الارتقاء بالديمقراطية..!!
الأحد, 16-يناير-2011
أفتتاحية صحيفة الثورة -

كُلُّ مَنْ يفهم أبجديات الديمقراطية والتعددية السياسية يفهم تماماً أن الديمقراطية تمثل خياراً ونهجاً حضارياً يستند إلى روح الحوار البناء ومقارعة الحجة بالحجة والتنافس من أجل تقديم الأفضل وخدمة الناس، وتعزيز قدراتهم على أصعدة البناء والتطور، وتوحيد جهودهم في مواجهة أعباء الحياة وتجاوز التحديات التي تعترض طريقهم، ودفعهم في الاتجاهات الصائبة التي تعزز من تلاحمهم وتعاضدهم وتكاتفهم للنهوض بحاضرهم ومستقبلهم وتأمين سلامة مسارهم وسلامة وطنهم وحمايته من كل الأعاصير والأنواء العارضة أو الطارئة أو المحتملة.
ولا يهم بعد ذلك من يفوز في الانتخابات أو من يخسر ومن يحوز الأغلبية وثقة الناخبين في صناديق الاقتراع ومن لا يحالفه الحظ في هذا السباق التنافسي باعتبار أن الفائز والخاسر، والأغلبية والأقلية، ومن يحكم ومن يعارض، هم في النهاية أبناء وطن واحد وما يجمعهم أكثر مما يفرقهم، ويكفي أن يكون الوطن والانتماء إليه هو القاسم المشترك الذي ينصهر فيه جميع أبنائه بمختلف توجهاتهم السياسية والحزبية والفكرية.
وإذا ما تم استيعاب هذه الحقيقة فإن الجميع سيحرصون على بناء العملية الديمقراطية والرقي بها وذلك من خلال المشاركة في كل استحقاقاتها الانتخابية من منطلق أن الديمقراطية حقٌّ للجميع، وهذا الحق الأصيل ينبغي أن يمارس وفق التقاليد المتعارف عليها، وألاّ يتجاهل حقوق الآخرين، حتى لا يخل بالمعادلة القائمة على الربط بين الديمقراطية والمسؤوليات المناطة بمن يمارسها.
وفي هذا الصدد يغدو من الواضح أن الاستخدام التعسفي للديمقراطية يدفع بالبعض إلى اتخاذ مواقف تختلط فيها الأوراق بشكل صارخ، وبحيث لا يميزون بين خلافهم مع الحزب الحاكم وخلافهم مع الوطن، وبين الأصول المرعية للديمقراطية وبين الأهواء الشخصية التي تتناقض وتتعارض مع المصالح العليا للوطن، وهي مصالح تسري على العامة، بل ويستفيد منها الجميع بلا استثناء.
ولو أن هذه القوى أدركت أنها ليست سوى ترس من مجموعة كبيرة من التروس، لأعادت النظر في تصرفاتها ولأدركت أن الوطن فوق الأحزاب، ومصالحه العليا فوق المصالح الحزبية والذاتية، ولاستوعبت أيضاً أن من يتخلى عن واجباته نحو وطنه لايمكن أن يكون ديمقراطياً أو مخلصاً لهويته الوطنية مهما رفع من الشعارات الوطنية، لأن الوطنية سلوك وأفعال قبل أن تكون شعاراً يردد بكلمات حق يراد بها باطل.