إشكالية عمل المرأة العربية وإبعاده الاجتماعية والاقتصادية
الثلاثاء, 04-أغسطس-2009
د. محمد الدقس - هناك اتجاهات رسمية لدى بعض الدول العربية بضرورة تطوير دور المرأة في المجتمع خاصة من ناحية إشراكها في قوة العمل من أجل تفعيل دورها في عملية التنمية.

ولا شك في أن معدل دخول المرأة لميدان العمل آخذ في التزايد لدى العديد من البلدان العربية ومن بينها الأردن, وتبين الإحصاءات أن نسبة النساء في قوة العمل الأردنية قد بلغت 15,5% كما بلغت نسبة النساء من مجموع العاملين 14,2% وذلك عام 2000م(1).

إن تزايد عمل المرأة وتوسيع دورها في عملية التنمية بوجه عام يرجع إلى توسع السياسات التنموية, وهي تأخذ في الاعتبار أهمية عمل المرأة في هذا المجال لزيادة قدرة المجتمع الإنتاجية, والاستفادة من عملها خاصة لدى الأقطار العربية التي تشهد هجرة متزايدة من أبنائها الذكور نحو دول الخليج المنتجة للنفط, مما يترك مجالاً لتزايد عمل المرأة, مع الأخذ في الاعتبار أن تزايد نسبة مشاركة المرأة في قوة العمل ترتفع نتيجة لأسباب أخرى سيأتي ذكرها لاحقاً.

ومع ذلك فإن عمل المرأة في المنزل والعناية بأسرتها وزوجها سيظل يمثل الأهمية الكبرى بالنسبة للمرأة والمجتمع.

ومن هنا, فإن هذه الدراسة ستحاول البحث في إشكالية عمل المرأة العربية, وأبعاده الاجتماعية والاقتصادية.

* في مفهوم العمل:

يعرف العمل بأنه الجهد الذي يبذله الإنسان سواء أكان عقلياً أم عضلياً, بمعنى استخدام الفرد لقواه المختلفة من أجل تحقيق منفعة.

ويعرف العمل الاقتصادي بأنه النشاط الذي يبذله الإنسان عن وعي وقصد من أجل الحصول على منفعة اقتصادية, أي أنه يؤدي إلى إنتاج الأشياء التي تشبع الحاجات البشرية, أو الأشياء التي لها قيمة استعمالية.

والملاحظ أن التعريف الاقتصادي للعمل يحصر العمل بذلك النشاط الذي يدخل في حدود الإنتاج, أي بالنشاط الموجه لإنتاج البضائع والخدمات التي من الممكن تقييمها وتسويقها بحيث يحقق للقائم به دخلاً بالمعنى العام. وبما أن معظم عمل المرأة في البلدان العربية يدخل في النشاطات المنزلية, وهي في واقع الحال نشاطات اقتصادية, لكنها تقع خارج حدود الإنتاج, وبالتالي لا تدخل ضمن حدود العمل الاقتصادي المنتج(2).

كما يتبين بأن العمل الإنساني هو نشاط هادف, ويسبق البدء بممارسته وجود تصور ذهني لدى الفرد حول الهدف من العمل ونتائجه, والغاية منه, وهذا ما يميزه عن العمل الحيواني الذي هو عمل غريزي, فالعمل الإنساني يتجسد في صنع الإنسان لوسائل العمل وتطويرها, ويعتبر ذلك من أهم صفات العمل الإنساني(3).

ولا شك في أن حجم العمل في أي مجتمع من المجتمعات يتحدد بعنصرين أساسيين هما:

أولاً: عدد الأفراد القادرين على العمل, مع الأخذ بالاعتبار مستوى الأعمار (الهرم السكاني) وتوزيعهم حسب الجنس, وعادات المجتمع وتقاليده وقيمه وخاصة من حيث النظرة إلى عمل المرأة, والتشريعات القائمة في مجال الشتغيل وغير ذلك.

ثانياً: مدى الكفاءة الإنتاجية للأفراد ويعتمد ذلك على المستوى الفني, والمهني للعاملين, ومدى توفر أدوات العمل وما إلى ذلك.

