تعطيل تصدير طهران للأسلحة والتكنولوجيا
الثلاثاء, 05-مايو-2009
ماثيو ليفيت - في وقت سابق من هذا العام، قامت قبرص بحجز سفينة الشحن الإيرانية المستأجرة «مونشيغورسك»، المحملة بمعدات حربية كان مقصدها سوريا (وربما ما وراءها). ويسلط هذا الحدث الضوء على أوجه قصور العقوبات الحالية المتخذة من قبل الأمم المتحدة والاتحاد الاوروبي ضد إيران، ويشدد على ضرورة اتباع نهج أكثر انتظاماً للتعامل مع جهود طهران الرامية إلى نقل تكنولوجيا وأسلحة الى حلفائـ[ها] الراديكاليين في الشرق الأوسط وأماكن أخرى، حتى في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن للتعاطي مع إيران.

«مونشيغورسك» وحمولتها
في كانون الثاني/يناير الماضي، قامت البحرية الأميركية [باعتراض] السفينة «مونشيغورسك» وإيقافها عندما كانت تمر في البحر الأحمر في طريقها إلى سوريا. وقد جاء ذلك وفقاً لـ [معلومات] استخبارية مفادها أن السفينة كانت تنقل صادرات لأسلحة إيرانية الصنع انتهاكاً لقرار مجلس الأمن رقم 1747. ووفقاً لوثائق الأمم المتحدة، كانت «مونشيغورسك»، وهي سفينة روسية ترفع العلم القبرصي، مستأجرة من قبل «شركة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للملاحة» [«شركة الملاحة الإيرانية»]. وفي أيلول/سبتمبر 2008، قامت وزارة الخزانة الأمريكية بتصنيف «شركة الملاحة الإيرانية»على [قائمة الشركات المنغمسة] في أنشطة الانتشار النووي، حيث ذكرت أن "«شركة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للملاحة» لا تقوم فقط بتسهيل نقل البضائع للضالعين في انتشار الأسلحة النووية والذين تم تصنيفهم من قبل الأمم المتحدة، بل تقوم أيضاً بتزوير وثائق وتستخدم خطط خادعة لتغطية مشاركتها في تجارة غير مشروعة."

وقد قام أعضاء من طاقم [سفينة تابعة] للبحرية الامريكية كانوا قد صعدوا على متن «مونشيغورسك»، بتأكيد الشكوك المتعلقة بحظر الأسلحة وأمروا السفينة الروسية بالتوجه إلى قبرص. وهناك، وفقاً لصحيفة "وول ستريت جورنال"، عثرت السلطات القبرصية على مكونات قذائف هاون وآلاف من الحقائب تحتوي على مساحيق، ومواد مولدة للطاقة، وأغلفة لقذائف مدافع من عيار 125 ملم و 130 ملم. وقد تم تفريغ البضائع واحتجازها من قبل السلطات القبرصية.

لقد قامت سلطات الولايات المتحدة والسلطات القبرصية بالتصرف وفقاً للمبادئ التوجيهية القانونية التي حددتها سلسلة من القرارات التي اتخذتها الأمم المتحدة والاتحاد الاوروبي المتعلقة بإيران. ففي شباط/فبراير ونيسان/أبريل 2007، فرض الاتحاد الأوروبي عدداً من العقوبات على طهران من أجل تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي، بما في ذلك فرض حظر على قيام إيران بنقل العتاد العسكري والأسلحة وتكنولوجيا الصواريخ. وبالمثل، حظر القرار رقم 1747 الذي تم اعتماده في آذار/مارس 2007، نقل "أي أسلحة أو عتاد ذي صلة" من قبل إيران، وحثّ الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة بأن لا تسهل جهود كهذه. وعلاوة على ذلك، يهيب القرار 1803 الذي صدر في آذار/ مارس 2008، بجميع الدول، "طبقاً لسلطاتها وتشريعاتها القانونية الوطنية وبشكل يتمشى مع القانون الدولي"، بتفتيش الشحنات المتوجهة إلى إيران أو القادمة منها التي تملكها أو تشغلها «شركة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للملاحة» التي تعبر مطاراتها وموانئها، "بشرط أن تكون هناك مبررات معقولة للاعتقاد بأن الطائرة أو السفينة تنقل بضائع محظورة" .

