التنسيق والتكامل الصناعي بين دول مجلس التعاون الخليجي
الثلاثاء, 21-يوليو-2009
د/ نزار صادق البحارنه -

مقدمـــة

أصبح تقدم الأمم والشعوب يقاس في عالم اليوم بمدى التطور الصناعي الذي تحققه في مجالات التنمية الصناعية المختلفة . وأصبح التصنيع وسيلة أساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ولتنويع مصادر الدخل والاستفادة من التكنولوجيا المتقدمة ومواكبة تطورها ، ومن هذا المنطلق فإن التصنيع أصبح يمثل خياراً استراتيجياً لتحقيق النمو الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي . ولهذا فقد تبنت دول المجلس العديد من خطط وبرامج التنمية الصناعية التي مكنتها من إقامة صناعـات عديدة ومتطورة في فترة زمنية قياسية . وقد جاءت هذه الخطط والبرامج لتؤكد على أهمية دور القطاع الخاص الخليجي في تحقيق التنمية الصناعية حيث تقوم دول المجلس بتقديم أشكال مختلفة من الحوافز والمساعدات لتشجيع الصناعات الوطنية وزيادة قدرتها على مواجهة المنتجات الأجنبية المماثلة . وبالرغم من المزايا النسبية التي تتمتع بها العديد من المنتجات الصناعية في دول المجلس إلا أنها تواجه منافسة حادة من المنتجات الأجنبية المماثلة في الأسواق الدولية حيث تنتشر التكلات الاقتصادية الإقليمية التي تأخذ بمبدأ التنسيق الصناعي بين الدول الأعضاء في التكتل كما تنتشر الشركات العملاقة متعددة الجنسية التي تأخذ بسياسات الإنتاج على نطاق واسع حيث تساهم كافة هذه العوامل في إنتاج السلع الصناعية التي تتمتع بقدر عالية على المنافسة في الأسواق العالية من حيث الجودة . ومن هنا تنبع أهمية التنسيق الصناعي بين دول مجلس التعاون الخليجي لمواجهة هذه التحديات وتوضح التعاريف الشائعة لمفهوم التنسيق الصناعي بأنه مجموعة السياسات والإجراءات التي تطبقها مجموعة من الدول الأعضاء في تكتل اقتصادي واحد بهدف توسيع فرص الاستثمار لديها وتطبيق مبدأ التخصص وتقسيم العمل وفقاً للمزايا النسبية التي تتمتع بها كل دولة . والحد من التكرار والإزدواجيه في الصناعات التحويلية ورفع كفاءة الوحدات الإنتاجية القائمة ، وتحقيق الاستغلال الأمثل للطاقات والموارد الموجودة في كل دولة من الدول الأعضاء في هذا التكتل ويعمل التنسيق الصناعي على تحقيق التقريب التدريجي في سياسات التراخيص والحوافز الصناعية من رسوم جمركية وقيود إدارية وكذلك تبادل رأس المال والعمالة والتقنية اللازمة للمشروعات الصناعيـة بين الدول الأعضاء .

وتلقى هذه الورقة الضوء بإيجاز على كافة الجوانب المرتبطة بأهمية وإمكانيات التنسيق بين الصناعات التحويلية الخليجية وكذلك صناعة تكنولوجيا المعلومات وذلك من خلال دراسة المواضيع التالية :



أولاً : الواقع الحالي للقطاع الصناعي في دول مجلس التعاون الخليجي .



ثانياً : الأهمية الاقتصادية للتنسيق في المجال الصناعي وصناعة تكنولوجيا المعلومات في دول مجلس التعاون الخليجي .



ثالثاً : نحو استراتيجية مقترحة لتطوير إمكانيات التنسيق في المجال الصناعي وصناعة تكنولوجيا المعلومات في دول مجلس التعاون الخليجي . 

أولاً : الواقع الحالي للقطاع الصناعي في دول مجلس التعاون الخليجي . 

يعتبر النفط الركيزة الأساسية لاقتصاديات دول مجلس التعاون حيث يشكل نسبة مرتفعة من الناتج المحلي الإجمالي ، كما تشكل الصادرات النفطية النسبة الكبرى في إجمالي صادرات دول المجلس وتمثل الإيرادات النفطية الجزء الأكبر من إجمالي الإيرادات العامة ، ومن المعلوم ان التخصص في إنتاج وتصدير سلعة أولية واحدة يجعل إقتصاد الدولة اكثر حساسية للتأثر بالتقلبات في مستويات الأسعار العالمية للمادة الأولية وبالتالي تتأثر برامج التنمية الاقتصادية فيها في حالة إنخفاض الأسعار في الأسواق العالمية لهذه المواد الأولية . ومن هنا فقد لجأت دول المجلس إلى الأخذ بسياسات إقتصادية لتنويع مصادر الدخل وإقامة قاعدة إنتاجية متنوعة عن طريق التصنيع وبالتالي فقد أصبح التصنيع خياراً إستراتيجياً في هذه الدول . وبالرغم من ذلك فإن القطاع التعديني (النفطي) مازال يمثل أهم القطاعات الاقتصادية في دول المجلس حيث تبلغ متوسط نسبة مساهمته في إجمالي الناتج المحلي الإجمالي نحو 37.4% . ويحتل النفط وبعض المشتقات النفطية حوالي 80% من إجمالـي صـادرات دول المجلس وتأتي المنتجات الصناعية في المرتبة الثانية في صادرات دول المجلس ، في الوقت الذي تستورد فيه دول المجلس معظم احتياجاتها من السلع الاستهلاكية والرأسمالية والوسيطة من الخارج .


ولقد أعطت دول مجلس التعاون الخليجي اهتماماً كبيراً لقطاع الصناعات التحويلية خلال العقدين الماضيين حيث أقدمت جميع هذه الدول على إقامة مجموعة من الصناعات التحويلية الأساسية التي تعتمد في إنتاجها على الموارد الأولية الرئيسية المتوفرة في هذه الدول كالنفط والغاز الطبيعي وفي المقابل فقد قامت بتقرير العديد من الحوافز لتشجيع هذه الصناعات وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في مجالات التنمية الصناعية المختلفة وتوضح الاحصاءات المتاحة في هذا المجال ما يلي :


1- ارتفع ناتج الصناعة التحويلية في دول المجلس بالأسعار الجارية من 13835 مليون دولار عام 1990 إلـى 25838 مليون دولار عام 1999 . وبالتالي يتضح ان نصيب الصناعات التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية قد ارتفع من 7.7% عام 1990 إلى 10.1% عام 1999 . أما على مستوى كل دولة على حدة من دول مجلس التعاون فقد بلغ قيمة الناتج المحلي الإجمالي لقطاع الصناعات التحويلية عام 1999 في مملكة البحرين 792 مليون دولار بنسبة 12% من إجمالي ناتجها المحلي ، وفي الامارات العربية المتحدة 6540 مليون دولار بنسبة 12.5% من الإجمالي وفي المملكة العربية السعودية 13341 مليون دولار بنسبة 9.6% وفي سلطنة عمان 660 مليون دولار بنسبة 4.2% وفي قطر 893 مليون دولار بنسبة 7.3% وفي الكويت 3611 مليون دولار بنسبة 12.2% . وبالرغم من النمو المضطرد في ناتج الصناعات التحويلية في دول المجلس إلا أنه يتضح من الإحصاءات السابقة ان نسبة مساهمة الصناعات التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة لا تزال دون المستوى المستهدف حيث تتراوح فقط بين 4.2% إلى 12.5% من الإجمالي .



