إنهم يغتالون حماس الشباب!!
الجمعة, 04-مارس-2011
أفتتاحية صحيفة الثورة -

لذين يستجدون الشارع عبر القنوات الفضائية ووسائل الإعلام لمؤازرتهم في مواقفهم وتوجهاتهم وسياساتهم الطائشة، التي يحاولون من خلالها إغراق الوطن في أتون الفوضى والفتن والصراعات الكارثية، ألم يسألوا أنفسهم: لماذا ابتعد عنهم الشارع ونأى بنفسه عنهم؟.. مما اضطرهم أخيراً إلى ركوب الموجة واستغلال حماس بعض الشباب، الذين بادروا للاعتصام أمام جامعة صنعاء بهدف التعبير عن أنفسهم وفتح قنوات للتواصل مع الحكومة لوضعها على همومهم وتطلعاتهم وذلك ما أدركته القيادة السياسية ووجهت الحكومة بتشكيل لجنة للحوار مع هؤلاء الشباب والاستماع إليهم وما يطرحون من رؤى وقضايا، والعمل على إيجاد الحلول لها في إطار أولويات الحكومة.
ولإيهام الآخرين بأن مثل هؤلاء السياسيين والحزبيين لهم تأثير في الشارع حرصت أحزابهم على الدفع بمجاميع من أعضائها المتخصصين في الهتافات والشعارات إلى داخل هذا الاعتصام، لإظهار حضورها المزعوم فيما هي في الواقع لا تملك سوى الميكرفونات والخيام التي تجرى فيها عملية ترهيب هؤلاء الشباب وممارسة الضغوط عليهم لتبني مواقفها، في الوقت الذي دفعت فيه بعض عناصرها الذين ينتمون لعدد من منظمات المجتمع المدني، ذات الدفع المسبق، للقيام بعملية غسل أدمغة بعض الشباب الذين يتربصون بهم على بوابات الجامعة والكليات ويقومون بجلبهم عن طريق الإغواء والتضليل إلى ساحة العمل الحزبي الانتهازي الضيق، مع أن هؤلاء الشباب المغرر بهم لا علاقة لهم من قريب أو بعيد بالأهداف التي تبحث عنها تلك القوى الحزبية، ولا رابط بينهم وبين ما تسعى إليه تلك القوى، وهو الأمر الذي اكتشفه الكثير من هؤلاء الشباب، الذين أدركوا أن هذه القوى والتيارات الحزبية قد أرادت أن تجعل منهم مطية لمآربها التي تهدف من خلالها إلى الانقلاب على الديمقراطية وعلى إرادة الشعب والقفز إلى السلطة، عبر بوابة الفوضى وأعمال التخريب وإشعال الحرائق وإذكاء الفتن والأحقاد والبغضاء والكراهية بين أبناء الوطن الواحد.
وانطلاقاً من وعي هؤلاء الشباب بدأوا بالانسحاب تدريجياً من هذا الاعتصام، رغم حالة التضييق التي يتعرضون لها، والدعايات المضللة والشائعات الكاذبة التي يبثونها في صفوفهم عبر ذلك البوق الشيطاني سيئ الصيت المسمى «سهيل» إضافة إلى القيود المفروضة عليهم من قبل ما تسمى باللجان الأمنية ومحاكم التفتيش التي شكلتها تلك القوى السياسية والحزبية من طلاب جامعة الإيمان داخل ساحة هذا الاعتصام، الذي لم نكن لنكتشف مآسيه لولا إفلات بعض الشباب الذين خرجوا إلى الرأي العام بروايات يندى لها الجبين، إلى درجة أن أحد الصحفيين الشباب، الذي كان معتصماً، وصف ما تمارسه تلك اللجان الأمنية ومحاكم التفتيش بالفاشية البشعة التي تتخلق داخل ساحة التغيير بحسب وصفه.
وما يجعل هذه الرواية المأساوية تكتسب مصداقية عالية أنها أتت من صحفي شاب لا ينتمي للحزب الحاكم وليس معروفاً بمجاملة النظام السياسي، بل أن كل كتاباته مكرسة لنقد هذا النظام.
وكم هو موجع ومؤلم أن من يستجدون الشارع في وسائل الإعلام ويدعون إلى حرية الاعتصام والتظاهر، هم من يفرضون الحصار وأبشع أنواع الإذلال والخنق والتضييق على شباب تواقين لفعل أشياء جميلة لهذا الوطن، وأرادوا من خلال اعتصامهم إيصال تلك الأشياء الجميلة إلى الحكومة، لكن تلك القوى الحزبية سرقت أحلامهم وتأجرت بها في أسواق التخاسة السياسية ومنعت عنهم حتى مثل هذا الحق المشروع.
وكم هو مؤلم أيضاً أن يترك هؤلاء الشباب نهباً لمجموعة من الأحزاب والقوى السياسية النفعية تسمم أفكارهم بالأحقاد على الديمقراطية بمثل تلك التصرفات والممارسات القمعية التي يرويها كل من أفلت من قبضة ما تسمى باللجان الأمنية من متطرفي جامعة الإيمان وجماعة الإخوان المسلمين.
فهل من المروءة أن تجثم هذه الأحزاب على شباب أخذهم حماس ما يجري في بعض الشوارع العربية وأرادوا تقليده ومجاراته بنفس الطريقة؟.
وهل من المروءة ألاّ يتحدث أحدٌ عن هذه الصورة المسيئة لتقاليد التجربة الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير، والتي نقلت تعبيراتها قناة الجزيرة، دون أن تدري، في نشراتها يوم أمس من خلال ذلك الاستطلاع الذي قالت فيه أنه قد خلص إلى أن هؤلاء الشباب المعتصمين لا يرون في تلك الأحزاب أنها تعبر عنهم وأن ما يخشون منه هو أن تسود الغوغاء وأن تصبح البديل لما أرادوا أن يطرحوه من مطالب مشروعة أمام الحكومة، خاصة بعد أن وجد الكثير من هؤلاء الشباب أن كل المسيرات التي حركتها هذه الأحزاب في عدن والحديدة وحضرموت ولحج، كان الرابط بينها هو أعمال الحرق والنهب والسلب والاعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة، التي يصبح فيها المواطن الذي تحرق سيارته ويدمر متجره ويعتدى على منزله هو المتضرر الأول.
أليس من أحرقوا ملعب سيئون الرياضي وقاموا بإضرام النار في مخازنه ونهب معداته وأجهزته وإتلاف ما بداخله من كوادر هذه الأحزاب؟.
وأليس من قاموا بتكسير مدينة الصالح السكنية بلحج من الجماعات المسلحة لهذه الأحزاب؟.
وإن ما حدث في عدن من ضحايا وخراب ودمار في المرافق العامة والخاصة لم يكن سوى نتيجة من نتائج السياسة العبثية والتدميرية التي تتبعها هذه الأحزاب التي عملت على اختطاف الاعتصام الشبابي وعملت جنباً إلى جنب على دفع الغوغاء إلى تكسير وتخريب منشآت تخص بالدرجة الأولى هؤلاء الشباب، وتسعى بالتلازم مع كل ذلك للدفع بالوطن إلى حافة الهاوية.