فصم وحدة اليمن أو تعكير أمنه .. لن يخدم اليمن ولا الأمة
الاثنين, 18-مايو-2009
محمد شريف الجيوسي -

يجتاز اليمن أو هو على وشك اجتياز مرحلة جديدة خطيرة ، كان الرئيس اليمني علي عبدالله صالح قد حذر مؤخراً من مغبة التورط فيها، فيحدث له ما حدث ويحدث في العراق والصومال وفي الجزائر (في مرحلة سابقة) وربما مثلما حدث في السودان وفلسطين وما كان يخطط له ان يحدث في سورية ولبنان.

لقد باتت بعض القوى السياسية والمذهبية والاثنية والدينية تتخذ من أخطاء ترتكب مبرراً للانقضاض على الحد الأدنى المتوفر من الاستقرار والأمان والإنجازات (ولا نقول أن كل شيء بخير عميم وعال العال) بحجة ثغرة هنا او هناك ، غير متنبهة للأفواه المفتحة باتجاه الوطن العربي بمكوناته كافة ، بمن في ذلك المتذمرين الراغبين بالتغيير التدميري ولاستعانة بالغرب الأمريكي منه بخاصة ، غير مدركين لتجارب الأمة منذ الشريف الحسين بن علي (يرحمه الله) حيث غدروا به ونفوه واتوا بالماجدة زوجته تشهد ضده إذلالاً. وما استتبع من غدر تلو غدر.

لقد كادت وحدة شطري اليمن تكون الإنجاز العربي الوحيد بداية تسعينات القرن الماضي (إلى جانب التغيير الذي حصل قبلها بأعوام في السودان) وسط ركام من المشكلات حيث الحرب الخليجية الثانية وحصار العراق وانقسام الدول العربية وتعطل مؤسسة القمة واتفاقيتي أوسلو ووادي عربية وما يشبه الحرب الأهلية الدامية في الجزائر وتعثر مشروع الاتحاد المغاربي وانتهاء مشروع اتحاد الدول العربية.

ورغم محاولة إفشال الوحدة اليمنية بالقوة المسلحة ، فقد تجاوزت الوحدة محنة الانقسام ، بل واستطاعت اليمن الموحدة استعادة أجزاء مهمة منها ضمن اتفاقات سلام مع سلطنة عمان والسعودية. وأصبحت اليمن الواحدة أحد أهم الدول العربية ديمغرافياً ومساحة وموقعاً واقتصاداً واعداً وديمقراطية آخذة في التطور وان ما زال أمامها الكثير من المأسسة والنضج والرسوخ.

لا بد ان في اليمن من المعيقات والمنغصات والمصاعب والمشكلات والنواقص ما يبعث ربما على اليأس لدى مفرّغي القدرة على العمل والدأب والنضال والصبر. إن التغيير غير المتدرج يدفع أصحابه إلى الكوارث والسقوط في أفلاك الطامعين ومصائدهم. ومن أمثلة ذلك ما حدث لبلدان أوروبا الشرقية وما حدث لروسيا في البدايات ، جراء التغيير الانقلابي السريع والفوضوي ما جعل من شعوب تلك الدول خداما لدى الغرب الأوروبي وكثيراً من نسائهم (..) وانهارت عملاتهم واقتصاداتهم. حصلوا على ملابس داخلية جميلة وسراويل جينز. لكنهم فقدوا الكرامة الوطنية والشخصية وافتقروا للكثير مما كان متوفراً بيسر.

إن فك وحدة اليمن تحت أية ذريعة ، او إشعال الحرب فيها من قبل أي طرف ومهما كانت المبررات والدوافع طيبة منمقة (مبدئية) لا يمكن ان تخدم اليمن ولا الأمة العربية ولا الإسلام ولا الاشتراكية ولا أي منطق يمكن ان يستجير به راغب في إسقاط النظام السياسي بخاصة في الوقت الراهن حيث تشكل الأنظمة (رغم كل شيء) صمّام أمان تحفظ للبلاد وحدتها التي باتت مستهدفة هي أيضاً. وأي تعكير للواقع الراهن لا يمكن ان يخدم إلا الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وعتاة الغرب الأوروبي. ولتتجه كل البنادق نحو الاحتلالات المباشرة حيث تكون.