"ورقة أوباما للحل النهائي"
الأحد, 24-مايو-2009
عريب الرنتاوي -

إن لم يكن في الرابع من حزيران المقبل، فبعده ببضعة أسابيع أو أشهر: باراك أوباما سيعلن خطته للسلام والحل النهائي في الشرق الأوسط، وسيتعين على الذين ذهبوا منا بعيدا في الرهان على الإدارة الأمريكية الجديدة، وجعلوا من إحراج إسرائيل استراتيجية عليا لهم، أن يحزموا أمرهم وأن يأخذوا قرارهم، فإما الذهاب مع أوباما حتى نهاية الشوط، وتقديم "استراتيجية إحراج إسرائيل" على "استراتيجية استرجاع الحقوق"، وإما الوقوف مرة أخرى، وجها لوجه في مواجهة رئيس أمريكي "متورط في الشرق الأوسط" ولديه ورقته الخاصة للحل النهائي، تماما مثلما انتهى إليه حال القيادة الفلسطينية مع الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلنتون وورقته الشهيرة.

سلفا ومقدما ومن دون مجازفة، نقرأ في "ورقة أوباما" التي لم تصدر بعد، ما يلي:
أولا: في العناوين المباشرة:

• الفلسطينيون يمضون قدما في استئصال الإرهاب وبناء الأجهزة والمؤسسات
• إسرائيل تزيل كافة العوائق والحواجز التي تحول دون تمتع الفلسطينيين بحرية الحركة في الضفة
• إسرائيل أن تخفف الحصار المضروب عى قطاع غزة خصوصا لضمان إدخال الأدوية والأغذية وتسهيل حركة المدنيين وإعادة الإعمار المدني.
• خطط دولية للتطوير والتنمية الاقتصاديين
• الدولة العربية والإسلامية تواكب هذه التطورات المتبادلة، بفتح أجوائها لطيران العال، وتسهيل حصول الإسرائيليين على التأشيرات، وتبادل الزيارات والوفود السياحية وفتح قنوات الاتصال الهاتفي مع الدولة العبرية.

ثانيا: في الحل النهائي:
• الحل النهائي يقوم على أساس دولتين لشعبين.
• الإسرائيليون يجمدون الاستيطان بكل أنواعه، ويفككون بؤرا استيطانية، على أن تضم الكتل الاستيطانية الكبرى لإسرائيل في إطار تبادل للأراضي متفق عليه، وبصورة تضمن قيام الدولة الفلسطينية المتصلة جغرافيا والقابلة للحياة.
• أمن إسرائيل فوق كل اعتبار، حتى وإن أدى ذلك إلى الانتقاص من سيادة الدولة الفلسطينية العتيدة، فتكون دولة وبلا جيش أو قوات مسلحة، ومحظور عليها عقد اتفاقيات دفاعية أو الدخول في تحالفات مع أطراف أخرى لا ترضى عنها إسرائيل.
• القدس عاصمة للدولتين، تقسم على قاعدة الأحياء العربية للفلسطينيين واليهودية لإسرائيل (مع التوسع في الأخيرة)، ومع ترتيب خاص للإماكن المقدسة (نظرية الطرف الثالث).
• لا عودة للاجئين إلى داخل الخط الأخضر، العودة ممكنة للدولة الفلسطينية، والتوطين في مكان الإقامة أو في دولة ثالثة هو الخيار الرئيس مع فرص الحصول على تعويضات للدول المضيفة واللاجئين الأفراد (وثيقة جنيف وورقة كلينتون)، وإنشاء صندوق دولي للتعويضات بتمويل أمريكي – أوروبي – ياباني - خليجي.
• الدول العربية تواكب الاتفاق بالتوسع في تطبيع علاقاتها مع تل أبيب، على أن يكون التطبيع الكامل مقترن بالشروع في ترجمة بنود الحل النهائي.

ثالثا: في المبادئ العامة:
(كثير منها لن يعلن في أي ورقة، ولكنه سيكون سياسة معتَمَدَة ومعتَمِدَة على الحلفاء والاصدقاء)
• الولايات المتحدة والرباعية الدولية، تضمن الحل النهائي وتسهر على حسن تنفيذه وعلى جعله مقبولا لمختلف الأطراف، أو على الأقل لتقليص واحتواء حدة المعارضة.
• الولايات المتحدة وحلف الأطلسي تنشر قوات في مناطق فلسطينية مدعمة بقوات صديقة، من أجل مساعدة السلطة على القيام بدورها في تفكيك المليشيات وبناء سلطة واحدة وسلاح واحد، وحل مشكلة "الإقليم المتمرد" في غزة، سواء بدمج حماس أو بإسقاطها.

بنظرة إلى "ورقة أوباما للحل النهائي" يتضح أنها كقطعة الجبن السويسرية، فيها الكثير من الثقوب التي سيصعب على المفاوض الفلسطيني (أو العربي) سدها أو إغلاقها، الأمر الذي سيضعنا جميعا أمام حلين: إما الأخذ بها كما هي خصوصا إذا ما رفضتها حكومة نتنياهو، ومن باب "سد الذرائع" وعملا بمقتضيات "استراتيجية إحراج إسرائيل"، وإما رفضها والمقامرة بكل ما ترتب على هذا "الحراك النشط" لعرب الاعتدال، وإضاعة ما يعتقد أنه آخر فرصة للسلام في الشرق الأوسط.
مشكلة "مأزق الخيارات" هذا، أنه قد ينتهي بقبولنا التنازل عمّا هو حق لنا، ليصبح حقاً مُعترفاً به ومُتنازلاً عنه للآخر، من دون أن تكون هناك ضمانة من أي نوع، بأن هذا الآخر سيقدم على الانسحاب عن الأراضي المحتلة أو سيسمح بقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، فيكون إنجازنا الوحيد بعد رحلة المعاناة والتنازلات المؤلمة أننا نجحنا في إحراج إسرائيل لكنها فازت بالإبل؟؟!!.