جهود الحكومة في مواجهة الأزمات العالمية والحد من آثارها السلبية على الأوضاع الاقتصادية المحلية
الأحد, 08-مارس-2009
د. طه أحمد الفسيل - جهود الحكومة في مواجهة الأزمات العالمية والحد من آثارها
السلبية على الأوضاع الاقتصادية المحلية
يمثل الإنسان محور التنمية الشاملة وركيزتها ، فهو أداة التنمية ووسيلتها وهو الغاية الأساسية لكل الأهداف والسياسات والإجراءات التي تسعي إليها خطط وبرامج التنمية الشاملة، وتأتي في مقدمة هذه الأهداف تحسين مستوى معيشة المواطنين والمساهمة في توفير وخلق فرص العمل والتخفيف من الفقر، والعمل قدر جهدها على تحقيق التوازن الاقتصادي والاجتماعي بين فئات المجتمع ومناطقه المختلفة.
ولذلك أصبحت التنمية الشاملة (البشرية أو الإنسانية ) إحدى أبرز المهام الأساسية والوظائف الرئيسية للدولة التي يجب عليها القيام بها، كونها تسهم من ناحية في توفير متطلبات الاستقرار السياسي والاجتماعي والأمني لأي دوله ، ومن ناحية أخرى في ترسيخ الديمقراطية وتعزيز المشاركة السياسية وتحقيق الحكم المحلي. إلى جانب مساهمته في الحد من الفساد وتعزيز قواعد الحكم الرشيد والإدارة الرشيدة.
في الوقت نفسه يعتبر الاستقرار السياسي والأمني شرطاً ضرورياً ولازماً لسير عملية التنمية الشاملة وبناء الاقتصاد الوطني ، وكذلك لنجاح عملية البناء المؤسسي الإداري والتنظيمي، حيث يساهم مثل هذا الإستقرار في توفير الظروف المناسبة والبيئة الملائمة لتوسيع الأنشطة الاقتصادية والخدمية ودوران عجلة التنمية وجذب الاستثمارات الوطنية والأجنبية .
ولاشك بأن الحديث عن جهود الدولة في موجهة واحتواء الأزمات العالمية والحد من الآثار السلبية على الأوضاع الاقتصادية المحلية والأوضاع الاقتصادية غير المواتية والتقييم الموضوعي لهذه الجهود يتطلب من ناحية أولى تتبع جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية خلال العقود الماضية وصولاً إلى وقتنا الحاضر ، والإشارة كذلك إلى جهود الدولة في المجالات والجوانب الأخرى مثل مكافحة الفساد وتحسين منظومة الحكم الجيد والإدارة الحكومية ، ومن ناحية ثالثة الأخذ في الاعتبار طبيعة الأوضاع والتطورات الاقتصادية والسياسية والأمنية والثقافية المحلية ، والتطورات الاقتصادية والعالمية.
ونظراً لصعوبة تناول كل ماسبق في هذا اللقاء سأجعل من العام 2006م نقطة للانطلاق للحديث عن جهود الحكومة في معالجة الأوضاع الاقتصادية فقد شهد العام 2006م العديد من البوادر والمؤشرات الاقتصادية والتنموية الإيجابية أهمها:-
- انطلاق خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الثالثة للتخفيف من الفقر (2006-2010م) ، بالتزامن مع موافقة مجلس الوزراء في مطلع يناير 2006م على الأجندة الوطنية للإصلاحات.
- تركيز البرنامج الانتخابي للأخ رئيس الجمهورية علي عبد الله صالح على البعد الاقتصادي والمعيشي للمواطنين ، وعلى الإصلاحات المؤسسية والإدارية للجهاز الإداري للدولة.
- نجاح الانتخابات الرئاسية التي جرت في سبتمبر 2006م.
- نجاح مؤتمر المانحين لليمن في لندن منتصف شهر نوفمبر 2006م في حشد حوالي 5 مليار دولار كدعم إنمائي خليجي ودولي لتنفيذ البرنامج الاستثماري العام للخطة الخمسية الثالثة خلال الفترة 2007-2010م.
- حدوث تقدم محرز في تنفيذ أجندة الإصلاحات الوطنية وبدء تحسن وضع اليمن في بعض مؤشرات التقارير الدولية الأمر الذي ساهم في تأهل بلادنا للحصول على مساعدات من صندوق تحدي الألفية في مطلع العام 2007م.
