اليمن .. 19 عاما من التحولات السياسية
السبت, 30-مايو-2009
الميثاق إنفو - الاستقصاء البسيط للتحولات والتطورات التي شهدتها الحياة السياسية اليمنية مدى 19 عاما من عمر الوحدة يكشف عن محطات تحول كبرى تمكن اليمنيون خلالها من تأسيس تجربة ديمقراطية تعددية تجاوزت كثير من التحديات الحقوقية والسياسية وخلصت إلى تطورات تشريعية وقانونية وتجارب انتخابية رائدة أهلت اليمن لأن يحتل موقع الريادة على مستوى المنطقة فيما تمضي التجربة نحو عقدها الثالث بخطى أكثر تقدما نحو ترسيخ مفاهيم الديمقراطية بكل مكوناتها وقيمها الإنسانية.
وأن كان مضي اليمن وقيادته السياسية الحكيمة نحو هذا الخيار بدا منذ الوهلة الأولي مغامرة محفوفة بالمخاطر إلا أنه كان تعبيرا حقيقيا وواقعيا عن الطبيعة والتركيبة المجتمعية اليمنية وعكس حقائق التطور الفكري والسياسي والثقافي التي أفرزها الإنسان اليمني عبر نضالاته ومسارات التغيير التي خاضها منذ عقود لتحقيق تطلعاته المعاصرة والخاصة بتنمية وتطوير بنية نظام الحكم وهياكل الدولة والارتقاء بالتشريع اليمني على قواعد العدل واحترام حقوق الإنسان والتحرر من العلائق التقليدية القديمة وإحلال علائق متطورة تضبط مسار المسؤوليات والواجبات في البني المجتمعية وبين الدولة والمجتمع.
اليوم واليمن يحتفل بالعيد الوطني التاسع عشر للجمهورية اليمنية "22 مايو" الذي انتصرت فيه الإرادة الشعبية في التوحد ومغادرة حياة التمزق والشتات تبدو نتائج هذا الخيار بارزة في الخطوات المتقدمة التي قطعها اليمن سياسيا في جانب الديمقراطية والحريات العامة وحقوق الإنسان .

صناعة التحولات
ترى وزيرة حقوق الإنسان الدكتورة هدى البان إن التجربة الديمقراطية التعددية اليمنية التي تأسست مع تحقيق دولة الوحدة في 22 مايو 1990 اكتسبت صفة التحول الإنساني المستمر والمتواصل والمواكب لصنع التطورات اللاحقة والمستقبلية لهذا المجتمع سواء منها السياسية أم الاقتصادية أم الإنمائية في منظومة متكاملة من القيم والمفاهيم والعلاقات التي تحقق مبادئ المواطنة المتساوية والتداول السلمي للسلطة وكسر الاحتكار وتنشيط دورات الحياة الاجتماعية والسياسية واختيارها الواثق الذي عكس الروح الحضارية المتأصلة في المجتمع اليمني .
وتضيف " مثلت الوحدة انطلاقه جديدة لعهد ديمقراطي يعتمد على التعددية السياسية وحرية التعبير عن الرأي التي أصبحت من أبرز ملامح العهد الديمقراطي الوحدوي الجديد وكان أول إنجاز للديمقراطية في اليمن بعد قيام الوحدة هو الاستفتاء الشعبي على دستور الجمهورية اليمنية الدستور الذي وضع المرتكزات الأساسية والضمانات الحقيقية لممارسة الديمقراطية.
ثم جاءت الانتخابات الأولى في أبريل 1993 التي مثلت نقطة مضيئة في التجربة اليمنية وخطوة مثالية قياسا بانتخابات عديدة جرت في دول مختلفة في منطقة الشرق الأوسط والعالم الثالث كونها تجربة فتية بكل المقاييس أفرزت واقعا اتسم بمثلث توازن القوي الديمقراطية نهج نظام الحكم وأسلوب الممارسة السياسية .

