين بقيم التسامح، وارتباطهم الوثيق بهذه القيم السامية والحضارية التي توارثوها أباً عن جد وجيلاً بعد جيل، فإن مثل هذا الاحتشاد الجماهيري والشعبي التلقائي غير المسبوق يعكس حرص اليمنيين على ألا تؤدي بهم الخلافات السياسية إلى أتون فتنة داخلية، تعصف بوطنهم، وتدفع به إلى منزلق خطير لا يعلم إلاّ الله أين ستنتهي مآسيه وكوارثه المدمرة.
وإلى جانب هذا وذاك فإن هذا الاحتشاد الضخم يؤكد على استشعار الأغلبية الصامتة من أبناء المجتمع اليمني أن انكفاءها بعيداً عما يجري، ترك الساحة مفتوحة أمام الأقلية للهيمنة على المشهد، ومحاولة فرض خياراتها السياسية وركوب موجة الاعتصامات الشبابية، بغية فرض أجندتها على إرادة الغالبية العظمى، التي تعززت لديها القناعة بأن بعض القوى السياسية والحزبية التي سلبت الشباب مطالبهم المشروعة، التي أرادوا الوصول إليها من خلال الطرق السلمية، تسعى اليوم إلى وضع الوطن أمام منعطفات غير مأمونة.
ولإعادة الأمور إلى نصابها كان لابد وأن تتحرك هذه الغالبية وأن تغادر دائرة الصمت وأن تتجه إلى إسماع صوتها لأولئك الذين يتمترسون وراء بعض الاعتصامات التي يتجمع فيها بضعة آلاف أنه من المستحيل أن يتحكم بمصائر اليمنيين وأمنهم واستقرارهم وحاضرهم ومستقبلهم 1% أو حتى 10% من شعب تعداده "25 مليون" مواطن، فيما يتم إغفال رؤية السواد الأعظم من هذا الشعب، الذي يراد له أن يصبح رهينة لأهواء بعض الأحزاب والتيارات السياسية، التي تسعى جاهدة لاستغلال تعاطف بعض وسائل الإعلام وحماسها في تغطية مشهد الاعتصامات، للإيحاء للرأي العام الدولي بأن الشعب اليمني كله صار ثائراً على نظامه السياسي ورموزه التي لم تصل إلى سدة الحكم عبر الانقلاب أو على ظهر دبابة، وإنما عبر بيعة ديمقراطية وانتخابات حرة شهد لها العالم بالشفافية والنزاهة.
وما نتمناه أن تفضي جمعة التسامح إلى فهم كل أطراف المنظومة السياسية والحزبية على الساحة الوطنية لدورها المناط بها تجاه وطنها ومجتمعها، بعيداً عن الاستغلال الانتقائي لمضمون الديمقراطية والتعددية السياسية، وأساليب العناد والمكابرة والمصالح الذاتية والأنانية.
إذ أنه لم يعد مقبولاً وبعد مرور أكثر من عامين على الأزمة السياسية أن يستمر هذا الاحتقان، الذي صار يتهدد الواقع الاقتصادي والسلم الاجتماعي ووحدة وأمن واستقرار الوطن ومكاسب وإنجازات أبنائه.
كما أنه لم يعد مقبولاً التنكر لكل المبادرات التي قدمت بدافع الحرص الوطني على حقن دماء اليمنيين، والحيلولة دون سقوط وطنهم في مهاوي الفتن والفوضى والتوترات والصراعات، خاصة وأن تلك المبادرات قد انتصرت لمطالب الشباب المشروعة، إلا أن هناك من عمد إلى سحب البساط من تحت هؤلاء الشباب وسرقة ثورتهم السلمية، وتجييرها لحساباتهم الحزبية.
وحتى يسترد هؤلاء الشباب ما سُرق منهم، فقد جاءت دعوة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية لهؤلاء الشباب إلى تشكيل حزب خاص بهم، يعزز مشاركتهم في الحياة السياسية ودورهم في العملية التنموية والاقتصادية والاجتماعية، ويعبر عن فكرهم النقي وثقافتهم الشابة، ويصون آمالهم وتطلعاتهم وصفوفهم من أحزاب احترفت قياداتها ركوب موجة الأزمات والمتاجرة بقضايا الشعب على اختلاف قطاعاته وشرائحه، بما فيها قطاع الشباب، دون أن ترعى في ذلك إلاًّ ولا ذمة.