في ظل هذا الزخم الاقتصادي والتنموي، والذي عكس نفسه إيجابياُ بالتحسن في أوضاع الفقر ومستوى المعيشة في بلادنا في عام 2006م والإعلان عن خروج اليمن من مجموعة الدول الأقل نمواً من قِـبل البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة. في ظل هذا الزخم بدأت الأزمة الغذائية العالمية تُلقي ظلالها منذ مطلع العام 2007 وتشتد وتتأثر يوماً بعد يوم منذ منتصف هذا العام لتبلغ ذروتها في مطلع العام 2008م. فقد شهدت أسعار العالمية العديد من السلع الإستراتيجية ارتفاعاً متواصلاً في أسعارها، في مقدمتها أسعار السلع الغذائية الأساسية ( مثل الحبوب بكافة أنواعها وخاصةً القمح والذرة إلى جانب الأرز والزيوت وغيرها ) وكذلك أسعار المشتقات النفطية ومواد البناء وبالذات الحديد . ولم يكد لهيب هذه الأزمة يخفت نسبياً بعد شهر مارس 2008م وتتنفس الدول النامية والأقل نمواً ( ومنها بلادنا) الصعداء حتى بدأت بوادر الأزمة المالية الأمريكية تطل برأسها لتصبح منذ في منتصف شهر سبتمبر أزمة مالية عالمية، وتتحول بعد دلك إلى أزمة اقتصادية عالمية لا زال لهيبها مشتعلاً ، ملقية بآثارها وانعكاساتها السلبية بشدة على الدول النامية والأقل نمواً ومنها بلادنا.
أولاً : جهود الحكومة اليمنية لموجهة أزمة الغذاء العالمية
تمكنت الحكومة اليمنية ووزارة الصناعة والتجارة ومن خلال التعاون والتنسيق الكاملين مع القطاع الخاص خلال عامي 2007-2008م وبدعم واهتمام القيادة السياسية من ضمان استمرار التدفق السلعي في كافة محافظات ومناطق اليمن، وخاصة ً من المواد الغذائية، وبالتالي تحقيق الإستقرار التمويني بصورة كاملة ، والاستقرار السعري بصورة نسبية بالتعاون مع مستوردي القمح والدقيق بصورة أساسية .
ولا شك بأن اهتمام القيادة السياسية بمتابعة الأوضاع التموينية وحركة الأسعار بصورة دائمة وتوجيهاته المستمرة للحكومة ، وكذلك الإجراءات العديدة التي قامت بها الحكومة خلال عامي 2007-2008م كان لها الأثر الكبير في تحقيق هذا الاستقرار التمويني وفي الحد بصورة كبيرة من الآثار السلبية لبعض الممارسات الاحتكارية. كما أن جهودها لضمان هذا الاستقرار مستمر ومتواصل حتى اللحظة لضمان ذلك.
جهود الحكومة لمواجهة أزمة الغذاء
تعتبر أزمة الغذاء أزمة ومشكلة عالمية وإقليمية تواجه بصورة خاصة الكثير من الدول النامية والأقل نمواً المستوردة للمنتجات الغذائية، وبالذات الحبوب، دون استثناء مع اختلاف حدتها بين دولة وأخرى، مع امتداد انعكاساتها إلى بعض الدول المتقدمة ولكن بدرجة لم تصل إلى حد الأزمة.
وقد تنبهت القيادة السياسية مبكراً لهذه المشكلة، حيث تضمنت خطابات الأخ رئيس الجمهورية الدعوة لتشجيع الزراعة ودعمها بكافة الوسائل. ومنذ بداية الأزمة أمر الأخ رئيس الجمهورية في توجيه الحكومة والأجهزة والمؤسسات العامة ذات العلاقة باتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من تفاقم هذه المشكلة والعمل على مواجهتها بالحلول العلمية والعملية التنفيذية، بما في ذلك توجيه المؤسسة الاقتصادية لتوسيع دورها وأنشطتها الاقتصادية والاجتماعية والقيام باستيراد وتسويق المواد الغذائية وفي مقدمتها مادتي القمح والدقيق.
