إشراك المسلمين: نهج إدارة أوباما
السبت, 01-أغسطس-2009
فرح پانديث - "في 17 يوليو/تموز 2009، خاطبت فرح پانديث، أول مندوبة خاصة إلى المجتمعات الإسلامية في وزارة الخارجية الأمريكية، منتدى السياسى في مأدبة غداء في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى لمناقشة دورها الجديد ونهج وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون تجاه إشراك المسلمين. فيما يلي خلاصة المُقرر لملاحظاتها".

تلوح أمام وزارة الخارجية الأمريكية حالياً فرصة استثنائية لخلق إطار عمل جديد لإشراك المجتمعات الإسلامية في جميع أنحاء العالم. وفي حين تهدف الإدارة الجديدة إلى مواجهة قصص الماضي وكسر الصور النمطية الحالية، طرح الرئيس باراك أوباما أسلوب ابتكار وتواصل [دبلوماسي] قائم على "المصلحة المتبادلة والاحترام المتبادل". وقد ألهم هذا النهج الجديد وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون إلى إنشاء "مكتب المندوب الخاص إلى المجتمعات الإسلامية" (OSRMC).

تواجه المجتمعات الإسلامية في مختلف انحاء العالم تحديات جمة، بما فيها الإندماج والإنصهار والبحث عن الهوية وانعدام الفرص والأمية وتمكين المرأة والفكر المتطرف والعنيف. ورغم أن السفارات الأمريكية قد عمدت إلى إشراك المسلمين على مدى سنوات، إلا أنه يتعين على واشنطن بذل المزيد من الجهود لبناء شراكات والمساعدة على إيجاد حلول للمشاكل التي تؤثر على المجتمعات الإسلامية. إن مستوى النشاط والالتزام والانفتاح الحالي لم يكن موجوداً في السابق، ويتعين على الولايات المتحدة أن تغتنم هذه الفرصة لوضع نموذج جديد للتواصل.

سوف يعمل "مكتب المندوب الخاص إلى المجتمعات الإسلامية" خارج إطار توجهات واشنطن التقليدية على المستوى الشعبي، حيث سيفعل على إشراك الجيل القادم وبناء شراكات جديدة. كما سيتصل المكتب الجديد مباشرة مع المسلمين في جميع أنحاء العالم – يتبادل الأفكار مع القادة والأفراد غير الرسميين داخل المجتمعات المختلفة – لإيجاد حلول مستدامة للتحديات التي تواجهها.

تعد الهوية واحدة من أهم القضايا التي تواجه الشباب المسلم اليوم. فالعديد من الشباب المسلم، في البلدان ذات الأقلية المسلمة وذات الأغلبية المسلمة على حد سواء، يستفسرون عن مكانهم في المجتمع ويكافحون من أجل توفيق ثقافتهم ودينهم مع الحداثة. واستجابة لذلك، أنشأت الحكومة الأمريكية مبادرات مثل "برنامج حوار المواطن" لإشراك هؤلاء الشباب وتوجيههم. ويربط هذا البرنامج المسلمين الأمريكيين الشباب الذين "أبحروا" في قضايا الهوية المعقدة هذه مع نظرائهم من بلدان أخرى. وسيُبذل المزيد [من الجهود] لطرح مبادرات تجمع مختلف الناس معاً للعمل على [صياغة] الأفكار والتحديات [الملائمة]. فعلى سبيل المثال، سوف يعمل "مكتب المندوب الخاص إلى المجتمعات الإسلامية" على جمع شباب عاملين من لندن مع نظرائهم من عمان ومومباي لبحث كيفية استخدام التكنولوجيا والرياضة لإشراك شباب المسلمين على نحو أكثر فعالية في مجتمعاتهم.

إن الإفتقار إلى التنمية الاقتصادية وما يرافق ذلك من بطالة يمثلان تحدياً للمجتمعات الإسلامية في جميع أنحاء العالم. [لذلك] سوف يعمل "مكتب المندوب الخاص إلى المجتمعات الإسلامية" على تعزيز التعليم القائم على المبادرة، وتمكين الحصول على التمويل اللازم لأصحاب المشاريع الحرة من جميع الأنواع، وتشجيع الرعاية التوجيهية بين كبار رجال الأعمال وأصحاب المشاريع الناشئة. ويمكن إحراز تقدم في هذه المجتمعات [المحلية] عن طريق الجمع بين أصحاب الأفكار والأشخاص من ذوي الخبرة.

