ثقافة الحوار في فكر الرئيس صالح
السبت, 12-يوليو-2008
فخامة الرئيس علي عبدالله صالح
عبود الصوفي - الذي يحير العرب دائما هو كيف لهؤلاء الأوروبيين أن يتحدوا على اختلافهم ، بينما هم يقتتلون رغم تشابههم ؟! والجواب موجود في البرلمان الأوروبي حيث اللجان المتشعبة تتحاور حول أصغر صغائر الأمور وتتباحث وتتناظر لساعات وربما لسنوات متمترسة خلف صبر أيوب، لا يبقى تفصيل حياتي إلا ويجدون له تسوية ما ترضي كل الأطراف.
ثقافة الحوار هي أفضل وسيلة لبناء الحضارة وترسيخ الاستقرار وبها تطمئن النفوس، بل إنها الوسيلة الارقى لترسيخ ثقافة التفاهم والتسامح بين الناس في أي مجتمع، وان الذين يبتلون بالخروج عن الجماعة هم الذين يؤثرون ثقافة العنف والقتل على ثقافة الحوار والسلم .
الرئيس صالح وثقافة الحوار
ثقافة الحوار عند الرئيس صالح ليست وليدة اللحظة بل هي ملازمة له منذ أن تولى قيادة هذا البلد في الـ 17 من يوليو 1978، الحوار الذي يفضي إلى الأمن ويؤدي إلى المحبة والوئام في المجتمع، لأن الرئيس علي عبدالله صالح يؤمن أن سلاح الحوار أرقى وأقوى من سلاح العنف نفسه، ذلك بأن ثقافة العنف من وجهة نظره لا تبرهن إلا على عجز أصحابها في المواجهة الفكرية، أو قصورهم في القدرة على إقامة الحجة على الخصم ، في حين أن الحوار لا يتولد إلا عن تمكن في قوة العقل، ولا ينشأ إلا عن قدرة فكرية على المواجهة وشجاعة في الصدع في الرأي.
لهذا نجد الرئيس صالح يدعو دائماً إلى فتح قنوات الحوار والتخطيط لحوار جاد ومثمر مع مختلف المستويات السياسية والتربوية والاجتماعية والاقتصادية، لأنه يرى أن فتح مثل هذا القنوات هو أمر ايجابي في كل الأحوال، فهو- الحوار- يسحب دعاة التعصب والتطرف من سراديبهم المخفية إلى خيارات التفكير بصوت عال .
يقول قحطان الزبيدي من فلسفة الرئيس علي عبدالله صالح القائمة على الحوار والتسامح انبثقت تلك السياسة الحكيمة والناجحة التي حددها فخامته في مكافحة الإرهاب ومن وقعوا تحت تأثير أفكار التطرف والغلو من الشباب المغرر بهم، واعتمد أسلوب الحوار مع أولئك النفر الذين يجهلون مقاصد الشريعة المحمدية السمحاء، وإرشادهم بأمور دينهم وإزالة ما علق في أذهانهم وعقولهم من نوازع الغلو والتطرف والمفاهيم المغلوطة التي تدفعهم إلى انحرافات خطيرة وتخرجهم عن الشرع الصحيح والعقل السليم وتشوه صورة الإسلام وبالتالي إعادتهم إلى جادة الصواب وضمان اندماجهم داخل نسيج المجتمع.
هناك حقيقة معرفية مفادها: " الاختلاف يؤدي إلى الائتلاف، ولكن الخلاف يؤدي إلى الخصام والعراك والعنف والمقاتلة ".. هذه الحقيقة وظفها الرئيس صالح عندما دعاء كبار علماء اليمن إلى اجتماع عقد برئاسته في أغسطس 2002، في هذا الاجتماع تم تشكيل لجنة من العلماء تتولى الحوار مع الشباب العائدين من أفغانستان وغيرهم ممن لديهم قناعات فكرية مخالفة لما أجمع عليه جمهور علماء المسلمين.
إن نقد هذا الفكر من خلال الحوار المؤثر والناجح يزيل الغموض و اللبس لذا اعتمدت السياسة العامة لمكافحة الإرهاب على المرتكزات الآتية :
- الحوار الفكري لاقتلاع الجذور الفكرية للتطرف والإرهاب.
- اتخاذ التدابير الكفيلة بمنع الجريمة قبل وقوعها وضبطها بعد وقوعها وتعقب مرتكبيها
وتقديمهم للعدالة لينالوا جزاءهم.
- حل المشكلات الاقتصادية التي قد تكون سببا في استغلال بعض العناصر لتنفيذ أعمال إرهابية مع تجفيف منابع التمويل.
- اتخاذ التدابير التي تقتضيها ضرورة التعاون الإقليمي والدولي لمكافحة الإرهاب طبقا للدستور والقوانين النافذة وقرارات الشرعية الدولية والاتفاقيات التي تعد طرفا فيها.


وهكذا نجحت هذه السياسة وحققت نتائج طيبة لأن الرئيس صالح كان وما يزال يدرك أن التعصب في المعتقد يعد أخطر أنواع التطرف الذي يؤدي إلى سلسلة حافلة بالأخطاء على مستوى السلوك و التفكير مع التزمت بإعطاء المبررات الشرعية أو الأغطية الرسمية لتكريس ظاهرة العنف تحت ذريعة المعتقد أو المذهب أو الحزب أو التجمع . وأن لا سبيل للخروج من هاكذا أفعال إلا بالحوار، فالفكر لا يواجه إلا بالفكر والحوار هو الأداة الفاعلة لتغيير القناعات
وتصحيح المفاهيم الخاطئة ومحاربة الغلو والتطرف الديني المنافي لحقيقة الدين الإسلامي ووسطيته.
وفي ثقافتنا الإسلامية : " إن رأيي صحيح يحتمل الخطأ، وأن رأي غيري خطأ يحتمل الصواب". نفهم من ذلك أنه ليس لأحد أن يدعي الحقيقة المطلقة وليس له أن يخطى الآخرين لمجرد اقتناعهم برأي مخالف.. فالحقيقة نسبية والبحث عن الحقيق حتى من وجهة نظر الآخر المختلف،
هو طريق مباشر من طرق المعرفة، وهو في الوقت نفسه أسمى أنواع الحوار.
وليس هناك أخطر من مجتمعات تعتقد أن الحوار خيار تستطيع أن ترفضه وهي في قلب المعمعة، مفضلة الجمود والعناد الذي لا يقود إلا إلى الخصام بين أبناء الوطن الواحد.