المرأة العربية.. قصة نضال عبر التاريخ.. وقصة القانون؟
الثلاثاء, 09-مارس-2010
الميثاق إنفو - في الثامن من مارس من كل عام يحتفي العالم بيوم المرأة العالمي، باعتباره فرصة سانحة للوقوف مع النفس والتذكير بالأداء الفاعل والايجابي الذي حققته المرأة في مسيرتها الحياتية والنضالية التي سجلت في التاريخ أروع البطولات واستطاعت أن تتجاوز الكثير من الصعوبات والعقبات لتشارك الرجل في النضال المسلح لمواجهة الأعداء وتعمل كالجندي المجهول في معركة الحياة حيث أعلنت جمعية الأمم المتحدة نداء في عام 1977 يدعو كافة الدول لتخصيص هذا اليوم للاحتفال بحقوق المرأة والسلام الدولي وفقاً للتقاليد والأعراف التاريخية الوطنية لكل دولة في العالم وتقديراً لنضالها وكفاحها في جميع أرجاء العالم ولتوحيد أصوات نساء العالم كافة في الدفاع عن حقوقهن.

لقد صنعت المرأة العربية تاريخها الاجتماعي والثقافي من خلال بروزها في مجالات مختلفة كالإذاعة والصحافة وقطاع التربية والتعليم والطب والفن والموسيقى والأدب والعلوم والاقتصاد بالإضافة إلى مجال السياسة وقطاعات أخرى ومهن مختلفة حتى التفكير بها للمرأة كان بالنسبة للكثير عائقا, فالحرية لا تتجزأ لذكر أو أنثى بل تشمل جميع أفراد المجتمع.

إن كل امرأة في العالم ساهمت في رسم الماضي والحاضر والمستقبل فهي التي تعطي وتبذل الغالي والنفيس لتقدم وتطور بلادها بكل حب وعطاء فقد وهبها الله تعالى حقا شرعيا في مشاركة الرجل في الحقوق والواجبات في تنمية المجتمع.


المرأة اليمنية.. علامة مضيئة

وقفت المرأة اليمنية بجوار أخيها الرجل وقفة فاعلة ومشرفة لنصرة الثورة رغم محاولات الاستعمار البريطاني وأعوانه تجميدها ومحاولة الإمامة إبقاءها في جهلها المطبق والمظلم بحيث لا تعي شيئاً مما حولها، لكن شعورها الوطني أقوى من محاولات الاستعمار البريطاني والإمام المتخلف إذ لبّت نداء الواجب الوطني لتؤدي دورها البارز الفاعل رغم أنف الاستعمار والإمامة وأعوانهم مما جعل التاريخ والثورة والجماهير تحفظ لها دورها وإسهامها الفاعل والمشرف مع مناضلي الثورة في جبهات القتال حيث كان لها دور في المشاركة بحرب التحرير وفي الثورة والكفاح المسلح منذ أول انطلاقة ثورة 26 سبتمبر 1962 وثورة 14 أكتوبر عام 1963 من خلال المعارك التي خاضتها المناضلات الفدائيات في المدن والأرياف والجبال.

وذهب العديد من الفدائيات الشريفات اللائي سطرن بدمائهن الطاهرة، ملحمة تاريخية وطنية في تلك الحروب، كما أنها استطاعت المشاركة في التنظيمات السياسية وتصدرت المظاهرات وقامت بتوزيع المنشورات والبيانات وأيضا نقل الرسائل والأسلحة والذخيرة وتوفير الغذاء للمناضلين كما شاركت في رصد تحركات القوات البريطانية وعملائها وتزويد الثوار بالمعلومات وقادت الإضرابات وساعدت في إخفاء الفدائيين وعملت على توعية النساء وتعبئتهن للوقوف إلى جانب الثورة وجمع التبرعات منهن واستطاعت أيضا أن تبرز نفسها في المناطق الريفية رغم ضعفها وجهلها حيث أدت واجبها المناط بها نحو الثورة بأسلوب عسكري وبكل نجاح وذكاء فأكدت للجميع أهمية وضرورة مشاركتها في النضال المسلح كشرط أساسي لنجاح الثورة فنضال المرأة اليمنية تعتبر علامة مضيئة في سجل تاريخ الشعب اليمني المناضل.


