رؤية المراكز البحثية للعام الجديد في رئاسة أوباما
الاثنين, 25-يناير-2010
الميثاق إنفو - تواجه إدارة الرئيس أوباما مع بداية العام الثاني لتوليه الرئاسة عدة تحديات على المستوى الداخلي والخارجي، حيث بدأ أوباما عامه الثاني كرئيس للولايات المتحدة بفقد أغلبية الستين مقعدًا في مجلس الشيوخ بعد فوز المرشح الجمهوري سكوت براون بمقعد السيناتور الديمقراطي الراحل إدوارد كينيدي، وبخسارة هذا المقعد لن تتمكن الأغلبية الديمقراطية من تمرير الإصلاحات دون عرقلة من جانب الجمهوريين. وعلى الصعيد الخارجي فإن تردي الأوضاع الأمنية في أفغانستان وتهديدات تنظيم القاعدة للمصالح الأمريكية وافتقاد الاستقرار السياسي في العراق لا تزال تمثل تحديات لم تتمكن الإدارة الأمريكية من حسمها خلال العام الأول لرئاسة أوباما .

وبالنظر إلى التحديات سالفة الذكر فمن المتوقع أن تواصل المراكز البحثية الأمريكية دعمها لاتباع إدارة أوباما لسياسات أكثر تدخلاً في مناطق التوتر على المستوى العالمي بما يؤدي لوأد التوترات الدولية في مهدها وبما يحقق المصالح الأمريكية وهو ما قد لا يتمكن أوباما من تحقيقه نتيجة تعقيدات المشهد الداخلي الأمريكي على أثر التداعيات السلبية للأزمة المالية العالمية على الاقتصاد الأمريكي والجدل حول قضايا داخلية كانت لها الأولوية مثل قضية الرعاية الصحية. أما التغير في أجندة المؤسسات البحثية الأمريكية فمن المتوقع أن يكون في أضيق الحدود بالنظر إلى إخفاق الإدارة الأمريكية في حسم القضايا الخارجية سالفة الذكر .

انتقاد التركيز على القوة العسكرية في أفغانستان

لا تزال الجبهة الأفغانية الباكستانية خط المواجهة الأول بين الولايات المتحدة وتنظيم القاعدة، ومع تصاعد الخسائر العسكرية الأمريكية في أفغانستان، اتجهت مختلف مؤسسات الفكر والرأي الأمريكية لطرح رؤيتها حول التعامل الأمثل مع الأوضاع السياسية والأمنية المتردية في أفغانستان، ويمكن في هذا الصدد تأكيد أن تقييم غالبية مراكز الأبحاث الأمريكية لأوضاع القوات الأمريكية في أفغانستان كان سلبيًّا. كما لم يحظ اتجاه الرئيس أوباما لزيادة عدد القوات الأمريكية في أفغانستان بصورة مضطردة بتأييد الخبراء والباحثين بتلك المؤسسات على اعتبار أن الاستراتيجية التي تبناها أوباما تركز فحسب على الأبعاد الأمنية والعسكرية وتغفل مختلف الأبعاد الاقتصادية والسياسية.

فعلى أثر الانتخابات الأفغانية المثيرة للجدل وتبادل الاتهامات بتزييف النتائج اتفق كل من ويليام ميلى William Maley وراني مولين Rani Mullenفي المؤتمر الذي عقده معهد دراسات الشرق الأوسط Middle East Institute في نوفمبر2009 على أن الأوضاع السياسية في أفغانستان تعد محددًا رئيسًا لمدى فاعلية التواجد العسكري الأمريكي في تطويق حركة طالبان وحلفائها على الحدود الباكستانية، خاصةً في ظل الصراع الخفي بين طالبان ومؤسسات الدولة الأفغانية على الشرعية السياسية اعتمادًا على دعائم دينية تقليدية في حالة طالبان في مقابل الشرعية المؤسسية الدستورية التي تستند إليها مؤسسات الدولة الأفغانية .