2- تطورت الاستثمارات في قطاع الصناعات التحويلية تطوراً كبيراً ، حيث توضح البيانات المتاحة في هذا الخصوص ان إجمالي رأس المال المستثمر في الصناعات التحويلية في عام 1999 بلغ 83379.1 مليون دولار في دول المجلس وقد بلغ نصيب مملكة البحرين منها 5415.6 مليون دولار بنسبة 6.5% والمملكة العربية السعودية 58067.9 مليون دولار بنسبة 69.6% من مجموع رأس المال المستثمر والكويت 6651.3 مليون دولار بنسبة 8% والامارات العربية المتحدة 8683.6 مليون دولار بنسبة 10.4% وقطر 2620 مليون دولار بنسبة 3.1%وسلطنة عمان 1940.4 مليون دولار بنسبة 2.3% . كما بلغ عدد العاملين في هذه الصناعات 586051 عامل منها 27095 عامل في مملكة البحرين و298640 عامل في المملكة العربية السعودية وفي الكويت 49463 عامل وفي الأمارات العربية المتحدة 155609 عامل وفي قطر 22726 عامل وفي سلطنة عمان 32815 عامل .



3- ارتفع حجم الصادرات الصناعية في دول المجلس خلال هذا العقد الأخير بشكل ملموس ، حيث ارتفعت قيمة الصادرات الصناعية لهذه الدول من الكيماويات والآلات والمعدات والسلع المصنعة على سبيل المثال من 6229.3 مليون دولار في عام 1990 إلى 11017.7 مليون دولار في عام 1999 بنسبة 76.9% . وقد ارتفع إجمالي قيمة الصادرات من هذه السلع في مملكة البحرين من 756.9 مليون دور إلى 1406.8 مليون دولار في السنتين المذكورتين على التوالي وفي المملكة العربية السعودية من 3712.6 مليون دولار إلى 5164.7 مليون دولار وفي الامارات العربية المتحدة من 728.4 مليون دولار إلى 2442.2 مليون دولار وفي قطر من 553.7 مليون دولار إلى 684.4 مليون دولار وفي عمان من 32.9 مليون دولار للسلع المصنعة فقط إلى 288.2 مليون دولار وفي الكويت بلغت 444.6 مليون دولار عام 1990 وبلغت 1031.1 مليون دولار عام 1999 .



4- ان صناعة المواد البتروكيماوية تعتبر من أهم الصناعات التحويلية في دول مجلس التعاون حيث تحتل المرتبة الأولى من حيث أهميتها النسبية في الناتج الصناعي في دول المجلس حيث تتراوح نسبتها بين 50% إلـى 75% من إجمالي الناتج الصناعي وبالنظر الى ان هذه الصناعة تحتاج إلى تكنولوجيا وبنية أساسية متطورة وتكاليف استثمارية عالية نسبياً فقد أولت دول المجلس أهتماماً كبيراً بهذه الصناعة خاصة بعد زيادة أسعار النفط والغاز الطبيعي منذ أواخر السبعينات رغبة في تنويع مصادر الدخل وتوسيع القاعدة الإنتاجية لاقتصادياتها إضافة إلى استغلال الميزة النسبية التي تتمتع بها اقتصاديات دول المجلس في هذا المجال حيث ان هذه الصناعات تعتمد في إنتاجها أساساً على الغاز الطبيعي والنفط المتوفر في دول المجلس بالإضافة إلى إنها تستخدم تكنولوجيا متطورة تعتمد على الفن الإنتاجي الكثيف لرأس المال ، كما ان الصناعات البتروكيماوية تساهم في إنتاج مجموعة كبيره من السلع الوسيطة والنهائية كالمواد البلاستيكية والألياف الصناعية والمطاط الصناعي والمنظفات الصناعية وغيرها .



5- تتمتع دول المجلس بميزة نسبية واضحة في إنتاج الألمنيوم الأولى بهدف التصدير للخارج بالنظر إلى ان هذه الصناعة تعتبر واحدة من اكبر الصناعات العالمية استهلاكاً للطاقة المتاحة بتكلفة منخفضة في دول المجلس مقارنة بدول العالم المختلفة ، كما يلعب الموقع الجغرافي لدول المجلس وتوسطه بين أسواق أوروبا وآسيا دوراً رئيسياً في زيادة الميزة النسبية التي تتمتع بها دول المجلس في هذا المجال ، وتمثل شركة البا في البحرين أهم مشاريع إنتاج الألمنيوم في المنطقة . كما توجد بعض المشاريع الأخرى العاملة في مجال إنتاج الألمنيوم في كل من قطر والمملكة العربية السعودية . ويتم تخصيص معظم إنتاج الألمنيوم الأولى نحو التصدير إلى الخارج ، ويتضح من ذلك ان هذه الصناعة قد حققت نجاحاً في دول المجلس وان هناك إمكانيات كبيرة لتطويرها مستقبلاً وزيادة قدرتها على المنافسة في الأسواق الدولية ، وبالإضافة إلى ذلك فإن هناك العديد من المنتجات الصناعية التعدينية الأخرى في دول المجلس القابلة للتصدير إلى الأسواق الدولية مثل منتجات النحاس حيث توجد صناعات للنحاس تشمل التعدين والتركيز والصهر والتقنية ، كما ان هناك العديد من المصانع في المنطقة التي تقوم بإنتاج أسلاك وكابلات النحاس اعتماداً على قضبان النحاس المستورد من الخارج .



6- هناك تفاوت واضح في الأهمية النسبية لمكونات الصادرات الصناعية لدول المجلس ففي البحرين تأتي صادرات الألمنيوم والمنتجات البتروكيماوية في مقدمة الصادرات الصناعية ، أما في قطر فتأتي صادرات الحديد والصلب والبتروكيماويات والأسمدة الكيماوية ، وفي الكويت تأتي منتجات صناعة الأسمدة والسلع الهندسية والغذائية وفي المملكة العربية السعودية تأتي صادرات منتجات الأسمدة والمنتجات البتروكيماوية الأخرى ومنتجات الصناعات الهندسية والغذائية والمنسوجات وفي الإمارات العربية المتحدة تأتى صادرات الأسمنت والألمنيوم والغاز المسال والمنتجات الغذائية والأثاث والخشب وفي عمان منتجات الحبوب والصناعات الغذائية . وبالإضافة إلى منتجات الصناعات السابقة التي يتم تصديرها إلى الخارج فإن هناك مجموعة من الصناعات الصغيرة والمتوسطة التي يتم تخصيص منتجاتها للإحلال محل الواردات وتصدير جزء منها إلى الخارج ، وتتمثل هذه الصناعات أساساً في الصناعات الغذائية والأسمنت والملابس الجاهزة والورق ومواد التغليف .



7- توضح العديد من الدراسات التي تتناول واقع الصناعات التحويلية في دول المجلس ان هذه الصناعات تتمـيز ببعـض الخصائـص التي تتلخـص فيما يلي :



أ - ان هذه الصناعات تفتقر إلى التكامل والتنسيق فيما بينهما سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي وبالنظر إلى ضيق الأسواق المحلية لدول المجلس وفي ضوء القيود والصعوبات التي تواجه تصدير هذه الصناعات إلى الأسواق الخارجية فقد أدى ذلك إلى وجود طاقات إنتاجية عاطلة في بعض هذه الصناعات مما يؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج وإنخفاض معدلات العائد الاقتصادي فيها وهو الأمر الذي يؤثر على قدرة هذه الصناعات على المنافسة في الأسواق المحلية والخارجية .



ب- تتصدر المنتجات الكيمياوية والبتروكيماوية ومنتجات الحديد والصلب والألمنيوم والأسمنت قائمة السلع التي يتم تصديرها الى الخارج ويرجع ذلك اتجاه جهود التصنيع بشكل رئيسي في دول المجلس الى الصناعات المعتمدة على النفط والغاز الطبيعي وهي تلك الصناعات التي تحتاج إلى كميات كبيرة من الطاقة المتوفرة بتكلفة نسبية أقل في دول المجلس .



ج- تعتبر الصناعات الهندسية وصناعة الآلات والمعدات وقطع الغيار محدودة إلى حد كبير في دول المجلس ويتم الاعتماد على الخارج في توفير هذه الصناعات في السوق المحلي ، كما ان إنتاج بعض هذه الصناعات يتم عادة بصفة رئيسية بهدف الإحلال محل الواردات .