ويمكن إجمال أبرز جهود الحكومة في هذا المجال فيما يلي:
تبذل الحكومة ووزارة في:اعة والتجارة بالتعاون والتنسيق الكاملين مع القطاع الخاص جهودا خلال الفترة السابقة لتجاوز ارتفاعات الأسعار والاختناقات التموينية في المواد الغذائية والأساسية ، ومعالجة إختلالات حجم الخبز بنوعيه المسطح والروتي وارتفاع أسعاره باتخاذ إجراءات عاجلة من ذلك إنعاش الرقابة التموينية في أمانة العاصمة وكافة محافظات الجمهورية من خلال تفعيل وسائل و أدوات الرقابة على الأسعار ، ضبط المخالفات التموينية والسعريه وبخاصة للأسعار المرتفعة بنسب أعلى بكثير مما كانت عليه في الأعوام الماضية. وترافق ذلك مع مساندة تشريعية وتنظيمية أثرت عليها أجواء الحالة السائدة. وتتمثل تلك المساندة في :
1. مواصلة مجلس الوزراء متابعته للأوضاع التموينية والأسعار تأكيداً على الاهتمام الذي أولته الحكومة لهذا الجانب.
2. استمرار توسيع نشاط ودور المؤسسة الاقتصادية اليمنية في مجال استيراد وتسويق المواد الغذائية الأساسية وخاصة مادتي القمح والدقيق ، وبما يحقق توفير السلع الأساسية للمستهلك بأسعار مناسبة، وباتجاه تغطية نسبة أكبر من احتياجات السوق المحلية، بالإضافة إلى إقرار دعم المؤسسة لتنفيذ مشروع توسعة صوامع الغلال التابعة لها في ميناء عدن وبناء صوامع جديدة في ميناء الصليف وذلك بالتزامن مع تشجيع القطاع الخاص للاستثمار في مجال صوامع الغلال ومخازن الحبوب من أجل ضمان تكوين مخزون استراتيجي من القمح والحبوب. وكذلك الاستثمار في مجال مطاحن الدقيق لتغطية الاحتياجات المتزايدة للأفران والمخابز والمستهلكين عموماً تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء رقم (259) لعام 2007م وكذلك في إطار توجيهات فخامة الأخ/ رئيس الجمهورية الخاصة باستيراد مادتي القمح من قبل المؤسسة الاقتصادية والقرار رقم (256) لعام 2007م بشـأن تعزيز دور المؤسسة الاقتصادية في استيراد المواد الغذائية الأساسية و قرار مجلس الوزراء رقم (372) لسنه 2007م بشأن الموافقة على السماح لفروع الشركات والبيوت الأجنبية بممارسة العمل في مجال استيراد وتسويق السلع الغذائية .
3. مواصلة التزام إلزام تجار الاستيراد والمنتجين بموافاة وزارة الصناعة والتجارة بالبيانات والمعلومات حول السلع الغذائية الأساسية وعدم تحريك أسعارها قبل موافاة الوزارة وفقاً لقرار مجلس الوزراء رقم (237) لعام 2007م، حيث تم وضع آلية لتنفيذ هذا القرار.
4. متابعه تنفيذ قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (66) لسنة 2007م بشأن آلية إشهار أسعار السلع ، بحيث يتم نشر وإذاعة أسعار المستهلك للعديد من المواد الغذائية الأساسية في بعض محافظات الجمهورية مثل (عدن – تعـز – الحديدة – حضرموت – صعده) ، ويتم حالياً نشر الأسعار في بعض الصحف الرسمية مثل صحيفة 14 أكتوبر والجمهورية والثورة ووكالة سبأ للأنباء لتوعية المستهلك.
5. استناداً لقرار مجلس الوزراء رقم (149) لعام 2007 يواصل مجلس الغذاء عقد اجتماعاته الدورية برئاسة نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية وزير التخطيط والتعاون الدولي وعضوية الوزراء المعنيين وممثلي الجهات الرسمية ذات العلاقة وكذلك الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية ومستوردي القمح والأرز ومنتجي الدقيق. وتتركز مهام المجلس بدرجة أساسية في تقييم الأوضاع التموينية والسعريه وتقدير الاحتياجات ودعم المخزون الاستراتيجي على مستوى كل محافظة إلى جانب وضع رؤية حول ما يجب اتخاذه في ضوء المؤشرات المحلية والخارجية لضمان الاستقرار التمويني والسعري بصورة دائمة.
6. استمرار تنفيذ قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (21) لسنة 2007م بشام لائحة مخالفات العرض والإشهار السعري بمختلف الطرق والوسائل الممكنة ، و قرار وزير الصناعة والتجارة رقم (66) لسنة 2007م بشأن تحديد آلية عرض وإشهار أسعار السلع وضبط المخالفات المتعلقة بالأسعار والغش التجاري وتطبيق قانون التجارة الداخلية رقم (5) لسنة 2007م.
7. البدء بتنفيذ أمر مجلس الوزراء رقم (87) لعام 2007م بشـأن مراجعة مشروع لائحة أحكام مخالفات بيع الخبز والعقوبات المقررة عليها وكذلك مخالفات العرض والإشهار السعري.