الحقوق والحريات العامة
تؤكد الدكتورة هدى البان في حديثها عن مسار التحولات التي شهدها ملف حقوق الإنسان والحريات العامة خلال 19 سنة من عمر الوحدة بالإشارة أن التعاطي اليمني مع هذا الملف استند على الأيمان بأن الديمقراطية وحقوق الإنسان منظومة متكاملة وليس أدل على ذلك من المصادقة على ما يزيد عن 56 اتفاقية وصكا دوليا منذ فترة مبكرة فضلا عن إنشاء وزارة حقوق الإنسان منذ العام 2003 م .
وتشير إلى أن المناخ الديمقراطي في اليمن شهد تناميا متصاعدا من حيث الضمانات التشريعية والمؤسسية التي تمثل أساسا لتمكين مؤسسات المجتمع المدني وأفراد المجتمع من الممارسة الفعلية لمبادئ وقيم الحقوق والحريات والمشاركة الفاعلة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
وتضيف " أضحت الديمقراطية وحقوق الإنسان في الجمهورية اليمنية سلوكا ومنهج حياة حيث تبنت الدولة إستراتيجية الإصلاح القضائي التي تهدف إلى إجراءات تنظيمية وتشريعية منها فصل رئاسة مجلس القضاء الأعلى عن مهام رئيس الجمهورية وإسناد رئاسته إلى رئيس المحكمة العليا كما يجري حاليا تعديل القوانين الخاصة بالسلطة القضائية بما يعزز استقلالية السلطة القضائية.
وقد أعيد تشكيل مجلس المحاسبة في إطار مجلس القضاء الأعلى الذي يتولى محاسبة القضاة المحالين أليه ،وشملت الإصلاحات القضائية تفعيل دور التفتيش القضائي في الرقابة والتفتيش على أعمال القضاة وتقييم أدائهم من خلال التفتيش الدوري والمفاجئ واستقبال شكاوي المواطنين ودراستها مكتبيا وميدانيا" .

حقوق المرأة
في جانب الجهود المبذولة لتكريس حقوق المرأة في جانب لمواجهة العنف والتمييز ضدها تلفت الوزيرة البان إلى أن الجهود والانجازات اليمنية المحققة في مجال معالجة التمييز والعنف ضد المرأة إعمالا لنص الدستور في أن المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات وهناك جملة من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمعالجة التمييز والعنف ضد المرأة .
كذلك عملت الحكومة على تشكيل فريق خبراء قانوني لمراجعة التشريعات الوطنية الخاصة بالمرأة وإزالة آي نصوص تمييزية ضد المرأة تتعارض مع الاتفاقيات الدولية في مجال حقوق المرأة.
كما عملت على تعديل القانون رقم " 6 " لسنة 1990 بشأن منح الجنسية اليمنية الأصلية لأبناء المرأة اليمنية المتزوجة من أجنبي أسوة بأبناء الرجل اليمني وإضافة مادة إلى القانون رقم " 15 " لسنة 2000 م بشأن الشرطة تنص على حق المرأة اليمنية في العمل بهيئة الشرطة ، وتعديل القانون رقم " 26 " لسنة 1991 م بشأن التأمينات الاجتماعية بالنص على مساواة المرأة بالرجل في سن الإحالة إلى التقاعد وكذا تعديل المادة 95 من قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي التي بموجبها منحت المرأة اليمنية حق العمل مع زوجها في نفس البعثة في الخارج.
كما عملت الحكومة على إقرار إستراتيجية النوع الاجتماعي منذ سنوات بهدف تحقيق المساواة على أرض الواقع بين الرجل والمرأة .
وتؤكد البان أن اليمن يعمل حاليا على صياغة إستراتيجية تضمنت أهدافا وإجراءات أهمها إعداد برنامج لمناهضة العنف ضد المرأة بالإضافة إلى تأسيس الشبكة اليمنية لمناهضة العنف ضد المرأة عام 2003 م كما انعقد المؤتمر الأول لمناهضة العنف ضد المرأة عام 2001 م إضافة إلى إنجاز عدد من الدراسات حول العنف المنزلي وغيرها من الإجراءات .

