ماذا بعد انعقاد المؤتمر الثالث للمغتربين ؟
الثلاثاء, 20-أكتوبر-2009
الميثاق إنفو - المهم تنفيذ التوصيات ولو بنسبة بسيطة"، كلمات بدأ بها المغتربون في ختام فعاليات المؤتمر العام الثالث للمغتربين، الاثنين الماضي، فمنهم من كان متفائلا إلى درجة كبيرة، ومنهم من تساءل: تُرى هل ستنفذ هذه التوصيات ونراها على أرض الواقع أم لا؟
"السياسية" التقت بعض المغتربين المشاركين في المؤتمر رجال أعمال وكفاءات علمية لمعرفة آرائهم حول التوصيات الصادرة عن المؤتمر الذي قالوا إنه لامس الكثير من قضاياهم.
يقول رئيس الجالية اليمنية في كندا، سعيد علي صالح، إن هناك بعض الارتجالية فيما يتعلق بالترتيبات الخاصة بالمؤتمر، ويضيف "نحن وفد الجالية في كندا جئنا في آخر لحظة، حتى إن وزارة المغتربين قالت لنا اقطعوا تذاكر على حسابكم وسنحاسبكم في المؤتمر".
وأعرب عن أمله في أن تنفّذ توصيات المؤتمر وألاّ تتبخر مثل سابقاتها، واقترح أن يكون الكادر العامل في وزارة المغتربين من أصحاب الشأن أنفسهم حتى يتم استيعاب جميع القضايا الخاصة بأبناء الجاليات اليمنية في دول الاغتراب.
وعن أهم المشاكل التي تواجهها الجالية اليمنية اليمنية في كندا، يؤكد سعيد صالح أن فقدان الهوية أهم وأكبر مشكلة، ويقول: "لو وجدت لنا مدرسة يمنية ندرس فيها أبناءنا من أجل تعزيز الانتماء الوطني"، ويضيف "صحيح أننا نعامل في شمال أميركا معاملة طيّبة من حيث الخدمات التعليمية والصحيّة المجانية إلا أن فقدان الهويّة يشكّل لنا مشكلة كبيرة".
ويعتبر أن سر نجاح الجاليات اليهودية في العالم بسبب وجود المدارس الدينية الخاصة بهم، التي يهتمون بها، والتي بسببها أصبح لهم قرار مؤثر في البلدان التي يتواجدون فيها.

لجنة تحضيرية
فيما يعتبر محمد أحمد المحضار (مغترب يمني ومدير عام بنك أهلي سعودي)، توصيات المؤتمر قوية، ويشير إلى أنه لو نفذ منها 40 بالمائة لكان خيرا للجميع.
ويشير المحضار (مؤسس وواضع دراسة بنك المغتربين اليمنيين) إلى أن رأس ماله المكتتب وصل إلى 100 مليون دولار، موزعة على 75 بالمائة للمغتربين و25 بالمائة للمساهمين من المواطنين في الداخل.
ويوضح أن البنك على غرار البنوك التجارية الموجودة في اليمن، بنك تنموي إسلامي مهمته إقامة المُدن السكنية السياحية والتجارية والثقافية والصحيّة والتعليمية، وكل ما يرتبط بالوطن من خير، ويقول "البنك حُلم يراودنا منذ عشر سنوات من المؤتمر الأول إلى الثاني وإلى الآن".
ويشير إلى أنه وجد تفهما كبيرا من فخامة الرئيس علي عبد الله صالح الذي وعد بأن يقف بكل ثقله مع تأسيس البنك، مناشدا رئيس الجمهورية بإنشاء لجنة تحضيرية فورية لمناقشة موضوع البنك.
ولفت إلى أن رأس مال البنك يتحول إلى أصول تتمثل في مصانع للاسمنت والحديد والالومنيوم والرخام والبلاط ومصانع تخص الإنشاءات التي سيقوم بها البنك، ويعيد تسويقها مباشرة على المغترب والمواطن.
واعتبر بنك المغتربين البوابة الحقيقية للاستثمار الصحيح في اليمن، حيث إنه يستهدف شريحتين للاكتتاب، الشريحة الأدنى والوسطى؛ لأنهما يمكن أن تقدّمان بدون حدود.
ويقول المحضار "هناك مليونا سهم في البنك موزعة على مناطق الاغتراب اليمني في العالم التي تصل إلى حوالي 45 دولة، لدينا في اليمن ثروة كبيرة لكنها مهدرة، وهي: ثروة الإنسان؛ لأنها لم تفعل، ولم يوجد لها الرابط من خلال أن يكون لكل شخص مغترب مشروع صغير آمن وخالٍ من أية مشاكل، ويكون البنك هو من يعطى الثقة، وأن يكن له سكن كريم، إذا عاد هو وأسرته يوما ما".

