أنقذتهم الوحدة..!!
الأربعاء, 22-ديسمبر-2010
أفتتاحية صحيفة الثورة -

قوبل حديث فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية في الندوة العلمية التي نظمتها جامعة عدن يوم أمس الأول تحت شعار "اليمن أولاً" حول "الأبعاد السياسية والقانونية للاستحقاق الدستوري لدولة الوحدة"، بارتياح شعبي وجماهيري بالغ، لكون ذلك الحديث التاريخي المفعم بكل معاني الصدق والصراحة والمكاشفة، قد تطرق بشفافية خالصة لحقائق تاريخية هامة ارتبطت بمحطات دقيقة وحساسة مر بها الوطن اليمني قبل أن يصل إلى يوم الثاني والعشرين من مايو عام 1990م، الذي ارتفع فيه علم الجمهورية اليمنية خفاقاً في سماء مدينة عدن التي عانت أكثر من غيرها ويلات التشطير والتجزئة والصراعات الدامية التي رافقت تلك المنعطفات الشاقة والعصيبة التي سبقت هذا اليوم التاريخي الهام في حياة اليمن واليمنيين.
وبالقدر الذي اتسم به ذلك الحديث من شفافية المصارحة، فإنه كشف عن وقائع وحقائق كثير من الأحداث المريرة التي ينبغي الاتعاظ من فصولها وحلقاتها وما شهدته من المآسي والكوارث، أكان ذلك على مستوى كل شطر أو على نطاق الصراع بين الشطرين، وهي أحداث كان من غير الممكن لليمن تجاوزها أو إيقاف شلالاتها النازفة بالدماء والأشلاء والأرواح بمعزل عن تصحيح حالة الاعتوار التي كانت تفرزها عوامل التجزئة والتمزق والتشظي على مجريات حياة اليمنيين الذين كانوا يهربون من ذلك الواقع الصعب والمؤلم إلى المصادمات ودورات العنف التي كانت أشدها ضراروة ودموية المذبحة المأساوية التي جرت يوم الثالث عشر من يناير عام 1986م، والتي اتجه فيها "الرفاق" إلى تصفية بعضهم البعض بشكل بشع وغير مسبوق.
وباستشراف دلالات هذه الوقائع والحقائق يتأكد تماماً أن الوحدة اليمنية هي من أنقذت الجميع في هذا الوطن، وبالذات أولئك الذين كانوا يتصدرون وجبات العنف ويعملون على إذكاء الحرائق بغية تصفية حساباتهم وثاراتهم السياسية مع من يختلفون معهم ويصنفونهم خصوماً لهم، إذ أن فضل الوحدة على هؤلاء لا يقدر بأي ثمن، فهي من أمنت لهم فرصة جديدة في الحياة وحَمّتهم من غول الثارات السياسية وأخرجتهم من وهدة الخوف والهلع وانتظار اللحظة التي يُبطش بهم ليتجرعوا من نفس الكأس التي تجرعها أمثالهم من "جلاوزة" النظم الاشتراكية والماركسية والشيوعية وملاقاة المصير الذي أحاق بشاوشيسكو وغيره.
والمثير للدهشة أن البعض من هؤلاء الذين أغدقت عليهم الوحدة بنعمة الأمن والأمان وهيأت لهم مستقبلاً جديداً، هم أنفسهم اليوم من يتنكرون لها ويكيلون لها الدسائس ويتآمرون عليها من الداخل والخارج ويتحينون اللحظة للانقضاض عليها بعقوق وجحود لا يمكن أن يُقدم عليه إلاَّ اللئام الذين تجردوا من كل القيم الأخلاقية والوطنية والإنسانية.
ومع ذلك، نقول كما قال زعيمنا وقائدنا فخامة الرئيس علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية أن الأقزام سيظلون أقزاماً والصغار سيظلون صغاراً أمام إرادة أبناء الشعب اليمني الذين كبروا في نظر العالم بكبر وعظمة منجزهم الوحدوي وارتفعت هاماتهم في السماء حينما جعلوا من الوحدة ملتقى أهدافهم ومن حمايتها منتهى غاياتهم، وحينما جعلوا من حبهم لوطنهم والولاء له آية اعتزازهم وفخرهم ومجدهم.
وكبروا أكثر في نظر العالم وهم يختارون الديمقراطية نهجاً لهم والتعددية والتداول السلمي للسلطة صمام أمان يحمي وطنهم من مخاطر الصراعات والانقلابات والتشاحن والتسابق - غير المشروع- على السلطة، الذي ذاقوا ويلاته لعقود مضت عليهم لم يجنوا من ورائها سوى الدمار والخراب والتخلف.
وهذا الشعب الذي يزداد يوماً بعد يوم فخراً ومجداً واقتداراً وقوة وصلابة ومنعة، سيبقى الحصن الحصين لكل مكتسباته وتحولاته الشامخة التي تحققت في ظل ثورته ووحدته ونهجه الديمقراطي، وهذا الشعب الذي لا يُفرط ولا يساوم في ثوابته الوطنية، يقف اليوم صفاً واحداً في مواجهة كل الأصوات النشاز وطابور المزايدة والتشكيك الذي يسعى إلى إعاقة أو عرقلة توجهاته الديمقراطية وحقوقه الدستورية في حكم نفسه بنفسه، ليؤكد بذلك لأولئك المغامرين والمقامرين أن الديمقراطية، في اليمن لا يمكن أن تتحول بأي حال من الأحوال إلى أداة للهدم أو مظهر من مظاهر الانفلات والفوضى والممارسات العبثية التي تهدد الأمن والاستقرار وتقلق السكينة العامة، بل ستظل الديمقراطية وتبقى أداة للبناء والإنجاز والتلاحم والتعاضد والنهوض الإنمائي والاقتصادي وتعزيز سلطة القانون وتطبيقه على الجميع دون استثناء، فالكل أمامه سواسية، ومن يتصرف خارج القانون فإن العقاب سيطاله وبما يضمن الالتزام الكامل بالنظام والدستور وعدم تجاوزهما، حتى لا تصبح الفوضى بديلاً عن الاحتكام للقانون واحترام هيبته.