تجربة رائدة
لـ 19 سنة ظلت التجربة الديمقراطية اليمنية مثار إهتمام كثير من الأوساط السياسية الدولية بالنظر إلى حداثتها وانجازاتها المحققة على الأرض .
ويقول الدكتور أحمد الكبسي نائب رئيس جامعة صنعاء للشؤون الاكاديمية إن ما يميز التجربة الديمقراطية في اليمن أن النظام السياسي الجديد والذي ولد في 22 مايو 1990 م ارتكز على التعددية السياسية والحزبية وكانت الديمقراطية المرتكز الرئيسي لنظام الحكم .
ويضيف " إن تقييم مسيرة التطور الديمقراطي نجد أن العملية الديمقراطية بدأت عام 1991 بالاستفتاء على الدستور وكان أول استفتاء للجمهورية اليمنية،بعدها جاءت الانتخابات الأولي 27 أبريل 1993 والتي أفرزت تحولات كثيرة وحولت النظام من التقاسم من الشريعة السياسية إلى شريعة الانتخابات ومرور بالتعديل الدستوري الذي تم 94 وبعدها انتخابات 97 تلتها الانتخابات الرئاسية وانتخابات 2001 ، 2003، 2006".
والمتأمل في مسيرة العمل الديمقراطي يجد أن النظام السياسي اليمني في عملية تطور مستمر من خلال تلك الانتخابات أو من خلال الممارسة الواسعة بالمشاركة الشعبية والسياسية من خلال دور مؤسسات المجتمع المدني الذي تتزايد بشكل ملحوظ ومنظور وخاصة تلك المؤسسات المتعلقة بالمشاركة السياسية للمرأة .
واليوم نحتفل بعيد الوحدة في ظل الجو الديمقراطي الذي أصبح نهج نظام الحكم وأسلوب الممارسة السياسية في اليمن و الاحتفال بهذا اليوم نجده شي ملموس في واقع الممارسة العملية لتطور النظام السياسي في اليمن وكذا في تعدد الأحزاب وممارسة العمل الحزبي ونشاط مؤسسات المجتمع المدني من جمعيات ونقابات واتحادات وما إلى ذلك من الأمور المتعلقة بالعمل الديمقراطي المرتبطة بحرية التعبير وحرية الصحافة وكل ذلك بشهادات دولية وخاصة في عملية انتخابات 93 والذي كان يعتقد أنها لن تتكرر في عام 79 وبنجاح منقطع النظير".
ويشير الكبسي إلى أن اليمن في خطواتها الأولي لعملية الانتخابات وخاصة الانتخابات التي كانت الأولي من نوعها في المنطقة العربية لم يكن يتوقع أحد نجاحها أو حصولها في وقت كانت المنطقة العربية ملتهبة مع الغزو للعراق لكن اليمن اثبت بهذه التجربة أن الديمقراطية أصبحت عملية راسخة وثابتة من الثوابت وحقيقة راسخة من الحقائق التي تعيشها اليمن واستجابة للنداء الذي وجه الرئيس في ذاك الوقت ليتجه الناس إلى الانتخابات وبهذا فأن الأجيال اليمنية تنشي على الممارسة الديمقراطية وعلى معرفة الحقوق والحريات والمطالبة بها.
وفي حديثه عن مكاسب التجربة الديمقراطية اليمنية يرى الكبسي أن "أهم المكاسب ما تحقق للمرأة اليمنية بعد الوحدة وفي ظل التوجه السياسي القائم على الانفتاح والتعددية السياسية والفكرية والحريات الصحافية والاقتصادية واحترام وحماية وتعزيز حقوق الإنسان المتمثل بالقاعدة التشريعية التي اصلت مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات وتتجاوز الكثير من الخطوط التي كانت إلى عهد قريب حمراء أو حواجز تحول دون وصول المرأة للمشاركة والحضور في مؤسسات السلطة ومراكز صناعة القرار.. فضلا عن الفرص الكثيرة التي أتيحت لها في ظل التحولات الديمقراطية لتمكينها من ممارسة الكثير من الأنشطة السياسية والفكرية والاقتصادية والاجتماعية بدون قلق أو تردد ".