ليست مشكلة جديدة
إن المشاكل المتعلقة باعتراض "تكنولوجيا مزعزعة للاستقرار" ونقل الأسلحة في أعالي البحار، أو تلك التي تحظرها قرارات الأمم المتحدة، ليست جديدة. ففي تشرين الأول/أكتوبر عام 1991، عادت سفينة الشحن الكورية الشمالية "موبو" - التي كانت تحمل صواريخ «سكود» والمعدات المتصلة بها وكانت متجهة إلى سوريا - إلى كوريا الشمالية بعد أن رفضت مصر السماح لها بعبور قناة السويس وسط مخاوف بأن إسرائيل قد تحاول اعتراض الشحنة. وبعد ذلك في آذار/مارس 1992، قامت سفن الشحن الكورية الشمالية "داي هونغ هو" و "داي هونغ دان" بتسليم البضاعة إلى إيران، وأثناء عبورهما [في المياه الدولية] قامت سفن البحرية الأمريكية بتعقب الناقلات الكورية. (ولم تتمكن [سفن] البحرية الأمريكية من وقف عمليات النقل لأنها لم تكن غير شرعية بموجب القانون الدولي). ويعتقد بأنه قد تم بعد ذلك نقل تلك الشحنات جواً إلى سوريا.

وفي آب/أغسطس 1993، اضطرت سفينة الشحن الصينية "يينهي"، التي كان يعتقد بأنها تقل سلائف كيميائية لإنتاج عوامل حرب [بيولوجية أو غيرها على سبيل المثال] والتي كانت متجهة الى إيران، إلى الرسو في المملكة العربية السعودية، ولكن ثبت بأنها لم تكن تحمل أي من المواد المحظورة. وفي كانون الأول/ديسمبر 2002، قامت السفن الحربية الاسبانية [باعتراض] وتوقيف وتفتيش سفينة شحن كورية شمالية تحمل صواريخ «سكود» يُعتقد أنها [كانت مرسلة] إلى العراق، ولكن تم إطلاق سراحها عندما اتضح بأن تلك الصواريخ كانت في طريقها إلى اليمن.

تدل هذه الحوادث على الحاجة لضمان دعم الجهود الرامية لاعتراض الشحنات المحظورة أو المزعزعة للاستقرار، من قبل استخبارات موثوق بها وسلطات قانونية مناسبة، وتسليط الضوء على المخاطر الناتجة عن العمل وفق إحدى هذه [القوانين] دون الآخر.

إيران تسلح خصوم الولايات المتحدة
[لقد وقع] في السنوات الأخيرة عدد من الحوادث المماثلة، التي شملت جهود إيرانية لنقل أسلحة ومعدات عسكرية بحراً وبراً وجواً، لحلفاء وأتباع [النظام الإيراني]. فقد ساعدت إيران، خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، على تسهيل [نقل] شحنات الأسلحة إلى غزة عن طريق حزب الله و «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» (بواسطة حاويات عائمة صامدة للمياه)، وذلك باستخدام اثنين من السفن المدنية، وهي «سانتوريني»، التي استولت عليها إسرائيل في أيار/مايو 2001، و «كاليبسو 2». وفي كانون الأول/ديسمبر 2001، حاولت إيران تسليم السلطة الفلسطينية خمسين طناً من الأسلحة كانت على متن السفينة «كارين إيه»، ولكن قوات البحرية الإسرائيلية قامت بالاستيلاء على شحنتها في البحر الاحمر. وخلال الحرب بين إسرائيل وحزب الله عام 2006، ادعت الاستخبارات الإسرائيلية بأن إيران عادت مرة أخرى وبدأت تزود الحركة الشيعية [بالأسلحة] عن طريق تركيا. وفي أيار/مايو 2007، اكتسبت هذه المزاعم مصداقية عندما تبين أن قطار خرج عن مساره [في محاولة تخريبية] قام بها إرهابيون من "حزب العمال الكردستاني" في جنوب شرق تركيا. وقد كان القطار يحمل صواريخ إيرانية غير معلنة، و[شحنات] أسلحة صغيرة متجهة إلى سوريا -- وربما لكي يعاد شحنها إلى حزب الله.