د- تتميز برامج التصنيع في دول المجلس بارتفاع المكون الأجنبي فيها نظراً للاعتماد على الخارج في الحصول على الآلات والمعدات والتنكولوجيا اللازمة للإنتاج بالإضافة إلى بعض مستلزمات الإنتاج والمنتجات الوسيطة والقوى العاملة الأجنبية . وكذلك الاعتماد على بعض الخدمات الأجنبية المرتبطة بمرحلة التأسيس مثل خدمات ودراسات الجدوى الاقتصادية .



8- بالنظر لضيق نطاق الأسواق المحلية في دول المجلس فقد احتلت قضية تنمية الصادرات الصناعية مكاناً هاماً في السياسات والفكر الاقتصادي المرتبط بالتنمية الاقتصادية في هذه الدول ، حيث يتحدد معدل نمو الدخل القومي بزيادة القدرة على التصدير ، وتنويع مصادر الدخل . وبالتالي فإن تنمية الصادرات تعمل على تحقيق ما يلي :



أ - يساهم التصدير في توسيع نطاق السوق المحلي وبالتالي الحد من الصعوبات الناتجة عن ضيق نطاق هذا السوق مما يؤدي إلى استيعاب فائض الإنتاج وتحقيق التشغيل الأمثل للوحدات الإنتاجية وزيادة قدرتها على الإنتاج .



ب- ان تنوع الصادرات يساهم في تنويع مصادر الدخل وتدعيم الميزان التجاري وميزان المدفوعات وزيادة فرص تشغيل القوى العاملة الوطنية والحصول على العملات الأجنبية اللازمة لتأمين احتياجات الاستيراد من الخارج .



ج- تتوافر في دول مجلس التعاون الخليجي في الوقت الراهن العديد من المقومات التي تساهم في تحقيق التنمية الصناعية وذلك في ضوء ما تم توفيره من مرافق للبنية الأساسية وسياسات الحوافز والدعم المقدمة وأساليب تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في المجال الصناعي وغير ذلك من العوامل الإيجابية التي يلزم الاستفادة منها بهدف التوسع في الإنتاج والاستثمار والتصدير ، وبالتالي فإن زيادة الصادرات تساهم في تعظيم الاستفادة من الإمكانات المتوفرة في القطاع الصناعي في دول المجلس . 

( ثانياً ) الأهمية الاقتصادية للتنسيق بين القطاع الصناعي وصناعة تكنولوجيا المعلومات في دول مجلس التعاون الخليجي

في ضوء المتغيرات الاقتصادية الدولية وإنتشار التكتلات الإقتصادية الإقليمية والتنسيق الصناعي بين الدول الأعضاء في هذه التكتلات ، فإن التنسيق الصناعي بين دول مجلس التعاون الخليجي سواء في مجال الصناعات التحويلية أو في مجال صناعة تكنولوجيا المعلومات يحقق العديد من المزايا الاقتصادية لدول المجلس التي يمكن إيجاز أهمها فيما يلي :



1- تدعيم التوجه نحو تكامل أسواق دول المجلس في سوق إقليمية موحدة ، تؤمن للمشروعات الصناعية فيها ظروف المنافسة المتكافئـة ، كما تؤمن لها حرية انتقال منتجاتها بدون عوائق إدارية أو جمركية ، وكذلك تكامل عمليات الإنتاج ، من خلال تخصص الدول فيما بينها في عمليات التصنيع على أساس المزايا النسبية التي تتمتع بها كل دولة وبشكل يجعل منها وحدات مكملة لبعضها البعض بدلاً من تكون متنافسة فيما بينها .



2- المساهمة في تنويع مصادر الدخل القومي من خلال تطوير القطاع الصناعي ، وقيام صناعات تعتمد على الموارد المتوفرة لديها وتتمتع بعدد من المزايا النسبية التي تؤهلها للقيام على أسس تنافسية واضحة . فبدلاً من الاتجاه نحو الصناعات المتشابهة ومنعاً للازدواجية ، ودعماً للتخصص وزيادة قدرة الصناعات على المنافسة فإن التنسيق يعمل على توزيع الصناعات فيما بينها على أساس المزايا التي يتمتع بها كل منها ، والتقريب التدريجي بين أسواقها لتوسيع السوق أمام منتجاتها ، والمساهمة في تأسيس صناعات الحجم الكبير حتى يصبح التصنيع وسيله رئيسية من وسائل التوحيد والتكامل الاقتصادي المنشود .



3- تزداد أهمية التنسيق الصناعي بين دول المجلس نتيجة لإنتشار التكتلات الاقتصادية والشركات متعددة الجنسية العملاقة في العالم ، تدعمها أسواق واسعة وموارد كبيرة ، مكنتها من إقامة مجموعات كبيرة من الصناعات على أسس اقتصادية مما دعم من مركزها التنافسي تجاه منتجات الصناعات المنافسـة وخاصة في دول المجلس .



4- ان تحسين شروط المنافسة للصناعات القائمة في دول المجلس يتطلب ضرورة توحيد أسواقها وتوفير ظروف قيام صناعات اقتصادية قادرة على المنافسة المتكافئة مع المنتجات الأجنبية المماثلة ولمواجهة التكتلات الاقتصادية العملاقة وتنويع القاعدة الإنتاجية في دول المجلس .



5- إن صناعة تكنولوجيا المعلومات ما زالت محددة في دول المجلس وذلك بالرغم مما يشهده العالم في الوقت الراهن من تقدم هائل في شتي مجالات وسائل الاتصال وصناعة تكنولوجيا المعلومات بما فيها صناعة البرمجيات والصناعات المرتبطة بها . ولقد أصبحت صناعة تكنولوجيا المعلومات من الصناعات الأساسية التي تمثل حافزاً أساسياً لتحقيق التقدم التكنولوجي للعديد من الصناعات والمجالات الأخرى ، وخاصة المجالات الاقتصادية ذات العلاقة بالتجارة والصناعة والاستثمار . كما تتميز هذه الصناعات بأنها صناعات كثيفة العمالة تعتمد على العقول البشرية بالدرجة الأولي وبالتالي فلديها القدرة على توفير العديد من فرص العمل ، وتتميز هذه الصناعات بقدرتها على تحقيق قيمة مضافة عالية في الكثير من جوانبها خاصة في مجال صناعة البرمجيات والخدمات المرتبطة بها ، في الوقت الذي تعتبر فيه من الصناعات النظيفة غير الملوثة للبيئة وبكونها صناعات عالمية الإستخدام وتتيح للدول فرصة التخصص في إنتاجها طالما توافرت فيها المقومات اللازمة لذلك ، كما أنها لا تحتاج في عملياتها الإنتاجيـة لشغل مساحات أو استهلاك كميات كبيرة من المياه أو الطاقة ، بالإضافة إلى أنها تحقق دخلاً عالياً للفئات العاملة فيها ، كما أن هناك نقص واضح في أعداد المبرمجين في الأسواق العالمية وأسواق دول مجلس التعاون الخليجي .



ومن هنا تبدو ضرورة التنسيق بين دول المجلس في مجال إقامة صناعة تكنولوجيا المعلومات . ولا شك أن هناك العديد من المزايا النسبية التي تتمتع بها دول مجلس التعاون الخليجي والتي تشكل في مجملها مقومات وعوامل أساسية لنجاح صناعة تكنولوجيا المعلومات فيها حيث تتمثل أهم هذه المزايا في توافر العنصر البشري اللازم لهذه الصناعة ، وانتشار العمل بأساليب التجارة الالكترونية وإستخدام شبكة الإنترنيت ، وتوافر بنية أساسية متطورة للإتصالات السلكية واللاسلكية ، ملائمة السياسة الاستثمارية لجذب الاستثمارات الوافدة للعمل في هذا المجال بالإضافة إلى توافر المدخرات المحلية اللازمة للإستثمار في هذا المجال .