وعن النتائج التي تحققت في اليمن خلال تجربته الديمقراطية الممتدة لـ 19 سنة يؤكد الدكتور الكبسي "أن الديمقراطية أسهمت في تعزيز وتوسيع مشاركة المرأة اليمنية والتي حققت انجازات بعد قيام الوحدة المباركة واتسعت مشاركتها في العملية السياسية حيث شاركت بأسلوب فعال وملحوظ لتحصل على موقعها في مراكز صنع القرار كوزيرة ولتتبؤ المناصب القيادية في المناصب السياسية ولعبت أدوار هاما في نجاح العملية الانتخابية فكانت المرأة العامل الرئيسي في انتخابات 93 للدفع بمشاركة الأحزاب.
وكفل الدستور اليمني المساواة في الحقوق والواجبات العامة لجميع المواطنين دون تمييز بين ذكر أو أنثي، فالمادة " 31 " منه نصت على أن "النساء شقائق الرجال لهن من الحقوق وعليهن من الواجبات ما تكفله وتوجبه الشريعة وينص عليه القانون" فيما تقضي المادة "41" بأن "المواطنين جميعهم متساوون في الحقوق الواجبات العامة" وأن "لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسة والاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
كما كفلت الدولة للمواطنين حرية الفكر والإعراب عن الرأي". وفيما يتعلق بالحقوق السياسية ,أفرد الدستور مادة مستقلة برقم " 42 " تنص على " حق المواطن في الانتخاب والترشيح وإبداء الرأي في الاستفتاء" ولهذا فإن الدستور يؤكد على حق المرأة السياسي كمواطنة في الترشيح ، والانتخاب في ضوء إلزامه للدولة بحسب نص المادة " 24 " بكفالة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين سياسيا واقتصاديا وثقافيا واجتماعيا, ولا شك أن لفظ جميع المواطنين بحسب الدستور يضمن حقوقا للمرأة مثلها مثل الرجل" .

مكاسب وحدودية
رشيدة الهمداني رئيسة اللجنة الوطنية للمرأة تشير إلى أن ما حققته النساء في اليمن من مكاسب بعد قيام الوحدة وفي ظل النظام السياسي الديمقراطي التعددي كان كبيرا "فالمرأة اليمنية خلال أعوام الوحدة وبفضل التوجه السياسي العام بالإضافة إلى تعديل بعض القوانين ووضع الاستراتيجيات الوطنية المكرسة لصالح المرأة التي سعت لإنشاء إدارات عامة تم إنشاؤها للنهوض بواقع المرأة ومساعدتها أن تخوض وتتواجد في كافة مناحي الحياة السياسية والعامة .
وتضيف " شهدت أوضاع المرأة خلال الأعوام الماضية تحولات كبيرة في مجالات عديدة, وتبوأت المرأة مناصب ومراكز قيادية مهمة, وأصبحت تتواجد في مختلف المؤسسات ومرافق العمل المختلفة واصبحت اليوم لدينا وزيرتان لأهم وزارتان وهما وزارة حقوق الإنسان ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل كما اصبح لدينا قاضية وبرلمانية ودبلوماسية ومستشارة, وهي كذلك قيادية وحزبية في أعلى مراتب القيادة , إلى جانب كونها مهندسة وطبية وأكاديمية ".
و مدى عقد ونصف من الزمن خطت المرأة اليمنية خطوات ثابتة ومتميزة أثبتت فيها وجودها كشريك فاعل ومؤثر إلى جانب أخيها الرجل في مختلف مناحي الحياة، وخلال تلك الفترة من عمر الوحدة اليمنية المباركة حققت المرأة اليمنية الكثير من النجاحات، وأسهمت إسهامات فاعلة ومباشرة ليس في مجال واحد فقط بل في مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية والتعليم والصحة والثقافة كما وصلت المرأة إلى مراكز قيادية متقدمة في الهرم السياسي للدولة ،وكل ذلك كان بفضل الوحدة والديمقراطية والتعددية السياسية التي أفسحت المجال واسعا أمام المرأة اليمنية، ناهيك عن الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة السياسية بالمرأة، ولا يزال المستقبل يحمل في جعبته الكثير من المفاجآت.