وفي السياق ذاته اتجه كل من فوتيني كريستيا Fotini Christiaأستاذ العلوم السياسية المساعد بجامعة ميتشيجن ومايكل سيمبل Michael Semple الباحث المتخصص في الشئون الأفغانية لانتقاد استراتيجية الرئيس أوباما في مقالهما بدورية الشئون الخارجية الأمريكية (Foreign Affairs) في عدد يوليو / أغسطس 2009، حيث أشار الباحثان لإغفال أوباما لأهمية التفاوض مع طالبان واستقطاب بعض قياداتها للتعاون مع الولايات المتحدة مقابل منحهم بعض المكاسب المادية والسياسية بما يؤدي لاختراق حركة طالبان من الداخل وتقويض تماسكها وقدراتها العسكرية المتصاعدة فضلاً عن عزلها في مناطق إقليمية محدودة بما يؤدي للتراجع نفوذها في المناطق الأفغانية البعيدة عن كابل العاصمة .

ولا تعد زيادة عدد القوات العسكرية الأمريكية في أفغانستان اقترابًا ملائمًا للتعامل مع المعضلة الأفغانية ذات الأبعاد المتشابكة من وجهة نظر كل من ناثانيال فيك Nathaniel C. Fick وجون ناجل John A. Nagl، الباحثين بمركز الأمن الأمريكي الجديد Center for a New American Security، ففي مقالهما الذي نشر على موقع مجلة السياسة الخارجية Foreign Policy بعدد يناير/فبراير 2009، يؤكد الباحثان على أهمية التركيز على التنمية وليس فقط العمليات العسكرية والاهتمام بحماية المدنيين أكثر من الاهتمام بقتل العدو واستخدام الحد الأدنى وليس الأقصى من القوة ودعم قوات الأمن والقوات الدفاعية الأفغانية للتصدي لتصاعد القدرات العسكرية لحركة طالبان وهي توصيات تشابهت في مضمونها مع ما ورد في التقرير ـ عرضه التقرير في السابق ـ الذي أصدره مركز الأمن الأمريكي الجديد Center for a New American Security تحت عنوان "حصر الأولويات: الإثنا عشر شهرًا القادمة في أفغانستان وباكستان".

وفي المقابل ركزت الدراسة ـ التي عرضها التقرير على ثلاثة أجزاء ـ التي أعدها كل من "ماثيو ليفيت " Matthew Levitt، مدير برنامج شتاين لمكافحة الإرهاب والاستخبارات بالمعهد Stein Program on Counterterrorism and Intelligence، ومايكل جوكبسون Michael Jacobson، الأستاذ المشارك بالبرنامج، على قضية تمويل الجماعات الإرهابية، من جوانب عدة، أهمها حاجة الجماعات الإرهابية للتمويل، والتغيير الذي طرأ على تمويل الجماعات الإرهابية بعد أحداث 11 من سبتمبر 2001، إضافة إلى جهود الولايات لمكافحة تمويل الجماعات الإرهابية. وتضمنت الدراسة التي جاءت تحت عنوان "تعقب النقود. إيجاد وتعقب وتجميد أموال الإرهابيينThe Money Trail: Finding، Following، and Freezing Terrorist Finances وأصدرها معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى Washington Institute For Near East Policy عدة توصيات فيما يتعلق بإحكام السيطرة على التدفقات المالية حول العالم والتي تعتمد عليها التنظيمات الإرهابية في تمويل أنشطتها مشددين على أهمية التعاون الدولي في مواجهة هذا التحدي العابر لحدود الدول مع استعانة التنظيمات الإرهابية بتكنولوجيا المعلومات ووسائط الاتصال المتقدمة في إتمام التعاملات المالية .

