لنحتكم إلى شرع الله
الثلاثاء, 01-مارس-2011
أفتتاحية صحيفة الثورة -
على إيقاع حالة انسداد الأفق السياسي التي يعيشها الوطن هذه الأيام والتي دخلت مؤخراً منعطفاً خطيراً بفعل الأحداث الجارية في المنطقة العربية وإصرار البعض في بلادنا على ركوب موجة هذه الأحداث، فقد كان من الضروري العودة إلى أصحاب الفضيلة العلماء باعتبارهم المرجعية التي تتحمل مسؤولية كبيرة في نصح الأمة، حاكماً ومحكومين، وإرشادها إلى جادة الصواب والطريق القويم الذي ينأى بها عن الوقوع في مهاوي الشقاق والخلاف والفتن المدمرة ويحمي وطنها من شرور التفتت والتشظي وويلات الصراعات الدامية والتوترات المهلكة للحرث والنسل.
وللمكانة الكبيرة التي يتبوأها علماؤنا في حياة المجتمع فقد سرت حالة من الاطمئنان في نفوس كل اليمنيين بمجرد سماعهم بتفاصيل اللقاء الذي جمع فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح يوم أمس بعدد من أصحاب الفضيلة العلماء من مختلف مناطق اليمن، ودعوة فخامته لهم إلى الاضطلاع بواجبهم الديني والوطني وتحمل مسؤوليتهم أمام الله وأمام الشعب في قول كلمة الحق وجمع الناس على كلمة سواء وتوحيد صفهم في هذه المرحلة الحرجة والشائكة التي يمر بها الوطن وبما يصون البلاد والعباد من تبعات الأزمة الناجمة عن تعذر التئام الحوار بين طرفي المعادلة السياسية والحزبية وعدم تجاوب أحزاب "اللقاء المشترك" مع كل المبادرات والتنازلات التي قدمها فخامة رئيس الجمهورية من أجل إنهاء الوضع المحتقن والذي كان مبعثه إصرار المعارضة على النزول إلى الشارع، الأمر الذي لم يجد معه الطرف الآخر أية وسيلة للحفاظ على حالة التوازن في المجتمع سوى اللجوء إلى الشعب.
وبحكم التحديات التي تواجه اليمن، سواء ما يتصل منها بالتحدي الإرهابي وعناصر التطرف، أو القوى المتربصة بثورته ونظامه الجمهوري ووحدته الوطنية والتي ما زالت تلك القوى تحلم بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء وتتحين اللحظة التي تتمكن فيها من إعادة تمزيق اليمن إلى كانتونات شطرية في الجنوب وإمامية في شمال الشمال، بحكم كل ذلك، فقد أظهرت كل المؤشرات أن هناك من بات يستغل الحق في التعبير عن الرأي المكفول لكل مواطن، بتنفيذ أجندة خاصة ومشبوهة إما عبر الاندساس داخل المسيرات والتظاهرات وممارسة أعمال الشغب والتخريب والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة وسفك دماء الأبرياء من المواطنين والجنود، أو من خلال تقليد ما يجري في بعض البلدان العربية ومحاولة إسقاط تلك الأحداث على واقعنا دون مراعاة بخصوصيات وظروف المجتمع اليمني.
وأمام حالة القلق التي أصبح يشعر بها كل مواطن يمني والمخاوف التي دبت في نفوس المواطنين الذين يخشون على حاضرهم ومستقبل أبنائهم، فقد كان من الحكمة والصواب أن يعيد الأخ الرئيس الأمر إلى أصحاب الفضيلة العلماء في خطوة تنتقل بالأزمة الراهنة التي يواجهها الوطن من تحكيم الشارع إلى تحكيم شرع الله وكتابه العزيز، إيماناً بأن شرع الله هو الفيصل للناس جميعاً وفيه هدايتهم إلى ما ينفعهم ويصلح شأنهم.
وبعيداً عمن ظلوا يقدمون رجلاً ويؤخرون الأخرى في ما يتعلق بدعوة رئيس الجمهورية لأحزاب المعارضة إلى استئناف الحوار الذي انقلبوا عليه قبل أن يبدأ، فإن فخامة الأخ الرئيس لم يتردد في وضع أبناء شعبه في صورة ما جرى الاتفاق عليه مع مرجعية العلماء مبادرة حملت ثمان نقاط وتكليف العلماء بحملها إلى أحزاب "اللقاء المشترك" لإصلاح ذات البين وإخماد الفتنة، وهي المبادرة التي لم ترد عليها أحزاب "المشترك" حتى هذه اللحظة!!.
وإذا ما نظرنا إلى مجمل النقاط الثمان التي تعامى عنها "المشترك" كشأن كافة المبادرات الأخرى، سنجد أن هناك من يقدم التنازلات تلو التنازلات مدفوعاً بالحرص على الوطن وسلامته وأمنه واستقراره وتماسك وحدته الوطنية، فيما الطرف الآخر يزداد عناداً ومكابرة وإصراراً على المضي في مشروعه التدميري لهذا الوطن، نافخاً في النار بهدف إيصال البلاد إلى حافة الهاوية والانهيار، رافضاً سماع أي صوت غير صوت التثوير والتأجيج وإشعال الحرائق!!.
ولن نجانب الحقيقة إذا ما قلنا أن كل الأنظار ستظل تترقب ما سيخرج به لقاء أصحاب الفضيلة العلماء الذين يعول عليهم إعمال شرع الله في الأزمة القائمة والخروج بموقف يُخمد الفتنة ويُوقف طاحونة الخراب ويعيد الطمأنينة إلى نفوس أبناء المجتمع، فشرع الله أحق أن يتبع مصداقاً لقوله تعالى: "أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ".. صدق الله العظيم.


--------------------------------------------------------------------------------