مبادرة للشعب
الجمعة, 11-مارس-2011
أفتتاحية صحيفة الثورة -

ليس غريباً أن تقابل المبادرة التاريخية التي أطلقها فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية يوم أمس بكل ذلك الاهتمام والأصداء الإيجابية داخل الوطن وخارجه، وأن توصف هذه المبادرة من قبل العديد من السياسيين والمفكرين والمراقبين والمتابعين بأنها "الثورة الثالثة" بعد الثورة اليمنية (26 سبتمبر و14 أكتوبر) وإعادة الوحدة اليمنية في 22 مايو عام 1990م، إن لم تكن هذه المبادرة بما تضمنته تمثل أهم ملمح للتطور السياسي تشهده المنطقة العربية على الإطلاق.
ولعل ما كان مثار استغراب وتعجب ودهشة لدى هؤلاء المراقبين والمتابعين والمهتمين وفقهاء علم السياسة أن تقابل هذه المبادرة وتوجهاتها الديمقراطية المتقدمة والعصرية التي تجاوزت بمسافة كبيرة سقف مطالب التغيير والإصلاحات في المنطقة بأسرها، بموقف انفعالي فيه الكثير من النزق من قبل أحزاب "اللقاء المشترك" مع أن ما حملته هذه المبادرة جاء متقدماً على ما كانت تنادي به وتطمح إليه هذه الأحزاب، والتي برهنت بهذا الموقف السلبي أنها تتحرك في نطاق مشروع غامض وغير واضح وغير مفهوم وليس من أولوياته إحداث تغيير إيجابي في اليمن، وأن ما تتذرع به من خلال دعمها للاعتصامات والتظاهرات وتثوير الشارع ليس سوى حلقة من حلقات ذلك المشروع الخفي الذي لم تفصح عنه حتى الآن رغم أن ملامحه تبدو واضحة للعيان ولهذا كان فخامة الأخ الرئيس واضحا وشفافا حين أكد أنه يعلم مسبقا بأن هذه الأحزاب لن تقبل هذه المبادرة لأن لها أجندتها ومشاريعها التي ستصيب الوطن في مقتل ولهذا توجه فخامته بمبادرته إلى الشعب مالك السلطة ومصدرها وصاحب المصلحة الحقيقية في الأمن والاستقرار وبناء الدولة الحديثة.
وتبرز تجليات الفكر الراقي في هذه المبادرة الجريئة والشجاعة وغير المسبوقة في أنها تعهدت بـ:
- إعداد دستور جديد يرتكز على الفصل بين السلطات ويستفتى عليه في نهاية هذا العام 2011م.
- الانتقال إلى النظام البرلماني بحيث تُنقل كافة الصلاحيات التنفيذية إلى الحكومة البرلمانية المنتخبة في نهاية العام الجاري وبداية العام القادم.
- تطوير نظام الحكم المحلي المعزز بكامل الصلاحيات والقائم على قاعدة اللامركزية المالية والإدارية وإنشاء الأقاليم اليمنية على ضوء المعايير الجغرافية والاقتصادية.
- تشكيل حكومة وفاق وطني تقوم بإعداد قانون جديد للانتخابات بما في ذلك الأخذ بنظام القائمة النسبية.
وليس هناك أبلغ من وصف أحد المفكرين العرب الذي اعتبر هذه المبادرة بأنها "إحدى تجليات الحكمة اليمانية في أنصع صورها" وأن أحزاب المشترك ستخطئ خطأ فادحاً إذا لم تسارع للتجاوب والتفاعل الإيجابي معها، خاصة وأن هذه المبادرة التي قدمها الرئيس علي عبدالله صالح "براءة للذمة" كما قال، لم تترك شيئاً يمكن لهذه الأحزاب أن تتحجج به أو تزايد عليه، حيث أنها ستغدو مطالبة بعد أيام قلائل بتقديم إجابات واضحة ومقنعة للرد على أسئلة كثيرة سيطرحها حتى أولئك الذين تحرضهم أو تستأجرهم للقيام بعملية الاعتصام والتظاهر لصالح مشاريعها، وكذا المؤسسات والمنظمات الدولية المهتمة بالشأن الديمقراطي اليمني إزاء ما تطالب به بعد هذه المبادرة، وحينها لن تجد الإجابة أو حتى ما تقنع به نفسها، بل أنها ستكون مسؤولة مسؤولية مباشرة أمام الله والشعب والرأي العام في الداخل والخارج عن أية تداعيات أو احتقانات أو أزمات أو فتن يشهدها الوطن اليمني.
وعلى هذه الأحزاب أن تعي جيداً أن أكثر من 53 ألفا من مختلف النخب والفعاليات السياسية والاجتماعية والثقافية والشبابية شدوا الرحال من جميع مناطق اليمن، شرقه وغربه شماله وجنوبه، لحضور فعاليات المؤتمر الوطني العام يوم أمس في استاد مدينة الثورة بصنعاء لم يهبوا هذه الهَبّة مدفوعين ببدل السفر كما قال القيادي في أحزاب "اللقاء المشترك" المدعو محمد الصبري لقناة "الجزيرة" في إساءة بالغة لكرامة هؤلاء الرجال والشخصيات الوطنية لم تقبلها حتى مذيعة القناة، وإنما شدوا الرحال مدفوعين بخوفهم على اليمن وقلقهم على أمنه واستقراره وخشيتهم على كل المنجزات والمكاسب التي تحققت بفضل تضحياتهم وتضحيات آبائهم على مدى مسيرة النضال الوطني، مؤمنين بالفعل أن الزعيم الذي بنوا معه هذه المنجزات طوبة طوبة لن يخذلهم في لحظة يبحثون فيها ومعهم كل اليمنيين على طول وعرض الوطن عن بارقة أمل تخرج وطنهم من عنق الزجاجة.
وقد كان لهم ذلك، فوجدوا قائدهم كما عهدوه حكيماً وحليماً وحريصاً أشد الحرص على اليمن ومصالحه العليا وسلامته وسكينته العامة.
ونشفق على أولئك الذين يَدّعون أنهم البديل الأفضل الذي سيأتي على يده الخير فيما هم يغذون الفتن والأحقاد والضغائن بين أبناء الأسرة الواحدة.. ولا ندري كيف سيكون حالنا عندما يحكمنا مثل هؤلاء؟!!.