كلمة صحيفة الثورة - تحتفل اليمن اليوم مع سائر بلدان العالم بالأول من مايو عيد العمال، وهي مناسبة تكتسب في بلادنا طابعاً مزدوجاً، إذ يتلازم فيها التكريم للمبرزين في ميادين الإنتاج مع التعبير عن الإعزاز والإكبار للدور الريادي الذي لعبته القطاعات العمالية في مسيرة النضال الوطني والتحرر من الحكم الكهنوتي الإمامي والاستعمار، وترسيخ مداميك الثورة اليمنية "26 سبتمبر/14 اكتوبر" وتحقيق الاستقلال الناجز، وكذا إسهام هذه القطاعات في الحفاظ على تلك التحولات التاريخية وتثبيتها جنباً إلى جنب، وتلك المهام الوطنية التي اضطلع بها عمال اليمن على صعيد غرس بذور الوعي الوطني بين صفوف المجتمع، ودفع شرائحه لخوض معارك البناء والتنمية، وإحداث التغيير الشامل الذي يخرج اليمن من دائرة العزلة والتخلف والحرمان والتشظي والتجزئة إلى واقع جديد يستعيد فيه هذا الوطن اعتباره ومكانته الحضارية ولحمته الوطنية ووجهه المشرق، وهو الترتيب الذي وجد طريقه إلى الترجمة العملية صبيحة الـ22 من مايو عام 1990م بارتفاع علم الجمهورية اليمنية خَفَّاقاً معلناً انبلاج فجر جديد، شكلت انطلاقته استحقاقاً طبيعياً لمسيرة طويلة من النضال والكفاح قدم أبناء الشعب اليمني خلالها قوافل من الشهداء وأنهراً من الدماء والتضحيات السخية.
وفي إطار كل هذه المعطيات يكتسب احتفالنا بالأول من مايو مشروعيته وزخمه المتعاظم ودلالاته الوطنية وخصوصيته القيمية والإنسانية، وتتضاعف أهمية احتفال هذا العام من كونه يأتي بعد مرور عقدين على الإنجاز الوحدوي العظيم شهد فيهما الوطن نهوضاً غير مسبوق في المجالات الاقتصادية والتنموية والسياسية والاجتماعية والثقافية، ونقلات نوعية متعددة الجوانب والأبعاد استمدت ديمومتها من توجهات المشروع الحضاري الذي أرساه باني نهضة اليمن الجديد، فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية، وهو المشروع الذي أفرد حيِّزاً واسعاً في أولوياته لبناء الإنسان وإعداده الإعداد السليم، وإتاحة الفرصة أمامه للتزود بكل مقومات التأهيل والتدريب واكتساب المهارات والمعارف التي تجعل منه عنصراً مفيداً لنفسه وأسرته ووطنه ومجتمعه وأمته.
والحق أن القطاع العمالي قد حظي بالرعاية البالغة في نطاق هذا التوجه، أكان ذلك من خلال إيجاد التشريعات والقوانين الكافلة لحقوق هذا القطاع أو عبر تلك الضمانات الدستورية والديمقراطية التي أعطت قطاع العمال الحق في تنظيم نفسه ضمن كيانات نقابية تعبر عن مطالب المنتمين إليها وترعى حقوقهم وتدافع عنهم من أي غبن.
وباكتساب قطاع العمال لمثل هذه المزايا فقد أمكنه تغيير تلك الصورة البالية التي تكونت عنه إبان عهود الإمامة والاستعمار، والتي كان فيها العمال أشبه بالسخرة حيث لا حقوق ولا قوانين تحميهم.
وما من شك أن اهتمام الدولة بهذا القطاع يتجسد اليوم بأنصع صوره في حرص القيادة السياسية ممثلة بفخامة الرئيس علي عبدالله صالح، على رعاية احتفالات اليمن بعيد العمال، وأن يكون هذا الاحتفال بوزن الإسهامات التي قدمها رواد الحركة العمالية في مختلف المراحل من أجل وطنهم وشعبهم.
وفي ذلك قمة الوفاء والتقدير لهذه الشريحة الوطنية التي حملت على عاتقها ـولا تزال ـ تشييد أعمدة التنمية، وصون منجزات الوطن مستحضرة دائماً تضحيات الرموز الوطنية الذين استلهموا معاني التضحية والإيثار من حبهم لهذا الوطن ومبادئ ثورته العظيمة.
ونثق كل الثقة أن هذه الروح ستبقى هي المحفزة لقطاع العمال على مواصلة مسيرة عطائه بإيمان الصادقين والمخلصين غايتهم الرقي بالوطن والمضي به على دروب التقدم والنماء والرخاء وتعزيز منعته وصيانة منجزاته وأمنه واستقراره، وحماية هذا الوطن من كل الدسائس وتآمر المتآمرين وحقد الحاقدين ومكر الماكرين ووهم الواهمين والحالمين بإعادة الوطن إلى الوراء من عناصر الانفصال والتمرد والتخريب لعهدنا بالمواقف الصادقة للحركة العمالية اليمنية والتي باتت مثالاً يقتدى بها في وطنيتها.
ولأن المجتمع اليمني هو في معظمه ينتمي إلى شريحة العمال، فإن ذلك يجعلنا نتطلع إلى المستقبل المشرق بعيون هذه الشريحة الواسعة التي أثبتت في أكثر من محطة أنها صانعة التغيير وصانعة التحولات وأنها الأمينة على إنجازات هذا الوطن وثورته ووحدته، وتضحيات أبنائه.
فبورك للوطن تلك السواعد السمراء وبورك لليد العاملة التي أحبها الله ورسوله عيدها، وبورك لهذا القطاع المؤتمن على الوطن تقدير قيادته السياسية وإكبارها لعطاءاته السخية واعتزازها بكل يد تعمل بجد واجتهاد من أجل رفعة الوطن وتقدمه وتطوره.. ودمتم بناة اليمن مصدر فخر على الدوام.
كلمة صحيفة الثورة