الوطن هو الأهم.. !!
الاثنين, 07-مارس-2011
أفتتاحية صحيفة الثورة -

بعد أن وصلت حالة الاحتقان بين أطراف العملية السياسية والحزبية إلى مفترق طرق ينذر بأخطار جمة على الوطن وأمنه واستقراره ووحدته الوطنية ونسيجه الاجتماعي: كان لزاماً على القيادة السياسية أن تعود إلى الشعب باعتباره مصدر السلطة ومالكها وصاحب القرار الأول والأخير مثلما هو صاحب المصلحة في صون هذا الوطن وحمايته من أية انتكاسات أو أزمات تقذف به في مهاوي الفوضى والانفلات والفتن الدامية.
ومثل هذه الخطوة هي مَنْ تتجسد اليوم في دعوة القيادة السياسية لعقد مؤتمر وطني عام تشارك فيه مختلف الفعاليات السياسية والاجتماعية والشبابية ومنظمات المجتمع المدني وأعضاء مجالس النواب والشورى والمحليات وأصحاب الفضيلة العلماء والمشايخ والوجهاء والمفكرين والأكاديميين والمثقفين والأدباء والإعلاميين وقطاعات المرأة ومختلف فعاليات المجتمع، وذلك للوقوف أمام التطورات الراهنة التي يمر بها الوطن والخروج برؤى موحدة تضمن سلامة هذا الوطن والحفاظ على وحدته ومكاسبه التي تحققت له في ظل ثورته ووحدته ونهجه الديمقراطي.
وحتى ينعقد هذا المؤتمر الوطني ويلتئم ويحدد المسار الذي علينا أن نتبعه، فإن من الأهمية أن يستشعر اليمنيون جميعاً مسؤولياتهم تجاه وطنهم الذي تتهدده الكثير من العواصف والأنواء والأخطار، وأن هذه الظروف الشائكة والعصيبة تستدعي منهم أن يجعلوا الانتماء إلى اليمن فوق كل الانتماءات الحزبية والقبلية والعشائرية والمناطقية باعتبار أن اليمن هو بيتهم جميعاً ولا وطن لهم غيره ولا سقف يحتمون به غير سقفه.
كما أن على كل اليمنيين أن يدركوا أن هذه المرحلة ليست مرحلة الشعارات والمنابزات والمناكفات الحزبية، ولا مرحلة للمزايدات وتصفية الحسابات والثارات السياسية، وإنما هي مرحلة استدعاء الضمير الوطني والحكمة اليمانية والإيمان اليماني للعبور باليمن من أصعب المنعطفات والأزمات التي لم يسبق وأن جابهته في تاريخه المعاصر.
ولكي تنقشع هذه الغمة ويتجاوز الوطن هذا المنعطف والظرف الاستثنائي فإن الواجب أن يعي كل اليمنيين أن التغيير الذي يطالب به البعض والإصلاح الذي يرنو إليه البعض الآخر لن يتحقق إذا ما كان الثمن هو سقوط أو انهيار الوطن وحلت فيه الفوضى محل الاستقرار وشريعة الغاب محل النظام والدستور والقانون والهوى محل العقل والمنطق والقول الصائب.
كما أن الأخطاء والسلبيات وهي الموجودة في أي مجتمع كان، لا يمكن معالجتها بأخطاء أكبر وأفدح تودي بالوطن وأبنائه إلى حافة الانهيار.. كما أن أي إصلاح ننشده يستحيل بلوغ أهدافه عن طريق هدم المعبد فوق رؤوس الجميع!!.. وأي إصلاح يمكن أن يتحقق بالخراب وتدمير الوطن بأكمله؟!!.
وأياً كانت الخلافات والتباينات وتعارض المواقف بين الأحزاب والتنظيمات السياسية فلا يجوز بأي حال من الأحوال أن نجعل من هذه الأحزاب تقرر مصائرنا كيمنيين أو تدفع بنا إلى نفق مظلم لا نستطيع الخروج منه، فالأحزاب وجدت لبناء الوطن وتعميره والنهوض به، وليس لتمزيقه وتفتيت نسيجه الاجتماعي بين مؤيد ومعارض، وإثارة الصراعات والتوترات بين أبنائه على غرار حرب "داحس والغبراء" التي كان فيها الجميع ضحية العصبية المقيتة والجهل بمقاصد ونوايا من أشعلوا تلك الحرب القذرة.
حيث وأنه لا حاجة لنا بأحزاب لا تستوعب مسؤولياتها تجاه نفسها ووطنها ومجتمعها، ولا تعي من أين تبدأ وأين تتوقف، ولا تمتلك استعداداً للتنازل من أجل الوطن.. ونحسب أنه قد حان الوقت أن نقول لهذه الأحزاب أن الشعب اليمني ليس قطيعاً لا يعقل أو يعي إلى أين يُساق به، وأنها وبعد أن فشلت حتى في الاتفاق على كيفية التحاور في ما بينها والجلوس على طاولة الحوار، فالأحرى بها أن تترك هذا الشعب وشأنه لكي تتحاور أطيافه ونخبه وشرائحه المختلفة، وتقرر ما يحفظ لوطنها، الأمن والاستقرار، فليس هناك أهم من الأمن والاستقرار، وليس هناك أيضاً ما هو أهم من مصلحة اليمن.
وإذا ما أرادت هذه الأحزاب أن يحترمها الناس فعليها أن تجعل الأيام القادمة أياماً للأمل لا للغضب، وللتقارب لا للتباعد، وللسلام لا للعنف، وللمحبة لا للبغضاء، وللبناء لا للخراب.. وللوحدة لا للفرقة والشتات فذلك ما يحتاجه منها الوطن والشعب وليس غيره.