"التعديلات" منطلق التحول القادم
الاثنين, 17-يناير-2011
أفتتاحية صحيفة الثورة -

القول بأن التعديلات الدستورية المطروحة على مجلس النواب نتاج رغبة أحادية لطرف سياسي بعينه حتى وإن كان الحزب الحاكم، فيه مبالغة كبيرة والتفاف صارخ على الحقيقة وتضليل مخادع لوعي الناس، ومن يروجون لهذا القول لا نعتقد أنهم يجهلون حقيقة المقتضيات الوطنية التي جعلت من طرح هذه التعديلات الدستورية ضرورة من ضرورات التطور السياسي والديمقراطي والاجتماعي، وربما أن ما هدف إليه هؤلاء هو جر الناس إلى فخاخ جدل عقيم يسمح لهم بالظهور على بعض المنابر الإعلامية ليس أكثر!.
ومع ذلك لسنا بحاجة إلى الدخول في مثل ذلك الجدل، غير أن ما ينبغي التأكيد عليه هو أن هذه التعديلات الدستورية لم تأت اعتباطاً أو ارتجالاً أو لتلبية رغبة أحادية وإنما أملتها موجبات التطور السياسي والديمقراطي الذي شهده اليمن خلال العقدين الماضيين، وهو تطور أخذ طابع التدرج أكان ذلك على صعيد التجربة الديمقراطية أو على صعيد النظام السياسي، وما زلنا نتذكر أن التعددية السياسية قد اختزلت في بادئ الأمر في التنافس على مقاعد السلطة التشريعية ثم اتسعت دائرة هذه التعددية لتشمل السلطة المحلية وصولاً إلى التنافس الحر والنزيه على منصب رئيس الجمهورية، ليصل الأمر إلى انتخاب المحافظين وإعادة النظر في فلسفة المركزية بالانتقال إلى اللامركزية المالية والإدارية.
وبحكم أن الدستور ينمو ويتطور بنمو وتطور المجتمع فقد اقتضت هذه التحولات أن تتواصل الحوارات بين مكونات العملية السياسية والحزبية في كل مرحلة للوقوف على متطلبات التطور الدستوري والتشريعي بما فيها التعديلات الدستورية المطروحة حالياً على مجلس النواب، والتي كانت محل إجماع منذ العام 2006م.
وإذا أمعنا النظر في السؤال القائم: لماذا التعديلات الدستورية؟.. فسنجد أننا لا نحتاج إلى جهد كبير للوصول إلى الإجابة، إذ أنه وبمجرد العودة إلى البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية، لابد وأنه سيصادفنا عنوان بارز في هذا البرنامج هو "نحو بناء الدولة اليمنية الحديثة"، وهو عنوان رسم في مفرداته خطوات ووسائل وكيفية الدخول في صلب هذا التحول الذي يعتمل اليوم على أرض الواقع من خلال ثلاثة مقومات رئيسية هي:
- تعزيز وترسيخ عوامل الأمن والاستقرار، وتكريس هيبة النظام والقانون ومبدأ الثواب والعقاب.
- المضي في إنجاز أهداف التنمية الشاملة والمستدامة.
- النهوض بالاقتصاد الوطني وخلق صناعة وطنية قادرة على توفير فرص العمل أمام الشباب وامتصاص البطالة والحد من الفقر.
* وطالما نحن قادمون على مرحلة جديدة ستكون فيها الأولوية لبناء دولة يمنية حديثة، تستند إلى نظام مؤسسي يفضي بالطبع إلى توزيع الصلاحيات والاختصاصات بين السلطة المركزية وهيئات الحكم المحلي ويتيح الفرص أمام كافة شرائح المجتمع للمشاركة الفاعلة في صنع القرار، ويعزز من مكانة المرأة ويستوعب دورها في الحياة السياسية والعامة، فإنه ولكي تتسنى مباشرة هذه النقلة النوعية في حياتنا كان من الضروري السعي إلى طرح بعض التعديلات الدستورية بما يتلاءم وروح هذا التطور الذي صار مطلباً مُلحاً لكل أبناء الشعب اليمني.
* وإذا كانت تلك هي بعض المبررات للتعديلات الدستورية التي ستُطرح في النهاية على الشعب ليقول فيها كلمته الفصل، فما هي مبررات من يثيرون الغبار على هذه التعديلات، خاصة وأن هذه التعديلات تصب في مصلحة المواطن وتطور التجربة الديمقراطية والنظام السياسي وتوسيع المشاركة الشعبية وإنجاز أهداف التطور الشامل الذي تتجسد فيه تطلعات الوطن والشعب معاً؟!!.