المرأة في التشريعات
الدكتور فؤاد الصلاحي يرى أن مرحلة دولة الوحدة شهدت تطورًا ملموسًا في مجال تحديث القوانين والتشريعات المحلية وتمثلها للكثير من مواد ونصوص الاتفاقيات الدولية الخاصة بالنساء التي صادقت عليها اليمن ، وارتبط تقبل المجتمع بمشاركة المرأة في المجال العام بتطور التشريعات والقوانين الوطنية التي منحت حقوقًا متعددة للمرأة اليمنية بما يتماشى مع مجمل التطور السياسي في دولة الوحدة.
ويضيف " ثمة تطورا ملموسًا في مجال تمكين المرأة اليمنية من النشاط في المجال العام بل وبروز دورها في المجال السياسي كناخبة ومرشحة في الانتخابات البرلمانية والمحلية وعضوه في مختلف الأحزاب والتنظيمات السياسية ".
ويشير الصلاحي إلى أن خروج المرأة اليمنية إلى النشاط في المجال العام اعتمد على مشروعية سياسية وقانونية صكتها الدولة وتفاعل معها المجتمع الذي تقبل بشكل محدود وتدريجي خروج المرأة إلى التعليم وإلى سوق العمل خاصة وأن عمل المرأة تم استيعابه داخل مؤسسات الدولة الإدارية والاقتصادية مع العلم أن مرحلة ما قبل الاستقلال والثورة شهدت حضوراً للمرأة اليمنية لا يمكن تجاهله (وإن كان حضوراً محدوداً) في ممارستها للنشاط السياسي (في المظاهرات والعمل الحزبي والنقابي) بل وحتى في النضال المسلح ضد الاستعمار البريطاني .
ويوضح الدكتور الصلاحي أن "المرأة اليمنية في مرحلة كسبت دعمًا أكبر من المجتمع السياسي ومن المجتمع المدني، وأصبحت الديمقراطية ميكانزم حديث عمل على تمكين المرأة من الولوج إلى النشاط في المجال العام وتمكينها من الولوج إلى عدد من دوائر صنع القرار مثل البرلمان ومجلس الشورى والمجالس المحلية وعضوية الأحزاب، بل وتواجدها في هيئاتها القيادية، وإن كان ذلك التواجد ضعيفًا إلاَّ أنه مؤشر لا يمكن تجاهله.
وإضافة إلى ذلك ظهرت في هذه المرحلة منظمات المجتمع المدني الحديث وأعطت بدورها دعمًا للمرأة بل وشكلت بذاتها الآليات لنشاط المرأة وتجديد أدوارها كما شكلت الأعوام من عمر الوحدة نقلة نوعية في بروز الدور السياسي للمرأة خاصة دورها كناخبة وعضوة في مختلف الأحزاب والتنظيمات السياسية المعلنة في الساحة، وكان لها الحضور الملموس في المؤتمرات الدولية والإقليمية وفى عدد كبير من المؤتمرات والندوات على المستوى المحلي، وغالباً كانت الدولة ترعى هذا الحضور النسوي وتدعمه بشكل مباشر وغير مباشر".

التطورات القانونية
يرى المحامي إبراهيم أحمد عبد الله الكهالي أن اليمن حقق بفضل الوحدة اليمنية منظومة قانونية تعتبر من أهم واحدث المنظومات القانونية الراعية للحقوق والحريات التي كفلها الدستور اليمني الذي نص على أن النظام الديمقراطي في البلاد حر و تعددي .
ويشير إلى أن حرية التعدد والانتخاب والترشيح التي أكدتها المنظومة القانونية السياسية تعد من أهم فوارق وعلامات الترسيخ الحقيقي لحقوق الإنسان الأساسية المتمثلة في نمط ونوعية النظام السياسي الحر والمنفتح والديمقراطي.
