من أجل مصلحة الوطن العليا
الثلاثاء, 05-أكتوبر-2010
أفتتاحية صحيفة الثورة -

العملية السياسية في أي بلد والتي يتفق أطرافها على قواعدها وهي المتعارف عليها كناتج تجربة أطرافها يختلفون في الرؤى ويتباينون ويختلفون، لكنهم في النهاية لا يحيدون عن الإطار العام والمتمثل في الأهداف التي يريد كل طرف أن يصل إليها خدمة للصالح الأعلى للوطن.. وباختلاف نظم الحكم والمنهج العام للرؤية العامة ترى الشعارات التي ترفع ويمارس كل طرف نشاطه السياسي تحت يافطاتها لا تخرج بأي حال من الأحوال عن الواقع والهدف الأسمى في الأخير.. وفي بلادنا يتفق الفرقاء ضمن النشاط السياسي على أن أهداف الثورة هي السقف الذي تحته يعمل الجميع وأي خروج عليه يكون خروجاً على الإجماع ومن شذَّ شذَّ في غياهب الارتهان لأجندات لا علاقة لها بالوطني الذي هو الرافع الأسمى لأي مشروع. والمشروع تحدد مع توحد البلاد والوسائل هي الديمقراطية التي اتفق عليها الجميع كهاد للسفينة في إبحارها.. وما مهد الطريق للوصول إلى اعتماد الديمقراطية أساساً للحكم هو الحوار الذي وصل به الوطن إلى الوحدة، فكانت ولا تزال الديمقراطية هي ما يؤطر الحياة السياسية ويضيف إليها عند الممارسة المستمرة كل يوم خياراً جديداً يصب في مشروع التغيير إلى الأفضل وهو ما يترسخ في الوجدان كل يوم. وأي مجتمع بكل قواه يختار الحوار كأساس للفهم والتفاهم وللوصول إلى بر الأمان، مجتمع يحمي نفسه ويؤسس لدولة البقاء التي ناضل اليمنيون ولا يزالون من أجلها، وكل يوم يضاف جديد للتجربة، ويصب في خانتها سلوك جديد يتناسب والحرص على ديمومتها.. فرقاء الحياة السياسية اختلفوا وتباينوا تحت قبة البرلمان ومن خلال الشعارات المطروحة في الواقع وبالنهج الذي تسلكه قيادة البلاد كان الحوار، ولا يزال، الضامن الأكبر لعدم الانجرار إلى مهاوي الانزلاق.. وما فتئ فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية وهو من أسس للحوار من لحظة الدعوة إلى صياغة الميثاق الوطني يرسخ بنيان الحوار بتأكيده عليه وممارسته في الحياة العامة كونه الطريق الوحيد الذي يؤدي إلى بلوغ المصلحة العليا للوطن. في العام 2001م أُعِدّ مشروع تعديل قانون الانتخابات رقم 13 بناء على طلب أحزاب اللقاء المشترك الممثلة في مجلس النواب عطفاً على تفسيرهم لبعض توصيات الاتحاد الأوروبي فكان ذلك وجرت التعديلات وتم مراجعة مشروعها بين المؤتمر كحزب حاكم وأحزاب المعارضة وأعيد صياغته مادة مادة، وبالتوافق قُدم إلى مجلس النواب، وبالتوازي جرى التمديد للمجلس، وحددت المدة بعامين كان يفترض أن يقر فيهما ما اتفق عليه، وتتم التهيئة للاستحقاق الذي لابد أن يتم في موعده. وجرى ما جرى ولن نعيد هنا التذكير بما حدث فالمهم أن يتجه الجميع إلى المستقبل. وأمام كل الخلاف وكل الاختلاف ولمصلحة الوطن كان لابد من العودة إلى الحوار لفتح الطريق من جديد بعد ما عمل كثيرون على أن يَسُدُّوه وبكل الأحجار.. لتأتي دعوة فخامة الأخ الرئيس في خطابه بمناسبة العيد الوطني العشرين كل الفرقاء باعتباره رئيساً للبلاد بكل مكوناتها إلى الحوار، ومن تاريخه الجميع يعلم ويعرف ما حصل ولن نعيد أيضاً التذكير. وخرج فرقاء العمل السياسي وبوحي من دعوة الأخ الرئيس باتفاق لتشكيل لجنة المائتين للإعداد والتهيئة للحوار وما تمخض عنها. ورؤي تقديم قانون التعديلات إلى المجلس وجرى أيضاً ما جرى. ولأن الرجل لا يتعسف، ولأن الوطن يستحق حتى المجازفة من أجله، ولأن هدف الحوار مصلحته ومستقبله، فبعد لقائه مع أمناء عموم الأحزاب الممثلة في المجلس طلب في رسالة إليه أن يسحب المشروع تاركاً الفرصة للحوار أن ينفذ إلى حيث المصلحة الوطنية وهو تصرف كبير بحجم تلك المصلحة، وعلى الآخرين الآن أن يكونوا بحجم مضمون الرسالة، وبحجم التحديات.. والمطلوب وطنياً الآن أن يرتفع الفرقاء المتحاورون في لجنة المائتين وأن يضعوا مصلحة الوطن العليا أمام نواظرهم فتلك المصلحة تستدعي التفرغ لمواصلة عملية البناء والإصلاح والوصول به إلى آفاق جديدة.. فالوقت يمر والحسابات الصغيرة ليس وقتها.. والوطن الآن ينادي وعلى الجميع الامتثال ليس عمياناً بل متجهين بأنظارهم نحو الأفق.