وبالنسبة لعمل المرأة فهو يقسم إلى نوعين هما:

العمل داخل المنزل: أي أن عمل المرأة يكون ضمن أسرتها من حيث القيام بشؤون المنزل, ومتطلباته, وتربية الأبناء, والعناية بالزوج, وكل ما يتطلب ذلك من رعاية لشؤون الأسرة, ومن الجدير بالذكر أن عمل المرأة في هذه الحالة يتم من دون أجر مادي.

العمل خارج المنزل: ويقصد به العمل الذي تقوم به المرأة خارج المنزل ويكون بمقابل أجرٍ تتقاضاه نتيجة عملها خارج بيتها.

ومن الجدير بالذكر أن معظم النساء يمارسن العملين معاً, فهن يقمن بالعمل داخل المنزل وخارجه, وهذا هو السائد في معظم الحالات لدى المرأة العربية العاملة.

** عمل المرأة العربية تاريخياً:

لقد مارست المرأة العمل منذ فجر التاريخ, وهي ما زالت تعمل إلى اليوم, إمّا داخل البيت أو خارجه أو تقوم بالعملين معاً, فهي منذ نشأتها كفتاة كانت تعمل في بيت والديها, أو كأم تعمل في بيت زوجها, أو خارج البيت فقد كانت تمارس كثيراً من الأعمال الزراعية والاقتصادية الحرفية والمهنية, وهنا يمكن الإشارة باختصار إلى تاريخ عمل المرأة.

لقد كانت الفتاة العربية تشارك أسرتها في العمل الزراعي فضلاً عن عملها داخل المنزل, وبعد الزواج أخذت تعمل مع أسرتها في الزراعة. وما يتصل بها من أعمال فرعية كتصنيع منتجات الفاكهة والماشية, ومن تربية للدواجن وغير ذلك, بالإضافة للأعمال المنزلية الأخرى, ولكنها في كل الحالات لم تكن تتقاضى أجراً على ذلك.

لقد واكبت المرأة العربية تقدم مجتمعها وشاركت في تنميته, وخاصة حينما تتوسع المدن وتتنوع الصناعات والأعمال.

وفي ظل العمل الزراعي, كانت المرأة تؤدي دوراً مهماً في هذا العمل سواء عن طريق مشاركة أسرتها, أو عن طريق الاستقلال في العمل, وتحمل المسؤولية بمفردها في غياب الأب أو الزوج(4).

لقد كانت المرأة تسهم في العمل الزراعي عن طريق المساعدة في الحراثة, واستصلاح الأراضي للزراعة, وفي بذر الحبوب, وجمع الحصاد, وزراعة أشجار الفاكهة والخضراوات وغيرها, وكانت المرأة الريفية تقوم بتلك الأعمال في نطاق العمل الأسري غير المأجور.

وفي مجال الحرف والصناعة, فقد كانت تمارس أعمالاً مختلفة كطحن الحبوب وصناعة الخبز والخياطة وصناعة مشتقات الحليب وصناعة النسيج, وبعض المهن الأخرى. ولم تكن تتقاضى أجراً عن ذلك, ألا في بعض الحالات حينما تعمل لصالح أسر أخرى, أو حينما تصنع مواد للبيع, كمشتقات الحليب والدواجن, أو الملابس وغير ذلك.

وإلى جانب تلك الأعمال المنتجة قامت المرأة بأعمال غير إنتاجية لقاء أجر تناله من خلال ممارستها لمهنة التطبيب والقبالة كما مارست حرفة التجميل والتزيين للنساء, كما عملت خادمة في البيوت, وقد كانت تشارك في الحروب بحمل السلاح ومداواة الجرحى وغير ذلك.

غير أن عملها هذا أخذ يتطور بتطور المجتمع, ومع تغير البناء الاجتماعي والاقتصادي فقد أخذت أعمالها تتنوع منذ منتصف القرن العشرين تقريباً, حيث شهد بداية نهضة حضارية للمجتمعات العربية, وخاصة مع تزايد توسع قاعدة التعليم للفتيات, فأصبحت المرأة تعمل في مجال التعليم والإدارة وغيرها.