المرأة الفلسطينية.. نضال مستمر

كان للمرأة الفلسطينية أيضا مشاركات فاعلة في النضال الوطني عبر التاريخ الفلسطيني حيث استطاعت المساهمة في بناء المجتمع الفلسطيني من جهة والمشاركة في المواجهة والوقوف أمام الاحتلال الصهيوني من جهة أخرى، حيث انخرطت المرأة في النضال داخل فلسطين وخارجها وخاضت ببسالة معارك الدفاع عن الثورة الفلسطينية في مواقع وساحات جغرافية ونضالية مختلفة وانضوت تحت لواء منظمات المقاومة الفلسطينية وشاركت في النضال لتحرير وطنها من المحتل وسعت إلى محاولة تحقيق تقرير المصير وحق العودة وبناء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.

وتعرضت النساء الفلسطينيات كالرجال الفلسطينيين للاعتقال، وزج بالآلاف منهن في السجون على مدى سنين الاحتلال ليتعرضن لأبشع أنواع التنكيل والتعذيب أثناء الاعتقال؛ لكن رغم ذلك حققت المرأة الفلسطينية انجازات تاريخية من خلال مسيرتها ونضالها منذ أوائل العشرينيات من القرن الماضي إلى الآن، حيث أدركت المرأة الفلسطينية مبكراً أن خلاصها من عبودية المجتمع لا يمكن أن يتحقق إلاّ بزوال الاحتلال وبتحرير وطنها من المحتل ولهذا فقد اندفعت المرأة الفلسطينية إلى ساحة النضال وأصبح همها وهم الرجل معا هو تحرير الوطن المغتصب وتنمية مجتمعها فساهمت في النضالات السياسية وانخرطت في منظمات المقاومة المختلفة وشكلت بعد ذلك العديد من الاتحادات الخاصة بها بهدف توحيد طاقاتها وجهودها وتطوير عملها وأنشطتها بما يخدم أهدافها وأهداف شعبها.


المرأة العراقية.. امرأة وطنية

المرأة العراقية لم تكن بعيدة عن ساحات النضال الوطني، فقد دخلت السجون والمعتقلات وتعرضت للملاحقات والتعذيب والموت من أجل الدفاع عن حقوقها المشروعة التي غيبتْها الحكومات المتعاقبة. فقد شاركت في الانتفاضات الوطنية والمظاهرات وحملت السلاح وواجهت الاحتلال الأميركي وعملت عبر المنظمات السرية في الدفاع عن وطنها حيث لمعت أسماء العديد من الشهيدات التي أصبحن رمزاً من رموز العراق الوطنية وستبقى على مر الأجيال باقية في الذاكرة العراقية، وعملت على خلق شخصية قوية تعتمد على نفسها وتعمل بقوتها في الميدان وتشارك في صنع القرار في مجتمعها التي تحيى فيها. كما خرجت المرأة العراقية تنشط وتتبرع وتساهم في كافة المجالات في العراق وفي خارجها ووضعت لنفسها مبادئ وأسسا تتماشى مع كينونتها كامرأة مثقفة يتوجب عليها أن تتسلح بالشهادات العلمية كمصدر للنجاح.
ومع هذا الدور البارز والنضالي الذي تتمتع بها المرأة العراقية فمازالت تتعرض للعنف في حياتها اليومية سواء في البيت أو الشارع أو المدرسة أو في مجال العمل حيث تغتصب حقوقها من قبل غالبية المحيطين بها أو من الاحتلال القاتم في البلاد, حيث أن قضية المرأة العراقية وحقوقها ووقف العنف ضدها هي من حقوق الشعب وقضيته في الحرية والديمقراطية ولا يمكن الفصل بينهما.


المرأة المصرية.. نهضة غير مسبوقة

والمرأة المصرية لها تاريخ عريض في رحلة النضال والكفاح والإصرار ضد الاحتلال والتخلف والظلم الذي استمر أكثر من قرن من الزمان، فصفحات التاريخ المصري تذكرنا بنضال "حواء" التي سطرت بحروف من نور كفاحها من خلال إثبات حقها في مشاركتها كفرد أساسي وفاعل داخل الحركة السياسية فقد شاركت منذ عام 1881 في الجهود الشعبية التي بذلت لمكافحة الاستعمار إبان الثورة العربية من خلال أنشطة عديدة حيث كانت تقوم بدور هام في عملية الاتصالات وتوصيل الرسائل بين الثوار آنذاك كما شاركت في المسيرات والمظاهرات ضد الاحتلال الأجنبي وتزويد الثوار بالأسلحة والتموين والقيام بأعمال التمريض والإسعافات الأولية بالإضافة إلى مشاركتها في الجمعيات الخيرية والثقافية وغيرها من الأعمال التي تبرهن به للجميع أنها تمتلك القدرة على تغيير الواقع.