وفي الآونة الأخيرة، برزت إيران كمصدر رئيسي لتزويد «حماس» بالأسلحة في غزة، وكذلك للحكومات المناهضة للولايات المتحدة في أمريكا الجنوبية. وفي كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير 2009، قامت [طائرات] سلاح الجو الإسرائيلي بقصف قافلتي مركبات، أُفيد بأنها كانت تحمل أسلحة إيرانية متجهة الى مقاتلي «حماس» في غزة. (وهناك أيضاً تقارير تفيد بأن البحرية الإسرائيلية قامت في ذلك الوقت بإغراق سفينة إيرانية بالقرب من ساحل السودان كانت تحمل أسلحة إلى «حماس»). وفي كانون الثاني/يناير 2009 أيضاً، نجح مسؤولو الجمارك الأتراك في ميناء "مرسين" في اكتشاف شحنة تحتوي على معدات قادرة على إنتاج متفجرات. وقد دخلت الشحنة الإيرانية المنشأ إلى تركيا عن طريق شاحنة كان مقصدها فنزويلا.

تؤكد هذه الأحداث الأخيرة ظهور إيران المتنامي [كمصدر] يقوم بتزويد العتاد والمعدات والأسلحة العسكرية إلى الإسلاميين المتشددين وحلفاء طهران وعملائها المناهضين للولايات المتحدة في الشرق الأوسط وما وراءه. ولهذا السبب، من المهم بصورة متزايدة إنشاء نظام شامل للحد من قدرة إيران على نقل الأسلحة والعتاد العسكري لحلفائها وعملائها بحراً وبراً وجواً، وخصوصاً إذا قامت إيران بتسويق تكنولوجيتها النووية في الخارج.

تعزيز التأثير على طهران
تشير تلك الحوادث السابقة بأنه يتعين القيام [بعمليات] استخباراتية - في الوقت المناسب وبصورة موثوقة - لتجنب وقوع حوادث محرجة تقوض مصداقية الولايات المتحدة؛ كما أنها تسلط الضوء على الثغرات القائمة في "أدوات السياسة المتاحة" للتعامل مع عمليات نقل الاسلحة الإيرانية الى حلفاء طهران وأتباعها. ومن أجل إغلاق هذه الفجوات، يتعين على الولايات المتحدة العمل مع حلفائها والمجتمع الدولي للقيام بما يلي:

تشجيع لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة على إصدار بلاغ رسمي من قبل مجلس الأمن يُرسل إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويؤكد على واجب جميع الدول الأعضاء، بما فيها إيران وسوريا، على الإلتزام التزاماً تاماً بالحظر المفروض من قبل الأمم المتحدة على نقل الأسلحة؛

العمل مع الاتحاد الأوروبي على توسيع نطاق سياسته الحالية التي تحظر بيع أو نقل "جميع الأسلحة والمواد ذات الصلة، فضلاً عن تقديم المساعدة، والاستثمار والخدمات في هذا المجال" إلى إيران لتشمل أيضاً حظراً على شراء أو نقل الأسلحة والمواد من إيران؛