لقد بدأت الأقطار العربية بالتوسع في نشر التعليم وخاصة بعد استرجاع استقلالها, فأخذت أعداد الفتيات تتزايد في المدارس والمعاهد والجامعات مما أفسح في المجال أمام الفتيات بالدخول في سلك التعليم والتوظيف بوجه عام. ومع ذلك تعتبر النسبة التي تساهم بها قوة العمل النسائية العربية في النشاط الاقتصادي من أدنى النسب في العالم حتى إذا قورنت بالنسبة إلى الدول النامية الأخرى, فقد بلغت النسبة في عقد الثمانينات من القرن الماضي حوالي 9%, ويتوقع مكتب العمل الدولي أن تصل النسبة إلى 13% من مجموع القوى العاملة عام 2005م(5).

ومن الجدير بالذكر أن نسبة المشاركات في قوة العمل تتراوح في كل من دولة قطر والإمارات العربية المتحدة 2% وفي كل من الأردن ولبنان 15,5% و22% على التوالي, وترتفع هذه النسبة إلى 29% في الأقطار العربية الزراعية كالصومال وموريتانيا(6).

ومن ناحية عامة فإن انخفاض نسبة مشاركة المرأة العربية في قوة العمل ليست مستقلة عن ضآلة قوة العمل بشكل عام مقارنة بمجموع سكان الأقطار العربية, حيث تصل نسبة الإعالة إلى 1 : ,4 كما لا يسهم سوى 26% من مجموع السكان في القوى العاملة, وتعتبر هذه النسبة من أقل النسب في العالم.

وبوجه عام يمكن القول إن عمل المرأة العربية بالإضافة إلى العمل الزراعي - غير المأجور - يبقى في مجال التعليم والخدمات الطبية والإدارية, أما مساهمتها في قطاع الإنتاج فهي محدودة جداً في معظم الأقطار العربية, ويرجع ذلك إلى عدة عوامل منها تعليمية تتعلق بارتفاع نسبة الأمية لدى الفتيات, وندرة المعاهد المهنية الخاصة بالفتيات وإلى عوامل اجتماعية وثقافية أخرى.

ومن المفيد الإشارة إلى التمييز بين النشاطات الزراعية, وغير الزراعية, ففي المناطق الريفية تقوم النساء بالعمل الزراعي كجزء من مسؤولياتهن البيتية ويعتبر غالباً عملاً غير مأجور, كما أن الإحصاءات تهمل إدخالهن في القوى العاملة الممارسة للعمل فعلاً, مما يقلل من نسبة مشاركة النساء في ميدان العمل, كما أن الإحصاءات لا تحسب الجهد الذي تقوم به المرأة في المنزل, حيث لا توجد حتى الآن وسائل لتقدير حجمه أو حجم مساهمته في الناتج القومي(7).

** العوامل المؤثرة في عمل المرأة:

هناك عدة عوامل تؤثر في عمل المرأة إيجاباً أو سلباً, ويمكن تقسيمها إلى عوامل اجتماعية وعوامل اقتصادية على النحو الآتي:

** أولاً: العوامل الاجتماعية:

هناك عدة عوامل اجتماعية تؤثر في عمل المرأة من أهمها:

1- التعليم والتأهيل: لا شك في أن قاعدة التعليم اتسعت في الآونة الأخيرة لدى المجتمعات العربية وبخاصة لدى الإناث مما أفسح المجال أمامهن للعمل خارج المنزل.

إن من شأن تعليم المرأة وتأهيلها أن يفسح في المجال أمامها للعمل, حيث تتوافر أمامها فرص أكثر للعمل, فمعظم المهن تتطلب مستويات معينة من التعليم الأكاديمي, أو الفني, فانتشار المدارس والمعاهد الفنية والمتوسطة والجامعات قد سهّل من تعليم الفتيات خاصة في ظل القوانين والتشريعات التي تشجع وتسهل تعليم الفتاة. ومع ذلك لا يعتبر ذلك قاعدة عامة تسري على جميع الفتيات المتعلمات, فإن كثيراً منهن يتزوجن في أثناء الدراسة والتأهيل وغالباً ما يخرجن من سوق العمل, بالإضافة إلى أن الوضع المادي الجيد للأسرة في بعض الحالات يجعل المرأة غير راغبة في العمل, كما أن هناك عوامل أخرى قد تؤثر في عدم دخول المرأة للعمل.

