غوغاء الشارع لا تحكم الدول
الاثنين, 14-مارس-2011
أحمد الجار الله - لغة الدم التي يحاول البعض في كل من اليمن والبحرين جر الحكومتين اليها لا تؤدي الى مكان, وهنا فقط على الدولة ان تتخذ الموقف المناسب الذي يمنع شعبها من تجرع هذه الكأس المرة لأن أول رشفة منها تعني الغرق فيها حتى الثمالة, وللعرب في ليبيا- حاضرا وقبلها العراق ولبنان- خير مثال على استسقاء الدم بالدم.
ان تكون هناك بعض المطالب الاصلاحية لتيارات سياسية هذا أمر مفروغ منه, وليس محل جدل في البحرين او اليمن, بل ان المنامة كانت أكثر قدرة على التقاط اشارة المطالب الشعبية, ووضعت حصان الحوار أمام عربة الاصلاح منذ البداية لتكون المسألة استكمالا حقيقيا لمسيرة البناء العصري للدولة البادئة بها منذ عقد من الزمن, ورغم بعض الانتكاسات كانت هذه العملية تسير وفق ما هو مرسوم لها, وتلبي ليس المطالب الشعبية فقط, بل تنسجم مع الرؤية الملكية للوطن الذي يستحق ان يكون منارة حضارية يعبر عن ماضيه بكل واقعية, إلا ان تعنت أقلية سياسية, يحاول البعض ان يلبسها عباءة طائفية ليقوض الدولة من الداخل, هو ما جعل الامور تأخذ المنحى الخطير الذي لن تقبله الغالبية الشيعية البحرينية, قبل اي طائفة أخرى, لأن تلك الغالبية أعلنت منذ زمن التزامها خط الدولة والولاء للملك وحكم آل خليفة, وهو الرد على معارضة متطرفة ليست سوى أقلية تمارس الارهاب في كل أشكاله لفرض ارادتها على الاكثرية الشعبية, قبل فرضها على الحكم.
لا بد من الاعتراف ان ثمة حاجة الى اصلاحات, وهي مسألة ليست سرا, ولم تكن وليدة اللحظة السياسية الحالية, بل مدركة منذ زمن, ولم تكن تحتاج الى التقليد التراجيدي لما حدث في تونس ومصر حتى يتذكرها كل من القيادتين البحرينية واليمنية, ولذلك وعلى مبدأ رب ضارة نافعة, من المفيد في هذه المرحلة تسريع الاجراءات التنفيذية للاصلاح في كل الدول التي تحتاج الى ذلك لقطع الطريق على التيارات الأقلية المتطرفة من العبث بالأمن القومي لدولها, وجعل التظاهرات قميص عثمان المناكفة والفوضى والكيدية السياسية, لكن قبل كل هذا من واجب الحكومات ان تطمئن غالبية شعبها المؤيدة لها الى المستقبل, وأن لا أقلية عالية الصوت المتطرف يمكنها ان تتحكم بمصير الدولة عبر ممارسة ديكتاتورية غوغائية الشارع والارهاب الفكري, والاستعانة بالخارج, فالدول التي خضعت لهذا النمط وقعت في فوضى لا يبدو ان نهايتها قريبة, وربما تحتاج الى عقود حتى تعود الى استقرارها.
"اذا اردت ان تطاع فاطلب المستطاع", هذه القاعدة القديمة تبقى صالحة لكل زمان ومكان, وهو ما يجب ان يدركه الذين يتاجرون بالاحتجاجات اذا كانوا فعلا يريدون إصلاحا في دولهم, أما اذا كانوا ينفذون أجندة خارجية فلا مفر للدول من مواجهتهم بما يضمن أمن الوطن وشعبه, ويمنع التهويل والترويع ويقطع دابر الفتنة, فالمعارضة الحقيقية عليها ان تأتي الى كلمة سواء وتجلس الى طاولة الحوار, لانها عاجلا او آجلا ستضطر للجلوس اليها, فالاوطان ومصائرها أكبر بكثير من المكايدة السياسية
* رئيس تحرير جريدة السياسة الكويتية
|