8. مواصله تنفيذ قرار مجلس الوزراء رقم (166) لعام 2007م بشـأن مضاعفة استيراد المواد الغذائية الأساسية من قبل المؤسسة الاقتصادية اليمنية وتوصيات مجلس النواب بهذا الشأن ، من خلال قيام وزارتي المالية والصناعة والتجارة بمنح تسهيلات مالية للمؤسسة الاقتصادية اليمنية بقيمة عشرة ملايين دولار لاستيراد شحنة من القمح والعمل على منح تسهيلات رفع التسهيل إلى 50 مليون دولار بغرض مضاعفة استيراد المواد الغذائية الأساسية .
9. قيام المجالس التموينية المشكلة في أمانة العاصمة ومحافظات الجمهورية والتي يترئاسها المحافظ وعضوية الجهات ذات العلاقة بتحديد الاحتياجات ورصد ومعالجة المشاكل التموينية والسعريه الإشراف والرقابة على الأسواق من حيث المواصفات والأسعار.
10. زيادة رفع وتوسيع مخصصات الضمان الاجتماعي، حيث قامت الحكومة بوضع خطة شاملة لرفع مستحقات المستفيدين من مخصصات الضمان الاجتماعي، وكذا الاستمرار في عملية البحث لإضافة أسر جديدة إلى هذا البرنامج ، وقد ارتفع عدد المستفيدين لأكثر من الضعف وأمام الارتفاع المستمر في أسعار المواد الغذائية فإن الحكومة مستمرة في برنامجها لمواجهة ذلك بالتوسع في أعداد المستفيدين ورفع مستحقاتهم.
11. مواصلة فريق العمل المشترك للتعامل مع أزمة الغذاء في اليمن، يتكون من ممثلين عن الحكومة والمجتمع المدني وشركاء التنمية، وقد اقر هذا الفريق وثيقة تلتزم فيها الأطراف المشاركة بمجموعة من الإجراءات ذات الآثار الآنية وطويلة الأجل لمعالجة قضية الأمن الغذائي من خلال هدفين أساسين يتمثلان في زيادة إمدادات الغذاء وتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي. ويركز هذا الفريق حاليا على الأمن الغذائي.
بالإضافة إلى ذلك تتابع الحكومة ما أقرته من الخطط والأهداف و الإجراءات التي اتخذتها مثل:-
- مواصلة تنظيم تعاقدات المواد الغذائية الأساسية- والقمح منها بشكل أساسي- من البلدان المصدرة بحيث يتم حجز الكميات والتعاقد عليها في فترات الحصاد والوفرة وزيادة العرض بما يضمن الحصول على احتياجات البلاد منها وبأسعار مناسبة ويرتبط بهذا أمران:
• التوسع في أنشاء صوامع الغلال ومخازن الحبوب ومطاحن الدقيق الحالية وإنشاء صوامع ومخازن ومطاحن جديدة ويتم هذا بدعم وتوجيه المؤسسة الاقتصادية اليمنية لمثل هذه المشاريع، إلى جانب تحفيز وتشجيع القطاع الخاص ورؤوس الأموال المحلية والأجنبية للاستثمار في هذا المجال مع تقديم كافة التسهيلات اللازمة وفقاً للتشريعات النافذة.. ونجاح هذا المسعى يعني أيضاً تحقيق قاعدة تخزينية إستراتيجية بكل إيجابياتها على الأوضاع التموينية والأسعار في كل الظروف.
• تشجيع التوجه إلى البناء والتوسع في مخازن المواد الغذائية الأخرى كالسكر والأرز والبقوليات مع توفير الشروط التخزينية اللازمة.
- مواصلة متابعة الجودة والمواصفات والمقاييس للسلع من خلال دعم وتفعيل دور الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة والجهات المعنية الأخرى كالصحة والزراعة للقيام بمهامها في مجال معاينة وفحص البضائع والسلع المستوردة في منافذ الدخول وفقاً للمواصفات المعيارية المحددة، ومراقبة الأسواق بصورة دائمة للتأكد من صلاحية السلع والمواد المعروضة خاصة منها المواد الغذائية.. ويرتبط بهذا العمل توفير مختبرات ومعامل فحص حديثة ومتكاملة في كل الموانئ والمنافذ.
- تشجيع التوسع الأفقي في زراعة الحبوب مع مراعاة اختيار المناطق الصالحة من جهة والتي تتوفر فيها المياه اللازمة من جهة أخرى.
