الاستبداد الضريبي
الاثنين, 14-يوليو-2008
ريتشارد دبليو. ران -

هنالك قول مأثور لعضو محكمة العدل العليا الأمريكية أوليفير هولمز قال فيه "الضرائب هي ما ندفعه لقيام مجتمع متمدن،" بينما قال سلفه على محكمة العدل العليا الأمريكية، رئيس المحكمة جون مارشال، وكان محقاً فيما قال، "السلطة على فرض الضريبة هي السلطة على التدمير." في أية نقطة تنتقل فيها الضريبة من كونها ضرورية لإدارة الحكومة بشكل مناسب إلى الاستبداد؟
الآباء (المؤسسون) الأمريكيون، اعتبروا، في إعلان الاستقلال الأمريكي، أن أحد تظلماتهم ضد الملك جورج الثالث أنه قد فرض "ضرائب علينا بدون موافقتنا." "لا ضرائب بلا تمثيل" كان هو النداء الذي قامت على أساسه الثورة، ومنذ ذلك الحين كان هنالك توافق واسع بأن فرض أية ضريبة دون موافقة المحكوم هو نوع من الاستبداد الضريبي. هذا هو السبب الذي يجعل فرض الضرائب في الأنظمة الديمقراطية تحوز على شرعية أخلاقية أعظم من تلك الضرائب التي تُفرض من قبل الأنظمة غير الديمقراطية.
وبانتشار الديمقراطية على امتداد العالم، فإن أناساً أقل يتعرضون الآن لذلك النوع من الاستبداد الضريبي. ومع ذلك، وفي السنوات الأخيرة، فإن بعض البلدان وبشكل رئيسي ضمن الاتحاد الأوروبي قد حاولت تحت شعار "التنسيق الضريبي" و"الممارسات الضريبية غير المنصفة،" فرض توجّهاتهم لفرض ضرائب أعلى على الدول ذات الضرائب المُنخفضة. وقد حاولت بعض المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية فرض ضرائب على الآخرين بدون موافقتهم.
شكل آخر من أشكال الاستبداد الضريبي يقع عندما تفرض الحكومات نسباً ضريبية أعلى من الحد الأعلى لجمع الأموال. لقد كان معروفاً على امتداد القرون بأن كل ضريبة لها نسبة عليا والتي إذا تم تجاوزها لن تجلب مداخيل أخرى لأن الناس سوف يتوقفون عن التعامل مع النشاطات الخاضعة لتلك الضريبة، سواء كانت العمل أو الادخار أو الاستثمار أو الاستهلاك للبضائع والخدمات الخاضعة للضرائب. مثل تلك النسب العالية من الضرائب تُشجع على انتشار الأسواق السوداء الخفيّة و/أو نزوح أنشطة معينة.
على سبيل المثال، فإن نسباً عالية من الضرائب على رأس المال تدفع الناس إلى الانتقال بأموالهم إلى مناطق تفرض نسب ضرائب أقل. نسب الضرائب العالية جداً على العمل يمكن أن تدفع بالناس إلى الانتقال حتى من بلد إلى بلد أو دولة أخرى. هنالك حالات كثيرة معروفة، حيث قام من يحصلون على مداخيل عالية مثل نجوم السينما والرياضة وغيرهم بالانتقال من بلدانهم الأصلية التي تفرض ضرائب عالية مُقعِدة، إلى أماكن أكثر وداً من الناحية الضريبية. ولكن لسوء الحظ، هنالك حكومات كثيرة، بما في ذلك حكومة الولايات المتحدة التي ما زالت تفرض ضرائب ونسب ضرائب أعلى من الحد الأعلى لجمع الموارد.
نوع آخر من الاستبداد الضريبي يتجلى عندما تُفرض ضرائب قصراً لتمويل برامج حكومية ذات مردودٍ قليل أو حتى بلا مردود، أو حيث تكون برامج الإنفاق متلبسة بالرشاوى وسوء الإدارة.
وقد أعلن الرئيس جروفر كليفلاند، في خطابه السنوي إلى الكونغرس عام 1886 قائلاً "عندما يُقتطع جزء أكبر من مداخيل الناس من خلال أنماط من الضريبة تفوق ما هو ضروري لمواجهة التزامات الحكومة ونفقاتها في إدارة الاقتصاد، فإن مثل تلك الضرائب تُصبح ابتزازاً بلا رحمة وانتهاكاً للمبادئ الأساسية لحكومة حرة."
الحكومات من حيث طبيعتها ليست مؤهلة لأن تدار بمثل الكفاءة التي تدار بها النشاطات الكثيرة للقطاع الخاص، حيث يُنفق الناس من أموالهم الخاصة، ولكن هنالك قادة سياسيون كثيرون في كل بلد من بلدان العالم تقريباً الذين يتجاهلون إلى حد كبير مسؤوليتهم تجاه دافعي الضرائب بقبولهم لمستويات عالية من الفساد و/أو سوء الإدارة. وقد عبّر الرئيس كالفين كولدج بشكل واضح عندما قال "إن جمع ضرائب أعلى مما هو ضروري على نحو مطلق، هو نوع من أنواع النهب القانوني."
الاستبداد الضريبي يمكن أن يوجد أيضاً عندما يتم اختيار أعضاء مجموعة من الناس لدفع نسبة تفوق النسبة المُقررة على أساس من دينهم أو عرقهم أو جندرهم أو غير ذلك من الظروف. في أيامنا هذه نرى ذلك كثيراً في الحكومات التي تُسيء إلى فكرة الضريبة المتصاعدة. على سبيل المثال، ففي الولايات المتحدة فإن واحدا بالمائة من أعلى فئة من دافعي الضرائب يدفعون 40 بالمائة من ضريبة الدخل، بينما هم لا يملكون سوى 21 بالمائة من الدخل. وفي الوقت ذاته فإن الـ50 بالمائة الأكثر انخفاضاً بين دافعي الضرائب يدفعون فقط 3 بالمائة من الضريبة بينما هم يحصلون على 12 بالمائة من الدخل.
عندما تُحوّل الأغلبية العبء الضريبي كله تقريباً إلى أقلية صغيرة يتوجب عليهم أن يدفعوا قسطاً غير متناسب إطلاقاً مع نسبة مداخيلهم، فإن ذلك يُمثّل شكلاً من أشكال الاستبداد الضريبي. بلدان كثيرة، ربما يبلغ عددها دزينتين، والذين عانى مواطنوها تحت حكم الشيوعية المستبد، قد فرضوا "ضريبة ثابتة" لتفادي هذا الشكل من أشكال الاستبداد الضريبي.
الاستبداد الضريبي يُخفّض من الفرص الاقتصادية ومن الوظائف ومن نمو الدخل ويؤدي إلى النيل من المجتمع المدني. الاستبداد الضريبي سوف يستمر ما دام أن السياسيين يستطيعون شراء أصوات مجموعة من المواطنين عن طريق إصدار الوعود لهم بتحويل عبء الحكومة إلى الآخرين، وإلى المدى الذي يواصل فيه القضاة السكوت على فرض ضرائب غير مناسبة وضرائب تنطوي على التمييز.