ومن المتوقع أن يكون التركيز في العام الثاني لرئاسة أوباما على قضايا من قبيل التنسيق بين المؤسسات والاستخباراتية والأمنية الأمريكية وطرح سياسات جديدة للأمن الداخلي لاسيما على أثر محاولة اختطاف طائرة نورث ويست، كما يتوقع أن تولي المراكز البحثية اهتمامًا متصاعدًا للحرب على الإرهاب في اليمن والصومال باعتبارها جبهات جيواستراتيجية في مواجهة النشاط المتصاعد لتنظيم القاعدة على المستوي الدولي .

التيارات الإسلامية تناهض المصلحة الأمريكية

دفعت توجهات الرئيس أوباما للتقارب مع العالم الإسلامي المراكز البحثية لوضع التيارات الإسلامية على أجندتها البحثية خلال العام المنصرم، وبدا أن مؤسسات الفكر والرأي الأمريكية تستكشف أفق التغير السياسي في العالم الإسلامي والتداعيات المرتبة على احتمالات وصول أي من تلك التنظيمات ذات الخلفية الدينية للسلطة لاسيما في منطقة الشرق الأوسط ذات الأهمية الجيواستراتيجية للولايات المتحدة، واتجهت غالبية الدراسات الصادرة عن المراكز البحثية الأمريكية لتوجيه انتقادات حادة لتلك التيارات سواء لتشدد توجهاتها حيال عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط والديمقراطية وتداول السلطة أو لترسيخها لأنماط ذهنية جامدة تقوم على استعداء الولايات المتحدة أو لبنيتها التنظيمية الهشة التي تجعلها أكثر قابلية للانقسام ومن ثم تجعل وصولها للسلطة خطرًا على المصالح الأمريكية.

و في هذا الإطار انتقد بول سكامPaul sham وأسامة أبو الرشيد Osama Abu-Irshaid الجمود السياسي لتوجهات حركة حماس فيما يتعلق بعملية السلام والاعتراف بوجود إسرائيل، وتضمنت دراستهما المعنونة "حماس بين التصلب الأيديولوجي والمرونة السياسية"Hamas: Ideological Rigidity and political flexibility والتي أصدرها معهد السلام الأمريكي (USIP)United State Institute Of Peace في يوليو 2009 عدة انتقادات تتعلق بعدم تبني حماس للبرجماتية السياسية التي تكفل لها تحقيق نتائج ايجابية على مستوى عملية التسوية والعلاقة مع حركة فتح ودول الجوار العربية، وفي السياق ذاته أشار كل من محمد ياغي Mohammad Yaghiو ودافيد اسكينكر David Schenker إلى أن توجهات حركة حماس الراديكالية جلبت عليها عداء النظام الحاكم في مصر، بما أثر على قدرتها على السيطرة على قطاع غزة، وأكدت دراستهما التي حملت عنوان "تدهور العلاقات بين مصر حماسHamas-Egyptian Relations Deteriorate" والتي أصدرها معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنىThe Washington Institute for Near East Policy في يناير 2009 على أن حماس أغفلت مصلحتها الحيوية في الحفاظ على علاقات وطيدة مع القاهرة للإفادة من تدفق المساعدات الأجنبية والتجارة البينية في تعزيز سيطرتها على قطاع غزة وفي المقابل فإن القاهرة تعتبر حركة حماس تهديدًا أمنيًا نظرًا لارتباط حماس بحركة الإخوان المسلمين المعارضة في القاهرة واستمرارها – وفق ما ورد بالدراسة – في تهريب الأسلحة عبر الأنفاق التي تخترق الحدود المصرية مع قطاع غزة .