- وكذلك تشجيع ودعم التوسع الرأسي في زراعة الحبوب بتحسين الإنتاج في المساحات المزروعة حيث أن إنتاج مساحة معينة من الأرض في بلادنا يعتبر أدنى مثيلاتها في الدول الأخرى، ويتطلب ذلك توفير البذور المحسنة ومخصبات النمو والأسمدة وآليات الزراعة والري وتكثيف الإرشاد الزراعي.
- تشجيع ودعم الاستثمارات في مجال زراعة الحبوب والقمح بدرجة رئيسة ودعم المزارعين عن طريق شراء محاصيل القمح بأسعار تشجيعية مناسبة.
- تشجيع ودعم إقامة صوامع ووسائل تخزين مناسبة خاصة في المزارع الكبيرة لاستقبال إنتاجها، وكذلك وسائل النقل الملائمة حيث أن التخزين والنقل عاملان مهمان في مزارع القمح والحبوب الأخرى.
- تشجيع الاعتماد على المكنة والتركيز على أحدث طرق الزراعة والري لتقليل الجهد والوقت والمال ورفع سقف المحاصيل الزراعية وعائداتها.
- تبني سياسات مرحلية جادة لمعالجة قضية انتشار زراعة القات على حساب المزروعات الأخرى خاصة الحبوب وما يمثل هذا الانتشار من عوامل مساهمة في زيادة الفجوة الغذائية باحتلال القات للأراضي الصالحة لزراعة الحبوب والبقوليات واستهلاكه لقدر كبير من المياه السطحية والجوفية.
- التوسع في إقامة السدود والحواجز لخزن المياه مما يساعد على توفير المياه وتغذية الخزانات الجوفية التي وصلت فيها المياه في كثير من المناطق إلى حافة الجفاف والخطر.. والعمل على تنويع مصادر المياه بالبحث عن خزانات مياه جوفية كافية والاستفادة من تجارب دول المنطقة في تحلية مياه البحر وتشجيع رؤوس الأموال للاستثمار في هذا المجال.
ثانياً :- جهود الحكومة اليمنية لمواجهة الأزمة المالية العالمية :-
شهد الربع الثاني من العام الماضي 2008م بداية الإستقرار النسبي لأسعار السلع الغذائية والسلع الإستراتيجية ، بحيث بدأت هذه الأسعار في الاستقرار أو الانخفاض نسبياً بعد أن تراجع الطلب العالمي عليها نتيجة بوادر الركود والكساد العالمي التي بدأت تلوح في الآفاق. وفي الوقت الذي كانت فيه البلدان النامية والأقل نمواً تستعيد توازنها نسبياَ من أزمة الغذاء العالمية بدأت بوادر الأزمة المالية العالمية تشتد منذ منتصف العام الماضي 2008م في الولاياتالتجارية.سبب انفجار أزمة الرهن العقاري لتتحول في شهر أكتوبر من العام نفسه إلى أزمة مالية عالمية تصاعدت وتيرتها لتصبح أزمة اقتصادية عالمية ، انعكست بآثارها السلبية ونتائجها العكسية على البلدان النامية والأقل نمواً بدرجة أو بأخرى حسب انفتاحها وارتباطها بالأسواق المالية العالمية ومنها بلادنا .
فعلى الرغم من أن الاقتصاد اليمني يتسم بصغر حجمه ومحدودية علاماته المالية مع الأسواق المالية العالمية، فضلاًُ عن عدم وجود سوق مالية ( بورصة ) في اليمن حتى الآن، إلى جانب ضعف حجم القطاع المصرفي والمالي وتدني مستوى ارتباط هذا القطاع بالعالم الخارجي. على الرغم من ذلك إلاَّ أنه في ظل العولمة وانفتاح الاقتصاد اليمني على الخارج واعتماده بصورة كبيرة على الخارج ، فإن الاقتصاد اليمني لن يكون في مأمن أو بعيداً عن التأثيرات السلبية للأزمة المالية العالمية بصورة مباشرة أو غير مباشرة .
وسنحاول هنا تناول بعض الجهود الحكومية والإجراءات التي اتخذتها لاحتواء ومعالجة آثارها السلبية على الأوضاع الاقتصادي المحلية .
