اليمن وفرنسا .. انطلاقة جديدة
الأربعاء, 13-أكتوبر-2010
أفتتاحية صحيفة الثورة -

من الواضح أن العلاقات اليمنية الفرنسية تستمد حيويتها وخصوصيتها من ثلاثة مسارات تتجسد في صورة عملية في الثقة والاحترام المتبادل، والشراكة الإنمائية والاقتصادية والاستثمارية الناجحة، والحرص المشترك على التنسيق المستمر بين البلدين إزاء ما يتصل بجهود إحلال السلام في المنطقة وعوامل الأمن والاستقرار، على المستويين الإقليمي والعالمي. وعلاقات تستند إلى كل هذا الرصيد من القواسم المشتركة من الطبيعي أن تكون في المستوى الذي عبر عنه فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية وفخامة الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي خلال القمة التي عقدها الزعيمان يوم أمس بقصر الأليزيه بالعاصمة الفرنسية باريس. حيث أشار الرئيس ساركوزي إلى تلك الخصوصية التي تتميز بها العلاقات اليمنية الفرنسية بتأكيده على أن ما يجمع بين البلدين صداقة متطورة ومتينة جعلت من اليمن شريكاً مهماً لفرنسا، ولذلك "فإننا سنظل نقف إلى جانب اليمن وندعم مسيرته التنموية والديمقراطية وجهوده في مكافحة الإرهاب والحفاظ على أمنه واستقراره" منوهاً إلى أن اليمن الموحد والمستقر أمر مهم ليس لفرنسا فحسب، بل ولكل دول المنطقة والعالم. وبنفس هذا القدر من الحميمية جاء حديث فخامة الرئيس علي عبدالله صالح عن الطابع المتميز الذي تكتسيه العلاقات اليمنية الفرنسية منذ أربعين عاماً معرباً عن ارتياحه لنتائج محادثاته مع القيادة الفرنسية والتفهم الذي وجده من الرئيس ساركوزي حيال ما يتعلق بتوسيع آفاق الشراكة بين البلدين وزيادة الدعم الفرنسي لليمن. وعليه فإذا كان دفء العلاقات اليمنية الفرنسية قد تجسد جلياً في الحفاوة البالغة التي استقبل بها فخامة الرئيس علي عبدالله صالح في باريس والترحيب الكبير الذي لقيه من قبل الرئيس نيكولاي ساركوزي في قصر الإليزيه، فإن الأنشطة والفعاليات التي حفلت بها هذه الزيارة والمشاورات والمباحثات التي جرت بين فخامة الأخ رئيس الجمهورية وكبار المسؤولين الفرنسيين قد فتحت أمام العلاقات بين البلدين آفاقاً رحبة لانطلاقة جديدة من التعاون البناء والمثمر، كما أن اللقاءات التي أجراها فخامة الأخ الرئيس على هامش هذه الزيارة مع سمو رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري والرئيسين التنفيذيين لكل من شركة "توتال" الفرنسية و"كنديان نكسن" الكندية، قد ضاعفت من مردودات هذه الزيارة خاصة وأن تلك اللقاءات قد ركزت بشكل أساسي على الجانب الاستثماري والاقتصادي. وبالقدر نفسه فقد حرص الأخ الرئيس على أن تمتد مباحثاته مع الأصدقاء الفرنسيين لتلامس أوضاع المنطقة وذلك انطلاقاً من المساعي التي يمكن أن تضطلع بها فرنسا كلاعب رئيسي ومؤثر في صياغة السياسة الأوروبية في اتجاه دعم عملية السلام العادل والشامل والضغط على إسرائيل حتى تمتثل لاستحقاقات العملية السلمية وتمكين الشعب الفلسطيني من استرجاع حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني. وبالمثل أيضاً فإن هذه الزيارة التي أتت في توقيت حساس ودقيق قد شكلت فرصة مهمة لفخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية لمخاطبة الأصدقاء في فرنسا، ومن خلالهم المجموعة الأوروبية، وتذكير الجميع بأن السلام والأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والقرن الأفريقي هو المدخل العملي لإرساء واستتباب الأمن الإقليمي والسلم العالمي، وأن أوروبا بثقلها وتأثيرها بوسعها أن تقوم بالشيء الكثير على صعيد إنهاء التوترات وإزالة كل ما يعكر صفو الحياة الإنسانية على امتداد الخارطة الدولية. وإجمالاً فقد كانت زيارة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح لفرنسا كبيرة في نتائجها، وغزيرة في مردوداتها، وفاعلة في تأثيرها، واستراتيجية في ثمارها، وناجحة بكل المقاييس.