مجلس أعلى
أما سكرتير مجلس الجالية اليمنية في قطر، محمد عبده الفقيه، فقد أشاد بتوصيات المؤتمر، وفي الوقت نفسه قال: "تبقى مسألة التنفيذ هي الأهم، ولو بنسبة 50 بالمائة نكون ناجحين 100 بالمائة".
وأضاف: "لنا تجارب بالنسبة للمؤتمرات السابقة معظم التوصيات كانت ممتازة، لكنها لم تنفّذ، الأوضاع الآن تغيّرت، نحن أحسسنا هذه المرة أن الحكومة متفاعلة مع كل قضايانا، ومع تفعيل التوصيات".
ويشير إلى أن عدد أفراد الجالية اليمنية في قطر 19 ألف مغترب (رجالا وأطفالا ونساءً) وأنهم يعاملون معاملة طيبة.
ويضيف الفقيه "قدّم وفد الجالية مقترحا بإنشاء اتحاد عام للمغتربين، ولكن التسمية جاءت مناقضة للوزارة، وكان من المفروض أن يكون هناك مجلس أعلى للمغتربين يكون مقره أميركا أو إحدى الدول الأوربية، ويُنتخب رئيسه وأمينه العام والسكرتارية وأعضاؤه من رؤساء الجاليات المشاركين في المؤتمر العام".
ويشير إلى أن مهمة المجلس التنسيق بين مجالس الجاليات في دول الاغتراب، ويكون المسؤول الأول أمام الحكومة اليمنية، ويدافع عن حقوق المغتربين، لافتا إلى أن هدف المجلس في الأساس ربط المغترب بوطنه، وتسهيل عملية الاستثمار وإيجاد منح دراسية لأبناء المغتربين.

ميزات خاصة
فيما رأى رئيس الجالية اليمنية في جدة، مهدي النهاري، أن أهم ميزة في المؤتمر هي أنه جمع رجال المال والأعمال ورجال الفكر من خلال إقامة ورشتين، الأولى لرجال المال والثانية للكفاءات العلمية التي خرجت بتوصيات وقرارات جيدة.
ويقول إن المهم عند جميع المغتربين هو تطبيق قرارات المؤتمر على أرض الواقع في أقرب وقت لما فيه مصلحة الوطن والمغترب، ويشير إلى أن عدد المغتربين في مدينة جدة 700 ألف مغترب، ومشاكلهم كثيرة، لكن أهمها مشكلة المهربين الذين يسببون -حسب قوله- إحراجا للجالية، ويشوهون سمعتها.

تعاون طبي
من جانبه، اتفق مؤسس الجالية اليمنية في روسيا الاتحادية، البروفسور علي حسين المشرع، مع النهاري في أن المؤتمر العام الثالث للمغتربين تميز عن المؤتمرات السابقة بعقد الورش الخاصة برجال المال والأعمال والكفاءات العلمية، واصفا الورش بأنها مؤتمرات مصغّرة.
وأشاد الرئيس الفخري للجالية في روسيا بورقة العمل التي قدّمتها وزارة الصحّة العامة والسكان في ورشة الكفاءات التي فنّدت المشاكل القائمة أمام هجرة الكفاءات العلمية اليمنية.
ويشير الدكتور المشرع إلى أن الجالية اليمنية في روسيا، التي تأسست في العام 2002، تعاني من مشكلة الترابط مع الداخل، لافتا إلى عدم اهتمام السفارة في موسكو بدعم الجالية، التي يقدر عدد أفرادها ب2500 شخص يحملون الجنسية الروسية، وجميعهم كفاءات علمية، اتجه بعضهم إلى إدارة الأعمال.
ويقول: "كُنا نود أن تكون هناك اتصالات بيننا وبين وزارة الصحة، وأن تكون هناك استشارات طبيّة، وهناك فكرة طُرحت من جميع الكفاءات اليمنية في الخارج عند وجود حالات مرضية، وهي استدعاء هذه الحالات إلى المناطق التي يوجد فيها كفاءات وإمكانية معالجتهم عن طريق علاقات هذه الكفاءات بالمستشفيات التي يعملون فيها أو الجامعات التي يدرسون فيها، ونتمنى أن تتم".

قصور فني
فيما تعتبر منسقة معارض ثقافية وفولكلورية يمنية في بريطانيا، نجلاء مهدي، توصيات المؤتمر بأنها استوعبت رغبات وقضايا المغتربين، وقالت "لكن تبقى آلية التنفيذ، وهي جل ما نصبوا إليه".
وتشير إلى أن المؤتمر تخلله بعض القصور في الجوانب الفنية في الترتيبات، ومنها عملية قطع البطائق التي كان من المفترض أن تجهّز قبل المؤتمر بفترة.

تفهم حكومي
من جانبها، تقول رئيسة اللجنة النسائية في الجالية اليمنية في الرياض، لولؤة الوصابي، أن المؤتمر ناجح على كافة المستويات، "وإن وجد قصور في بعض الجوانب فهذا لا يؤثر، فهي تحصل في أي فعالية، حتى وإن كانت صغيرة، فعلى مستوى حفلة صغيرة تقيمها الأسرة في البيت يحصل فيها تقصير".
وتضيف: "لمسنا تعاونا واضحا من الحكومة في حل مشاكلنا، وكان هناك طرح من قبل المشاركين بمصداقية، عن جميع القضايا".
وتمنت أن يكون النجاح ليس فقط على مستوى الحضور والمؤتمر بل أيضا في تنفيذ التوصيات التي غطت كل الاحتياجات والقضايا الخطرة والعاجلة، ولو بنسبة 20 بالمائة مما تم طرحه.

ترجمة التوصيات
من جهته، قال عبدالملك الخليدي (رئيس الجالية اليمنية بالمنطقة الشمالية الغربية بالسعودية – القريات) إن هناك تجاوبا كبيرا من الحكومة لدعم متطلبات المغتربين، متمنيا أن تتم ترجمة ذلك إلى تنفيذ التوصيات على أرض الواقع، ولو بنسبة 20 بالمائة.
ويشير إلى أن عدد أفراد الجالية في القريات يقدر ما بين خمسة إلى ستة آلاف، لافتا إلى أن أهم المشاكل التي يعاني منها المغترب في الداخل هي: الأمن والفساد والأراضي. أما ما يتعلق بالخارج فليس هناك أية مشاكل سوى قضية الكفيل "الذي يتحكم بكل ما لديك".

إخلاص وطني
فيما قال ممثل الجالية اليمنية في البحرين، عبدالله الزيادي: "نأمل أن تنفذ توصيات المؤتمر ونراها على أرض الواقع، وأن تستثمر في بلادنا بأمن ودون خوف، وأن تنتهي مسألة التطويل في المعاملات".
ويشير إلى أنه لو عمل الجميع بضمير وإخلاص لهذا الوطن سيأتي المستثمرون، ليس فقط المغتربون بل آخرون من الدول العربية والغربية للاستثمار في اليمن، لافتا إلى أن عدد الجالية في البحرين يقدر بـ15 ألف مغترب، بمن فيهم المجنسون الذين يصل عددهم إلى ستة آلاف.
ويضيف الزيادي: "أبناء الجالية اليمنية في البحرين يدرسون في المدارس الجامعات البحرينية، ويعاملون معاملة طيّبة من قبل الجهات الرسمية".

تفاعل ايجابي
في حين اعتبر سعيد حيدرة، رجل أعمال، المؤتمر ناجحا والتوصيات ممتازة، لكن يبقى الأهم، وهو تطبيق هذه التوصيات، ولو بنسبة 20 – 25 بالمائة.
ويقول: "كان هناك تفاعل كبير من قبل المشاركين في المؤتمر، وكل الذين جاءوا من الخارج كان لهم رد فعل ايجابي تجاه اليمن، خاصة في ظل الأزمات الحالية من خلال التبرع بالدم والمال لأبناء القوات المسلحة في جبهات الدفاع عن الوطن والنازحين من جراء أعمال الفتنة والإرهاب في محافظة صعدة وعمران".
ويشير إلى أن المهم، أيضا، هو تأسيس بنك المغتربين وتوقّع تشكيل لجنة من وزارة المغتربين والبنك المركزي اليمني قريبا لبحث موضوع البنك. 




السياسية