1- جهود الحكومة في القطاع المصرفي اليمني
تشير التقارير الدولية ( صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ) وتقارير الجهات اليمنية ذات العلاقة وفي مقدمتها البنك المركزي اليمني إلى محدودية الآثار السلبية والمخاطر الناتجة عن الأزمة على القطاع المصرفي والمالي اليمني في الأجل القصير لعوامل وأسباب عديدة يأتي في مقدمتها:
- عدم وجود سوق للأوراق المالية في اليمن ( بورصة )
- تواضع نسبة أصول البنوك التجارية والمصارف الإسلامية المستثمرة في الخارج إلى إجمالي أصول القطاع المصرفي (20% للمصارف الإسلامية، 7% للبنوك الوطنية التجارية، 7% لفروع البنوك الأجنبية التجارية.)
- عدم وجود استثمارات للمصارف الإسلامية والبنوك التجارية اليمناليمنية. بصناديق الاستثمارات العقارية ومشتقاتها.
- الأمان الذي تتمتع به الاحتياطات الخارجية للبنك المركزي اليمني، كونها مستثمرة في بنوك ذات تصنيف عالٍ وآمن .
- وجود سيولة مالية عالية لدى البنوك التجارية والمصارف الإسلامية اليمنية .
- إرتفاع كفاية رأس المال للبنوك التجاري والإسلامية إلى 12% مقارنة بمعيار بازال لكفاية رأس المال (8%) .
- إرتفاع الودائع لدى البنوك التجارية والإسلامية.
- الارتفاع المتواصل لحقوق الملكية للبنوك التجارية والإسلامية ( رأس المال المدفوع + الاحتياطات ) من 17.6 في عام 1998 إلى 100 في يونيو 2008م .
ولمواجهة احتمالات أية آثار سلبية على القطاع المصرفي قام البنك المركزي بصورة مباشرة بعد حدوث الأزمة بالعديد من الإجراءات من بينها:
- إمداد بعض البنوك التجارية باحتياجاتها من السيولة لمواجهة ما تعرضت له من ضغوطات سحوبات العملاء من حسابات هذه البنوك ولمرة واحدة فقط .
- متابعة التزام البنوك التجارية والإسلامية بمعايير المخاطر الائتمانية والرقابة الاحترازية وتوزيع أرصدتها الخارجية .
- ضمان الإستقرار النسبي لسعر صرف الريال اليمني في سوق الصرف بالتدخل المباشر من خلال بيع الدولار في السوق .
- وحالياً يسعى البنك المركزي اليمني إلى تعزيز الاستقرار المالي وعلى الأخص تقليل الضغوط التضخمية من خلال:
- الحفاظ على عامي 2009-2010ضمان استقرار المستوى العام للأسعار وتخفيض معدل التضخم السنوي إلى أقصى حد ممكن ونمو العرض النقدي الواسع بما لا يتجاوز 15.4 % في المتوسط لعامي 2009-2010، علما بأن معدل نمو العرض النقدي بلغ 28% في عام 2006، وانخفض في العامين التاليين إلى 17% و 7 % في عام 2008م.
- الحفاظ على اسأذون الخزانةرف للريال مقابل العملات الأجنبية والحيلولة دون أي تدهور في قيمة العملة الوطنية، وكذلك المحافظة على الجدارة الائتمانية للاقتصاد الوطني عن طريق الحفاظ على الاحتياطيات الرسمية مساوية لـ 14.8 شهر واردات في المتوسط خلال الفترة 2008-2010 .
- استكمال إجراءات إنشاء سوق الأوراق المالية، والعمل على زيادة حجم الائتمان المصرفي متوسط وطويل الأجل الموجة للقطاعات الإنتاجية.
- مراجعة سياسة أذون الخزانة وإدارتها بما يعزز متطلبات زيادة النمو الاقتصادي، وإدخال برامج ضمان الودائع لزيادة الثقة في القطاع المصرفي.
- مراجعة قوانين والتشريعات المصرفية الهادفة إلى تطوير أنماط جديدة العمل المصرفي التجاري وتشجيع البنود التجارية والإسلامية على فتح فروع جديدة وتحسين الخدمات المصرفية.
- تقليل الانعكاسات السلبية قدر الإمكان على الاحتياطات الخارجية في ظل التوقع بتراجع إيرادات اليمن من خلال النفط المصدر ، ومن تحويلات المغتربين والعاملين اليمنيين بالخارج ، وانخفاض الاستثمارات الأجنبية المباشرة من خلال العام الجاري 2009م.
لكن ورغم ما سبق فإن ذلك لا يعني بأن الجهاز المصرفي اليمني محصن وفي مأمن بحيث لن يتأثر بهذه الأزمة في الآجلين المتوسط والطويل، الأمر الذي تحاول حكومة تقليل الآثار والانعكاسات السلبية إلى أقل حد ممكن.
