السقوط السياسي للإخوان عائد إلى الرفض الشعبي للأفكار القطبية
الأحد, 08-مارس-2015
محمد نوار -



هزيمة الإسلامويين في مصر وفي عدد من دول مايسمى الربيع العربي أكدت فشل الإسلام السياسي في تسيير أمور الدولة وعدم قدرته على تحقيق وهم الخلافة، وهذا ما جعل الحركات العنفية في التيارات الإسلامية تتحالف من أجل زعزعة الأمن والسلم الاجتماعي داخل المجتمعات التي رفضت طروحاتها وتنظيراتها عبر نشر عقيدة الإرهاب والترهيب والعنف والتطرف، وقد تجسدت بشكل واضح في تزايد العمليات التفجيرية التي تحصد أرواح الأبرياء.

لم يعُد الإرهاب في مصر مقتصرا على المحافظات والأماكن الحدودية فقط، بل انتشر ووصل إلى وسط القاهرة والمناطق المزدحمة بالمدنيين؛ مما يدل على جرأة الإرهابيين وتحديهم للقضاء وللدولة المصرية التي أصدرت مؤخرا قانون الكيانات الإرهابية، وأدرجَت حماس وذراعها المسلّحة كتائب عزالدين القسَّام على قوائم المنظمات الإرهابية.

ويرى مُراقبون مصريون، أن حلفاء جماعة الإخوان المسلمين لن يترددوا في نشر الفوضى على كافة الأصعدة في قلب العاصمة أو على الحدود وفي شبه جزيرة سيناء، لا سيما في ظل اقتراب عقد مؤتمر مارس الاقتصادي، وتوقّع الخبراء تزايُد العمليات الإرهابية خلال الفترة المقبلة من جانب حلفاء الإخوان ردا على القرارات الأخيرة التي اتخذتها الدولة المصرية، والتي بموجبها تم إدراج حماس وكتائب عزالدين القسَّام على قوائم المنظمات الإرهابية، ويؤكد مُراقبون، أن حركة الإخوان لا تزال تعيش صدمة السقوط المدوي في 30 يونيو، خاصة أن السقوط لم يقتصر على السياسة فقط، بل امتدّ ليشمَل سقوطا أيديولوجيا واجتماعيا وشعبيا وهيكليا، وسيظل هدفها ضرب استقرار البلاد، وتحويلها إلى ساحة معركة غير مُباشرة بين الدولة وحلفائها من الجماعات الإسلامية المتطرّفة مثل أنصار بيت المقدس في سيناء، والتي أعلنت مؤخرا البيعة إلى تنظيم داعش المسلّح.

جماعة الإخوان تحاول إنتاج حركات الجهاد التكفيري لخلق شعور من الفوضى وعدم الثقة في النظام القائم

في هذا الإطار، يرى طارق أبوالسعد الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، أن حركة الإخوان المسلمين تُحاول فرض فلسفتها على الشعب المصري، من خلال تبني سياسات العُنف والفوضى وإشعال الحرائق واستهداف المدنيين، وتنأى بنفسها بعيدا عن قبول أيّ وساطة للمُشاركة في حوار وطني جاد يعيد رسم ملامح الحياة السياسية مرة أخرى، وتابع، جماعة الإخوان أوهمَت المصريين عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير، بأنها ستتغلّب على الأزمة المعيشية والمصاعب التي عاشها الشعب خلال فترة حكم الحزب الوطني المنحل، ومع قدر المعنويات والتطلعات الشعبية الكبيرة كان سقوط الإخوان، لعدم قُدرتهم على تأسيس خطاب مُجتمعي قادر على احتواء الجماهير والوقوف إلى جانبهم، وبالتالي استندت الجماعة على خطاب الأغلبية العددية والمفاهيم الأيديولوجية الخاطئة وحاولت فرضها على المجتمع، حيث لم يخجل الإخوان من استخدام العُنف ورفع السلاح مع أيديولوجية أكثر ميلا إلى القتال ومواجهة الدولة وقوات الأمن المركزي وعربات الجيش المدرعة، إلى جانب التحالف مع الجماعات المسلّحة التي تستخدم جميع الأسلحة الثقيلة بهدف التصعيد خلال الفترة المقبلة، لإفشال المؤتمر الاقتصادي المقرر عقده مُنتصف مارس الجاري.

