التمويل الإسلامي للإسكان يوفر حلولاً جديدة في هذا الاقتصاد
الأحد, 10-مايو-2009
يوسف طلال ديلورنزو - قد يوفر نموذج الأعمال والنمو الذي يمثله قطاع التمويل الإسلامي، وهو النظام المالي الوحيد في العالم اليوم الذي يرتكز على تعاليم دين رئيسي، فرصاً جديدة للأسر الأمريكية من المسلمين وغير المسلمين على حد سواء.
ينشط قطاع التمويل الإسكاني الإسلامي في حوالي أربعين ولاية من الولايات المتحدة الأمريكية. وفي الوقت الذي يعمل فيه هذا النظام حسب نموذج أعمال لا توجد نسبة فائدة مالية، تعتبر مؤسسات التمويل الإسكاني الإسلامية متناسقة من كافة النواحي مع الرأسمالية الحديثة، تماماً مثل المؤسسات المالية التقليدية.

إلا أن هناك فروقات معينة. يوجد في جوهر النموذج الإسلامي منظور مفاده أن الإقراض هو عملية خيرية وليس نشاط أعمال تجارية، وأن الدين ليس أمر يجب استغلاله لتحقيق الربح المادي.

يستخدم التمويل الإسلامي بدلاً من ذلك نموذجاً تشاركياً يسعى لإشراك كافة الأطراف كشركاء في المخاطر والمكافآت، دون ضمان مردود أو دخل. من خلال تحريمه الفائدة، حرّم الإسلام فعلياً عدم الحصول على الفائدة، من حيث أن الشراكات تشجع الإدارة النشطة والمساءلة والمسؤولية والإشراف المشترك.

يعني التمويل الإسكاني الإسلامي أن البنك الإسلامي وشريكه العميل يحصلان على العقار بشكل مشترك كمستثمرين شركاء. وفي الوقت الذي تربح فيه بنوك الرهن العقاري التقليدية من الفائدة، تحصل شركات التمويل الإسكاني الإسلامية على المردود من اتفاقيات الملكية المشتركة حيث يتم دفع الإيجار، مقابل إقامة العميل الشريك على العقار، لشركة التمويل مقابل الجزء الذي تملكه من العقار.

وتساوي قيمة "الإيجار زائد حقوق الملكية" عادة دفعات "رأس المال زائد الفائدة". وعندما يحصل العميل الشريك على الملكية الكاملة للمنزل، تتوقف دفعات الإيجار للبنك الشريك. ونتيجة لأن التمويل الإسكاني الإسلامي يخدم المشترين للمرة الأولى والذين لا يرغبون، لأسباب دينية، بالحصول على قروض رهن تقليدية تضم فائدة مالية، يستمر العمل بالنمو والازدهار بينما تتوسع البنوك الإسلامية بخدماتها داخل السوق الأمريكي، حتى في هذه الأوقات حيث تتراجع أسواق فرص العمل وتسود الأزمة الاقتصادية.

وتقول أكبر ثلاث شركات تمويل إسكاني إسلامية مركزها الولايات المتحدة (بنك ديفون في شيكاغو وشركة غايدنس للإسكان في فرجينيا وبنك يونيفيرستي في ميشيغان) أنها قامت بكمّ أكبر بكثير من الأعمال في أول شهرين من العام 2009 مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي 2008. ويفيد بنك ديفون أن العمليات أثناء هذه الفترة تضاعفت تقريباً.

ويعتبر التمويل الإسكاني الإسلامي أكثر جاذبية للأمريكيين الذين يرغبون بشراء منازل جديدة، من حيث مفهوم الشراكة والمخاطرة، لأنه يستخدم عقوداً لا ملاذ فيها. ويعني ذلك أنه ليس باستطاعة البنك الحصول من أصحاب البيوت الذين يواجهون مصادرة منازلهم نتيجة لعدم التسديد، أكثر من بيوتهم. وفي الوقت الذي تعمل فيه الرهونات التقليدية بهذا الأسلوب في بعض الولايات، تقدم شركات التمويل الإسكاني التقليدية عقوداً لا ملاذ فيها للمشترين في جميع الولايات التي تعمل فيها. لذا، وحتى في حال هبوط قيمة المنزل إلى أقل من القيمة المموّلة، لا تملك شركة التمويل سلطة على ممتلكات صاحب المنزل الأخرى.

كذلك أظهرت شركات التمويل الإسكاني الإسلامي نفسها على أنها أكثر استعداداً لإعادة هيكلة التمويل بدلاً من مصادرة المنزل وطرحه للبيع. وتفيد مؤسسات التمويل الإسكاني الإسلامية الكبرى على سبيل المثال أن التقاعس عن تسديد الدفعات الشهرية هو "أقل من نصف نسبة الحالات في قروض الرهن التقليدية".

ورغم أن الحالات الأقل عدداً من المصادرة لعدم التسديد، مضافاً إليها الاستعداد لإعادة هيكلة التمويل، قد تكون نتيجة لقطاع التمويل الإسكاني الإسلامي الذي ما زال صغيراً نسبياً، حيث يقدر بأقل من مليار دولار من الاستثمارات السنوية لكل من المؤسسات الثلاث الأكبر حجماً في الولايات المتحدة، إلا أنه يعكس كذلك الفلسفة الأساسية للشراكة المهتمة والمسؤولية المشتركة.

قد يكون الوقت قد حان لأن تعود القيم الأخلاقية والدينية في الأعمال المصرفية وفي قطاع التمويل الإسكاني بالذات. يهدف التمويل الإسلامي في عام 2009، بينما يبحث العالم عن حلول للأزمة المالية العالمية، وتعاني الأسر الأمريكية من القلق فيما يتعلق بتمويل بيوتهم، يهدف مثله مثل جميع الأعمال التجارية الناجحة إلى الربح من خلال مشاركة الآخرين بما تعرفه.

* يوسف طلال ديلورنزو هو مدير الشريعة الرئيسي في شركة الشريعة لرأس المال المساهمة. كُتب هذا المقال لخدمة Common Ground الإخبارية.