وعلى صعيد الانتقادات للهيكل التنظيمي للتنظيمات الإسلامية، خلص الباحث في قضايا الإسلام السياسي "خليل العناني" في دراسة له تحت عنوان 

taqrir.org/showarticle.cfm?id=1391">شباب الإخوان المسلمين: البحث عن طريق جديد The Young Brotherhood in Search of a New Path" والتي نشرها مركز الإسلام والديمقراطية ومستقبل العالم الإسلامي Center on Islam, Democracy and the Future of the Muslim World التابع لمعهد هدسون Hudson Institute في الخامس من أكتوبر 2009 إلى أن جماعة الإخوان المسلمين المصرية باتت تتسم بالانقسام بين الأجيال المختلفة داخلها بما يمكن أن يعزى إلى خلافات هيكلية بين جيل الشباب من جانب والحرس القديم من قيادات الجماعة من جانب آخر حول مواقف التنظيم المعلنة من الديمقراطية والمواطنة والمشاركة السياسية وفاعلية العمل السياسي للجماعة. ناهيك عن خلافات حول الديمقراطية الداخلية وآليات تصعيد القيادات وغيرها من القضايا التنظيمية التي دفعت عددًا كبيرًا من شباب الجماعة من ذوي الفكر الإصلاحي الداعم لليبرالية السياسية للبحث عن "نهج جديد" لتغيير نمط العمل بالجماعة والضغط على قياداتهم لأخذ آرائهم في الاعتبار، وعلى الرغم من استبعاد العناني أن يؤدي ذلك الانقسام الجيلي لانفجار الجماعة من الداخل أو حدوث انشقاقات في التنظيم إلا أن ذلك لا ينفي اعتبار تلك الانقسامات مؤشر على خلل تنظيمي في هيكل الجماعة بما يثير شكوكًا حول قدرة الجماعة على شغل مكانة سياسية قوية بالنظام السياسي المصري في المرحلة المقبلة .

ومن غير المتوقع أن تتغير رؤية مراكز الأبحاث الأمريكية للتيارات الإسلامية وتقييمها السلبي لحركة حماس وحزب الله لكونها تمثل تهديدات لأمن إسرائيل والمصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، وبالنظر إلى إحجام الإدارة الأمريكية عن الضغط لترويج الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط على غرار السياسة التي اتبعتها إدارة الرئيس بوش، فمن المرجح أن يكون الاتجاه الغالب في رؤى المراكز البحثية مرجحًا للمصلحة الأمريكية والاستقرار السياسي في منطقة الشرق الأوسط على حساب القيم النابعة من النموذج الأمريكي وممارسة ضغوط جادة على دول منطقة الشرق الأوسط لدفع عملية التحول الديمقراطي قدماً ومن ثم فلا يتوقع أن تدعم الولايات المتحدة حركات الإسلام السياسي كبديل للقوى السياسية التقليدية الحليفة لواشنطن في المنطقة .

أمن إسرائيل أهم من التسوية

لم تتفق المؤسسات البحثية الأمريكية على تقييم واحد لتطورات عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط، وإن كانت عدة منظمات قد أقرت بحقيقة الجمود الذي يسيطر على العملية التفاوضية منذ تولي بنيامين نتنياهو لرئاسة الوزراء في إسرائيل، فلقد أقر جون جينج John Ging مدير الوكالة الدولية لغوث وتشغيل اللاجئين ( الأونروا) بأن الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة قد أدى لتداعيات كارثية على مستوى الأوضاع المعيشية لقاطني القطاع وأشار في كلمته بالمؤتمر الذي نظمته مؤسسة أمريكا الجديدة New America Foundation حول آفاق إنشاء دولة فلسطينية في نوفمبر 2009 إلى أن ممارسات إسرائيل التي تقوم على إغلاق المعابر لن تؤدي لتحقيق الأمن، وإنها على النقيض تؤدي لنتائج عكسية وتغلق كافة السبل أمام استئناف عملية التسوية، وفي السياق ذاته حذر السيناتور الديمقراطي جون كيري المرشح الرئاسي الأسبق، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي من استمرار الأوضاع على حالها في الشرق الأوسط يمكن أن يجعل الحل أكثر صعوبة. بما يستتبع ضرورة بذل مزيدٍ من الجهود من أجل دفع عملية التسوية قدمًا، وأشار كيري خلال كلمته في حلقة نقاشية عقدها مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط Saban Center for Middle East Policy بمؤسسة بروكينجزInstitution Brookings في مارس 2009 إلى أن تأجيل التقدم في مسار التسوية من شأنه أن يجعل من بقاء إسرائيل كدولة للشعب اليهودي أمرًا يتعذر حدوثه وهو الأمر ذاته فيما يتعلق بتدشين دولة فلسطينية تعيش جنبًا إلى جنب مع نظيرتها الإسرائيلية، كما أن من شأنه تشجيع قوى التطرف وتعزيز سيطرة الحركات الراديكالية في منطقة الشرق الأوسط مؤكدًا على أهمية أن تفضي المفاوضات إلى نتائج ملموسة.