العمل مع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي على اعتماد تشريعات تتعلق بالأسلحة الإيرانية وعمليات نقل التكنولوجيا، لتمكين هذه الدول بالوفاء بالتزاماتها تجاه الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. [كما يجب] تشجيع المنظمات الإقليمية في أمريكا الجنوبية وجنوب وشرق آسيا على اعتماد قرارات مماثلة؛

العمل مع الاتحاد الاوروبي وتركيا (التي هي في الواقع البوابة الشرقية لأوروبا) على تطوير وتعزيز "نظام أمن حدود وجمارك" لمنع عمليات نقل التكنولوجيا والأسلحة الإيرانية عن طريق تركيا؛

إشراك القطاع الخاص لتوجيه الانتباه إلى خطر التعامل مع «شركة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للملاحة»، وفروعها، وغيرها من الكيانات المحظورة. وكما قالت وزارة الخزانة الامريكية عندما قامت بتصنيف «شركة الملاحة الإيرانية»: "قد تقوم البلدان والشركات، وبضمنها العملاء والشركاء التجاريين، وشركات التأمين البحري التي تتعامل مع «شركة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للملاحة»، بمساعدة الخط الملاحي بدون قصد على تسهيل أنشطة الانتشار في إيران". وفي الواقع، ونظراً لتاريخ إيران [الذي ينعكس] في نشاطها التجاري والمالي المخادع، ينبغي إجراء فحص دقيق لأي سفينة رست مؤخراً في ميناء إيراني؛

تشجيع البلدان على الطلب من الموانئ و/أو السلطات جمع معلومات كاملة ودقيقة ومفصلة، عن جميع البضائع التي يتم شحنها إلى بلدانهم أو عن طريقها (وخاصة من ‘الولايات القضائية‘ المعرضة للخطر مثل إيران)، وإجراء تقييمات مخاطر دقيقة، والمضي قدماً في عمليات تفتيش فعلية عند الضرورة؛

تشجيع تنفيذ مشروع «منظمة الجمارك العالمية» المعروف بـ "إطار معايير لتأمين التجارة العالمية وتيسيرها". وتمثل «منظمة الجمارك العالمية» 174 إدارة جمارك من جميع أنحاء العالم (بما في ذلك إيران) تعمل مجتمعة على معالجة حوالي 98 في المائة من التجارة العالمية. وفي ظل الإطار المقترح، سيتم تنفيذ نهج إدارة المخاطر على جميع البضائع لتحديد الشحنات عالية المخاطر في أقرب وقت ممكن. وستيستفيد الأعضاء المشاركون من تعزيز الأمن والكفاءة، وبإمكانهم الإستفادة [أيضاً] من خفض أقساط التأمين.

الآثار المترتبة على السياسة العامة
تدل الأحداث الأخيرة بأنه حتى في الوقت الذي تسعى فيه إدارة أوباما للتعاطي مع طهران، واصلت جمهورية إيران الإسلامية العمل من أجل تقويض المصالح الأمريكية، ودعم العناصر المناهضة للولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم، كما يتبين من جهودها المستمرة لإعادة تزويد «حماس» مرة أخرى [بالأسلحة]، ودعم الجهود المبذولة من قبل حزب الله لزعزعة الاستقرار في مصر، ومساعدة المتمردين العراقيين. ولهذا السبب، يتعين على الولايات المتحدة أن تعمل بصورة أفضل على تقييد قدرة طهران على تسليح حلفائـ[ها] وعملائـ[ها] المعادين لمصالح الولايات المتحدة. إن القيام بذلك من شأنه أن يعزز نفوذ واشنطن في مفاوضات محتملة مع طهران، [ويساعد على] إحتواء إيران فيما إذا فشلت هذه الجهود الدبلوماسية، ويمنع إيران من المساهمة في انتشار الأسلحة النووية في الشرق الأوسط وما وراءه.

* ماثيو ليفيت هو زميل أقدم ومدير برنامج ستاين لشؤون الإستخبارات ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطن.