عن ثورة مزدوجة وانفصالين
الخميس, 01-أكتوبر-2009
فيصل جلول - ليس غريبا ان يدافع اليمنيون عن ثورتهم المزدوجة (سبتمبر واكتوبر) ووحدتهم مجددا بعد مضي كل هذا الوقت على اندلاعها في مواجهة الانفصال المذهبي والانفصال الجهوي فالثورات لا تحدث مرة واحدة وينتهي الامر. بل ربما يكون تثبيت نتائج الثورة وترسيخها اصعب من اشعالها وقلب النظام السابق عليها في هذا البلد او ذاك. هذا ما نراه في فرنسا حيث ولدت ام الثورات الجمهورية في العالم.هنا نلاحظ ان الجمهورية الفرنسية الاولى لم تدم اكثر من سنوات قليلة تلاها النظام الامبراطوري بقيادة نابليون بونابرت ومن بعده عادت الملكية مجددا لتنتهي بثورة ثانية وجمهورية ثانية دامت لسنوات قليلة ايضا وتلاها ثانية نظام امبراطوري بقيادة نابليون الثالث، وكان لابد من انتظار الجمهورية الثالثة بعد مضي اكثر من ثلاثة ارباع القرن على الجمهورية الاولى، وبالتالي ترسيخ النظام الجمهوري مرة واحدة والى الابد حيث أن الجمهوريتين الرابعة والخامسة الحالية ولدت ضمن اصلاحات في النظام الجمهوري نفسه. لا نرمي من المقارنة بين النظام في فرنسا والنظام في اليمن الى القول بتماثل النظامين والجمهوريتين فالمقارنة لاتجوز مع الفارق الكبير في تاريخ البلدين وموقع كل منهما في الهرمية الدولية واختلاف المصادر ومستوى الوعي... الخ. فالاشارة ترمي الى قول واحد فقط هو ان التاريخ السياسي لبلد ما لا يتغير مع حدث انعطافي وانما بفعل تثبيت نتائج هذا الحدث وتجميع الظروف الراسخة التي تجعل العودة الى الوراء امراً مستحيلا. ونعود للتجربة اليمنية التي واجهت من قبل وتواجه اليوم حركات ارتدادية الى الوراء وفي كل هذه المواجهات كان يتضح ان القوى التي خسرت معارك الحفاظ على الانظمة السابقة في شمال وجنوب البلاد لم تلق سلاحها وانما الزمت نفسها بهدنة مع النظام الوليد تتيح لها التقاط الانفاس وتجميع الوسائل وتعبئة الانصار واغتنام الفرصة الملائمة للدفاع عن مصالحها عبر العودة الى الوراء. لا يقول دعاة الانفصال المذهبي والجهوي شيئا آخر، فهم يؤكدون انهم يدافعون عن مصالحهم أو عن انفسهم عبر التصدي للنظام القائم. ولعل دعاة الانفصال الجهوي اكثر صراحة ووضوحا في هذا المجال من دعاة الانفصال المذهبي. ذلك ان الجهويين يقولون علناً انهم يريدون العودة الى الدولة الشطرية السابقة على الوحدة وبعضهم يأمل بالرجوع الى النظام السلاطيني في حين يجهر دعاة الانفصال المذهبي باحترام الدولة واحترام النظام الجمهوري ويموهون هدفهم الاصلي المتمثل بالعودة الى النظام السابق. هذه النية ليست معدومة المؤشرات فهم يفرضون في مناطق سيطرتهم نمطا من التخاطب والعادات والزواج والضرائب والتجنيد قريبة من تلك التي كانت قائمة في ظل النظام السابق ومختلفة عن تلك المعمول بها في العهد الجمهوري الحالي. وهم وان كانوا لا يفتتحون اجتماعاتهم العامة بالنشيد الوطني الوحدوي شأنهم شأن الكثيرين في التيار الجمهوري، فانهم يختلفون عن غيرهم بترديد الشعار الذي تردده الحشود خلال الاجتماعات العامة في الجمهورية الاسلامية الايرانية وينظر في طهران الى تبنيهم لهذا الشعار نظرة افتخار بوصول التأثير الايراني الى أعالي الجبال في اقصى الشمال اليمني، واذا اضفنا الصفة الجارودية التي اشار اليها الدكتور الدغشي في دراسته حول هذه الظاهرة امكننا القول ان ظاهرة الانفصال المذهبي تتجه نحو النظام السابق وتسعى اليه بوسائل متناسبة مع الظروف الراهنة وبالتعاون مع قوة اقليمية صاعدة، ولا بد من الاعتراف بالتكتيك الذكي الذي تعتمده هذه الجماعة عندما تختصر مطالبها امام الاعلام والرأي العام بالقول انها تدافع عن نفسها فهي لا تتقدم بمطالب تنموية محددة او ادارية او تمثيلية. والدفاع عن النفس بواسطة السلاح هو دفاع عن حالة اشرنا الى مواصفاتها وان كان لهذه الحالة الحق في الدعوة السياسية التي تريدها في ظل نظام تعددي فان النظام