إن المجال الآخر الذي يشكل تحديات هائلة للمجتمعات الإسلامية هو الجودة التعليمية المتدنية، التي أدت إلى انتشار الأمية وعدم وجود فرص الريادة للمسلمات. ويهدف "مكتب المندوب الخاص إلى المجتمعات الإسلامية" إلى بناء شراكات بين أصحاب المشاريع التقنية الرائدة والناشطات النسائيات الأوائل بغية خلق مبادرات متقدمة لزيادة مجو الأمية وتعزيز التعليم والقيادة بين النساء المسلمات. ومن خلال تطوير فهم محلي وتطبيق نهج مختلف قليلاً في إشراك [المسلمين]، يمكن تحقيق خطوات كبيرة في المعايير والممارسات التعليمية.

ورغم أن الرئيس أوباما أكد على أن علاقة أمريكا مع الجاليات الإسلامية لا ينبغي أن تقوم حصراً على معارضة الإرهاب، إلا أنه ذكر أيضاً أنه يجب التصدي للتطرف القائم على العنف. وتمشياً مع هذه الفلسفة، سوف يساعد "مكتب المندوب الخاص إلى المجتمعات الإسلامية" على إسماع أصوات من يقاومون التطرف المستند على العنف. وعندما تتاح لهم الأدوات المناسبة، سيتمتع المسلمون بالمصداقية والقدرة على نبذ الرسائل والأيديولوجية المتطرفة من أحيائهم.

يوجد تنوع هائل بين مسلمي العالم البالغ عددهم 1.3 مليار تقريباً، ولا تزال هناك إمكانيات غير مستغلة داخل مجتمعاتهم [المحلية] لتحقيق التفوق. ويجب العثور على هذه المواهب الكامنة ورعايتها من خلال شراكات مُثمرة. ومن خلال الجمع بين الناس من مختلف القطاعات، يمكن أن يساعد "مكتب المندوب الخاص إلى المجتمعات الإسلامية" ["المكتب"] على تفعيل أفكار جديدة أو غير تقليدية. وسوف يستضيف "المكتب" منافسات ابتكارية اجتماعية يتم فيها تحدي أصحاب الأعمال الحرة ومطوري التكنولوجيا والمؤلفين، من بين آخرين، لإنشاء برامج تعزز الاندماج الاجتماعي، وخلق فرص العمل، والتفكير الناقد. ويمكن الاستفادة من تأثير قدرة الحكومة الأمريكية ونفوذها من خلال سفاراتها بغية بناء شبكات لتبادل الأصوات ووجهات النظر والممارسات. كما أن تنوع المجتمعات الإسلامية يتطلب النظر في "جميع" الأصوات ووجهات النظر عند بناء علاقات بين المجتمعات المحلية والقادة. ويمكن بناء الحلول المستدامة والقابلة للتطوير [لكي تقف أمام] التحديات التي تواجه المجتمعات الإسلامية، من خلال هذا النهج التصاعدي [المتدرج من القاع إلى القمة].

إن بناء الشراكات سيكون جهد طويل المدى، لكن يجب بدؤه اليوم. توجد مستويات غير مسبوقة من الحماس والأفكار، إلى جانب إطار جديد للعمل من خلاله. إن جيل الشباب الذي يشاراك اليوم [في المجتمعات] سوف يصبح من أقوى حلفاء الولايات المتحدة وأكثرهم أهمية في المستقبل. ومن خلال إسناد النهج الذي تتبعه الولايات المتحدة في الإشراك [المجتمعي] على أساس بناء الشراكات والاتصالات بين الأفراد والنموذج الجديد "للمصالح المتبادلة والاحترام المتبادل" ومن خلال القيام بدور المنظم والميسر والشريك الفكري، يأمل "مكتب المندوب الخاص إلى المجتمعات الإسلامية" في تطوير أفكار كبيرة [تنبع] من المسلمين في أنحاء العالم - من دوسيلدورف إلى داكا إلى دلهي.