كما يعتز التاريخ المصري بنضال المرأة المصرية التي تناضل من اجل المساواة الحقيقية والعدالة على طريق الوصول إلى رفع الظلم نهائياً عنها واخذ مكانها الطبيعي في الحياة السياسية والمجتمعية فالمسألة المحورية للمرأة المصرية آنذاك والى الآن هي فكرة النهضة العربية وخاصة للمرأة حيث بدأت من مطلع القرن العشرين.


المرأة الجزائرية.. سعي من أجل الحرية

وللمرأة الجزائرية دور هام في تحقيق الحرية التي تتمتع بها الدولة حاليا وذلك من خلال مشاركتها في تنظيمات نسائية سرية وعلانية سعت إلى تحقيق الحرية والاستقلال من الاحتلال الفرنسي آنذاك، فقد تكوّنت أول بذور تنظيم نسائي في الجزائر سنة 1945 وبرزت في سنة 1947 باسم "جمعية النساء المسلمات الجزائريات" التي تلاشت بعد انطلاق ثورة أول نوفمبر واندمجت ككل القوى الوطنية دون تمييز في الثورة.
كما مثّلت المرأة الجزائرية في الملتقيات الدولية النسوية لرفع صوت الثورة أمام العالم وكانت تقابل فيها بحماس منقطع النظير وتقابل بالعناق وبالمناداة بحرية الجزائر بالإضافة إلى تمثيلها في المؤتمرات الدولية كالمؤتمر الدولي الرابع للاتحاد النسائي الديمقراطي الذي عقد في مدينة فيينا سنة 1958، حيث انطلق صوتها أمام العالم يطالب بإيقاف الحرب الرّهيبة التي يفرضها الاستعمار الفرنسي على الشعب الجزائري الذي يناضل من أجل قضية الحرية والاستقلال، فاستطاعت أن تكون قادرة على المشاركة الفعلية ليس فقد في النشاط السياسي بل في بناء وتطور المجتمع بالوقوف مع صفوف المناضلين لتنمية البلاد والمشاركة في المنظمات القومية والاجتماعية للنهوض بمسؤولياتها لتحقيق الهدف.

فحققت المرأة الجزائرية النجاح والتوفيق في امتحان عسير لقدرتها ووطنيتها و طاقتها واستعدادها للتضحية في تحقيق النصر لبلادها وقد جاء في ميثاق طرابلس: "إن مشاركة المرأة الجزائرية الفعّالة في الحرب التحريرية تعطيها حق المشاركة بصفة كلية في النشاط العام لتطوير البلد و يجب على الحزب مساندة النشاط النسائي وتحميل المرأة المسؤولية حسب كفاءتها في إطار العمل من أجل الوطن"، وفي ميثاق الجزائر: "يجب أن يزيل الحزب جميع عراقيل رقي المرأة وازدهارها ويؤكد نشاط المنظمات النسائية"، بالإضافة إلى تحقيق المساواة بينها وبين الرجل كما أن يكون كأمر واقع.


المرأة الإماراتية.. اعتماد القدرات

عبر التاريخ لعبت المرأة الإماراتية دوراً اجتماعياً وحيوياً في تطور البلاد حيث أنها كانت توفر الرعاية الكاملة للعائلة في ظل ترك الرجل المنزل لفترات طويلة في البحر، كما تعزز دور المرأة الإماراتية في الربع الأخير من القرن الماضي من خلال تقديم التشجيع والتأييد من قبل رئيس الدولة وأعضاء المجلس الاتحادي، الذين أعطوا للمرأة الحق الكامل في التعليم والعمل والوظائف مثلها مثل الرجل فقد تم تأسيس أول جمعية نسائية في البلاد عام 1973 بعنوان "جمعية المرأة الظبيانية" وفي عام 1975 تم توحيد كل الجمعيات النسائية في دولة الإمارات تحت مظلة جمعية واحدة سميت "اتحاد المرأة الإماراتية" سعياً وراء ترسيخ دور المرأة وإكساب نشاطاتها زخماً وفاعلية أكثر، حيث قام الاتحاد بالعمل على تثقيف المرأة وتوعيتها عبر خطة شاملة لمحو الأمية وبدأ التركيز على مفهوم التنمية الاجتماعية ككل ودور المرأة فيه وعلى حماية حقوقها في مواقع العمل وتوفير فرص العمل اللائقة بها.