نفسه يفترض استخدام الاساليب السلمية والتمثيل الحزبي السلمي ولا يجيز انشاء البنية التحتية العسكرية والتعبئة المسلحة والتجنيد الايديولوجي الذي يوحي بالتماهي بين الدولة اليمنية واسرائيل وامريكا. في العيد السابع والاربعين والسادس والاربعين للثورة اليمنية ضد الاستبداد والاستعمار لا خيار امام التيار الجمهوري والوحدوي اليمني غير الدفاع عن الجمهورية والوحدة مع تجنب الانزلاق نحو الحرب الاهلية وذلك من خلال التعبير عن حجمه الغالب في اليمن وعبر الرفض العلني لظاهرة الانفصال المزدوجة. من جهة ثانية يجدر بهذا التيار الواسع ان لايكف عن التعبير عن رفضه القاطع لكل تدخل خارجي في الشؤون اليمنية الداخلية بغض النظر عن طبيعته فكل تدخل اجنبي في الاحداث اليمنية يقود -بالضرورة- الى الحرب، الاهلية وفي الحرب الاهلية وفيها وحدها يربح الانفصال و تخسر الدولة الجمهورية الواحدة الموحدة. في العيد السنوي للجمهورية اليمنية ربما كان يجدر بالمعارضة الرسمية ان تتصرف بوصفها معارضة من داخل الدولة الجمهورية الموحدة وليست محايدة. فالحياد بالتعريف هو الابتعاد عن طرفين و انتظار نتائج المجابهة بينهما وهذا الموقع لا يتناسب مع صفة المعارضة الرسمية التي شاركت احزابها في الحكم وتشارك في البرلمان وفي التمثيل الرسمي في المجالس المحلية أي في المؤسسات التي ترعاها الدولة فهل يجوز الحياد من داخل الدولة التي تقاتل ضد الانفصال المزدوج.؟ وهل يمكن للمعارضة ان تربح شيئا اذا ما افضت نتائج المجابهة الى انتصار الدولة على المنفصلين كما هو متوقع وراجح؟ وما الذي تربحه المعارضة في احتمال الانزلاق نحو الحرب الاهلية لا سمح الله؟ ربما كان على المعارضة ان تشخص الصراع في اليمن بطريقة افضل من تلك الواردة في وثيقتها وان تبني على التشخيص مقتضاه. فالصراع مع الظاهرة الانفصالية المزدوجة يقود بالضرورة الى انتصار الدولة او الى الحرب الاهلية، ولا شيء بينهما وفي الاحتمالين تخسر المعارضة هامش المناورة وتفقد زمام المبادرة. لم يفت الوقت بعد امام قادة بعض احزاب المعارضة الرسمية للتخلص من أسر الخطاب السياسي التعبوي الذي اطلقته منذ سنوات في اتجاه واحد وبالتالي التمييز بين اعتراضها على سياسات الدولة من داخل الشرعية وبين المخاطر المصيرية التي يحملها الانفصال المزدوج على الدولة وعلى الشرعية وعلى الوطن بكامله.هذا التمييز يرفع شأن المعارضة ولا يضعف حجتها.بل يوفر لها فرصة ثمينة للظهور امام الرأي العام المحلي والخارجي كطرف مسؤول جدير بالمشاركة في الحكم كجدارته في الاعتراض على السياسات الرسمية.
محمد المقالح "أفاد أحد أنجال المقالح أن شهوداً قالوا إن مجهولين اختطفوه في شارع تعز حين كان متوجهاً إلى منزله. وأضاف الشهود أن الخاطفين أفرغوا الهواء من إطار سيارة المقالح حين كان في مجلس من مجالس ليالي رمضان، وبعد مسافة قصيرة من تحركه ترجل ليتفقد الإطار قبل أن يخطفه أشخاص بزي مدني ويتركوا سيارته في المكان" ربما يكون هذا الخبر المنشور في موقع الكتروني يمني هو الاقرب الى حقيقة ما جرى للصديق والزميل محمد المقالح ويفصح الخبر عن حياد تام بين مجمل الروايات الاتهامية التي تحدثت عن هذه القضية. والسؤال المطروح اليوم في حدود معرفتي بهذه القضية يتصل بوجوب تحرير المقالح من اسر خاطفيه. وهذه المهمة ملقاة على عاتق وزارة الداخلية اليمنية المسؤولة عن امن المواطنين والمقيمين على الاراضي الوطنية. واذ اناشد وزارة الداخلية العمل على تحرير المقالح من اسر خاطفيه فلانني اعتقد ان اختلافي معه حول القضايا اليمنية الكبرى هو جزء لا يتجزأ من اعتقادي الراسخ بالقضايا التي ادافع عنها وفي طليعتها التعبير الحر. فكل قول مردود عليه مهما علا شأنه. وانطلاقا من هذا الحق وقعت من قبل عريضة الخيواني وآخرين ممن لا تربطني بهم جملة سياسية واحدة. واليوم انتظر عودة الصديق المقالح الى ذويه بفارغ الصبر.
*عن 26سبتمبر
|