ماذا تبقى لدعاة الفوضى..؟!!
الاثنين, 24-يناير-2011
أفتتاحية صحيفة الثورة -

مما لاشك فيه أن فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية قد فند بشكل دقيق وصراحة متناهية وشفافية عالية في كلمته التي ألقاها يوم أمس في المؤتمر السنوي لقادة القوات المسلحة والأمن، ما يعتمل في المشهد السياسي من تفاعلات وتجاذبات نتيجة اندفاع بعض القوى السياسية والحزبية إلى ركوب موجة ما يسمى "الفوضى الخلاّقة" التي أرادوا من خلالها الانقلاب على كل شيء: بدءاً مِنْ المؤسسات الدستورية، ومروراً بقواعد الحوار وضوابط العمل السياسي والحزبي، وانتهاءً باستحقاقات العملية الديمقراطية المتمثلة بالانتخابات النيابية القادمة التي تُعد التزاماً وحقاً دستورياً للشعب.

وقد أحسن فخامة الأخ الرئيس صنعاً حينما استعرض بوضوح شديد كل التنازلات التي قُدمت لأحزاب "اللقاء المشترك" من أجل تحفيزها على الارتقاء بمواقفها إلى مستوى المسؤولية الوطنية التي ينتظرها الوطن وأبناء الشعب منها، وكيف أنها قابلت كل تلك التنازلات بمزيد من العناد والمكابرة والإصرار على مواقفها المتشنجة وغير الناضجة، بحيث ظلت هذه الأحزاب محكومة ببعض التصرفات والممارسات التي لا تنم بأي حال من الأحوال عن أي إحساس يدل على أنها جزء من هذا الوطن ونسيجه السياسي والاجتماعي.

الأمر الذي أدى إلى تعطيل الحوار وإعاقة مساراته طوال عامين كاملين أهدرتهما هذه الأحزاب في المماحكات العبثية والمكايدات السياسية العدمية، لتظهر من خلال هذا الجنوح أنها بالفعل قد تجردت كلياً من الشعور بالمسؤولية وتخلت عن التفكير العقلاني وانجرفت نحو الطيش والرعونة والتنطع السياسي بغية هدم المعبد على رؤوس الجميع!.

وقد بدا هذا التوجه واضحاً، خاصة بعد أن استسلمت هذه الأحزاب لهيمنة بعض المغامرين والمقامرين والوجوه الصنمية من بقايا مخلفات الإمامة والاستعمار الحاقدة على هذا الوطن وثورته ووحدته وأمنه واستقراره، والتي ربما أرادت من خلال هذه الأحزاب تصفية حساباتها القديمة مع هذا الوطن بعد أن فشلت في السابق وعجزت عن الوصول إلى غاياتها الدنيئة عبر أية نافذة أو بوابة أخرى.

وقد أحسن أيضاً فخامة الأخ الرئيس صُنعاً بتبديده خطاب الزيف والتضليل الذي حاولت تلك القيادات الصنمية أن تتكئ عليه لتمرير مشروعها التدميري الذي يقوم على نشر الفوضى وإحداث الفراغ السياسي والدستوري وإيصال البلاد إلى حالة من الانفلات تدخلها في نفق مُظلم لا يعلم إلاَّ الله أين كان سينتهي بالبلاد والعباد من الكوارث والويلات، حيث أدرك الجميع بهتان الكثير من مفردات ذلك الزيف المضلل وأهدافه ونواياه والدوافع التي جعلت هذه الأحزاب تتهرب من الاستحقاقات الديمقراطية للشعب والوطن، ومِنْ المرجعيات الدستورية والقانونية والمؤسسية، وتلتف على شرعية هذه المؤسسات بالتحريض على النزول إلى الشارع للتخريب والتدمير وإحراق المتاجر والمؤسسات العامة والخاصة.

وتبدو مصيبة أحزاب "اللقاء المشترك" أشد إيلاماً وهي تسلم أمرها لشلة مِنْ المرضى النفسيين وأصحاب العاهات والعُقد والمأزومين والحاقدين والطامحين إلى إعادة عجلة الزمن إلى الوراء، والذين أثبتت تصرفاتهم أنهم لا يحسنون قراءة التاريخ وتحولات الزمن ولم يفهموا حتى الآن أن العصر غير عصرهم، وأن اليمن الذي يتوهمون أن بوسعهم الارتداد به إلى حقب الكهنوت الإمامي والتسلط الاستعماري والسلاطيني والاستبداد الشمولي، هو اليوم مِلك لأبناء شعبه البالغ تعدادهم أكثر من 25 مليوناً، وأن هذا الشعب شب عن الطوق وصار لديه من الوعي ما يجعله قادراً على إسقاط كل المخططات الهادفة إلى إغراقه في مستنقع الفوضى ومهاوي الضياع والشتات والهلاك، والرد على جميع المشاريع الصغيرة وأصحابها الذين يلعبون بالنار بتحالفاتهم المشبوهة مع كل مارق ومخرب وإرهابي.

وعليه، فإذا كان فخامة الأخ الرئيس برؤيته الثاقبة المستندة إلى حكمة فذة وحنكة سياسية خبيرة بأولئك المغامرين والمقامرين، قد ترك الباب مفتوحاً أمام أحزاب "اللقاء المشترك" للالتحاق بقطار الديمقراطية والانتخابات النيابية، والمشاركة في مناقشة التعديلات الدستورية، وطرح رؤاها ووجهات نظرها وأي مشروع لديها على المؤسسات الدستورية التي ستحتكم في النهاية لإرادة الشعب في استفتاء حر ونزيه، ومواصلة عملية الحوار، فذلك لأن هذا القائد هو من عَوَدّنا دوماً على تغليب مصلحة الوطن وجعلها فوق أي اعتبار، كما أنه بذلك وكرئيس لكل اليمنيين - بما فيهم الجاحدون والعاقون وناكرو جميل هذا الوطن - إنما أراد أن يضع الجميع في الصورة لعل المخطئ يعود عن خطئه، والجاحد يعدل عن جحوده، والواهم يفيق من وهمه، والمكابر يكف عن مكابرته، بحيث يكبر الجميع بكبر هذا الوطن الذي يتسع لكل أبنائه دون استثناء.
ويعلم كل من سيظل في غيه يحرض على الفوضى وإشعال الحرائق أن الفوضى إذا ما استشرت فإنه سيكون أول الهالكين بنارها.