وصفة الإنقاذ العربي..!!
الأحد, 10-أكتوبر-2010
أفتتاحية صحيفة الثورة -


ظلَّتْ قضية تطوير آليات العمل العربي المشترك وما تزال في صدارة اهتمام القيادة السياسية اليمنية بزعامة فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية، من منطلق إيمان هذا القائد العربي الوحدوي بواجباته تجاه أمته التي ينتمي إليها، وإدراكه أيضاً لمسؤولياته القومية وحرصه على كل ما من شأنه النهوض بالواقع العربي إلى واقع أفضل يكون فيه الانسان العربي قادراً على مواكبة تطورات العصر ومجابهة التحديات والمخاطر التي تتكالب عليه من كل جانب.
وتجسيداً لكل ذلك تبنت اليمن مبادرة تفعيل العمل العربي المشترك وإنشاء اتحاد للدول العربية وقد نوقشت تلك المبادرة من قبل العديد من الخبراء والمثقفين والسياسيين ومنظمات المجتمع المدني ليس في اليمن وحسب وإنما في معظم الدول العربية الشقيقة، وذلك في إطار سعي اليمن إلى استيعاب كل الآراء والمقترحات، قبل طرح هذه المبادرة على الجامعة العربية والبرلمان العربي ومن ثم على القادة العرب، لتصبح المبادرة اليمنية بمثابة مشروع عربي عقب إقراره من البرلمان العربي وتداول النقاش حوله في القمة العربية الاعتيادية في مارس الماضي.
والأهم من ذلك أن تبني اليمن لمثل هذا المشروع كان نابعاً من ضرورات أملتها متغيرات إقليمية ودولية وتحديات جمة رأى اليمن أن من الصعوبة بمكان مقابلتها بآليات رسمت قبل أكثر من ستين عاماً وفي ظل واقع وظروف إقليمية ودولية مختلفين.
وبحكم هذه المتغيرات فقد استشعر الآخرون الحاجة إلى التكيف مع المعطيات الجديدة، فنشأت العديد من التكتلات الإقليمية والدولية أبرزها الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي.
ولم يكن بوسع العرب تجاهل مثل هذه التوجهات وهو ما بدا جلياً في ما خرجت به قمتهم في الأردن عام 2001م من مقررات شددت على ضرورة الانتقال بالعمل والأداء العربي إلى مرحلة جديدة تتماشى والظروف والتطورات الدولية المتسارعة والتغيرات الكبيرة التي تتعرض لها المنطقة، وهي الإشارة التي التقطتها الدبلوماسية اليمنية وعملت على بلورتها وترجمتها في صيغة تفضي إلى تطوير منظومة العمل المشترك، وإنشاء اتحاد للدول العربية، منطلقة في ذلك الجهد من مسؤولياتها القومية واعتزازها بانتمائها لأمتها العربية وثقتها بقدرات هذه الأمة وما تمتلكه من رصيد حضاري وثقافي وعلمي وإنساني وإمكانيات بشرية واقتصادية تؤهلها للنهوض بدور محوري في عالم اليوم والإسهام مع التكتلات الأخرى في تحقيق التنمية المستدامة وترسيخ عوامل الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي.
ومن نافلة القول التأكيد على أن اليمن لم يبتغ من وراء ذلك المشروع مكسباً سياسياًَ أو إعلامياً أو مصلحة قطرية بل كان هدفه الأول خدمة أمته والرقي بها بين الأمم، لقناعته الصادقة بأن هذه الأمة تتوفر لها من الإمكانيات والمقدرات مالا يعكسه وضعها الراهن ومكانتها الحالية على الخارطة الدولية، ولوعي اليمن أيضاً بأن قوة هذه المصفوفة واستقرارها على نحو قطري ينبع من قوة مكوناتها مجتمعة.
وتتجلى ملامح هذه الغاية النبيلة بصورة أكثر شفافية في ما عبر عنه فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية في كلمته الهامة في القمة العربية الاستثنائية يوم أمس حيث أشار بوضوح شديد إلى أن اليمن حينما تقدمت بمبادرة إنشاء اتحاد للدول العربية فقد أرادت بذلك تطوير آليات العمل العربي بغض النظر عن المسمى باعتبار أن الأمر الجوهري ليس في التسمية وإنما في تطوير منظومة الأداء العربي سواء من خلال الجامعة العربية أو عبر أي هيكل آخر.
وحتى تحافظ هذه الغاية على مقاصدها العظيمة جاء تأكيد فخامة الأخ الرئيس على أنه وإذا ما كانت هذه المبادرة ستخلق انشقاقاً في الصف العربي فليس لدى اليمن مانع من أن تجمد أو تؤجل، وكأن الأخ الرئيس بتلك الصراحة المتناهية أراد أن يعيد إلى الأذهان حقيقة أن ما يهم اليمن هو تطوير العمل العربي المشترك. ولا يشترط لذلك أن يتم التوافق على ما حملته تلك المبادرة بصفة كلية، فما لا يتفق عليه اليوم يبقى محل نقاش وحوار، حتى يتم التوصل إلى اتفاق عليه في المستقبل، وما يتم التوافق عليه فإن من الأولى السير فيه باعتبار ذلك أفضل من الجمود.
وعليه فإذا كانت كلمة فخامة الأخ الرئيس في القمة الاستثنائية قد شدّت أنظار الجميع بما تضمنته من تحليل عميق لمجمل ما يجري من أحداث ومتغيرات في الساحة العربية وفهم واقعي للأوضاع الإقليمية والدولية، ونظرة استشرافية لتحديات المستقبل القادم، فإن الصراحة التي اتسمت بها تلك الكلمة قد أتاحت للجميع فرصة التفكير الجماعي في معطيات الحاضر ومتطلبات المستقبل، والبحث في السبل الكفيلة بالخروج من حالة الضعف إلى دائرة القوة، ومن هامش السلبية إلى واقع الفعل والتأثير.