الإسلام البيئي
الثلاثاء, 26-مايو-2009
إرين غوفرسين - يجري منذ بضع سنوات طرح بيئي عالمي يربط المواضيع البيئية مع الأخلاقيات الإسلامية. ولكن إلى أي حد يمكن للإسلام أن يعطينا حقاً الإرشاد والمشورة حول الاستدامة البيئية؟ تسعى إرين غوفرسين، الكاتبة المستقلة في Qantara.de للحصول على إجابات من عالمة الاجتماع الخبيرة سيغريد نوكيل.

من غير العادي ذكر الإسلام والحماية البيئية في نفس المضمون. ما نوع المفاهيم البيئية التي يمكن للإسلام أن يقدمها؟

سيغريد نوكيل: جاءت أنواع المشاكل البيئية التي نعاني منها اليوم نتيجة لعمليات التصنيع والرأسمالية، لذا فهي تطورات جديدة نسبياً. المصادر الإسلامية، من ناحية أخرى، عمرها أكثر من ألف عام، وتعود جذورها إلى مضمون مختلف كلياً. لذا لا تستطيع استنباط أفكار حول العلاقة بين الإنسان وبيئته إلا إذا كانت ذات طبيعة عامة أكثر.

هناك شروط وردت إلينا من الماضي، مثل "الفطرة" أو الخلق كنظام طبيعي أصلي، والتوحيد، وهو وحدة الخلق، الذي يخبرنا أن جميع الأشياء في العالم متعلقة ببعضها بعضاً لأنها جميعاً مؤشرات متساوية على وجود الله تعالى، وهي جميعها هامة وقيّمة وتستحق الحفاظ عليها بشكل متساوٍ، و"الميزان" أو حالة التوازن في الخلق المنظّم والتي يجب الإبقاء والحفاظ عليها.

إضافة إلى ذلك هناك مفهوم "الخلافة" الذي يشير إلى دور الإنسانية كوصيّة على الخليقة. واجب الإنسانية هو الحفاظ على نظام الخليقة. يجب الاستمتاع بثمار الأرض، ولكن يجب عدم استغلال مواردها بطريقة تضيعها وتبذّرها.

كذلك، وبكلمات وأعمال النبي محمد (ص) والمسلمين الأوائل، هناك أمثلة تقترح علينا أن نكون محافظين وحكماء متعقلين في استخدامنا للمصادر الطبيعية وأن نوفّّّّّّر بشكل جيد للأنعام التي نمتلكها. توفر هذه الكلمات أمثلة للأجيال القادمة.

هل تقدّم التقاليد الإسلامية أية مفاهيم أساسية تتعلق بحماية البيئة؟

كانت هناك في الماضي نظماً في المناطق الإسلامية يمكن للمرء أن يصفها بأنها أدوات للحفاظ على الطبيعة والحياة البرية. تجري المحاولات اليوم لمحاولة إنعاش النظم التي تحكم ما يسمى بمناطق "التحريم" و"الحِمى"، والتي كانت مناطق محمية حول الينابيع ومجاري المياه حيث لا يُسمَح بإقامة مستوطنات بشرية فيها، على سبيل المثال، لمنع تلوث المياه.

لم يكن المسلمون حتى الآن واضحين بشكل ظاهر في حوار الحماية البيئية. لماذا؟

معظم المسلمين لا يعون العلاقة بين الدين والحماية البيئية، رغم وعيهم بها بأسلوب أكثر عمومية. تقوم مؤسسة Stiftung Interkultur حالياً بإجراء استطلاع صغير حيث أصبح من الواضح أن المسلمين الجادّين في الدين يعبّرون عن وجهة النظر القائلة أن الدين يتطلب "احترام الطبيعة"، الأمر الذي يدفعهم بعد ذلك إلى التصرف وفق ذلك في حياتهم اليومية، من خلال المساعدة على حماية المناطق الخضراء أو إقناع الآخرين بأن يصبحوا أكثر اقتصادية في الماء والطعام، أو أن يفكروا بشكل أوسع في ما يستهلكونه.

إلا أنه لا توجد هناك دراسات تجريبية حول الوعي البيئي للمسلمين. حتى الآن لم يجرِ أخذهم بالاعتبار كمجموعة ذات علاقة في هذا المضمون، أو أنه يجري النظر إليهم على أنهم أبعد من وصول هذا النوع من القضايا.

هل هناك أية مشاريع أو مبادرات إسلامية بيئية في أوروبا؟

تعتبر المؤسسة البريطانية الإسلامية للبيئة والعلوم البيئية المنظمة المعروفة على المدى الأوسع، وهي مسجلة كمنظمة غير حكومية ومنظمة زميلة للتحالف النشط عالمياً للأديان والحفاظ على البيئة، حيث عملا معاً في مجال إجراءات الحماية الساحلية في إفريقيا. إضافة إلى مبادراتهما في المملكة المتحدة، كانت هاتان المنظمتان فاعلتين جداً في المساعدة على بناء صورة ناجحة في الإعلام "للبيئة الإسلامية". وهما تقدمان توليفة مثيرة للإعجاب للطروحات الإسلامية والبيئية في نشرة "الإسلام البيئي" المعّدة بصورة مهنية.

توفر النشرة خليطاً مقدماً بصورة ماهرة لمقالات تغطي قضايا بيئية عالمية إضافة إلى ما هو يومي وعملي. وتحافظ المؤسسة البريطانية الإسلامية على روابط مع المنظمات البريطانية الإقليمية التي نشأت في السنوات القليلة الماضية.
ما نوع المساهمة، باعتقادك، التي يمكن للمسلمين أن يقدموها إلى الموضوع الذي تجري مناقشته بشكل ساخن اليوم حول "الحماية البيئية"؟

يبدو أن المسلمين ما زالوا بحاجة لفهم العلاقة بين الدين والبيئة بشكل أوضح. أنهما أمران مختلفان بشكل كامل بالنسبة للكثيرين، ولم ينجحوا حتى الآن بالربط بينهما.

تستطيع حركة جديدة مثل "الإسلام البيئي"، بشكل محتمل، أن تستخرج أفكاراً جديدة وأن تمكّن الناس من التعرف على القضايا البيئية والنظر إلى أسلوب حياتهم اليومية وعاداتهم من منظور جديد.

يمكن الوصول إلى عدد كبير من الناس من خلال المساجد أو عبر المجموعات المسلمة، أناس لا يشعرون عادة أن قضايا كهذه تتعلق بهم. يمكن للطروحات البيئية أن تتجذر هنا. ويمكن للتشبيك مع مجموعات ومنظمات بيئية أخرى أن تشكل احتمالاً. بعدها تأخذ الحركة البيئية خطوة إلى الأمام.

وهذا أمر يتوجب على كل امرئ أن يعمل باتجاهه. تصبح بعد ذلك أمور حماية البيئة والمناخ قضايا ذات روحانية بدلاً من مجرد قضايا ذات أهمية توجهية فقط.

* إرين غوفرسين كاتبة مستقلة مع Qantara.de. سيغريد نوكيل عالمة اجتماعية قامت بتأليف دراسة حول الإسلام لـِ Stiftung Interkultur في ميونيخ كجزء من سلسلة حول الهجرة والاستدامة. تقوم خدمة Common Ground الإخبارية بتوزيع هذا المقال المختصر بإذن من Qantara.de. يمكن الحصول على النص الكامل من الموقع www.qantara.de.

مصدر المقال: Qantara.de، 11 أيار/مايو 2009