2- ارتفاع معدل سن الزواج للفتيات: لقد بدأ سن الزواج بالارتفاع نتيجة تعلم الفتيات, فمعظم الفتيات يتزوجن بعد الانتهاء من الدراسة الجامعية, مما يؤدي إلى رفع سن الزواج ويخفض معدل الخصوبة, ومن الجدير بالذكر أن معدل سن الزواج في الأردن قد وصل إلى 25,9 سنة للإناث 29,8 سنة للذكور عام 2000م(8). إن من شأن ذلك كله أن يسهم في توجه المرأة نحو العمل خارج البيت.

3- نظرة المرأة إلى العمل: وهي نظرة ترتبط بالواقع النفسي والاجتماعي للمرأة, حيث أن كثيراً من النساء يفضلن عمل البيت والعناية بالأسرة, رغم توفر فرص العمل أمامهن, كما أن نظرة المرأة للعمل تتأثر بنظرة المجتمع لعملها بوجه عام, ففي المجمتع العربي يكون الرجل هو المسؤول عن إعالة الأسرة, وبالتالي لا تكون المرأة مضطرة للعمل إلا في ظروف استثنائية قاهرة, بالإضافة إلى أن توجيه التنشئة الاجتماعية وهي أن تعمل المرأة في البيت أولاً.

4- تشريعات وقوانين العمل: لا شك أن التشريعات وقوانين العمل من شأنها أن تؤثر في عمل المرأة, ففي معظم الأقطار العربية هناك تشريعات وقوانين تتعلق بعمل المرأة, مثل منح إجازة الأمومة, والضمان الاجتماعي, والتقاعد, والعمل الملائم لطبيعة المرأة مع مراعاة ظروفها الاجتماعية, والمساواة في الأجور مع الرجل في حال تساوي العمل, وتوفر فرص التعليم والتأهيل والتدريب, ومراكز محو الأمية وغير ذلك, إن مجمل تلك القوانين والتشريعات معمول بها في معظم الأقطار العربية, والتي من شأنها ان تزيد من فرص العمل أمام المرأة.

5- الهجرة للذكور داخل الوطن أو خارجه, وهذه الهجرة عامل مؤثر في عمل المرأة, لقد تزايد أعداد العاملين المهاجرين الريفيين وترك العمل الزراعي, والتوجه إلى المدن, أو إلى دول أخرى, فقد غير ذلك من وضع المرأة الريفية في العمل. حيث تزايد عملها في المجال الزراعي, وقد أخذ هذا العمل يعتمد اعتماداً كبيراً على القوة العاملة النسائية, ومن جهة أخرى فإن الهجرة إلى الخارج وخاصة من قبل القوى العاملة من الذكور في بعض الأقطار العربية نحو بلدان الخليج, قد أثر على عمل المرأة وخاصة لدى البلدان المصدرة للقوى العاملة مثل الأردن ومصر ولبنان وسوريا واليمن, فقد أصبح لديها نقص في القوى العاملة في بعض المهن مما أدى إلى دخول المرأة مجال الأعمال الشاغرة في تلك البلدان.

6- زواج المرأة: لقد أجريت العديد من الدراسات في الأقطار العربية حول أثر عمل المرأة بالزواج, فقد أظهرت دراسة أجريت في الأردن بأن هناك علاقة بين عمل المرأة والزواج, فقد تبين ان الأغلبية, من النساء غير المتزوجات يخططن لترك أعمالهن بعد الزواج, وأن نسبة عالية من النساء المتزوجات تفكر بترك أعمالهن بعد الإنجاب, وان نسبة منهن سيتركن العمل لعدم استطاعتهن التوفيق بين واجباتهن المنزلية ومتطلبات الوظيفة(9). وهناك دراسات أخرى أجريت في أقطار عربية مختلفة بينت تشابهاً كبيراً في النتائج مع الدراسة السابقة, مما يدل على أن الزواج عامل رئيسي في توجه المرأة, نحو العمل والاستمرار أو تركه للتفرغ للعمل في البيت, والعناية بالأسرة, أي أن معظم النساء العاملات يفكرن بترك العمل بعد مدة ليتفرغن للعناية بالأسرة.