إن المرأة في دولة الإمارات العربية المتحدة تعرف دورها في المجتمع على أكمل وجه حيث استطاعت أن تواكب كل التطورات التي شهدتها البلاد خلال فترات مختلفة وحظيت بكل الدعم من المغفور له الشيخ زايد، باعتبار أن المرأة نصف المجتمع وأن النساء في كثير من الأحيان يقدمن أكثر مما يقدم الرجال، فالمرأة اليوم ترتقي إلى أعلى المستويات ولها القدرة على تحقيق الأهداف التي يتطلع إليها المجتمع وأنها ستستمر في الارتقاء بدورها لتبلغ كل أهدافها.


المرأة السودانية.. محاولات لإبراز مكانتها

وغير بعيد عن النضالات السابقة للنساء العربيات، استطاعت المرأة السودانية من خلال تراكمات نضالية مختلفة وبمستويات متفاوتة ووفقا لبعض العوامل المجتمعية المساندة أن تحصل على مكاسب هامة وكبيرة، فعندما اشتركت المرأة في الحركة الوطنية والنضال ضد الاستعمار البريطاني، وحاولت حكومة الاستعمار -آنذاك- وضع لوائح لتقييد النساء والحد من مشاركتهن في النقابات مع الرجال الأمر الذي ساعد في تكوين نقابات خاصة بالنساء، فكونت المعلمات نقابة خاصة بهن وناضلت الممرضات حتى نلن شرف التمثيل في نقابة الممرضين وشهد المجتمع المدني السوداني منذ نهاية الاربعينيات قيام العديد من التنظيمات النسائية وكان أهمها الاتحاد النسائي الذي كونته الرائدات المتعلمات الأمر الذي ساعد في انضمام النساء إلى الأحزاب السياسية.
وبعد نضال الحركة النسائية نالت المرأة حق الانتخاب وحق الترشح في عام 1965 ومارس بعض النساء هذه الحقوق في فترات الديمقراطية، فشاركت المرأة السودانية في عملية التعبئة السياسية وكن ينتمين إلى عدة أحزاب سياسية، كما تم تعيين نساء في الاتحاد الاشتراكي في السبعينيات وفي المجلس الوطني في التسعينيات وشهد تاريخ السودان تعيين عدة وزيرات، لكن في الكثير من القرى نجد أن المرأة ليس لديها تمثيل في اللجنة الشعبية لذلك فإن مشاركة النساء في عملية اتخاذ القرار ووضع القوانين ظلت غير فاعلة إلى الآن حيث مازالت المرأة السودانية تناضل من اجل امتلاك حريتها الكاملة في المشاركة الفعالية في تنمية المجتمع.


كلمة أخيرة
من المؤسف القول: "إنه رغم الاهتمام البالغ في المجتمعات المتقدمة والمنظمات الدولية وحتى في مجتمعاتنا العربية المعنية بحقوق المرأة إلا أننا نعاني من مظاهر التمييز السلبية والمتمثلة في الفقر والأمية وأشكال مختلفة في العنف والتمييز، وغيرها مما يرتكب بحق المرأة، ورغم أننا نعيش في القرن الواحد والعشرين إلا أن المرأة وخاصة في الدول العربية تأخذ كل حق من حقوقها بمعارك ضارية تتدخل فيها المنظمات الحقوقية والأمم المتحدة وأحيانا محاكم العدل الدولي فهل لنا الحق أن نذكر تلك البطولات التي قامت بها كل النساء المناضلات في مجتمعاتنا التي ذهبت دمائهن لتحقيق الحرية الكاملة لبلادنا وتحقيق المساواة الفعلية بين الرجل والمرأة في كافة المعاملات والحقوق 

والواجبات؟! 



عدن : سبأ نت – إعداد: منال أمين
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحيفة السياسية