و لم يقتصر تركيز المراكز البحثية الأمريكية على الأبعاد السياسية لعملية التسوية حيث شغلت الأبعاد الأمنية حيزاً كبيراً من اهتمامات المؤسسات البحثية الأمريكية وجاءت قضية تهريب الأسلحة لقطاع غزة عبر الحدود المصرية الإسرائيلية في المقدمة، خاصةً مع نهاية العملية العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة مع مطلع عام 2009، فلقد انتقد كل من ماثيو ليفيت Matthew Levitt ويورام كوهينYoram Cohen الباحثين بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى Washington Institute For Near East Policy عدم فاعلية الإجراءات المصرية في التصدي لتهريب الأسلحة عبر الأنفاق الفلسطينية منذ سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في عام 2007 مؤكدين أن الفترة بين عامي 2005 ويناير 2009 قد شهدت تهريب 250 طن من المتفجرات و80 طن من الأسمدة الكيمائية و4000 من رءوس صواريخ القسام وحوالي 1800 صاروخ وفق التقرير الذي أعده جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الموساد، وفي السياق ذاته اقترح كريس هارنيش Chris Harnisch في تقرير بعنوان دور مصر في تهريب السلاح لغزة نشرته كل من مؤسستي معهد أمريكان إنتربرايز American Enterprise Institute ومركز السياسات اليهودي في واشنطن the Jewish Policy Center في 3 من أغسطس 2009تبني رؤية الرئيس الأسبق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي Israeli National Security Council جيورا إيلاند Giora Eiland حول إنشاء منطقة أمنية تمتد لمسافة ميلين من الحدود بين مصر وغزة، مغلقة بسياج مزدوج،لإحكام السيطرة على الأمن على الحدود بين مصر وقطاع غزة، وحتى يزداد الاستثمار في البنية التحتية وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار في شبه جزيرة سيناء وتوفير فرص العمل بما يؤدي للقضاء على الأسباب المحورية لتنامي أنشطة التهريب إلى قطاع غزة.

و كان لرموز اليمين الأمريكي رؤية مختلفة فيما يتعلق بمسئولية أطراف عملية السلام ودور الولايات المتحدة في دفع المفاوضات قدمًا، حيث اتجه كل من إليوت أبرامز Elliott Abrams نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، وزميل مجلس العلاقات الخارجية حاليًّا ومايكل سينج Michael Singh الباحث بمعهد دراسات الشرق الأدنى لتحميل الطرف الفلسطيني مسئولية جمود التسوية نتيجة التمسك على حد زعمهما بفرض شروط مسبقة قبيل استئناف عملية السلام، وأشارت دراستهما التي نشرتها دورية شئون العالم World Affairs Journal في العدد الختامي لعام 2009، إلى أن القضية الفلسطينية لا تمثل أولوية في أجندة السياسة الخارجية للدول العربية وأنها لا تتجاوز كونها أداة وظيفية للتصدي لمطالب الديمقراطية والإصلاح الداخلي داعيين الدول العربية لقبول إسرائيل في إطار منظومة التعاون العربية وتعزيز التعاون بين الطرفين لاسيما على المستوى الدفاعي للتصدي لما أشارت إليه الدراسة على أنه التهديد الإيراني لتوازن القوي الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط.