** ثانياً: العوامل الاقتصادية:

هناك عوامل اقتصادية عديدة مؤثرة في عمل المرأة, من أهمها ما يلي:

1- طبيعة البناء الاقتصادي للمجتمع: لقد شهد الاقتصاد العربي في الآونة الأخيرة تقدماً ملحوظاً, مما أحدث تغيراً في التوزيع السكاني, وزيادة ملحوظة في نسبة مشاركة المرأة في القوى العاملة نتيجة للتغيرات البنيوية في اقتصادات البلدان العربية, فقد كان للنمو الاقتصادي تأثير واضح في توزيع السكان داخل هذه البلدان وأصبحت الحياة الحضرية مع ما تنطوي عليه من تغيرات في التنظيمات الاجتماعية مظهراً بارزاً للمجتمع العربي, وقد تزايدت الحاجة الماسة إلى زيادة دخل الأسرة لتزايد النفقات الاستهلاكية, وهي أعلى بكثير مما كانت عليه في المناطق الريفية التي كانت مكتفية ذاتياً(10).

2- الضرورة الاقتصادية: وذلك نظراً لتزايد احتياجات المرأة نتيجة للتغيرات الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع مما يضطرها للعمل كي تسهم في تلبية متطلبات الأسرة وتخفيف الأعباء على الزوج.

** مساوئ عمل المرأة:

لا شك في أن لعمل المرأة خارج المنزل أبعاداً مهمة سواء على الأسرة أو المجتمع, ومن الطبيعي أن يكون عمل المرأة في المحل الأول رعاية أسرتها والعناية بزوجها وأطفالها, إلا أن هناك ظروفاً قاهرة تضطرها للخروج من بيتها للعمل خارجة, ونتيجة لذلك قد تترتب بعض المساوئ على عمل المرأة خارج البيت من أهمها:

1- تفكك الأسرة: قد يؤدي عمل المرأة خارج بيتها وتركها لأولادها دون عناية وتربية إلى ضياعهم, وتكثر الآفات الاجتماعية في المجتمع نتيجة ذلك في ظل غياب الأب والأم عن المنزل لانشغالهما بالعمل, أي أنه يحدث نتيجة لذلك تفكك الأسرة ودمارها(11).

2- إرهاق المرأة جسمياً نتيجة قيامها بأعمال مخالفة لطبيعة تكوينها الجسدي, وإرهاقها عقلياً لما تتعرض له من تفكير تجاه أطفالها نتيجة تركهم في البيت أو في دور الحضانة أو عند المربيات أو الجيران حيث تبقى دائمة التفكير بما سيحل بهم في أثناء غيابها.

3- انتشار بعض ظواهر الفساد في المجتمع نتيجة خروجها للعمل غيرمحتشمة, مما قد يؤدي ببعض النفوس المريضة من الرجال لملاحقاتها, فتتميع الأخلاق وينتشر الزنا, وخاصة إذا عملت المرأة أعملاً لا تليق بالعفة والكرامة والأخلاق.

4- ارتفاع معدلات الطلاق, فقد بينت العديد من الدراسات أن نسبة الطلاق تتزايد طردياً مع تزايد نسبة دخول المرأة لسوق العمل, فغالباً ما يتم الطلاق نتيجة إهمال المرأة لبيتها وأطفالها نتيجة خروجها للعمل. مما يؤدي إلى ظهور الخلافات الزوجية التي من شأنها أن تؤدي إلى الطلاق, ولهذا يعتبر عمل المرأة خارج البيت من الأسباب الرئيسة المؤدية للطلاق.

5- زيادة معدلات البطالة لدى الذكور: هناك من ينظر إلى عمل المرأة خارج المنزل بأنه يزيد من معدلات البطالة في المجتمع لدى الذكور, حيث تنافس المرأة في فرص العمل المتاحة, وخاصة في الأعمال التي قد يتداول فيها الجنسان, كالطب والهندسة والتعليم والإدارة وغيرها, ونظراً لطبيعة المرأة وتكوينها الجسدي, وخاصة في أثناء الحمل, تكون بحاجة إلى راحة فتعطى لها إجازات متفرقة مما يعطل العمل ويزيد في تكلفة الإنتاج وإلى تدني الإنتاجية, بالإضافة إلى أن المرأة العاملة تتزايد متطلباتها مما يؤثر على دخلها وقد ينعدم, أي أنه بالتالي لا فائدة اقتصادية من هذا العمل(12).