ولا شك ان تنفيذ هذا المشروع الحيوي لجعل دول المجلس مركزاً لصناعة تكنولوجيا المعلومات ينبغي أن يتم على وجه السرعة وذلك بالنظر لأهمية هذا المشروع في تطوير الاقتصاديات الوطنية لدول المجلس بوجه عام ويتطلب الأمر ضرورة العمل على تحقيق التعاون والتنسيق بين الجهات الحكومية المعنية ومؤسسات القطاع الخاص في دول مجلس التعاون هذا لتنفيذ هذا المشروع الحيوي . 

( ثالثاً ) نحو استراتيجية مقترحة لتطوير إمكانيات التنسيق في المجال الصناعي وصناعة تكنولوجيا المعلومات في دول مجلس التعاون الخليجي


لا شك ان القطاع الصناعي في دول المجلس لا يزال في مرحلة الانطلاق وبالتالي فإن الصادرات الصناعية لدول المجلس لا تزال تلعب دوراً محدوداً لا يزيد عن 9% من إجمالي صادرات هذه الدول . وفي الوقت نفسه فإن هذه المنتجات الصناعية تواجه بالمنافسة الحادة في الأسواق الدولية والمحلية من قبل المؤسسات والشركات الصناعية في الدول المتقدمة .

وفي ضوء الأهمية الاقتصادية للتنسيق في المجال الصناعي فقد أصبح من الأهمية بمكان العمل على وضع السياسات الملائمة لتحقيق التنسيق في هذه المجالات وذلك من خلال السير في عدة اتجاهات تشكل في مجموعها إستراتيجية مقترحة في هذا الخصوص حيث تتمثل محاورها الأساسية فيما يلي :

( أولاً ) زيادة الاهتمام بتأسيس المشروعات الصناعية الخليجية المشتركة :

يقصد بالمشروع الصناعي المشترك ، ذلك المشروع الذي يقوم على أساس اشتراك بين دولتين أو اكثر على المستوى الحكومي أو الفردي ، بهدف إنتاج السلع والمنتجات لأغراض السوق المحلية أو للتصدير ، بحيث يسعى كل منها لتحقيق أهداف معينة لازمة للتنمية الاقتصادية أو الاجتماعية بشكل مباشر أو غير مباشر .

ويعتبر المشروع المشترك أحد الوسائل الأساسية القائمة ، والأكثر إنتشاراً لتحقيق التعاون والتنسيق في المجال الإنتاجي . ويعود السبب في ذلك إلى كونه أكثر صيغ التنسيق قابلية للتطبيق العملي ، وأقلها إثارة للصعوبات وللمشروعات المشتركة مزايا عديدة أخرى منها توسيع نطاق السوق الإقليمية ، والإنتاج الكبير ، والاستفادة من الوفرة الداخلية ، وخلق التشابك بين القطاعات الإنتاجية على المستويين القطري والإقليمي ، مما يؤدي إلى إنشاء قاعدة مشتركة للتكامل الاقتصادي وزيادة اعتماد اقتصاديات الدول الخليجية على بعضها البعض من خلال تكامل عناصر الإنتاج المستهدفة في هذه المشروعات وتبادل منتجاتها .

وتأكيداً على أهمية المشروعات المشتركة فقد عملت دول المجلس عبر مؤسسات العمل الاقتصادي المشترك على تطوير نمو المشروعات المشتركة كأسلوب لتوجيه وتدعيم التعاون الصناعي الخليجي . وتنص الاتفاقية الاقتصادية الموحدة لدول مجلس التعاون على ان الدول الأعضاء "تولي – في إطار العمليات التنسيقية – أهمية خاصة لإنشاء ودعم المشروعات المشتركة فيما بينها في مجالات الصناعة ، والزراعة ، والخدمات ، برؤوس أموال عامـة ، أو خاصة ، أو مختلطة لتحقيق التكامل الاقتصادي والتشابك الإنتاجي ، والتنمية المشتركة على أسس اقتصادية سليمة ولكي تكون المشروعات المشتركة ذات أثر تكاملي وتنسيقي فمن الأهمية ان تتوافر في هذه المشروعات ما يلي :

1- ان تكون المشروعات المشتركة من النوع الذي يؤدي عملياً إلى حدوث درجة من الترابط العضوي الإنتاجي والتسويقي بين اقتصاديات دول المجلس .

2- أن يرتبط قيام المشروع المشترك باستراتيجية معينة تتفق عليها دول المجلس الأعضاء تحدد الأسس العامة والأهداف الرئيسية بعيدة المدى للتعاون الصناعي فيما بينها كما تحدد الأنواع والوسائل والأساليب والسياسات الواجب اتباعها لوضع هذه الأسس والأهداف العامة موضع التنفيذ .

3- ان يتوافر لهذه المشروعات المشتركة حرية انتقال عناصر الإنتاج والسلع المتولدة عن هذه المشروعات المشتركة بين دول المجلس ، حتى تتمتع هذه المشروعات بمزايا اتساع السوق والإنتاج الكبير الذي يرتبط بعملية التكامل .

4- ضرورة التنسيق طبقاً لخطة محددة بين المشروعات المشتركة التي تقام في دول المجلس وان يكون اختيار المشروعات المشتركة طبقاً لأولويات التنمية ومتطلباتها وذلك حتى تستطيع المساهمة في تحقيق أهداف التنمية الصناعية .

5- مراجعة ومقارنة الخطط الصناعية لكل دول بهدف التعرف على مواقع الازدواجية والتضارب بين بعض المشروعات الرئيسية المدرجة في تلك الخطط ومحاولة التوصل إلى تجنب التضارب عن طريق توزيع هذه المشروعات الرئيسية بين دول المنطقة تبعاً لمبدأ الكفاءة والعدالة .

6- إعداد استراتيجيات قطاعية لتنمية القطاعات الصناعية الرئيسية وذلك بهدف قيام هذه الصناعات على أساس تكاملي إقليمي بحيث تتضمن هذه الاستراتيجيات تحديداً لدور كل من القطاع العام والخاص في تنفيذ أهداف تلك الاستراتيجيات والمتطلبات اللازمة لتنفيذها من خامات وطاقة ورأس مال وغيرها .


( ثانياً ) تدعيم دور الأجهزة المعنية بالتنسيق الصناعي الخليجي :

وتتمثل هذه الأجهزة أساساً في منظمة الخليج للاستشارات الصناعية التي أنشئت في فبراير 1976 بعرض تحقيق التعاون والتنسيق الصناعي بين دول المجلس من خلال إجراء دراسات الجدوى الأولية والجدوى الفنية والاقتصادية والترويج للمشروعات الصناعية المشتركة وإعداد الدراسات الخاصة باستراتيجيات التنمية الصناعية وسياسات التصنيع والتخطيط الصناعي إلى جانب توسيع قواعد البيانات والمعلومات الصناعية وتطوير القدرة على تقديم الاستشارات الفنية ، والتنسيق بين المشروعات الصناعية القائمة والمتشابهه والمتكاملة في المنطقة الخليجية بالإضافة إلى عقد الندوات والمؤتمرات والدورات التدريبية ونشر الوعي الصناعي عن طريق إصدار المطبوعات المختلفة . كما ان لجنة التعاون الصناعي في الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي تعمل على تنسيق النشاط الصناعي فيما بين دول المجلس ووضع السياسات واقتراح الوسائل المؤدية إلى التحول الصناعي للدول الأعضاء على أساس تكاملي يحقق أقصى المنافع لكل دولة ، بما في ذلك وضع سياسات وتنفيذ برامج منسقة بين دول المجلس للتدريب والتأهيل الفني والمهني والحرفي على كل المستويات . وكذلك هيئة المواصفات والمقاييس لدول مجلس التعاون التي تم تأسيسها في نوفمبر 1983 التي تختص بالأمور التشريعة الخاصة بالمواصفات والمقاييس بدول المجلس واعتماد ونشر المواصفات القياسية للسلع والمنتجات وأجهزة القياس والمعايرة والتعريف والرموز والمصطلحات الفنية وغير ذلك . وكذلك مؤسسة الخليج للإستثمار التي تم تأسيسها في 11 نوفمبر 1983 بهدف المساهمة الإيجابية في مسيرة التعاون الخليج من خلال توظيف أموالها في مشاريع استثمارية داخل المنطقة .

