للوطن رجال..!!
الجمعة, 18-مارس-2011
أفتتاحية صحيفة الثورة -

مؤسف ومخجل أن تعمد أحزاب سياسية تدعي الدفاع عن قضايا المواطنين ومصالحهم إلى تحريض عناصرها والمنتمين إليها في محافظتي مارب والجوف على اقتحام بعض المرافق العامة، والاعتداء على أنابيب النفط، وقطع الطرق، واحتجاز القاطرات المحملة بمادتي الغاز والديزل، ومنعها من الوصول إلى محافظات الجمهورية، لليوم الثالث على التوالي لتغطية احتياجات المواطنين من هاتين المادتين الأساسيتين.
ومؤسف ومخجل أن تلجأ أحزاب اللقاء المشترك وتحديدا حزب الإخوان المسلمين "الإصلاح" إلى مثل هذا الأسلوب المتخلف لمعاقبة المواطنين ومنع حصولهم على احتياجاتهم من مادتي الغاز والديزل لا لشيء وإنما رغبة منها في معاقبة الشعب على مواقفه الرافضة للمسلك الانقلابي على الديمقراطية والشرعية الدستورية، والزج بالوطن في أتون الفتنة والعنف والفوضى من جهة، وإثارة البلبلة وخلق سوق سوداء تضاعف من متاعب الناس، وتعكر صفو حياتهم من جهة أخرى، اعتقاداً منها أنها بهذه التصرفات غير المسؤولة تنتقم من الحكومة والحزب الحاكم فيما هي في الحقيقة تنتقم من المواطنين الذين تدعي زوراً وبهتاناً أنها تدافع عن حقوقهم وتتبنى همومهم وتطلعاتهم.
ومؤسف ومخجل أيضاً أن تتجه أحزاب إلى تصفية حساباتها السياسية عبر شرعنة ثقافة التقطع والخروج على النظام والقانون والممارسات الفوضوية والغوغائية، والسلوكيات السلبية التي تتعارض مع حقيقة الدور الذي ينبغي أن تؤديه هذه الأحزاب كمؤسسات مجتمع مدني معنية بتكريس ثقافة الحياة المدنية المتحضرة.
ومؤسف ومخجل في ذات الوقت أن تصبح مثل هذه المسلكيات التخريبية والمتخلفة إحدى وسائل هذه الأحزاب، وأن تغدو ضمن فلسفتها الهادفة إلى نشر الفوضى والاضطرابات والفتن في هذا الوطن.
ومؤسف ومخجل كذلك أن يصير أمر فتح الطريق والسماح للقاطرات المحجوزة من قبل كوادر حزب الإخوان المسلمين "الإصلاح" محكوماً بإذن القيادات العليا لهذا الحزب، الذي وجه بذلك الفعل، أو باضطرار الدولة إلى التدخل أمنياً لوضع حدٍ لهذا العبث بمصالح الوطن والمواطنين.
ومؤسف ومخجل أن تترافق هذه التصرفات وقيام حزب الإخوان المسلمين "الإصلاح". بإصدار تعميم إلى خطباء المساجد التي يسيطر عليها هذا الحزب يتضمن محددات خطبة الجمعة، والموجهات التي ينبغي أن يعتمد عليها خطباء المساجد، والكيفية التي يتعين استخدامها لتأجيج مشاعر المصلين ودعوتهم إلى الإفتاء بمشروعية الخروج على الحاكم وعدم الطاعة له، ما يعني ضمنياً الإفتاء بمشروعية التخريب والفوضى والخروج على النظام والقانون، مع أنه ليس من الدين ولا من أخلاقيات العقيدة أن يتم استخدام بيوت الله لأغراض سياسية وحزبية.
إن ما يحيط بالمشهد السياسي اليوم من تجاوزات وممارسات غير مألوفة ولا مسؤولة باتت موضع استهجان واستنكار الغالبية العظمى من أبناء الشعب اليمني، الذين استشعروا ما تنطوي عليه مثل هذه الممارسات من مخاطر جسيمة على الوطن وأمنه واستقراره ووحدته وثوابته الوطنية.
ولذلك فقد أثبت هذا الشعب بمختلف فعالياته السياسية والاجتماعية والثقافية ومنظماته وهيئاته أنه لن يسمح لمثل هؤلاء المقامرين والمغامرين بزعزعة أمنه واستقراره وتماسك جبهته الداخلية، أو إحداث انقسام في صفوفه، أو تحويل الاعتصامات والتظاهرات من أداة للتعبير السلمي عن الرأي إلى وسيلة لإنهاك هذا الوطن والزج به في أتون الفتة والعنف، وإلحاق الأذى بكل مكتسباته وإنجازاته وتطلعاته في الحاضر والمستقبل.
وها هو هذا الشعب العظيم يقدم كل يوم درساً جديداً في وعيه وتلاحمه والتفافه حول قيادته السياسية بزعامة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية، الذي يعود إليه الفضل الأول في إعادة لحمة اليمنيين، وإقامة الدولة اليمنية الحديثة بنهجها الديمقراطي التعددي، الذي لولاه لما استطاع أولئك الناقمون والحاقدون والمدسوسون والواهمون والمقامرون أن يظهروا في العلن، وأن يصدحوا بدعواتهم وأفكارهم وتوجهاتهم الانقلابية على الديمقراطية والشرعية الدستورية.
لقد أدرك هذا الشعب بحكمته وحنكته ويقظته العالية أن كل أصحاب المشاريع الصغيرة والأجندات الخاصة والمشبوهة، الذين انساقوا وراء المراهنة على الفوضى والتخريب وتأجيج المشاعر في الشارع بدلاً من المراهنة على صناديق الاقتراع وقبة البرلمان وطاولة الحوار لطرح القضايا والمشكلات وإيجاد الحلول والمعالجات، لا يريدون بالفعل خيراً ولا أمناً ولا استقراراً لهذا الوطن، وأن ما يهمهم هو أنفسهم ومصالحهم وتحقيق مطامعهم بأي ثمن كان، حتى ولو كان هذا الثمن هو ضياع الوطن وإحراقه وهلاكه بمن فيه.
ومن هذا الوعي والإدراك نخلص إلى أن هذا الشعب العظيم سيظل وفياً ومنتصراً لوطنه وثورته ونظامه الجمهوري ووحدته وشرعيته الدستورية ونهجه الديمقراطي ومسيرته التنموية وتحولاته في شتى مناحي الحياة، وسيضع حداً لكل المتهورين ودعاة الفتنة والفوضى والمروجين لثقافة الكراهية والبغضاء، ولكل التجاوزات العبثية التي تستهدف مصالحه وكرامته ومشاعره وسلمه الاجتماعي وسكينته العامة وتطلعاته وآماله.
وسيعلم أصحاب الرهانات الخاسرة أن لهذا الوطن رجالاً عاهدوا الله على ألا يفرطوا بالمبادئ وأن التحديات مهما كانت لا تزيدهم إلا صلابة وعزيمة وإصرارا على مجابهتها والتغلب عليها.