تنبهوا للفتنة!!
السبت, 19-مارس-2011
أفتتاحية صحيفة الثورة -
بقدر الحزن والألم والغصة التي نشعر بها جراء الأحداث المأساوية التي كان مسرحها يوم أمس حي جامعة صنعاء وما نتج عنها من ضحايا في الأرواح بين شهيد وجريح، بالقدر الذي نشعر فيه بحسرة شديدة وحرقة متناهية وقد سقط في تلك الأحداث عدد من اليمنيين بين شهيد وجريح في مشهد مؤسف يمس قيمنا وأخلاقياتنا كيمنيين والتي تأبى أن تراق دماء يمنية بأيد يمنية ويشهد الله أننا في هذا الموقف أكثر حزناً ليس فقط على من استشهدوا وانتقلوا إلى جوار الملأ الأعلى في أحداث الأمس ولكن على ما لحق بنا بفعل حمى التعصب الحزبي والثأر السياسي والتي كان من إفرازها أن حلت المقامرة محل العقل والممارسات المغامرة محل الاتزان والرشد والمنطق الصائب.
وبصرف النظر عمن هو المستفيد من وراء هذه الأحداث ومن أذكى نيرانها ومن تسبب في إشعال فتيلها وقام بصب الزيت على النار وسواء كان الدافع إلى ذلك إفشال الجهود الخيرة التي كان الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي يستعدون للقيام بها لرأب الصدع بين أطراف الحياة السياسية على الساحة اليمنية أو دوافع أخرى هدفها خلط الأوراق وجر اليمن إلى فتنة قاصمة تحرق الأخضر واليابس.. فإنه وحتى تظهر التحقيقات التي ستجريها اللجنة المشكلة من وزيري العدل وحقوق الإنسان والنائب العام وثلاثة أعضاء من أحزاب اللقاء المشترك هذا المستفيد فلابد أن يستشعر كل اليمنيين بمختلف فعالياتهم السياسية والحزبية والثقافية والاجتماعية أن وطنهم يمر بمفترق طرق ويتعين عليهم التعامل مع هذا الظرف الحساس والاستثنائي بمسئولية عالية ووعي كبير حتى يفوتوا الفرصة على كل من يتربصون بهذا الوطن ووحدته وأمنه واستقراره وسكينته العامة، مع الأخذ في الاعتبار الحقائق التالية:


إن ما حدث يبعد عن ساحة الجامعة أكثر من 3 كيلومترات وأن المشكلة قد حدثت في نقطة واحدة فقط، وهذا ينفي أي تخطيط رسمي لما حدث وأن من أهم الأسباب لهذا الحادث هو تلك التعبئة الفجة والخاطئة للشباب وهذا ما برز في خطبة خطيب ساحة الجامعة الذي جعل من الخطابة مكاناً للتحريض على العنف والفوضى، بالإضافة إلى تلك الأموال والمجاميع المسلحة التي زج بها حميد الأحمر إلى ساحة الاعتصام في صنعاء وغيرها لزرع الفتنة وتأجيج الأوضاع من أجل تحقيق مصالح أنانية مدمرة. نقول ذلك ليس من باب المزايدة أو الاستهلاك الإعلامي لكن انطلاقاً من الظروف الماثلة في الواقع اليوم والتي لاشك وأن هناك من ضعاف النفوس والحاقدين على هذا الوطن وأبنائه من سيسعى إلى استغلالها بالاستناد إلى ما جرى من أحداث يوم أمس لإشعال حرائق جديدة والزج بهذا الوطن إلى نفق مظلم وهو ما يتوجب التنبه والتيقظ له وذلك من خلال جعل مصلحة اليمن ملتقى أهدافنا ومنتهى غاياتنا فوق كل الاعتبارات والمصالح الحزبية والذاتية.
وبمنتهى الصدق فإن كل الحوادث المؤسفة والمؤلمة التي شهدتها بعض المدن اليمنية في الأسابيع الأخيرة ما كان لها أن تحدث لولا اندفاع البعض إلى أساليب التعبئة الحزبية الخاطئة دون وعي بالأخطار المترتبة على هذا الشحن الخاطئ على السلم الاجتماعي والنسيج الوطني.
ومنعاً لهذا المنحى الكارثي الذي قد تفضي تطوراته السلبية إلى إدخال البلاد في فتنة داخلية مدمرة فقد سارع مجلس الدفاع الوطني وانطلاقاً مما تمليه عليه المسئولية الوطنية إلى اتخاذ العديد من الإجراءات للحيلولة دون انزلاق اليمن إلى هاوية الفوضى والانقسام والتمزق والتشظي الداخلي الذي يتهدد وحدته الوطنية وسلمه الاجتماعي.
ومثل هذه الإجراءات تقتضي من جميع أبناء الوطن الالتزام بها من موقع المسئولية الوطنية وأولى السبل أن يكون الالتزام بالنظام والقانون كاملاً ومتكاملاً ومن دون انتقاص أو استثناء.
وفي ظرف كهذا فإن الحاجة ملحة لإتاحة الفرصة أمام لجنة التحقيقات لإظهار من تسبب في إزهاق أرواح ضحايا الأحداث يوم أمس والكشف عنه وإحالته إلى القضاء ليقول فيه كلمته، خاصة وأن ذلك أمر مهم للوقوف على خلفيات من يريدون إحراق هذا الوطن بما فيه بحيث يصبح الشعب على بينة، بعيداً عن تلك التناولات الإعلامية، التي تحاول إثارة العصبية الهوجاء بغية تكبيل اليمنيين بالشكوك وعدم الثقة في ما بينهم.
ونحسب أن لا أحد ? مهما كان- يمكن أن يقبل بما حدث يوم أمس من فعل آثم، أو يرضى بانغماس اليمن في فتنة مهلكة وفوضى مدمرة عواقبها وخيمة.
ويا أيها اليمنيون تنبهوا لفتنة ملعونة إذا ما اشتعلت فإنها ستلقي بكم إلى التهلكة، لتخسروا الوطن وتخسروا أنفسكم وحاضركم ومستقبل أجيالكم إن لم تخسروا معنى وجودكم في الحياة.