ولا شك ان حداثة الصناعة في دول مجلس التعاون وتقارب السياسات الصناعية فيها وكذلك مستويات النمو من شأن كل ذلك ان يساعد في العمل على الوصول إلى الأسواق الخليجية المشتركة وتوحيد القطاع الصناعي في الدول الأعضاء من خلال التعاون والتنسيق بين السياسات والإجراءات والأنظمة ذات العلاقة . كما أنه من الأهمية العمل على إيجاد نظام إقليمي للمعلومات يوفر القدر الأمثل من المعلومات عن خطط وسياسات التنمية والموارد الطبيعية والبشرية وكذلك المعلومات عن الطاقات الإنتاجية القائمة والمزمع إقامتها والواردات والصادرات واتجاهات الطلب والعرض على السلع الإنتاجية وذلك بالنظر إلى الدور الكبير للمعلومات باعتبارها الأداة الفعالة للمضي قدماً في تحقيق التعاون والتنسيق الصناعي بين الدول الخليجية ونظراً لوجود قاعدة إقليمية للمعلومات في كل من منظمة الخليج للاستشارات الصناعية والأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية فإنه من الأهمية تدعيم هذه الأجهزة وإيجاد التنسيق الفعال فيما بينها بما يخدم أهداف التنمية الصناعية الخليجية .


( ثالثاً ) التنسيق بين دول المجلس لمواجهة القيود والعقبات التي تواجه الصادرات الصناعية الخليجية :

تواجه الصادرات الصناعية لدول الخليج العربية العديد من العقبات الناجمة عن قيام الدول الصناعية بوضع سياسات حمائية وبناء حواجز جمركية مرتفعة أمام الصادرات الصناعية للدول النامية بوجه عام ومنها صادرات دول مجلس التعاون الخليجي بالإضافة إلى الإجراءات الخاصة بوضع الكثير من السلع المصنعة ونصف المصنعة التي تنتجها هذه الدول تحت قيود الرقابة الصحية والإجراءات الإدارية المشددة إستناداً إلى مجموعة من الحجج والمبررات وذلك بالرغم من ان هذه الدول كانت حريصة على الأخذ بسياسة تحرير التجارة الدولية من القيود وفقاً لإتفاقيات منظمة التجارة العالمية ، وأصبحت صادرات دول الخليج العربية خاصة الصادرات البتروكيماوية شأنها في ذلك شأن صادرات دول العالم الثالث المصدرة للنفط تخضع للعديد من القيود والعقبات التي ترجع أساساً لما تفرضه الدول الصناعية من رسوم جمركية عالية على وارداتها من هذه السلع بمسميات مختلفة كضريبة الطاقة أو الكربون أو المحافظة على البيئة إضافة إلى القيود الفنية والعقبات الإدارية مما يؤدي إلى أضعاف الموقف التنافسي لهذه الصادرات .

وترجع مخاطر هذه القيود على الصادرات الصناعية لدول مجلس التعاون في ان التكلفة الرأسمالية للمنشآت الصناعية العاملة في مجال المنتجات البتروكيماوية تعتبر مرتفعة نسبياً وبالتالي فإن فرض رسوم جمركية على الصادرات من هذه المنتجات يجعل مردودها الاقتصادي ضئيلاً وبخاصة إذا تم تسعير مدخلاتها من المواد الخام والطاقة على أساس الأسعار العالمية . وبالتالي فإن فرض هذه الرسوم ينطوي على محاولة لإضعاف هذه المشاريع الصناعية من قبل الدول الصناعية المستوردة بحجة حماية منتجاتها المماثلة مما يحول دون تنويع القاعدة الإنتاجية لدول المجلس ، وتبرر المجموعة الاقتصادية الأوروبية موقفها في ذلك الأمر بمجموعة من المبررات منها ان صادرات دول المجلس من الميثانول إلى تلك الدول قد تجاوزت الحصة المتفق عليها وفقاً لنظام التفضيلات الجمركية المعمول به لديها ، ومنها ان ظروف التضخم الاقتصادي في دول المجموعة الأوروبية تؤثر تأثيراً واضحاً على تكلفة إنتاج الصناعات البتروكيماوية فيها مما يجعلها تعمل بدون طاقاتها الإنتاجية الكاملة وهو الأمر الذي يجعل بعض الوحدات الإنتاجية العاملة في هذه الصناعات تلجأ إلى تخفيض القوى العاملة فيها لتفادي حدوث الخسائر أو تجنب زيادتها .

وبالتالي ترى المجموعة الأوروبية ان فرض القيود الجمركية وغير الجمركية على الواردات من السلع البتروكيماوية يهدف إلى زيادة معدلات النمو الاقتصادي وحماية منتجاتها الوطنية من هذه السلع من المنافسة الخارجية . أو أن الهدف من هذه القيود هو المحافظة على البيئة حيث يدعون ان النفط يعتبر المصدر الأساسي لإنبعاث ثاني أكسيد الكربون الذي يسبب التلوث وإرتفاع درجة حرارة الأرض . ومن هنا فقد أصبح من الضروري لتطوير التنمية الصناعية في دول المجلس العمل على التنسيق بين السياسات التجارية فيما بينها والعمل على توضيح الأمور التالية لكل من المجموعة الأوروبية والولايات المتحدة :

أ - ان تصدير المنتجات البتروكيماوية إلى دول المجموعة الأوروبية والولايات المتحدة لم يكن سبباً فيما تعانية صناعة البتروكيماويات في هذه الدول من كساد ومشاكل أو صعوبات تحول دون تطويرها ، حيث أن هذه الدول كانت تعاني من هذه المشاكل والصعوبات قبل قيامها باستيراد هذه المنتجات بل قد يرجع الكساد الذي تعاني منه بعض هذه الصناعات إلى وجود أخطاء تتعلق بخطط التوسع في هذه الصناعات نظراً لاعتمادها في دراسات الجدوى الاقتصادية الخاصة بها على تقديرات غير سليمة لحجم الطلب المستقبلي عليها مما يؤدي إلى نشوء فائض في طاقاتها الإنتاجية .

ب- ان أوضاع هذه الصناعات في الدول الصناعية تتأثر بالضرورة بالأحوال الاقتصادية السائدة في هذه الدول خاصة في مجال الكساد والركود التضخمي السائد فيها منذ بداية السبعينات وحتى الآن وهي أمور لم تكن الصادرات الخليجية والعربية من هذه السلع سبباً في حدوثها نظراً لأنها تعتبر من الصناعات الحديثة التي لم تدخل الصادرات منها إلى دول غرب أوروبا إلا منذ منتصف الثمانينات .

ج- أنه من الثابت ان التكنولوجيا المستخدمة في الصناعات البتروكيماوية الأوروبية تعتبر من قبيل الفنون التكنولوجية القديمة نسبياً التي لا تقوى على منافسة التكنولوجيا الحديثة المستخدمة في هذه الصناعات بدول المجلس ، ومن ثم فإن الإنتاج من هذه السلع يتم فيها بتكلفة مرتفعة نسبياً مقارنة بما هو عليه الحال في دول المجلس .

د- إن المزايا النسبية التي تتمتع بها دول المجلس في إنتاج النفط والغاز الطبيعي تعطيها القدرة على إنتاج السلع البتروكيماوية بتكلفة منخفضة عن مثيلتها في تلك الدول تقدر بالنسبة لبعض الدراسات بنحو 70% بالنسبة للميثانول و16% بالنسبة للأثيل و58% بالنسبة للامونيا .

هـ- ان النظريات العلمية حول مدى تأثير غاز ثاني أكسيد الكربون على إرتفاع درجة حرارة الأرض ما زالت بين مؤيد ومعارض ومازالت الحقائق العلمية تؤكد على ان البترول ليس وحدة المسئول عن التوقعات لارتفاع درجة حرارة الأرض وحتى إذا كانت هذه التوقعات قد وصلت إلى درجة اليقين فإن البترول لا يعتبر المصدر الحراري الوحيد الذي يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض حيث أن هناك العديد من المصادر الأخرى التي تسبب ذلك حيث يشترك في انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون إلى الهواء كافة أنواع الوقود الاحفورى ومنها الفحم والغاز الطبيعي وحرائق الغابات التي تساهم بنسبة كبيرة في انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون .


و- نتيجة لما سبق ذكره فإنه يكون من مصلحة دول غرب أوروبا والدول الصناعية بوجه عام ان تحرر عوامل الإنتاج المستخدمة في مثل هذه الصناعات التي تستطيع استيراد المنتجات المماثلة لها من دول الخليج العربية بأسعار أقل وان توجه تلك العوامل المحررة الى الصناعات الأخرى التي تتمتع في إنتاجها بميزة نسبية أعلى وفقاً لما توضحه النظريات الاقتصادية السائدة في هذا المجال ، كما انه من الضروري أن تتمسك دول مجلس التعاون بحقها في دخول صادرات منتجاتها البتروكيماوية إلى أسواق الدول الصناعية دون تمييز أو قيود ويتطلب ذلك قيام هذه الدول بتوظيف ما تمتلكه من عناصر قوه في اقتصاديتها باعتبارها من اكبر دول العالم المصدرة للنفط وتمثل سوقاً كبيرة لمنتجات الدول الصناعية كما أنها تمتلك فوائض مالية نفطية كبيره إضافة إلى الاستثمارات الاوروبية والأمريكية في أراضيها وغير ذلك من العناصر وذلك بهدف الضغط على الدول الصناعية لإلغاء هذه القيود سواء الجمركية أو الفنية أو الإدارية لكي تتمكن دول المجلس من تنويع هياكلها الإنتاجية وتخفيف مصادر الاعتماد على تصدير النفط الخام لتنويع مصادر الدخل فيها .


(خامساً) تعظيم الاستفادة من إتفاقيات منظمة التجارية العالمية من خلال التنسيق والتكامل الصناعي بين دول المجلس :

لقد انضمت إلى عضوية منظمة التجارة العالمية كل من مملكة البحرين وقطر وسلطنة عمان والكويت والإمارات العربية المتحدة وتقدمت المملكة العربية السعودية بطلب للانضمام ،ولا شك ان هناك العديد من الآثار الإيجابية على القطاع الصناعي في دول المجلـس بانضمامها إلى منظمة التجارة العالمية نخص بالذكر منها ما يلي :


1- إن الانضمام إلى الاتفاقية يؤكد التزام دول مجلس التعاون الخليجي بمبدأ حرية التجارة الدولية والمنافسة المشروعة بين الدول في هذا المجال . كما ان الانضمام إلى إتفاقية منظمة التجارة العالمية يعطى لدول المجلس الفرصة للحوار والمناقشة مع باقي الدول الأعضاء على قدم المساواة للحصول على أقصى نفع ممكن من التبادل التجاري الدولي .

2- تتمتع العديد من الصناعات في دول المجلس خاصة الصناعات البتروكيماوية والألمنيوم وغيرها بمزايا نسبية من ناحية السعر والجودة تجعلها تتفوق على مثيلاتها في الدول الصناعية والدول النامية ، وبالنظر لما تنص علية الإتفاقية من تسهيلات جمركية وإدارية في مجال التجارة الدولية فإن ذلك يؤدي إلى فتح أسواق جديدة لهذه الصادرات وزيادة قدرتها على المنافسة في الأسواق الدولية .

3- يترتب على إلغاء القيود الحالية المفروضة على التجارة الدولية في مجال المنتجات النسيجية والملابس الجاهزة كما نصت على ذلك الاتفاقية خلال فترة انتقالية قدرها عشر سنوات تنتهي عام 2005 إلى العديد من الآثار الإيجابية بالنسبة لدول المجلس منها :

أ - زيادة الاستثمارات في مجال صناعة المنسوجات والملابس الجاهزة مما يؤدي إلى زيادة الإنتاج من هذه الصناعة .

ب- زيادة صادرات دول المجلس من منتجات هذه الصناعات وتدعيم ثقة المستثمرين في مستقبل الاستثمار في هذه الصناعات النسيجية بصفة عامة تبعاً لوجود نوع من الضمان لإستمرار فتح أسواق الدول أمام هذه الصناعات دون تهديد بفرض قيود حصصيه أو تعريفات جمركية عالية من قبل الدول المستوردة .

ج- زيادة القدرة على الحصول على تكنولوجيا متطورة في مجال الصناعات النسيجية والملابس الجاهزة .

4- إن إزدياده معدلات النمو الاقتصادي المتوقع في الدول الصناعية في السنوات القليلة القادمة نتيجة لأتفاقية منظمة التجارة العالمية ، حيث تتوقع بعض المصادر ان تكون هذه المعدلات في حدود 3% سنوياً يمكن ان يؤدي إلى زيادة الطلب على النفط وعلى باقي المنتجات الصناعية التي تنتجها دول المجلس مما يساهم بدورة في زيادة صادراتها الصناعية .

5- ان إتفاقيات منظمة التجارة العالمية تحد من سياسات الاغراق التي تتبعها بعض الدول كوسيلة لتسويق منتجاتها ، وهو الأمر الذي يمكن أن يؤدي الى زيادة القدرة التنافسية للمنتجات الصناعية لدول المجلس سواء في الأسواق المحلية أو الأجنبية .

6- إن هناك العديد من المزايا التي تنص عليها المادة (24) من إتفاقية منظمة التجارة العالمية بالنسبة للتكتلات الاقتصادية الاقليمية حيث ان المزايا والحوافز التي تمنحها دول التكتل الإقتصادي فيما بينها لا تلتزم بمنحها للدول خارج التكتل الاقتصادي مما يزيد من القدرة التنافسية لمنتجات الدول أعضاء التكتل الإقليمي ومنها المنتجات الصناعية حيث ينطبق ذلك على دول المجلس .


(سادساًً ) الاستمـرار في بناء قاعدة متطورة للصناعات التحويلية التكاملية في دول المجلس :


فلا شك أن الوسيلة الأساسية لتطوير التنمية الصناعية إنما تكمن أساساً في العمل على وجود عدد متكامل ومتنوع من الصناعات التحويلية التي تنتج بهدف التصدير مع ما يتطلبه ذلك من وضع السياسات اللازمة لحفز وتشجيع قيام هذه الصناعات وزيادة قدرتها على المنافسة في الأسواق الخارجية وزيادة معدلات الإنتاج والالتزام بمعايير الجودة العالمية . ويتطلب ذلك ضرورة الاهتمام بالصناعات التي تتميز دول المجلس في إنتاجها بميزة نسبية تجعلها قادرة على منافسة المنتجات الأجنبية المماثلة في الداخل والخارج ومنها كما سبق القول الصناعات البتروكيماوية والألمنيوم والحديد والصلب والأسمدة وغيرها من الصناعات التي تتوافر في دول المجلس مقومات نجاحها كالمواد الأولية والطاقة ورأس المال والخبرة الفنية . كما ينبغي ان تهدف السياسات الصناعية التنسيقيه في دول المجلس إلى تحقيق الإستغلال الأمثل للطاقات الإنتاجية المتاحة بالشكل الذي يساهم في تخفيض تكاليف الإنتاج وزيادة معدلات العائد الاقتصادي بما يكفل زيادة قدرة السلع المنتجـة على المنافسة في الأسواق الدولية .


(سابعاً ) تأسيس جهاز خاص بتنمية الصادرات الصناعية على مستوى دول المجلس وتطوير السياسات التسويقية :

تلعب بحوث التسويق دوراً رائدا في مجال الترويج للصادرات الصناعية في الأسواق الخارجية والداخلية . ومن هنا فإنه من الأهمية بمكان الإهتمام ببحوث التسويق على مستوى المؤسسات الصناعية في دول المجلس بالإضافة إلى ضرورة العمل على إنشاء جهاز مستقل لتنمية الصادرات تمثل فيه الغرف التجارية وإتحاداتها والجهات الحكومية المعنية بحيث يختص هذا الجهاز بدراسة أسواق التصدير الرئيسية والثانوية من حيث حجمها ومستويات الدخول وأذواق المستهلكين ومواصفات السلع المطلوبة بالإضافة إلى تجميع المعلومات حول المنتجين الرئيسيين في الخارج المنافسين للمؤسسات الصناعية في دول المجلس ونوعية السلع المصدرة وأسعارها وسياسات التسويق المتبعة وأساليب التعامل مع المستهلكين والحوافز المقدمة للمصدرين وغير ذلك من الأمور بهدف التوصل إلى السياسات التسويقية الملائمة التي تساهم في زيادة الصادرات الصناعية لدول المجلس . كما أنه من الضرورة التنسيق بين أجهزة تنمية الصادرات الصناعية على المستوى الإقليمي لدول المجلس .


( ثامناً ) تطوير دور غرف التجارة والصناعة في دول مجلس التعاون واتحاداتها في مجال التنسيق الصناعي :

بالنظر إلى الدور الهام الذي تقوم به الغرف التجارية والصناعية واتحاداتها في دول المجلس في مجال تطوير عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال ما تقدمه من أفكار ومقترحات علمية للنهوض بعملية التنمية ومن خلال ما تقدمه من خدمات مباشرة وغير مباشرة لمنتسبيها تهدف في النهاية لتطوير الاقتصاد الوطني ، فإنه من الضروري العمل على زيادة فاعلية دور هذه الغرف وإتحاداتها في مجال التنمية الصناعية لدول المجلس وزيادة قدرتها على المنافسة في الأسواق الدولية حيث يمكن أن يتأتى ذلك من خلال العمل على زيادة فاعلية دور الغرف في المجالات التالية :

- زيادة صلاحيات الغرف في مجال تهيئة المستندات الخاصة بالعملية التصديرية وخاصة فيما يتعلق بشهادات المنشأ .

- مشاركة أعضاء الغرف مع الوفود التجارية الرسمية التي تنظم من قبل الدولة بهدف العمل على إيجاد الفرص التصديرية والأسواق الجديدة للمنتجات الوطنية .

- تكثيف دور الغرف في مجال المشاركة في المعارض الخليجية الخارجية وإقامة معارض متخصصة للمنتجات الوطنية في الداخل والخارج وتعميم المعلومات التي تردها من المعارض الخارجية والمناقصات الدولية على منتسبيها من المصدرين والمنتجين للمشاركة فيها وتوفير المعلومات للمصدرين على مستوى دول المجلس عن الأسواق الخارجية .


- متابعة المشاكل والمعوقات التي تواجه المصدرين الخليجيين وإيجاد الحلول السريعة الملائمة لها بالاشتراك مع الجهات المختصة .


- وضع برامج تدريبية لكوادر الغرف العربية الخليجية وللمصدرين من أجل تنمية قدراتهم ومهاراتهم الصناعية والاستفادة من الدورات التدريبية التي تتاح في هذا المجال لدى المنظمات المعنية الإقليمية والدولية .



(تاسعاً) الاهتمام بعنصر الجودة في الإنتاج :



إن تطوير القدرة التنافسية للمنتجات الصناعية الخليجية يتطلب ضرورة توفر بعض الظروف الموضوعية التي تسمح بالمنافسة ومواجهة التحديات في الأسواق العالمية . ويعتبر السعر المناسب وجودة الإنتاج من أهم الدعامات لتحقيق ذلك فالمستهلك سواء المحلي أو الخارجي يقبل في واقع الأمر على شراء السلعة ذات السعر الملائم بشرط ان تتمتع هذه السلع بالثقة والسمعة الطيبة ، نتيجة نجاحها في تأدية أغراض الاستخدام بكفاءة وتوفر وسائل الصيانة والاحلال . ولذلك نجد ان عنصرى السعر والجودة ، هما مدار التنافس بين دول العالم المختلفة التي تهدف جميعها إلى تطوير منتجاتها الصناعية . وهناك العديد من العوامل التي تساعد المؤسسات الصناعية في دول المجلس على تحقيق التنسيق فيما بينهما في مجـال جودة الإنتاج منها :


أ - التدقيق في إختيار الإدارة ذات الخبرة والكفاءة والقادرة على تنفيذ خطط الإنتاج بالمواصفات المطلوبة .


ب- الاهتمام بالتدريب الدوري للقوى العاملة لإستيعاب ومسايرة التكنولوجيا الحديثة في مجال الإنتاج .


ج- تطبيق نظم الحوافز الإيجابية والسلبية لضمان انتظام خطوط الإنتاج وتحقيق الجودة المطلوبة .


د- الاستفادة من التكنولوجيا المتقدمة في مجال التصنيع وخبرات الإدارة المتميزة في المنشآت الصناعية سواء المحلية أو الأجنبية .


هـ- تدعيم أساليب الفحص واختيار وسائل ضبط الجودة والتأكد من كفاءة المختبرات الموجودة لدى الوحدات الصناعية وإتخاذ ما يلزم لتطويرها .


و- الاهتمام بعمليات تعبئة وتغليف السلع المصدرة طبقاً للمواصفات المتفق عليها ، وتطبيق نظم علامات الجودة التي تكسب السلع المصدرة الثقة في الأسواق الخارجية .



(عاشراً) التنسيق بين الشركات ووسائل النقل الوطنية المختلفة لنقل المنتجات الصناعية الخليجية :



تشكل تكاليف النقل في أغلب الأحيان نسبة عالية من إجمالي تكاليف الإنتاج الصناعي . ومن هنا فإنه إذا ما تم ترشيد هذه التكاليف أو زيادة كفاءة أنماط ووسائل النقل المختلفة فإن ذلك سيؤدي إلى تخفيض أسعار المنتجات الصناعية وزيادة قدرتها التنافسية مع السلع المماثلة في الأسواق الخارجية . ولقد أصبح من الأهمية بمكان العمل على زيادة فاعلية وسائل النقل الوطنية البحرية والجوية والبرية في المنطقة والتنسيق فيما بينها وتذليل كافة المعوقات التي تعترض قيام الشركات الوطنية الناقلة بأنماطها المختلفة لزيادة قدرتها على نقل المنتجات الصناعية بين دول المجلس والخارج والعمل على تحقيق التعاون الكامل والتنسيق بين شركات النقل المختلفة في دول المجلس وزيادة أعدادها وتحسين أدائها وإنتاجيتها كي تستطيع المنافسة بكفاءة مع الشركات الأجنبية العاملة بالمنطقة .



(حادي عشر) زيادة التنسيق بين مؤسسات القطاع الخاص الخليجية في مجال عملية التنمية الصناعية :


يتمتع القطاع الخاص الصناعي في دول المجلس بالعديد من المزايا التي تحتم ضرورة العمل على زيادة مساهمته في مجالات التنميـة الاقتصادية المختلفة وخاصة في مجالات التنمية الصناعية . فمؤسسات القطاع الخاص الصناعي تتميز عادة باستقلالية الإدارة ومن ثم فهي تعمل على سرعة جذب المدخرات لإستثمارها في المجالات الإنتاجية المختلفة . وتوسيع قاعدة الملكية ، كما تتميز في معظمها بتوافر القدرات والإمكانيات المالية القابلة للإستثمار في المجالات الصناعية المختلفة وغير ذلك من المزايا التي تساهم في توسيع الطاقات الإنتاجية وتنويع أنماط الاستثمار القائمة وتحسين نوعية المنتج بما يكفل زيادة الطلب الخارجي عليه . ومن هنا فإنه من الأهمية بمكان ضرورة العمل على تهيئة المناخ الملائم لزيادة دور القطاع الخاص في عملية التنمية الاقتصادية مما يؤدي إلى ضمان تعبئة الموارد الوطنية الخليجية وتوجيهها للاستثمار في المجالات الصناعية .