2ـ جهود الحكومة لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر ( غير النفطية)
شكل الاستثمارات الخليجية غير النفطية الجزء الأكبر من االيمن،رات الأجنبية المباشرة غير النفطية في اليمن ، ولذلك فإنه على الرغم من الأوضاع المالية والإقتصادية العالمية الراهنة ، والخسائر الكبيرة التي منيت بها الاستثمارات الخليجية الخارجية في الأسواق المالية العالمية وخاصة في السوقين الأمريكية والأوربية فإن الحكومة تأمل الاستمرار في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة ، وبالذات الخليجية من خلال :
- الاستمرار في تحسين بيئة الأعمال والمناخ الاستثماري في اليمن ، حيث تعمل الحكومة حالياً على إصدار قانون جديد للاستثمار بتعاون بعض المؤسسات الدولية.
- تكثيف عمليات الدعاية والترويج الاستثماري، والبدء بإعداد إستراتيجية للترويج للاستثمار في اليمن..
- إجراء المزيد من الإصلاحات لتسهيل وتبسيط إقامة الاستثمارات ومشاريع القطاع الخاص، من بينها تقليص إجراءات منح التراخيص للمشاريع الاستثمارية والحصول على الخدمات الحكومية المرتبطة بنشاط القطاع الخاص إلى المستويات المناظرة إقليماً. و تبسيط الإجراءات الضريبية وإجراءات التخليص الجمركي من خلال تعميم نظام اسكودا في جميع المنافذ الجمركية. وكذلك دمج إجراءات تراخيص ممارسة الأنشطة التجارية والخدمية أو الصناعية ومن خلال نافذة واحدة تضم كافة الجهات ذات العلاقة، وذلك بالتزامن مع إصدار دليل إجراءات الحصول على التراخيص وأتمتة تلك الإجراءات وتيسر الحصول عليها عبر شبكة الانترنت.
- مواصلة تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص اليمني بصورة أساسية، بما في ذلك توفر الإطار التشريعي والتنظيمي لشراكة القطاع الخاص (المحلي والأجنبي) مع القطاع العام في مشاريع البنية التحتية والخدمات العامة وقد تم إنشاء وحدة الشراكة في وزارة التخطيط والتعاون الدولي ي منتصف العام 2008م لهذا الغرض بدعم وتعاون مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي.
- إعادة هيكلة الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط الحضري، وتحديد الآليات المناسبة لحل مشكلة الاستثمار الخاص في الأراضي.
- مواصلة تطوير المناطق الحرة، وخاصةً المنطقة الحرة في عدن.
3- جهود الحكومة لجذب الاستثمارات الأجنبية النفطية
علىالنفطية. التوقع بحدوث تراجع في استثمارات الشركات النفطية في ظل التراجع الحاصل لأسعار النفط العالمية نتيجة تراجع الطلب العالمي عليه واستمرار الأزمة الاقتصادية العالمية واتساع آثارها، الأمر الذي لا يشجع بالتالي الشركات النفطية على الاستثمار في مجال الاستكشاف والتنقيب عن النفط الخام في بلادنا، إلاَّ أن الحكومة تعمل على جذب الاستثمارات النفطية لا من أجل احتواء ما سبق فحسب وإنما كذلك للحد من تراجع كميات النفط الخام المستخرج والتي بلغت حوالي 109 ألف برميل يومياً في عام 2008م متراجعة بصورة كبيرة 146 ألف برميل يومياً في عام 2005م ، ولذلك تعمل الحكومة من خلال وزارة النفط والمعادن على الحد من تراجع كميات النفط الخام المستخرج والبدء بإنتاج الغاز الطبيعي المسال وذلك من خلال :
- إعادة هيكلة وإصلاح قطاع النفط والغاز بما في ذلك تطوير وتحديث المتعلقة بإنتاج واستهلاك النفط والغاز .
- تحسين أساليب استخراج النفط وتقنياته لإطالة أمد الحقول القائمة .
- تحسين كفاءة مصافي النفط المحلية وآليات توزيع المشتقات النفطية .
- تطوير أرصفة ومرافق تخزين النفط وخاصةً في رصف رأس عيسى.
- بدء إنتاج الغاز الطبيعي المسال.
- توسيع نطاق الاستثمار في الثروات المعدنية من خلال وضع إستراتيجية وطنية لقطاع التعدين واستكمال دراسة الجدوى الاقتصادي لإنشاء سكة حديدية ( بلحاف – مأرب – الجوف ) الأمر الذي سوف يساهم في زيادة عدد الشركات الاستثمارية العربية والأجنبية العاملة في قطاع التعدين.