** بعض الاقتراحات لمعالجة مساوئ عمل المرأة:

لقد أصبح عمل المرأة واقعاً اجتماعياً ,فهي تمارس عملاً خارج البيت لدى المجتمعات كافة, وان نسبة مشاركتها في العمل في تزايد مستمر مع ارتفاع نسبة تعليمها وتأهيلها, وخاصة في ظل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها المجتمعات اليوم, ومع التأكيد بأن عمل المرأة الأول هو العمل المنزلي, ورعاية الأسرة من أجل المحافظة عليها وتنشئتها تنشئة صالحة مما ينعكس إيجاباً على المجتمع وتنميته.

إلا أن هناك ظروفاً مختلفة تضطرها للعمل خارج البيت بالإضافة إلى عملها داخل البيت كما تبين سابقاً, كما أن عمل المرأة خارج البيت قد أصبح واقعاً, وهناك مساوئ قد تترتب على ذلك, وعليه يمكن تقديم بعض الاقتراحات لمعالجة تلك المساوئ وهي كالآتي:

-أن تراعي المرأة العاملة المرجعية الإسلامية من حيث العفة والحشمة وكل ما تقتضيه الأخلاق النبيلة في هذا الشأن, لذا فإن من مسؤوليات الأسرة في تنشئتها للأبناء أن تزرع في نفوسهم بذور الخير والأخلاق, والعمل الشريف, وغير ذلك بما تطلبه الشريعة الإسلامية.

-التوسع في مجالات العمل الجزئي, بحيث يفسح المجال لمشاركة المرأة فيه بجزء من وقتها, وما تبقى لأعمال البيت والعناية بأسرتها.

-التفرغ لأعمال البيت إذا وجدت أن هناك تعارضاً مع عملها خارج البيت, وعدم قدرتها على التوفيق بينهما, فمن شأن ذلك ان يحفظ للمرأة أسرتها من المشاكل البيئية ويعزز مكانتها لدى أفراد أسرتها ويؤدي إلى تماسكها ونجاحها في المستقبل.

-مراعاة طبيعة الأعمال التي تناسب تكوين المرأة الفسيولوجي, بحيث لا تؤدي أعمالاً غير مناسبة لطبيعتها, ومساعدتها في إيجاد مثل تلك الأعمال الملائمة.

-العمل على تغيير بعض القيم المعوِّقة لعمل المرأة لتؤدي دورها في المجتمع, وأن تقوم المرأة بالدفاع عن حقوقها من خلال مشاركتها في الأحزاب والجمعيات والمؤسسات وغير ذلك.

-قيام وسائل الإعلام بالتوعية بأهمية دور المرأة في المجتمع كأم وعاملة وإبراز هذا الدور في تقدم المجتمع وتنميته.

-استيعاب عمل المرأة في إطار سياسة تنموية مدروسة تراعي التغيرات الاقتصادية والاجتماعية, وفي إطار نتائج الدراسات والأبحاث العلمية حول عمل المرأة من الجوانب كافة.

** الحواشي

-دائرة الإحصاءات العامة, الأردن بالأرقام, عام 2000م.

-هدى زريق: "نحو تدعيم عمل المرأة الاقتصادي في الوطن العربي" "في المستقبل العربي, رقم ,48 شباط 1983م, ص ص (96-97).

-محمد سعيد النابلسي: "الاقتصاد السياسي", مطابع مؤسسة الوحدة, دمشق, ,1981 ص ص(16-17).

-بدر الدين السباعي: "مشكلة المرأة: العامل التاريخي", دار الفارابي, بيروت, 1985م, ص .136

-مريم سليم: "أوضاع المرأة العربية" وضع المرأة العربية بين ثقل الواقع وتطلعات التحرر, مركز دراسات الوحدة العربية, بيروت, 1999م, ص.21

-المرجع السابق, ص ,21 وأنظر: الأردن بالأرقام, مصدر سابق.

-انظر: كامل أبو جابر وآخرون: "أوضاع بعض النساء العاملات في الأردن", ورقة بحث في ندوة السكان والاستخدام والتنمية في الأردن 1977م.

-صالح جرادات: "حقوق المرأة في الإسلام, دراسة مقارنة مع الواقع", مطبعة الروزانا, أربد, 2000م, ص .110 ."المجلة الثقافية-الجامعة الأردنية" 



المصدر
*مركز أمان للدراسات