احتواء فعال لإيران

تأثرت مراكز الأبحاث الأمريكية بالنهج المبدئي الذي أعلن الرئيس أوباما عزمه على اتباعه مع توليه للرئاسة، وانعكس اختلاف النهج الذي تبناه أوباما عن سابقه الرئيس جورج بوش على أطروحات المؤسسات سالفة الذكر للتعامل مع الملف النووي الإيراني وتهديدات إيران لإسرائيل ولتوازن القوى الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط، وفي هذا الصدد فإن المؤسسات البحثية الأمريكية اختلفت حول النهج الأمثل للتعامل مع إيران، فلقد انتقد جيمس فيليبس James Phillips الباحث في شئون منطقة الشرق الأوسط بمؤسسة هيريتج Heritage Foundation تبني الرئيس أوباما دعاوي متكررة للحوار مع إيران مشيرًا خلال الحلقة النقاشية التي استضافتها هيرتيج في أغسطس 2009 إلى ضرورة بذل إدارة "أوباما" جهودًا لفرض مزيد من العقوبات على طهران لإثنائها عن امتلاك برنامج نووي عسكري.

و في المقابل توقعت الدراسة التي أعدها كل من داليا داسا كاي Dalia Dassa Kaye، نائبة مدير مركز السياسة العامة للشرق الأوسط بمؤسسة راند، و"فريدريك ويهري "Frederic Wehrey المحلل السياسي بمؤسسة راند ، إن تمني محاولات تطويق إيران إقليميًّا بفشل ذريع إذا لم تأخذ في اعتبارها المعطيات الإقليمية الحاكمة للتفاعلات في منطقة الشرق الأوسط ولاسيما علاقات طهران الوطيدة بعدة أطراف إقليمية وخاصة سوريا وحزب الله وحركة حماس بما يكفل لها التفاعل مع محيطها الإقليمي بفاعلية، وأشارت الدراسة التي نشرتها دورية "واشنطن كوارتيرلي Washington Quarterly"، تحت عنوان "احتواء إيران: تجنب استراتيجية ثنائية الأبعاد في منطقة رباعية الأبعاد Containing Iran?: Avoiding a Two-Dimensional Strategy in a Four- Dimensional Region، في أغسطس 2009 إلى أن احتواء طهران إقليميًّا يتطلب إمعان النظر في التفاعلات الداخلية في إيران لاسيما عقب الأزمة السياسية التي أعقبت الانتخابات الرئاسية في إيران وتصاعد وتيرة الاحتجاجات السياسية من جانب أنصار التيار الإصلاحي .

و في المقابل أكد محسن نيلاني أستاذ العلوم السياسية ورئيس قسم الحكومة والشئون الدولية، بجامعة جنوب فلوريدا في دراسته التي نشرتها دورية الشئون الخارجية في عددها الجديد عن شهري يوليو ــ أغسطس 2009، تحت عنوان Tehran's Take. Understanding Iran's U.S. Policy، على أن إيران تتبع استراتيجية مضادة تقوم على تطويق التواجد العسكري الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط من خلال تطوير الوسائل التي تمكن إيران من خوض حروب محدودة وغير متماثلة داخل وخارج حدودها وتحديث منظومة التسليح الإيرانية وتطوير منظومات الصواريخ والمنظومات الدفاعية محليًّا والإصرار على عدم تجميد البرنامج النووي الإيراني على الرغم من الضغوط الدولية بما يجعل السيناريو الأكثر ترجيحًَا من وجهة نظر عدد كبير من المحللين في المراكز البحثية الأمريكية هو تجنب الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة مع إيران وتصعيد الضغوط الاقتصادية والسياسية على طهران للتخلي عن برنامجها النووي . 




نقلاً عن 
تقرير واشنطن


تقرير واشنطن- محمد عبد الله يونس