يمن الإيمان والأمان
الاثنين, 18-أكتوبر-2010
أفتتاحية صحيفة الثورة -

على الرغم من كل ما يقال ويكتب ويطرح في بعض وسائل الإعلام من ضجيج وتهويل حول الأوضاع في اليمن فإن ذلك لم يؤثر على واقع الأمن والاستقرار، الذي ظل سمة من السمات التي يتميز بها هذا البلد الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تهزه فرقعات الإرهاب أو تنال منه زوابع بعض الأصوات الناعقة والزاعقة التي استبدت بها الأحقاد والأمراض والرغبات والمطامع الذاتية. وتلك هي الحقيقة التي لمسها عن قرب ضيوف اليمن المشاركون في المؤتمر الثالث للنفط والغاز والمعادن الذي بدأ أعماله يوم أمس بصنعاء بمشاركة أكثر من خمسمائة شخصية جاءوا من مختلف دول العالم لاكتشاف فرص الاستثمار الواعدة والمتعددة.. وبناء شراكة حقيقية تعود بالنفع والمصلحة المتبادلة. فقد اكتشف هذا الجمع من أشقاء وأصدقاء أن ما يقال ويطرح في وسائل الإعلام عن اليمن بعيد كل البعد عن الحقيقة وأن اليمن في هذه الحالة يدفع ثمن انفتاحه الديمقراطي على حرية الرأي والتعبير وسماحه لوسائل الإعلام بنقل كل ما يبدو لها ولمراسليها مثيرا ولافتا لمتابعيها، بصرف النظر عن صحة أو خطأ ما تنقله. ولعل ذلك كان كافيا لدفع الكثير من هؤلاء الضيوف إلى التساؤل حول الأسباب الكامنة وراء التضخيم الإعلامي للحوادث التي تجري في اليمن وتهويل خطر الإرهاب مع أن الارهابيين موجودون في أمريكا ودول أوروبا والدول العربية والإسلامية كافة وليس هناك بلد في العالم يستطيع الجزم بأنه في مأمن من الإرهاب ونوازعه الشريرة، وأن ما قد يميز اليمن في هذا الجانب أنه وضع العناصر المتطرفة تحت مجهر الأجهزة الأمنية ولم يترك لتلك العناصر الفرصة لكي تنمو وتتوالد، وأنه عمل وضمن سياسة مخططة ومدروسة على حصر تلك العناصر وتضييق الخناق عليها في مساحة محدودة من جغرافيته، ليحول دون تغلغلها وتسربها على نطاق واسع داخل ساحته الوطنية. ونتيجة ذلك الخناق نجد أن تلك العناصر الإرهابية التي تعيش حالة من اليأس والإحباط والانهيار تسعى بين حين وآخر إلى إحداث فرقعة سواء من خلال الاعتداء على نقطة أمنية أو ارتكاب عمل غادر في طريق فرعي أو في مكان مهجور بهدف الظهور في وسائل الإعلام ومحاولة لفت الأنظار إليها مستغلة تدافع بعض وسائل الإعلام لنقل أنشطتها الإجرامية وبتلك الصورة المبالغ فيها لاستدرار عواطف بعض الشباب من غير الراشدين واستمالتهم إلى صفوفها والدفع بهم إلى محرقة الموت والهلاك. ولذلك فليس من المبالغة القول أن اليمن سيبقى موئلا للأمن والاستقرار ونافذة جاذبة للاستثمارات العربية والأجنبية ونقطة ارتكاز لملتقيات الأشقاء والأصدقاء ومحطة لإقامة الشراكات الإنمائية والاقتصادية والاستثمارية. وكما هو النجاح متوقع بشكل كبير للمؤتمر الثالث للنفط والغاز والمعادن فإن هذا القدر من النجاح ينتظر لقاء الأشقاء وزراء السياحة العرب الذين سيلتئمون في اجتماع هام في العاصمة صنعاء وكذا الفعالية الرياضية الكبرى المتمثلة في خليجي 20 والتي تستعد مدينة عدن لاستقبالها بأحسن صورة وأبهج منظر. وفي صلب هذه الوقائع يتأكد تماما أن اليمن- دولة ومجتمعا ومؤسسات- من التماسك والترابط والقوة بما يصعب على الإرهاب ودوافعه ونوازعه اختراقه أو تجاوز خطوطه الحمراء وأن أحواله وأوضاعه أفضل بكثير مما يشاع أو يطرح في بعض وسائل الإعلام ، وأن من يتوهمون من عناصر التطرف والإرهاب أو من أصحاب المشاريع الصغيرة أو الغارقين في وحل الارتداد وثقافته النتنة والمقيتة- أن بوسعهم إضعاف ذلك الترابط والتماسك الوطني إنما يعيشون أضغاث أحلام سرعان ما يفيقون منها وهم يجدون أن اليمن الذي أرادوا إضعافه يزداد قوة واقتدارا وتطورا ونماء وازدهارا، وأن اليمن الذي يكيدون له يرتفع فوق الزمان ويسابق العصر بإرادة وفكر ثاقب متجاوزا كل التحديات وكاسبا كل الرهانات، وأنه سيظل بيرق الشموخ وعنوان المجد وحصن الأمن والأمان وواحة الاستقرار، ووجهة الاستثمارات العربية والأجنبية وساحة تتلألأ بمداميك العمران وألق النهوض والنماء والرخاء، وذلك بفضل إرادة أبناء شعبه الأصيل والطيب الذي وصفه رسول الإنسانية محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم بالإيمان والحكمة. وببساطة شديدة فإن الجسد اليمني، كما هو الحال دائما وأبدا، ظل يرفض كل النتوءات الخبيثة والأسقام بكل علاتها والمفردات الآتية من أزمنة التخلف والنكرات الحالمة بالنكوص عن المسار الحضاري لهذا الشعب الذي برهن على وعيه وجدارته باختيار منطلقاته واتجاهاته التي توصل إلى غده المشرق ومستقبله الأفضل وموقعه الريادي والمتميز بين الأمم. ومن يريد أن يعرف هذه الحقيقة عليه أن يقرأ التاريخ اليمني جيدا ليعلم كيف ارتفعت هامات هذا الشعب وكيف انتصرت إرادته وكيف خرج من الظلمات إلى النور ومن التخلف إلى الرقي ومن العزلة والتشرذم إلى فضاء أرحب من النهضة والتطور والوحدة والديمقراطية، وكيف صنع هذا الشعب بالجهد والعرق والإيثار والتضحية كل تلك المعالم والمنجزات الكبرى التي ترقى إلى مستوى المعجزات. وبلد بكل هذه المقومات لا بد وأن يظل آمنا ومستقرا وعزيزا وكريما.