ويوضح أبوالسعد، أن انتهاج سياسة العُنف والفوضى والتفجيرات بوسط العاصمة بمثابة تحدّ من الإخوان وحلفائهم المتطرّفين للدولة وأجهزتها الأمنية، وإيصال رسالة للخارج مفادها أن القاهرة ليست مُستقرة، والأوضاع الأمنية خارج السيّطرة.

من جانبه، يقول ثروت الخرباوي القيادي المنشق عن جماعة الإخوان المسلمين: إن التفجيرات التي تقع في أماكن مُتفرقة من البلاد بين الحين والآخر، يقف وراءها الإخوان المسلمون ومن يتحالف معهم من التيارات الإسلامية الجهادية، مثل أنصار بيت المقدس التي أعلنت مُبايعتها لداعش خلال الفترة الماضية، مما يعني أن الإخوان وداعش أصبحا يدا واحدة في الفوضى التي تعيشها مصر مؤخرا. ويُشير إلى أن الإخوان فقدوا تعاطُف الجميع بعد أن دخلوا في حرب مع المجتمع، إلى جانب اعتمادهم على الميل الطائفي وخلافهم المتعدّد مع الكاتدرائية قبل وجود محمد مرسي وبعده، إضافة إلى هجومهم المتواصِل على الأزهر وقياداته.

ويوضح أن جماعة الإخوان خلال فترة حكم مرسي لم تكُن قادرة على إحكام قبضتها على وزارة الداخلية، ودخلت في صراعات كلامية مع أجهزة المخابرات، ومع ذلك لم ينجح الإخوان بعد عزل مرسي في توحيد صفوفهم لإنقاذ الجماعة من الانهيار، وساروا على درب التفاوض مع الكيانات الإسلامية المسلّحة لنشر الفوضى والعُنف والتفجيرات ردا على أحكام القضاء بحق المرشد العام وقيادات مكتب الإرشاد.

الإسلام السياسي يعيش خريفا يعصف بأواصره الهيكلية، بعد عقود من الأوهام حول إمكانية تطبيق الشريعة وعودة الخلافة

ويرى الخرباوي، أن الجماعة لن تتوانى عن التحالف مع الغرب والاستقواء بالخارج لإفشال المؤتمر الاقتصادي المقبل، وإفشال تجربة الرئيس عبدالفتاح السيسي في الحكم، بالإضافة إلى أن تزايُد التفجيرات مؤخرا يأتي انتقاما من القضاء والحكومة المصرية التي أدرجَت حركة حماس وذراعها كتائب عزالدين القسَّام على قوائم التنظيمات الإرهابية.
وفي سياق مُتصل، أكد أحمد بان الخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي، أن الإسلام السياسي يعيش خريفا يعصف بأواصره الهيكلية، بعد عقود من الأوهام حول إمكانية قيام قانون الشريعة وعودة الخلافة الإسلامية، وإغلاق الباب في وجه كل ما هو غير إسلامي.

وتابع بأن جماعة الإخوان تُحاول إنتاج حركات الجهاد التكفيري لخلق شعور من الفوضى، وعدم الثقة في النظام القائم، على مُستوى التفاعُل اليومي بين الجماهير أو العمل السياسي. ويؤكد أن جماعة الإخوان تُسيطر على الجماعات الإسلامية المتطرّفة، وهي التي تديرها بأوامر مُباشرة من خلال حركة الفوضى والتفجيرات والعُنف الحاصل في البلاد، إضافة إلى أن رفض جماعة الإخوان الاعتراف بهزيمتها السياسية كان دافعا أمام حلفائها نحو سفك دماء المواطنين للانتقام من مؤيدي ثورة الثلاثين من يونيو. واختتم بان قوله بأنه للأسف جماعة الإخوان تجيد ارتداء ثوب الضحية، كما أنها دخلت في تحالفات غير مُباشرة مع الجماعات المسلّحة المرتبطة بداعش مثل جماعة أنصار بيت المقدس، حتى تكون بعيدة عن أيّ اتهامات مُتعلّقة بنشر الفوضى.


*. نقلاً عن صحيفة العرب اللندنية.