4- جهود الحكومة لموجهة تحديدات الموازنة العامة للدولة
من المعروف بأن القطاع النفطي هو القطاع الأكثر أهمية والقطاع الاستراتيجي الأهم في الإقتصاد الوطني نظراً للدور الكبير الذي يؤديه في تحقيق الإستقرار للموازين الاقتصادية المختلفة ( الناتج المحلي الإجمالي ، الموازنة العامة ، ميزان المدفوعات). فخلال السنوات الثلاث الماضية شكلت الإيرادات النفطية ما يزيد عن 70% من الإيرادات العامة للموازنة العامة كمتوسط، والصادرات النفطية حوالي 90% كمتوسط من إجمالي الصادرات اليمنية. ولذلك فإن التأثير الأهم والأكبر والمباشر سيكون على الموازنة العامة في حالة تراجع الأسعار العالمية للنفط وبالتالي تراجع الإيرادات النفطية، الأمر الذي سيؤدي إلى أضعاف الوضع الجيد الذي تمكنت الموازنة العامة من تحقيقه خلال السنوات الماضية نتيجة التوقع بارتفاع معدلات العجز في الموازنة بصورة أكبر، واحتمال تزايد الدين العام.
ولمواجهة هذا الوضع تستهدف الحكومة تحقيق ما يلي:-
- زيادة النفقات الاستثمارية العامة إلى 24 % من إجمالي النفقات العامة في عام 2010م وذلك لضمان تحقيق معدلات نمو اقتصادي مقبولة من ناحية، ولتعزيز جهود الحكومة في إيجاد بيئة استثمارية ملائمة وجاذبة للاستثمارات الخاصة ( الوطنية والأجنبية ) من ناحية أخرى.
- زيادة الإيرادات غير النفطية بصورة مستمرة لتصل إلى ما يزيد عن 35% من إجمالي الإيرادات العامة و10.3% موالاجتماعية.ي الإجمالي بحلول 2010م . وذلك من خلال التطبيق الكامل لقانون الضريبة العامة للمبيعات وتخفيض ضريبة الدخل على موظفي الدولة والشركات والقطاع الخاص وإلغاء الإعفاءات الضريبية والجمركية.
- تحسين كفاءة استخدام الموارد العامة وزيادة الشفافية والمسائلة في الإنفاق العام من خلال ربط تخصيص الموارد بأولويات التنمية من خلال إعداد الإطار متوسط المدى للنفقات، وضمان شمولية الموازنة بحيث تغطي جميع الصناديق الخاصة والحسابات خارج الموازنة العامة والعمل على استيعابها في الموازنة العامة للدولة. وكذلك التطوير المستمر لنظام إدارة المعلومات المحاسبة والمالية (AFMS) بحيث يشمل المعلومات الاقتصادية والاجتماعية . تطبيق المعايير المحاسبية الدولية وتعزيز دور الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة في الرقابة والمراجعة المالية، إلى جانب استكمال إصلاح نظام المشتريات العامة عن طريق إعداد اللوائح التنفيذية لقانون المشتريات بالإضافة إلى الأدلة ووثائق المناقصات النمطية.
- احتواء عجز الموازنة خلال ترشيد النفقات الجارية والبنود غير الضرورية في الموازنة العامة، والقيام بتخفيض كبير في بنود الإنفاق العام الجاري مع استثناء نفقات الأجور والمرتبات ضمن موازنة 2009. كما تسعى الحكومة إلى مراجعة هيكل النفقات العام ومراجعة موازنات الجهات والوحدات الاقتصادية بهدف الحد من النفقات المظهرية والترفية، والخفض التدريجي لدعم المشتقات النفطية. إلى جانب مواصلة تنفيذ مكونات برنامج تحديث وإصلاح الخدمة المدنية.
- تعزيز الإيرادات العامة وتعويض الانخفاض المتوقع في الإيرادات النفطية من خلال استكمال إعادة هيكلة الجهات الإيرادية وتجريم التهرب الضريبي والجمركي وتعديل قوانين الجمارك والتعريفة الجمركية لتعكس التطورات المحلية والدولية، إلى جانب تعزيز دور السلطة المحلية في تنمية وتحصيل إيراداتها . 

الدكتور/ طه أحمد الفسيل
عضو الهيئة العلمية لمعهد الميثاق

خاص معهد الميثاق للتدريب والدراسات والبحوث


********
*****