ويضاف إلى ذلك حرية الإعلام والتعبير المكفولة دستوريا وقانونيا بكل الإشكال والأنواع في حين أن التحرك الأخير نحو إجراء تعديلات قانونية تحقق حرية أكثر شمولا في منظومة التعبير وحريته لتصل حد أنشاء الإذاعات والقنوات التليفزيونية الخاصة يؤكد على تجذير الرغبة المجتمعية والقيادية في ترسيخ وتعميق حرية الرأي والتعبير ".
ويرى الكهالي أن دستور الجمهورية اليمنية ارسي العديد من الأسس السياسية و الاجتماعية و الثقافية وبين حقوق وواجبات المواطنين ضمن قوانين دولة الوحدة ومنها قانون رقم (25) لسنة 1990 الذي ضمن في مبادئه العامة حرية المعرفة و الفكر و الصحافة و التعبير و الإتصال و الحصول على المعلومات باعتباره حق من حقوق المواطنين لضمان الإعراب عن فكرهم بالقول و الكتابة و التصوير و الرسم او بأية وسيلة أخرى من وسائل التعبير . إلى جانب ذلك اعتبرت المادة (3) من الفصل الثاني من القانون السالف الذكر حرية التعبير فطرة إنسانية طبيعية " وأوضح القانون الاتجاهات الأساسية للعمل الصحفي ضمن فقرات المادة (3) والتي اكدت على اعتماد الاتجاهات الأساسية للعمل الصحفي على تعميق مبدأ حرية التعبير وهي الفطرة الإنسانية الطبيعية التي فطر الله الناس عليها و تأكيدا للتعاليم الإسلامية السامية إلى جانب تعزيز وحدة الوطن اليمني و الحفاظ على سيادته و استقلاله و حريته و تقدمه وإزالة كل آثار التشطير و رواسب الماضي و معوقات التنمية الوطنية".
كذلك شملت المادة 3 استنهاض طاقات الشعب و كفالة وضمان و تأكيد الحقوق و حريات المواطنين و الصحافة و الأحزاب.
وفيما يخص الحريات الصحافية يشير الكهالي إلى أن قانون الصحافة و المطبوعات كفل استقلال الصحافة و حرية ممارسة رسالتها في خدمة المجتمع و تكوين الرأي العام و التعبير عن اتجاهاته بمختلف وسائل التعبير في إطار العقيدة الإسلامية أو الأسس الدستورية للمجتمع و الدولة و أهداف الثورة اليمنية و تعميق الوحدة الوطنية و لا يجوز التعرض لنشاطها الا وفقا لأحكام القانون.
كما ضمنت المادة (5 ) من نفس القانون حرية الصحافة فيما تنشره و حريتها في استقصاء الأنباء و المعلومات من مصادرها وهي مسؤولة عما تنشره في حدود القانون ومن أهم ما جاء به القانون في فصله الثاني ما نصت عليه مواده من حقوق وواجبات الصحفيين من المادة (13 إلى 26 ) وتأكيدها على عدم جواز مسائلة الصحفي عن الرأي الذي يصدر عنه او المعلومات الصحفية التي ينشرها وان لا يكون ذلك سببا للإضرار به ما لم يكن فعله مخالفا للقانون.
كما أن للصحفي الحق في الحصول على المعلومات و الأنباء و البيانات و الإحصائيات من مصادرها وله الحق في نشرها و عدم نشرها و الاحتفاظ بسرية معلوماته ولا يجوز إجباره على إفشاء مصادره طبقا لأحكام القانون إلى جانب كثير من الحقوق وتوضيح للالتزامات التي جاء بها هذا القانون .
ويؤكد أن وحدة الأرض والإنسان التي مثلها اليمن الموحد أكبر الإنجازات في تاريخ اليمن باعتبارها نقطة تحول في التاريخ المعاصر نقلت اليمنيين من الانقسام والتفكك إلى الاندماج و التوحد الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ الأمة العربية.
المصدر
صنعاء – سبأنت: استطلاع : ليلى الفهيدي / سميرة قاضي
سبأ