(ثاني عشر) زيادة التنسيق والتعاون بين دول المجلس في مجال صناعة تكنولوجيا المعلومات :


من الأهمية العمل على زيادة التنسيق بين دول المجلس في مجال صناعة تكنولوجيا المعلومات بالنظر لأهمية هذه الصناعات في تطوير إقتصاديات دول المجلس ومن هنا ينبغي العمل على تحقيق ما يلي :


(1) تشكيل مجلس أعلى لتقنية المعلومات وذلك من كفاءات متخصصة من القطاع الخاص والقطاع الحكومي في دول المجلس يتبع الأمانه العامة لمجلس التعاون بحيث يختص المجلس بوضع السياسات اللازمة لدعم تأسيس صناعة تقنية المعلومات وإتخاذ الخطوات التنفيذية لإقامة هذه الصناعة ومتابعة آليات التنفيذ والعمل على دعم مراكز التدريب القائمة في مجال تقنية المعلومات والنظر في تأسيس مراكز جديدة ، وكذلك المشاركة في وضع السياسات التعليمية بما يكفل تدريس مناهج عن صناعة تكنولوجيا المعلومات وإستخداماتها وذلك في كافة المراحل الدراسية ، كما يعمل المجلس الأعلى لتقنية المعلومات أيضاً على وضع السياسات اللازمة لجذب الشركات والاستثمارات الأجنبية للإستثمار في مجال صناعة تكنولوجيا المعلومات في دول المجلس .


(2) دراسة الواقع الحالي لصناعة تكنولوجيا المعلومات في دول المجلس من خلال إجراء مسح شامل عن المؤسسات العاملة في هذه الصناعات والتي تنتج أو تقدم منتجات وخدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بهدف بناء قاعدة بيانات لتلك المؤسسات والتعرف على أسواقها المحلية والخارجية ، وإعداد قاعـدة بيانات بالشركات والمنتجات التي لديها منتجات تقنية وخدمات تصلح للتصدير ، مع العمل على إنشاء قاعدة بيانات عن الفرص الإستثمارية المتاحة محلياً في هذا المجال بحيث يتاح للقطاع الخاص المحلي التعرف على هذه الفرص والاستثمار فيها .

(3) الاهتمام بزيادة الحوافز المقدمة للمؤسسات والشركات العاملة في مجال صناعة تكنولوجيا المعلومات ومنها منتجات وخدمات البرمجيات ، وخاصة في مجال الإعفاء من الرسوم الجمركية على وارداتها من أجهزة الكمبيوتر والحاسبات الآلية ومستلزمات الإنتاج والتدريب في مجال تقنية المعلومات وكذلك الاهتمام بنظم الحوافز المادية والمعنوية المقدمة للعاملين في هذه المجالات سواء في الإدارات والجهات الحكومية المختلفة أو في شركات القطاع الخاص لتشجيعهم على العمل والتدريب في مجال استخدام وصناعة تكنولوجيا المعلومات . وكذلك العمل على دعم المؤسسات التدريبية العاملة في هذا المجال بكافة الحوافز الممكنة ورفع مستوى البرامج لتتناسب مع المستوى الدولي المعمول به .


(4) تشجيع مؤسسات القطاع الخاص على الاستثمار في مجال صناعات تكنولوجيا المعلومات وتأسيس مراكز تدريب متميزة في هذا المجال ، على أن يتم تأسيس هذه الشركات والمؤسسات برؤوس أموال وطنية أو في صورة مشروعات مشتركة مع رأس المال الخليجي والأجنبي أو في صورة مشروعات تكون مملوكة بالكامل للمستثمر الأجنبي . مع العمل أيضاً على التنسيق بين منتجي البرمجيات الخليجية الجاهزة لتحقيق التنوع في المنتجات بدلاً من تكرارها وإيجاد أفكار جديدة تتناسب مع أسواق البرمجيات الجاهزة في دول المجلس ومنها أسواق البلاد العربية ودول مجلس التعاون الخليجي حيث تحتاج الأسواق العربية بدرجة أكبر للبرامج باللغة العربية مما يؤدي إلى نمو الطلب خاصة على صناعة البرمجيات التعليمية العربية ، كما أن هناك العديد من منتجات البرمجيات التي يمكن أن تكون مجالاً للتصدير إلى الأسواق الأوروبية والأسيوية ومنها برامج تعليم اللغة العربية وبرامج الثقافة الإسلامية وبرامج التعليم الذاتي لعلوم الكمبيوتر وغيرها من البرامج متعددة اللغات التي تتناسب مع أسواق التصدير المستهدفة .


(5) تكثيف التعاون مع الشركات الدولية ذات الميزة التنافسية في مجال صناعة تكنولوجيا المعلومات خاصة في الدول المتقدمة سواء بتشجيعها على فتح فروع لها في البحرين أو للحصول على معونات فنية في هذا المجال . خاصة وان تكلفة البرنامج في الدول النامية أقل منها في الـدول المتقدمة ، حيث توضح بعض الدراسات أن هذه التكلفة تصل إلى نحو 60 ألف دولار في الهند مقابل 200 ألف دولار في الولايات المتحدة .


(6) تخصيص أراضي وتجمعات صناعية في دول المجلس للشركات العاملة في هذه الصناعات على أن يتم تجهيز هذه المناطق بمرافق بنية أساسية متكاملة وخدمات الإتصال بالأقمار الصناعية وشبكات الكابلات الضوئية وغيرها من الخدمات اللازمة لقيام هذه الصناعات .


(7) إنشاء صندوق خاص لتمويل بحوث صناعات تكنولوجيا المعلومات على مستوى دول المجلس بحيث يتم تمويله من خلال الدعم الحكومي والمنح والهبات من الدول والمنظمات الاقليمية والدولية ذات العلاقة وكذلك المؤسسات الوطنية ورجال الأعمال وغيرهم . مع العمل على تشجيع الشركات الصغيرة والمتوسطة للعمل في مجال صناعة تكنولوجيا المعلومات أو الخدمات المساعدة ذات العلاقة المرتبطة بهذه الصناعة ، وتشجيعها على تشغيل العمالة الوطنية والأجنبية المؤهلة والمتخصصة في هذا المجال .


(8) تطوير التشريعات القائمة ذات العلاقة في دول المجلس ومنها قوانين الملكية الفكرية بما يساهم في نجاح هذه الصناعات وتوطينها في دول المجلس وبالشكل الذي يساهم في توجيه الاستثمارات الخاصة إلى إنشاء هذه الصناعات وتفعيل وتطوير القائم منها .



وهكذا يتضح مما سبق مدى الأهمية الإقتصادية التي يمكن أن تتحقق من التنسيق والتكامل الصناعي بدول المجلس ومدى أهمية تنفيذ مشروع أو إستراتيجية لتوطين صناعة تكنولوجيا المعلومات في دول مجلس التعاون وجعلها مركزاً لهذه الصناعة الهامة من خلال التنسيق والتعاون فيما بينها ، حيث سيساهم ذلك في تطوير الإقتصاديات الوطنية لهذه الدول وإيجاد المزيد من فرص العمل وتنويع مصادر الدخل ، وتأهيل الموارد البشرية الوطنية للعمل في هذا المجال الحيوي وزيادة قدرتها على العمل والإنتاج. 


إعـــداد:
الدكتور نزار صادق البحارنه

رئيس لجنة الدراسات المالية والاقتصادية بغرفة تجارة وصناعة البحرين 

المصدر:
موقع غرفة تجارة وصناعة البحرين